جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 201)

الأمرين ، من دون ارتياب في البين .

وإن أراد أنّ السيرة العقلائيّة وإن كانت عامّة في مقام العمل ، إلاّ أ نّه لابدّ من ورودها في محيط الشرع ، وجريانها في الأُمور المضافة إلى الشارع حتّى يكون عدم الردع كاشفاً عن تصويبه ورضاه بذلك ، فيرد عليه : أنّ عدم الردع الكاشف عن الإمضاء لا يتوقّف على ذلك ، بل يكفي مجرّد جريان السيرة على معنى عامّ يكون الأمر الشرعي أيضاً من مصاديقه .

ألا ترى أنّ حجّية ظواهر الكتاب المستفادة من سيرة العقلاء بضميمة عدم الردع ، لا يكون منشؤها جريان السيرة في ظواهر الكتاب ، وعدم ردع الشارع عنها ، بل جريان السيرة على العمل بكلّ ظاهر ، وعدم الردع عنها في الشرعيّات كاف في استكشاف رضا الشارع وإمضائه ، كما لا يخفى .

ويرد على التقريب ـ الذي أفاده بعض الأعلام ـ أنّ انحصار مرجع التقليد في مثل الشيخ(قدس سره) لا يكون مخالفاً لما هو ضروريّ من المذهب . غاية الأمر أ نّه مخالف للإجماع ; لانعقاده على عدم جواز تقليد الميّت ابتداءً ، وقد عرفت(1) أ نّه لا تجتمع دعوى الضرورة من المذهب مع المناقشة في الإجماع ، ودعوى عدم كونه كاشفاً عن موافقة المعصوم(عليه السلام) ; لاحتمال استناد المجمعين إلى مثل أصالة الاشتغال .

ثمّ إنّ الاستلزام للانحصار إنّما هو على تقدير كون الأعلم ـ الذي هو شخص واحد ـ واضح الأعلميّة بالإضافة إلى كلّ أحد ، وإلاّ فلو فرض اختلاف الأنظار في تشخيص الأعلم ، كما ربما يتّفق ، فالانحصار لا يكاد يتحقّق بوجه ، كما أنّ بطلان الانحصار ـ لكونه مخالفاً لما هو ضروريّ من المذهب ، كما هو فرضه ـ لا يوجب

  • (1) في ص196 .

(الصفحة 202)

الالتزام باشتراط الحياة ، كما هو المقصود ، بل يكون له طريق آخر ; وهو عدم تعيّن الأعلم للتقليد .

وبعبارة أُخرى : الانحصار مترتّب على أمرين : عدم اشتراط الحياة ، واشتراط الأعلميّة ، وبطلانه ـ لما ذكر ـ لا يوجب نفي الأمر الأوّل ، بل له طريق آخر ; وهو رفع اليد عن الأمر الثاني ، واختيار عدم اشتراط الأعلميّة وتساوي الأعلم وغيره ، من حيث جواز الرجوع إليه . وعليه : فيتخيّر المكلّف بينه وبين غيره ، فيرتفع الانحصار .

كما أنّ ما أفاده من استلزام انحصار صيرورة الأئمّة ثلاثة عشر ممنوع جدّاً ; لأنّ المرجعيّة لا تبلغ من حيث المرتبة إلى الإمامة بوجه ، ولعمري أ نّ مثل هذا التعبير من طغيان البيان أو القلم ، فإنّه من الواضح أنّ أبناء السنّة مع استمرار عملهم على الأخذ بفتاوي أشخاص معيّنين من الأموات ، لا يحكمون بإمامتهم وخلافتهم ووجوب الإطاعة لهم ، كما يقولون به في الخلفاء .

والتحقيق : أ نّه لا مجال للمناقشة في أصل السيرة العقلائيّة ، وجري عملهم على الأخذ بالآراء مطلقاً ، من دون فرق عندهم بين أن يكون صاحب الرأي حيّاً ، أو ميّتاً . غاية الأمر أنّها مردوعة في الشريعة ; لقيام الإجماع الكاشف عن موافقة المعصوم(عليه السلام)على عدم الجواز ، وهو يكفي في الردع من دون حاجة إلى أمر آخر .

الثالث : أنّ فتوى الميّت ـ على تقدير كونها حجّة ـ فإمّا أن يقال بحجّيتها فيما إذا كان الميّت مساوياً لغيره من الأموات والأحياء في الفضيلة والمرتبة العلميّة ، وإمّا أن يقال بها في خصوص ما إذا كان أعلم من غيره من تلك الجهة ، ولا مجال للقول بها في كلتا الصورتين :

(الصفحة 203)

أمّا الصورة الأُولى : فلا دليل على الحجّية فيها ; لأ نّه مع الاختلاف بينه وبين غيره في الفتوى والنظر ـ كما هو الغالب والمفروض ـ يكون الدليل قاصراً عن شموله ; لأنّ المتعارضين غير مشمولين لأدلّة الحجّية ، والقاعدة تقتضي التساقط مع التعارض ، كما قد تقدّم البحث عنه(1) ، والإجماع القائم على التخيير بين المجتهدين المتساويين في الفضيلة على تقدير ثبوته ـ كما ادّعاه شيخنا الأنصاري(قدس سره) (2) ـ لايشمل المقام ; فإنّ القدر المتيقّن منه تساوي المجتهدين من الأحياء ; فإنّ الأموات أنفسهم قد ادّعوا الإجماع على عدم جواز الأخذ بآرائهم بعد انقضاء حياتهم ، كما مرّ نقل كلمات جملة من أعلامهم(3) .

