(الصفحة 212)
صحيحة محمد بن مسلم عن احدهما (عليه السلام) في حديث، قال: و إن اشترى أضحية و هو ينوى أنّها سمينة فخرجت مهزولة أجزأت عنه، و إن نواها مهزولة فخرجت سمينة أجزأت عنه و إن نواها مهزولة فخرجت مهزولة لم يجزعنه.(1)
و رواية سيف عن «بن خل» منصور عن ابى عبدالله (عليه السلام) قال: و إن اشترى الرجل هدياً و هو يرى أنه سمين أجزأ عنه و إن لم يجده سميناً، و من اشترى هدياً و هو يرى أنه مهزول فوجده سميناً أجزأ عنه، و أن اشتراه و هو يعلم أنه مهزول لم يجز عنه.(2)
و صحيحة الحلبي عن أبى عبدالله (عليه السلام) قال: إذا اشترى الرجل البدنة مهزولة فوجدها سمينة فقد أجزأت عنه، و إن اشتراها مهزولة فوجدها مهزولة، فانها لاتجزى عنه.(3)
و صحيحة عيص بن القاسم عن أبى عبدالله (عليه السلام) في الهرم الذى قد وقعت ثناياه، أنه لابأس به في الأضاحي، و إن اشتريته مهزولاً فوجدته سميناً اجزأك وإن اشتريته مهزولاً فوجدته مهزولاً فلا يجزي.(4)
و مرسلة الصدوق المعتبرة، قال: قال علىّ (عليه السلام) إذا اشترى الرجل البدنة عجفاء فلاتجزى عنه، و إن اشتراها سمينة فوجدها عجفاء أجزأت عنه، و في هدي المتمتع مثل ذلك.(5)
- (1) وسائل: ابواب الذبح، الباب السادس عشر،، ح 1.
- (2) وسائل: ابواب الذبح، الباب السادس عشر، ح 2.
- (3) وسائل: ابواب الذبح، الباب السادس عشر، ح 5.
- (4) وسائل: ابواب الذبح، الباب السادس عشر، ح 6.
- (5) وسائل: ابواب الذبح، الباب السادس عشر، ح 8.
(الصفحة 213)
و غير ذلك من الروايات الظاهرة في مانعية الهزال في الجمله، فلا إشكال في الحكم كذلك.
و أمّا معنى الهزال، فقد ورد فيه رواية غير نقية السند مضافة إلى الإضمار، و هي رواية الفضل، قال: حججت بأهلي سنة فعزّت الأضاحي فانطلقت فاشتريت شاتين بغلاء، فلمّا ألقيت أهابيهما ندمت ندامة شديدة لما رأيت بهما من الهزال، فأتيته فأخبرته بذلك، فقال: إن كان على كليتيهما شىء من الشحم أجزأت.(1)
وقد أفتى على طبقها جمع كثير من الفقهاء حتى مثل ابن ادريس في السرائر مع عدم حجية الخبر الصحيح عنده فضلاً عن غيره. نعم ذهب بعض متأخرى المتأخرين إلى خلافه و أحال الأمر إلى العرف. ولكن الرواية موافقة للإعتبار، كما في الجواهر و كشف اللثام وهو الوجه فى العمل بها.
و أمّا التعبير بوجود الشحم على الظهر كما في المتن فلم يعرف له وجه إلاّ أن يكون بين الأمرين التلازم، كما لا تبعد دعويه. و مما ذكرنا ظهر الوجه في الإحتياط الإستحبابي المذكور فيه، بالاضافة إلى حكم العرف و مرجعيته فى الهزال و عدمه.
- (1) وسائل: ابواب الذبح، الباب السادس عشر، ح 3.
(الصفحة 214)فيما لو لم يوجد غير الخصىّ
مسألة 9 ـ لو لم يوجد غير الخصىّ لايبعد الإجتزاء به، و إن كان الأحوط الجمع بينه و بين التام في ذي الحجة فى هذا العام و إن لم يتيسّر ففى العام القابل أو الجمع بين الناقص والصوم، ولو وجد الناقص غير الخصىّ فالأحوط الجمع بينه و بين التام في بقيّة ذي الحجة فإن لم يكن ففى العام القابل، والإحتياط التام الجمع بينهما و بين الصوم. [1]
[1] امّا بالنسبة إلى الخصىّ لو لم يوجد غيره فقد نفى البعد عن الاجتزاء به فى هذا الفرض. لكن مقتضى إطلاق الإصحاب عدم الإجزاء، كما اعترف به في الحدائق حتى قال: لم اقف على من قيّد إلاّ على الشيخ في النهاية و تبعه الشهيد في الدروس و بعض من تأخر عنه والروايات التى استدل لها أو يمكن الإستدلال بها على الإجزاء في صورة عدم وجدان غير الحضىّ، ثلاثة:
إحديها: ما استدل به في المدارك من صحيحة معاوية بن عمّار في حديث، قال: قال ابوعبدالله (عليه السلام) اشتر فحلاً سميناً للمتعة فإن لم تجد فموجوءاً، فان لم تجد فمن فحولة المعز، فان لم تجد فنعجة، فان لم تجد فما استيسر من الهدى.(1)
والإستدلال إن كان بلحاظ وجود عنوان الموجوء في الرواية، فقد عرفت أن الموجوء غير الخصىّ بل غير المرضوض أيضاً. فلامجال للإستدلال بها على حكم الخصىّ و أن كان بلحاظ الاستشهاد بقوله تعالى:
(فما استيسر من الهدى) و أنه يدل على جواز الميسور من الهدى و إن كان فاقداً لبعض الامور المعتبرة فيه. و بعبارة
- (1) وسائل: ابواب الذبح، الباب الثانى عشر، ح 7.
