(الصفحة 328)
محالا، إلاّ أنه خلاف الظاهر، لا يصار إليه مع عدم وجود الدليل والقرينة على الخلاف.
كما أن حمل الصيد على الإحرامي ينافيه صدر الصحيحة الدال على عموم التحلل بالحلق أو التقصير ما عدى النساء والطيب. ولأجل عدم الالتفات إلى الصدر ذكر بعض الأعلام (قدس سرهم) أنه لابد من الحمل على الصيد الإحرامي، مع أن لازمه التناقض في رواية واحدة.
فلا محيص إلاّ عن الحمل على الصيد الحرمي، وإن كان خارجاً عن سياق الرواية.
نعم هنا بعض الروايات الدالة على عدم حصول التحلل من الصيد الإحرامي، إلاّ عند زوال الشمس من اليوم الثالث عشر الذي هو النفر الثاني، مثل:
صحيحة حماد عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إذا أصاب المحرم الصيد فليس له أن ينفر في النفر الأول. ومن نفر في النفر الأول فليس له أن يصيب الصيد حتى ينفر الناس. وهو قول الله ـ عزوجل ـ :
(... فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقى...) (1)قال: اتقى الصيد(2).
ورواية معاوية بن عمار، قال: قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) من نفر في النفر الأول متى يحلّ له الصيد؟ قال: إذا زالت الشمس من اليوم الثالث(3).
وغير ذلك من الروايات الواردة في هذا المجال.
- (1) سورة البقرة (2): 203 .
- (2) الوسائل: أبواب العود إلى منى، الباب الحادي عشر، ح3.
- (3) الوسائل: أبواب العود إلى منى، الباب الحادي عشر، ح4.
(الصفحة 329)
وإن كان بينها اختلاف من جهة تفسير الإتقاء الوارد في الآية. وأن المراد به هو إتقاء الصيد فقط، أو إتقاء الرفث والفسوق والجدال وما حرّم الله عليه في إحرامه، أو إتقاء الله ـ عزوجل ـ أو إتقاء الكبائر، ومن الجهات الاُخر أيضاً.
وكيف كان، فإن كنّا نحن والروايات فقط، لكان اللازم الحكم بتأخر تحقق التحلل عن الصيد الإحرامي إلى زوال اليوم الثالث عشر الذي هو النفر الثاني.
ولذا ذكر بعض الأعلام (قدس سره) بعد الإشارة إلى الروايات المتقدمة المعارضة بعد حمل رواية معاوية الاُولى على الصيد الإحرامي أنه حيث لا قائل بمضمون هذه الروايات ـ أي الدالة على تأخر تحلل الصيد الإحرامي ـ حتى أن صاحب الجواهر (قدس سره) قال: لم نجد أحداً أفتى بذلك من أصحابنا، بل ولا من ذكر كراهته أو استحباب تركه أو غير ذلك. فلذا يكون الحكم بالحرمة وعدم التحلل منه إلى الظهر من يوم الثالث عشر مبنياً على الاحتياط.
(الصفحة 330)
(الصفحة 331)القول في ما يجب بعد أعمال منى
وهو خمسة: طواف الحج وركعتيه، والسعي بين الصفا والمروة، وطواف النساء وركعتيه.
مسألة 1 ـ كيفية الطواف والصلاة والسعي كطواف العمرة وركعتيه والسعي فيها بعينها إلاّ في النية، فتجب هيهنا نية ما يأتي به . [1]
[1]
الواجب بعد أعمال منى خمسة مذكورة في المتن.
الأول والثاني: طواف الحج المعروف بطواف الزيارة وزيارة البيت والركعتان. والتعبير عنهما بما في المتن إمّا بتقدير كلمة أعني وإمّا بجعل الواو بمعنى مع. وكلاهما خلاف الظاهر لا داعي إليه.
وهو بعينه كطواف العمرة والركعتين. ولا اختلاف أصلا إلاّ في مجرد النية. وإلاّ فالكيفية والكمية والماهية والحقيقة واحدة.
والدليل على الوحدة اُمور:
منها: ارتكاز المتشرعة ورويتهم الطواف والركعتين في الحج والعمرة واحداً من دون اختلاف أصلا.
(الصفحة 332)في وقت طواف الحج
مسألة 2 ـ يجوز بل يستحب بعد الفراغ عن أعمال منى، الرجوع يوم العيد إلى مكة للأعمال المذكورة; ويجوز التأخير إلى يوم الحادي عشر. ولا يبعد جوازه إلى آخر الشهر، فيجوز الإتيان بها حتى آخر يوم منه . [1]
ومنها: الروايات الواردة في الفرق بين حج التمتع، بلحاظ كون العمرة جزءاً منه، وبين حجي القران والإفراد، بلحاظ كون العمرة خارجة منه. من جهة أن فيه ثلاثة أطواف وفيهما طوافان. فإن ظاهره أن الفرق إنما هو باعتبار العدد لا باعتبار الماهية والحقيقة. وكذا الروايات الواردة في بيان الشروط والخصوصيات من دون التعرض لشيء من أنواع الأقسام الثلاثة للحج.
ومنها: الرواية الخاصة، وهي صحيحة معاوية بن عمار المعروفة المفصلة الدالة على أنه: ثم طف بالبيت سبعة أشواط كما وصفت لك يوم قدمت مكة ـ إلى أن قال: ـ ثم اخرج إلى الصفا فاصعد عليه، واصنع كما صنعت يوم دخلت مكة... (1).
[1] في المسألة أقوال مختلفة بالإضافة إلى حج التمتع الذي نحن فيه.
الأول: ما حكي عن المشهور من عدم جواز التأخير عن اليوم الحادي عشر.
الثاني: ما ذهب إليه جماعة من جواز التأخير إلى آخر أيام التشريق. وقد جعله صاحب الحدائق غاية ما يستفاد من الروايات، ونسب إلى المحقق ـ عليه الرحمة ـ لكنه ذكر في الشرايع: إذا قضى مناسكه يوم النحر، فالأفضل المضي إلى مكة للطواف
- (1) الوسائل: أبواب زيارة البيت، الباب الرابع، ح1.