(الصفحة 201)
يجزي والثني من المعز. الحديث.(1)
وفي رواية حمّاد بن عثمان، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) ادنى ما يجزي من اسنان الغنم في الهدي. فقال: الجذع من الضأن. قلت: فالمعز. قال: لا يجوز الجذع من المعز. قلت: ولم؟ قال: لأن الجذع من الضأن يلقح والجذع من المعز لا يلقح.(2)
وفي صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) في حديث، قال: ويجزي في المتعة الجذع من الضأن ولا يجزي جذع من المعز.(3) وغير ذلك من الروايات الدالة على التفصيل بين المعز والضأن بهذه الكيفية.
وقد وقع الخلاف في تفسير الجذع فعن جملة من أساطين اللغويين: أنه الداخل في السنة الثانية، وعن جملة من كتب قدماءِ الاصحاب: أنه عبارة عما لم يدخل في السنة الثانية. بل عن بعضهم التصريح بانه الذي له سبعة اشهر وعن العلامة في جملة من كتبه: انه الذي له ستة أشهر. وعن ابن الأعرابي: الاجذاع وقت وليس بسن ويختلف باختلاف الحالات.
وكيف كان فإن قلنا بأنّ الثني من الغنم ما أكمل السنة الواحدة، فاللازم أن يكون الجذع أقلّ منه. ليتحقق الإختلاف بين الثني والجذع المصرح به في الروايات المتقدمة. وعليه فالجذع ما لم يكمل السنة والواحدة فينطبق على جملة من التفاسير المتقدمة. ثم إنه يمكن أن يكون مبنى الإحتياط الوجوبي المذكور في المتن في الضأن وفي سابقة من ثنى البقر والمعز هو أن غاية ما يستفاد من الادلة هو اعتبار الثني في
- (1) وسائل: أبواب الذبح، الباب الحادي عشر، ح 3.
- (2) وسائل: أبواب الذبح، الباب الحادي عشر، ح 4.
- (3) وسائل: أبواب الذبح، الباب الحادي عشر، ح 6 .
(الصفحة 202)في أنه يعتبر أن لا يكون الهدي مريضاً
الثاني: الصحة والسّلامة، فلا يجزي المريض حتى الاقرع على الاحوط.
الثالث: أن لا يكون كبيراً جدّاً. [1]
البقر والجذع في الضأن. وبعد الرجوع إلى تفسيرهما نرى تحقق الإختلاف في معناهما. وحيث إنه لم يثبت لناشيء من التفسيرين أو التفاسير فيهما; فاللازم الرجوع إلى الاصل العملي وهو يقتضي الإحتياط.
و يرد عليه إنه بعد وصول النبوة إلى الأصل العملى و عدم استفادة شيء من الأدلة اللفظية و القرائن و الشواهد المذكورة فيها مما عرفت يكون مقتضى الاصل العملى هى البرائة عن الكلفة الزائدة والضيق الزائد المشكوك لان المقام من موارد دوران الأمر بين الأقل و الأكثر الإرتباطى كاشك فى جزئية شيء زائد للمركب أو فى شرطية أمر زائد للمشروط و نحوهما و مقتضى التحقيق فيه جريان إصالة البرأئة لا الإحتياط كما قرر فى محلّه من الاصول فأصالة الإحتياط تستقيم على هذا الفرض ايضاً.
[1] قال العلاّمة في محكي المنتهى: «قد وقع الإتفاق من العلماء على اعتبار هذه الصفات الأربع ـ يعني العناوين الواقعة في الرواية الآتية ـ في المنع وروى البراء بن عازب. قال: قام فينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) خطيباً، فقال: أربع لا تجوز في الأضحى: العوراء البيّن عورها. والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين عرجها، والكبيرة التي لاتنقى. ثم قال: ومعنى البين عورها التي انخسفت عينها وذهبت، فان ذلك ينقصها، لأن شحمة العين عضو يستطاب اكله، والعرجاء البين عرجها التي عرجها متفاحش
(الصفحة 203)
يمنعها السير مع الغنم ومشاركتهن في العلف والرعي فتهزل، والتي لا مخّ لها لهزالها لأن النّقي بالنون المكسورة والقاف الساكنة المخّ. والمريضة قيل هي الجرباء لأن الجرب يفسد اللّحم. والاقرب اعتبار كلّ مرض يؤثر في هزالها وفي فساد لحمها».
ومع قطع النظر عن دعوى العلامة الإجماع والرواية العاميّة المذكورة لا دليل على اعتبار الصحة والسّلامة في مقابل المرض، لأنّ عمدة ما ورد في هذا الباب صحيحة علي بن جعفر انّه سأل اخاه موسى بن جعفر (عليهما السلام) عن الرجل يشتري الاضحية عوراء فلا يعلم إلاَّ بعد شرائها، هل تجزي عنه؟ قال: نعم إلاَّ أن يكون هدياً واجباً فإنه لا يجوز أن يكون ناقصاً.(1) ومن المعلوم أن موضوع الحكم بعدم الجواز فيها هو الهدي الواجب الناقص. غاية الأمر أن التطبيق على المورد الذي لا محيص عنه يقتضي الالتزام بكون العوراء ناقصاً، لأنه لا مجال لاحتمال عدم الإنطباق. وعلى أيّ فلا دلالة لها على أزيد من عدم جواز عنوان الناقص. والظاهر عدم انطباقه على المريض. لأن النقص في مقابل الكمال والتمامية والمرض في مقابل الصحة والسّلامة فلا دلالة للصحيحة على المنع من المريض إلاَّ أن دعوى العلامة في العبارة السابقة الإجماع. وظاهره إجماع جميع علماء المسلمين لا خصوص علماء الإمامية فقط، بضميمة الرواية المذكورة، وإن كانت غير معتبرة في نفسها مقتضى لزوم رعاية الإحتياط في هذا الأمر ويمكن أن يكون قوله «على الأحوط» في المتن راجعاً إلى أصل اعتبار هذا الأمر، لا إلى الاقرع، فتدبّر. هذا بالنسبة إلى المرض.
