(الصفحة 48)
الصورة الأولى المشتملة على تحقق المجامعة ـ كما لا يخفى ـ.
بقي الكلام في أمرين:
الأمر الاوّل: إنه احتاط في المتن وجوباً في إلحاق السعي في غير عمرة التمتع بالسّعي فيها. والظاهر ان منشأه وهو توهم الإطلاق في رواية ابن مسكان حيث لم يصرّح فيها بالمتمتع أو مثله. ولكنّك عرفت انّ الدقة في مفادها تقتضي اختصاص مورد السؤال منها بعمرة التمتع. ولذا فهم منها المحقق في الشرايع في عبارته المتقدمة ذلك. فإن الإحلال بالتقصير بعد السعي وترتب جواز المواقعة إنما يكون في السعي في خصوص عمرة التمتع، لما عرفت من أن حليّة النساء في غيرها متوقفة على طواف النساء والإحلال أيضاً يقع في الحج قبل السعي بتمامية مناسك يوم النحر. وعليه فلا يتوجه إشكال على الرواية حتى يحتاج إلى دفعه بأحد الوجهين المتقدمين آنفاً. وعلى ماذكرنا فلا يبقى مجال للإحتياط الوجوبي في هذه الجهة. بل غاية الأمر هو الإحتياط الإستحبابي.
الأمر الثاني: ان مقتضى إطلاق المتن تبعاً للشرايع انه لا فرق في النقيصة السهوية بين أن يكون شوطاً واحداً أو أزيد عليه في الكفاره ثابتة في كلا الفرضين. ولكنه ذكر في الجواهر: ينبغي الإقتصار على الستّة بظنّ انها سبعة لا غير ذلك.
ولعل الوجه فيه انه حيث يكون الحكم بالكفارة في هذا المورد الذي هو من موارد الخطاء والنسيان على خلاف القاعدة، فاللازم الإقتصار فيه على مورد الروايتين، وهو من طاف ستة ونقص واحداً، ولا ينافي عمومية الحكم بلزوم الإتمام، وأحكام النقيصة لجميع الموارد على ما عرفت في المسألة السّابقة مستنداً إلى
(الصفحة 49)في الشك في عدد الأشواط
مسألة 11 ـ لو شك في عدد الأشواط بعد التقصير يمضي ويبني على الصحة، وكذا لو شك في الزيادة بعد الفراغ عن العمل. ولو شك في النقيصة بعد الفراغ والإنصراف ففي البناء على الصحة إشكال، فالأحوط إتمام ما احتمل من النقص، ولو شك بعد الفراغ أو بعد كل شوط في صحة ما فعل، بنى على الصحة، وكذا لو شك في صحة جزء من الشوط بعد المضي. [1]
الروايتين لأنه لا ملازمة بين الحكمين. فإذا اقتصر في الثاني على خصوص المورد لأجل المخالفة مع القاعدة، فهذا لا يلازم الإقتصار في الأول عليه أيضاً.
ولكن يرد عليه بعد التفكيك بل منعه. فإنه إذا كان الحكم الأول عامّاً، فالظاهر كون الحكم الثاني أيضاً كذلك، وإن شئت قلت ان العرف يرى انه لا خصوصية للمورد بالإضافة إلى كلا الحكمين من دون ثبوت فرق في البين. فلا مجال لما أفاده صاحب الجواهر (قدس سره) .
[1] الشك قد يكون في أصل الوجود وهو العدد، وقد يكون في وصف الموجود وهي اصحة فللشك صورتان:
الصورة الأولى: الشك في أصل الوجود، وهو العدد وحدوثه قد يكون بعد التقصير المترتب على السعي والمتأخر عنه، وقد يكون قبله بعد الفراغ عن السعي والانصراف. ففيها فرضان:
الفرض الأوّل: مالو كان حدوث الشك في العدد بعد التقصير. وقد حكم فيه في
(الصفحة 50)
المتن بجواز المضي والبناء على الصحّة. ومقتضى إطلاقه أنه لا فرق بين مالو كان للشك طرفان أو ثلاثة اطراف أو أزيد حتى إذا كان له سبعة أطراف، كما إذا احتمل أن يكون قد سعى شوطاً واحداً واحتمل أن يكون المأتي به شوطين وهكذا إلى السبعة.
والوجه في الحكم بالصحة قاعدة الفراغ الحاكمة بالصحة في مورد الشك والمتقدمة على الإستصحاب الجاري في كثير من الموارد المقتضي لعدم الإتيان بالمشكوك من دون فرق بين الفروض المتقدّمة.
وربما يقال بأن مقتضى قاعدة الفراغ وإن كان ذلك إلاَّ أن ذيل صحيحة سعيد بن يسار المتقدمة في المسألة السابقة يقتضي الإعتناء بالشك وترتيب الأثر عليه لا بالإتيان بالناقص المحتمل فقط بل بالاستيناف، حيث إنه قال الامام (عليه السلام) فيه: «وإن لم يكن حفظ انه قد سعى ستة فليعد فليبدئ السعي حتى يكمل سبعة أشواط ثم ليرق دم بقرة.(1) فإن مفاده أنه مع عدم حفظ الستة يجب عليه الإستيناف من رأس ولعلّه لذا ذكر المحقق في الشرايع: «ان من لم يحصر عدد سعيه أعاده» ومقتضى إطلاقه لزوم الإعادة، ولو كان حدوث الشك بعد التقصير.