وأمّا الصورة الثانية : فلأنّ مقتضى السيرة العقلائيّة الجارية على الأخذ برأي الميّت من ناحية ، وعلى الأخذ بقول الأعلم من المتخالفين من ناحية اُخرى ، وإن كان هو الجواز ، إلاّ أنّك عرفت(4) أنّ مجرّد جريان السيرة لا يكفي ما دام لم يكن مورداً لإمضاء الشارع لفظاً ، أو مستكشفاً من طريق عدم الردع ، وعدم ثبوت الإمضاء يكفي في عدم جواز ترتيب الأثر عليه ، فضلا عمّا إذا ثبت الردع من طريق الإجماع الكاشف عن موافقته لرأي المجمعين ، وعدم تجويزه الأخذ برأي الميّت والرجوع بفتواه ، كما عرفت .

وممّا ذكرنا يظهر مواضع الردّ والقبول والخلط في هذا الدليل ، فتأمّل .

  • (1) في ص 141 ـ 142 .
  • (2) حكى عنه في التنقيح في شرح العروة الوثقى ، الاجتهاد والتقليد : 106 ، ولم نعثر عليه في كتب الشيخ ، إلاّ أنّه يمكن استظهاره من رسالته في الاجتهاد والتقليد ، ضمن مجموعة رسائل: 71 .
  • (3) في ص194 ـ 195 .
  • (4) في ص68 ـ 70 .

(الصفحة 204)

وأمّا ما استدلّ به على عدم الاشتراط وجواز الرجوع إلى فتوى المجتهد الميّت ابتداءً فوجوه أيضاً :

الأوّل : إطلاق أدلّة جواز التقليد وحجّية فتوى المجتهد من الآيات والروايات الواردة في هذا الباب(1) ; فإنّها غير مقيّدة بحال الحياة ، فكما أنّها تدلّ على حجّية فتوى الحيّ ، كذلك تشمل فتوى المجتهد الميّت ، نظراً إلى إطلاقها .

والجواب عنه ـ مضافاً إلى أنّ أغلب تلك الأدلّة غير خالية عن المناقشة في الدلالة على أصل جواز التقليد وحجّية الفتوى ، بالنحو الذي هو محّل البحث ، لِما عرفت سابقاً(2) ـ : ما مرّت الإشارة إليه ; من أنّ العناوين المأخوذة فيها ظاهرة في الفعليّة التي لا تجتمع إلاّ مع وصف الحياة ، فكما أنّ قوله : «الخمر حرام» ظاهر في الخمر الفعلي لا ما كان خمراً سابقاً ، وقوله : «العالم يجب إكرامه» ظاهر في المتّصف بالعلم فعلا ، كذلك قوله : «الفقيه المنذر» ظاهر في المتّصف بهما فعلا .

وهكذا سائر العناوين المأخوذة فيها ، وإن شئت قلت : إنّ المشتقّ ظاهر في خصوص المتلبّس بالمبدأ في الحال ; لأ نّه حقيقة فيه ، ومن المعلوم أنّ الاتّصاف بالفعل ملازم لوجود قيد الحياة .

نعم ، قد عرفت(3) أ نّه لا دلالة لهذه الأدلّة على اشتراط وصف الحياة بنحو يفيد نفي الحجّية بالإضافة إلى الميّت ، بل هي ساكتة عن التعرّض لها .

ومن هنا ينقدح أ نّه لا دلالة لها على قول النافين ولا المثبتين ، بل تجتمع مع

  • (1) الوافية: 305 ـ 306 .
  • (2  ، 3) في ص197 ـ 202 .

(الصفحة 205)

كليهما ; لسكوتها عن الدلالة على النفي ، أو الإثبات فيما هو محلّ الكلام ومورد النقض والإبرام . نعم ، قد عرفت أنّ هنا رواية واحدة عامّة ظاهرة في اشتراط الحياة ، ضعيفة من حيث السند .

الثاني : جريان السيرة المستمرّة العمليّة من العقلاء على الرجوع إلى آراء العلماء وأنظار المطّلعين ، من دون فرق بين الأحياء والأموات (1)، ولا مجال للإشكال فيه ، كما عرفت(2) .

والجواب عنه : أنّ حجّية السيرة موقوفة على إمضاء الشارع وعدم ردعه عنها ، وقد مرّ(3) أنّ الإجماع الكاشف عن موافقة المعصوم(عليه السلام) لرأي المجمعين ، وحكمهم بعدم جواز تقليد الميّت ابتداءً كاف في مقام الردع ، وعدم اتّصاف السيرة بوصف الحجّية ، كما هو ظاهر .

الثالث : استصحاب حجّية فتوى المجتهد الميّت ; لأنّها كانت مقطوعة قبل موته ، وبعده يشكّ في بقائها ، فلا مانع عن استصحابها أصلا ، ويكفي هذا الاستصحاب الذي لازمه جواز الأخذ بفتوى الميّت في الخروج عن الأصل الأوّلي ، الذي كان مرجعه إلى أنّ الشكّ في الحجّية مساوق للقطع بعدمها ; لأ نّه مع جريانه لا يبقى شك في الحجّية ، كما لا يخفى (4).

وقد أُورد على جريان هذا الاستصحاب بوجوه متعدّدة :

منها : أنّه يعتبر في جريان الاستصحاب أن يكون المستصحب مجعولا شرعيّاً ، أو موضوعاً لأثر شرعيّ ، وهذا الشرط متحقّق في المقام على تقدير كون الحجّية

  • (1) لاحظ التنقيح في شرح العروة الوثقى، الاجتهاد والتقليد: 101 .
  • (2، 3) في ص200 ـ 202 .
  • (4) درر الفوائد للشيخ عبد الكريم الحائريّ : 2/703 ـ 705 ; بحوث في الاُصول، الاجتهاد والتقليد: 21 ـ 24 .