وامّا بالنسبة إلى عدم كونه كبيراً جدّاً، فهو أيضاً كالمريض لا دليل عليه ولا
- (1) وسائل: أبواب الذبح، الباب الواحد والعشرون، ح1.
(الصفحة 204)في أنه يعتبر أن يكون الهدي تام الأجزاء
الرّابع: أن يكون تامّ الأجزاء. فلا يكفي الناقص كالخصيّ. وهو الذي اخرجت خصيتاه، ولا مرضوض الخصية ولا الخصىّ في أصل الخلقة. [1]
تشمله الصحيحة. بل غاية ما فيه ادعاء العلامة بضميمة الرواية المذكورة، والوارد في الرواية هي الكبيرة التي لا تنقى. وقد فسرها بالتي لا مخ لها لأن النقي المخ، ومنشأه الكبر الذي يوجب وهن العظم وخلوّه من الجوف نوعاً. وأقصى ما فيه ايضاً هو الإحتياط اللزومي دون الفتوى كما في المريض. وأن كان ظاهر المتن بناء على الإحتمال الذي ذكرنا هو الفرق بين الأمرين.
[1] أمّا بالنسبة إلى اصل اعتبار التمامية وعدم كفاية الناقص بنحو الإجمال، فتدل عليه صحيحة علي بن جعفر المتقدمة، ولكنها لا تنافي ثبوت الجواز في بعض مصاديق النقص وموارده، لقيام الدليل عليه، لأن مرجعه إلى صيرورته مقيّداً لإطلاق الصحيحة. فاللازم ملاحظة جملة من الموارد فنقول:
منها الخصّى وفسّره في المتن بالذي أخرجت خصيتاه. واليه يرجع ما في الجواهر من أنه مسلول الخصية. وصرّح غير واحد بعدم إجزائه، بل هو المشهور، بل عن ظاهر التذكرة والمنتهى الإجماع عليه.
ويدل على المنع فيه بالخصوص صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهما السلام) أنه سأل عن الأضحية، فقال: اقرن فحل، إلى أن قال: وسألته أيضحي بالخصّي؟ فقال: لا.(1)
وصحيحة عبدالرحمان بن الحجاج، قال: سألت أبا ابراهيم (عليه السلام) عن الرجل
- (1) وسائل: أبواب الذبح، الباب الثاني عشر، ح 1.
(الصفحة 205)
يشتري الهدي، فلمّا ذبحه إذا هو خصّي مجبوب ولم يكن يعلم أن الخصّي لا يجزي في الهدي، هل يجزيه ام يعيده؟ قال لا يجزيه إلاَّ أن يكون لا قوّة به عليه.(1)
لكن في مقابلها صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: النعجة من الضأن ـ ميش مادة ـ إذا كانت سمينة أفضل من الخصيّ من الضأن، وقال: الكبش ـ قوچ ـ السمين خير من الخصّي ومن الانثى. وقال: سألته عن الخصي وعن الانثى، الانثى أحبّ إليّ من الخصّي.(2) فإنّها ظاهرة في جواز الخصي في الاضحية ومقتضى إطلاقها أنه لا فرق فيها بين الهدي وغيره من الأضحية المندوبة. ولكن ظهور صحيحة ابن الحجاج في المنع عن الخصي في الهدي، بل دلالتها على كون عدم الجواز مفروغاً عنه عند السائل يوجب حمل صحيحة الحلبي على الاضحية المندوبة. وإن شئت قلت أن صحيحة ابن الحجاج شاهدة للجمع بين صحيحة ابن مسلم الدالة على إطلاق المنع وصحيحة الحلبي الدالة على إطلاق الجواز، فتدبر.
ومنها مرضوض الخصيتين، وهو الذي رضّت خصيتاه. وظاهر المتن أنه لا يجزي. نعم في بعض نسخة إضافة: «على الأحوط» وعليه فيتحقق الفرق بينه وبين الخصّي ولا يكون بهذا العنوان في شيء من الفتاوى ولا النصوص. نعم يوجد في رواية واحدة وهي رواية أبي بصير. قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن النعجة أحبّ إليك أم الماعز؟ قال: إن كان الماعز ذكراً فهو أحبّ إليّ و إن كان الماعز انثى فالنعجة أحبّ إلىّ. الى أن قال: قلت فى (فاظَ) الخصى أحبّ إليك أم النعجة؟ قال:
- (1) وسائل: أبواب الذبح، الباب الثاني عشر، ح 3.
- (2) وسائل: أبواب الذبح، الباب الثاني عشر، ح 5.