(الصفحة 215)
اخرى تدل الرواية على أنه مع فقد بعض تلك الأمور ينطبق قوله تعالى:
(فما استيسر من الهدى) لاقوله تعالى:
(فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج...) فلابأس بهذا النحو من الإستدلال.
ثانيتها: رواية ابى بصير عن أبى عبدالله (عليه السلام) في حديث، قال: فالخصىّ يضحى به؟ قال: لا إلاّ أن لايكون غيره.(1)
ولكنها مخدوشة من حيث السند بعلى بن ابى حمزة الرّاوي عن ابي بصير.
ثالثتها: صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج، قال: سألت أبا إبراهيم (عليه السلام) عن الرجل يشتري الهدي فلمّا ذبحه إذا هو خصىّ مجبوب ولم يكن يعلم أنّ الخصىّ لايجزى الهدى هل يجزيه أم يعيده؟ قال: لايجزيه إلاّ أن يكون لاقوّة به عليه.(2)
وهذه الرواية لاتنطبق على المدعى، لأنه عبارة عما لو لم يوجد غير الخصىّ و هذه الرواية تدل على الاجزاء فيما لو لم يقدر و لم يؤسر على الخصىّ. و يدلّ عليه صحيحته الأخرى، قال: سألت ابا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يشترى الكبش فيجده خصيّاً مجبوباً، قال: إن كان صاحبه موسراً فليشتر مكانه.(3) الاّ أن يقال أن الإجزاء في صورة عدم اليسر يدل على الاجزاء في صورة عدم وجدان غير الخصىّ بطريق اولى فتدبّر.
و بملاحظة ما ذكرنا ينقدح أنه لايبعد الحكم بالاجتزاء في مفروض المسألة كما في المتن، و إن كان مقتضى الإحتياط الإستحبابى ما هو المذكور فيه ايضاً. هذا بالنسبة
- (1) وسائل: ابواب الذبح، الباب الثانى عشر، ح 3.
- (2) وسائل: ابواب الذبح، الباب الثانى عشر، ح 3.
- (3) وسائل: ابواب الذبح، الباب الثانى عشر، ح 4.
(الصفحة 216)
إلى الخصىّ.
وأما بالنسبة إلى الناقص غير الخصىّ فالظاهر أن العنوان المفروض في المتن يغاير ما هو المفروض في كلام الفقهاء من زمن الشيخ (قدس سره) إلى زمان المحقق و من بعده. فإن المفروض في المسألة هو عدم وجدان غير الناقص و مورد كلام الفقهاء هو ما لو اشترى هدياً على أنّه تام الأجزاء و خال عن النقص فانكشف بعد الشّراء أنه ناقص غير تامّ و هما أمران لابد من البحث في كل منهما مستقّلاً، فنقول:
الأمر الأوّل: ما هو المذكور في المتن و قد احتاط فيه وجوباً بالجمع بين الناقص يوم العيد و بين التام في ذي الحجة في هذا العام أو العام القابل مع عدم التمكن في هذا المقام ولازمه أنه لم يستفد من الأدلة شيئاً من الإجزاء و عدمه فوصلت النوبة إلى الإحتياط اللّزومى و اللازم في هذا الأمر ملاحظة صحيحة على بن جعفر (عليه السلام) المتقدمة الدالة على أنّه لايجوز أن يكون الهدي ناقصاً من جهة أنّ المستفاد منها هل هو اعتبار عدم النقص و شرطيته بنحو الإطلاق الذى مرجعه إلى ثبوت الشرطية سواء وجد التام أم لم يوجد؟ أو أن مفادها شرطية التمامية فى الجملة و مرجعها إلى أن القدر المتيقن هي الشرطية في خصوص صورة وجدان التام لامطلقاً، فعلى الأوّل يكون مقتضى اطلاق دليل المقيّد أنه مع عدم وجدان غير الناقص ينتقل إلى الصيام و أن المورد داخل في قوله تعالى:
(فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام) .
كما أنه على الثاني يكون مقتضى الإقتصار في دليل المقيد على القدر المتيقن و هى صورةوجدان التام لزوم اشتراء الهدى الناقص مع عدم وجدان التام و أن المورد داخل في قوله تعالى:
(فما استيسر من الهدى) .