هذا ولكن ذيل الصحيحة بيان للشق الثاني من الشقين المحتملين في مورد السؤال، وهو تذكر النقص بعد التقصير والعلم بكون السعي ناقصاً، فإنه في هذا الفرض تارة يكون حافظاً للستة ومتيقناً لها، وأخرى غير حافظ لها وقد حكم في الصحيحة بلزوم إتمام ما نقص في الشق الأوّل والإبتداء بالسعي بجميع أشواطه في
- (1) وسائل: أبواب السعي، الباب الرابع عشر، ح1.
(الصفحة 51)
الشق الثاني، فكلا الشقّين واردان مع القطع بعدم تمامية السعى وثبوت نقصان شوط واحد فيه يقيناً، وأين هذا من الصورة امفروضة في المقام وهي الشك في عدد الأشواط الحادث بعد التقصير. والفارق جريان قاعدة الفراغ في المقام دون مورد الرواية ـ كما هو واضح ـ وقد حمل صاحب الجواهر (قدس سره) عبارة المحقق في الشرايع على كون الشك في الأثناء، فلا تشمل المقام.
الفرض الثاني: مالو كان الشك حادثاً بعد الفراغ قبل التقصير. واللازم فرضه بناء على إعتبار الموالات في السعي، بخلاف ماهو المشهور وفرض فواتها. وفي هذا الفرض تارة يكون الشك في الزيادة وأخرى يكون في النقيصة. ففي الفرع الأوّل لا إشكال في صحة السعي، لأنه مضافاً إلى جريان إصالة عدم الزيادة، ان الزيادة على تقدير وقوعها حيث تكون زيادة سهوية لا تضرّ بصحة السعي، لما مرّ من عدم كون الزيادة السهوية مبطلة وإن كانت معلومة فضلا عما إذا كانت مشكوكة ـ كما في المقام ـ .
وفي الفرع الثاني وقع الإشكال في جريان قاعدة الفراغ وعدمه ومنشأ الإشكال انه هل يكفي في جريان القاعدة الفراغ ولو كان إعتقاديّاً غير واقعي أو انه يعتبر في جريانها أن يكون الشك متعلقاً بشيء لا يمكن تداركه بالفعل لتعلقه بأمر قد مضى، سواء كان المضي حقيقياً او حكميّاً، كالشك في القرائة بعد الدخول في السّورة فعلى الأوّل تجري القاعدة وتقتضي الصحة وعلى الثاني لا تجرى لعدم تحقق المضيّ بوجه مطلقاً وفوات الموالات بناء على اعتبارها لا يقتضي تحقق عنوان المضيّ. ولذا لو كان بعض الأشواط منسياً يجب إلحاقه بما أتى به وإن فاتت الموالات. وهذا لا
(الصفحة 52)في الشك في عدد الزيادة
مسألة 12 ـ لو شك وهو في المروة بين السّبع والزيادة كالتسع ـ مثلا ـ بنى على الصحّة ، ولو شك في أثناء الشوط انّه السبع أو الست ـ مثلا ـ بطل سعيه، وكذا في أشباهه من احتمال النقيصة، وكذا لو شك في انّ ما بيده سبع أو أكثر قبل تمام الدّور. [1]
يستلزم عدم تحقق الفراغ لو شك بعد التقصير ـ كما لايخفى ـ ، ولذا استشكل في المتن في هذا الفرع في البناء على الصحة وإحتاط وجوباً بإتمام ما نعقل وترتيب الأثر على الشك وهو الظاهر.
الصورة الثانية: الشك في الصحة، وهو مجرى إصالة الصحة الجارية في مورد الشك فيها.
[1]
الشك في عدد الأشواط تارة يكون متمحّضاً في الزيادة فقط، وأخرى في النقيصة كذلك، وثالثة في الزيادة والنقيصة معاً.
أمّا الصورة الأولى كما إذا شك وهو في المروة بين السبع والتسع ـ مثلا ـ فالظاهر ان الحكم فيها هو عدم الإعتناء بالشك والبناء على الصحة ـ كما في المتن ـ والدليل عليه إنّ الزيادة السهوية المعلومة غير قادحة في صحة السعي ـ كما مرّ ـ فالزيادة المشكوكة التي تجري فيها إصالة عدم تحققها وعدم حدوثها بطريق أولى، فلا حاجة في الحكم بالصحة في هذه الصورة إلى إقامة دليل خاص. ولكنّه مع ذلك يدل عليه التعليل الوارد في صحيحة الحلبي، الواردة في الطواف بالبيت، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر أسبعة طاف أم ثمانية؟