(الصفحة 338)
واحد من النقض والقطع والإفساد ، والآية الثانية ـ مع ذلك ـ لم تشتمل على وعيد بالعذاب ، إلاّ أن يقال : إ نّه يفهم من اللعن وما بعده(1) .
العاشر : المحاربة وقطع السبيل ، قال الله ـ تعالى ـ : {إِنَّمَا جَزَ ؤُا الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ و وَيَسْعَوْنَ فِى الاَْرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَـف أَوْ يُنفَوْا مِنَ الاَْرْضِ ذَ لِكَ لَهُمْ خِزْىٌ فِى الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِى الاَْخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(2) .
وأورد عليه في الجواهر ، بأ نّه قد يرجع ذلك إلى الكفر والوعيد على الأمرين معاً(3) .
الحادي عشر : الغناء ; لقوله ـ تعالى ـ : { وَ مِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِى لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْم وَ يَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَـلـِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ}(4) .
الثاني عشر : الزنا ، قال الله ـ تعالى ـ : {وَ لاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَ لِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَـعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَـمَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِى مُهَانًا }(5) .
الثالث عشر : إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا ، قال الله ـ تعالى ـ : {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَـحِشَةُ فِى الَّذِينَ ءَامَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }(6) .
الرابع عشر : قذف المحصنات ، قال الله ـ تعالى ـ : {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَـتِ
- (1) جواهر الكلام : 13 / 314 .
-
(2) سورة المائدة : 5 / 33 .
-
(3) جواهر الكلام : 13 / 314 .
-
(4) سورة لقمان : 31 / 6 .
-
(5) سورة الفرقان : 25 / 68 ـ 69 .
-
(6) سورة النور : 24 / 19 .
(الصفحة 339)
الْغَـفِلَـتِ الْمُؤْمِنَـتِ لُعِنُوا فِى الدُّنْيَا وَ الاَْخِرَةِ وَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}(1) .
وأمّا المعاصي التي يستفادمن الكتاب العزيزوعيدالنارعليهاضمناًولزوماًفهي ستّة :
الأوّل : الحكم بغير ما أنزل الله تعالى ، قال الله ـ عزّوجل ـ : {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَـلـِكَ هُمُ الْكَـفِرُونَ}(2) .
الثاني : اليأس من روح الله عزّوجلّ ، قال الله ـ تعالى ـ : {وَ لاَ تَايْـَسُواْ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ و لاَ يَايْـَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَـفِرُونَ}(3) .
الثالث : ترك الحجّ ، قال الله ـ تعالى ـ : {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِىٌّ عَنِ الْعَــلَمِينَ}(4) .
الرابع : عقوق الوالدين ، قال الله ـ تعالى ـ : {وَ بَرَّ ما بِوَ لِدَتِى وَ لَمْ يَجْعَلْنِى جَبَّارًا شَقِيًّا}(5) . مع قوله ـ تعالى ـ : {وَ خَابَ كُلُّ جَبَّار عَنِيد* مِّن وَرَآلـِهِى جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّآء صَدِيد }(6) .
وقوله ـ تعالى ـ : {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِى النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ}(7) .
الخامس : الفتنة ; لقوله ـ تعالى ـ : {وَ الْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ}(8) .
السادس : السحر ، قال الله ـ تعالى ـ : {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُواْ الشَّيَـطِينُ عَلَى مُلْكِ
- (1) سورة النور 24 : 23 .
-
(2) سورة المائدة : 5 / 44 .
-
(3) سورة يوسف : 12 / 87 .
-
(4) سورة آل عمران : 3 / 97 .
-
(5) سورة مريم : 19 /32 .
-
(6) سورة إبراهيم : 14 / 15 ـ 16 .
-
(7) سورة هود : 11 / 106 .
-
(8) سورة البقرة : 2 / 191 .
(الصفحة 340)
سُلَيْمَـنَ وَ مَا كَفَرَ سُلَيْمَـنُ وَ لَـكِنَّ الشَّيَـطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَ مَآ أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَـرُوتَ وَ مَـرُوتَ وَ مَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَد حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِى بَيْنَ الْمَرْءِ وَ زَوْجِهِى وَ مَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِى مِنْ أَحَد إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ يَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَ لاَ يَنفَعُهُمْ وَ لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَ لـهُ مَالَهُو فِى الاَْخِرَةِ مِنْ خَلَـق وَ لَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِى أَنفُسَهُمْ لَوْكَانُوا يَعْلَمُونَ}(1) .
انتهى محكيّ ما أفاده العلاّمة الطباطبائي(قدس سره) في هذا الباب(2) ، وظاهره أنّ الملاك هو إيعاد الله ـ تبارك وتعالى ـ في خصوص الكتاب العزيز .
وأورد عليه صاحب الجواهر(قدس سره) ستّة إيرادات :
أحدها : أ نّه يلزم على ما ذكر من حصر الكبائر في هذا العدد أن يكون ما عداها صغائر ، وأ نّه لا يقدح في العدالة فعلها ، بل لابدّ من الإصرار ، وبدونه تقع مكفّرة لا تحتاج إلى توبة ، فمثل اللواط ، وشرب الخمر ، وترك صوم يوم من شهر رمضان ، وشهادة الزور ، ونحو ذلك من الصغائر التي لا تقدح في العدالة ، ولا تحتاج إلى توبة ، بل تقع مكفّرة ، ولا يثبت بها جرح ، وهو واضح الفساد ، وكيف يمكن الحكم بعدالة شخص قامت البيّنة على أ نّه لاط في غلام في زمان قبل زمان أداء الشهادة بيسير ، كما لا يخفى على المخالط لطريقة الشرع ؟!
وإن شئت فانظر إلى كتب الرجال وما يقدحون به في عدالة الرجل ، على أ نّ في
رواية ابن أبي يعفور السابقة(3) : «أن تعرفوه بالستر والعفاف ، وكفّ البطن والفرج
- (1) سورة البقرة : 2 / 102 .
-
(2) حكى عنه في مفتاح الكرامة : 3 / 92 ـ 94 وجواهر الكلام : 13 / 310 ـ 316 .
-
(3) في ص313 .
(الصفحة 341)
واللسان» ونحو ذلك. بل في ذلك إغراء للناس في كثير من المعاصي ; فإنّه قلّ من يجتنب من المعاصي من جهة استحقاق العقاب بعد معرفته أن لا عقاب عليه .
ثانيها : أنّه قد ورد في السنّة في تعداد الكبائر ما ليس مذكوراً فيما حصره ، مع النصّ عليه فيها بأ نّه كبيرة ، وقوله(عليه السلام) : «إنّ الكبيرة كلّ ما أوعد الله عليها النار»(1)لا ينافيه ، ولو لكونه(عليه السلام) يعلم كيف توعّد الله عليها بالنار ، قصارى ما هناك نحن بحسب وصولنا ما وصلنا كيف وعد الله عليه النار .
فنحكم بكونه كبيرة ، وإن لم نعرف كيف وعد الله عليه النار . فانظر إلى ما في حسنة عبيد بن زرارة لمّا سأله(عليه السلام)عن الكبائر فقال : هنّ في كتاب عليّ(عليه السلام) سبع ـ إلى أن قال :ـ فقلت : فهذا أكبر المعاصي؟ فقال : نعم ، قلت : فأكل الدرهم من مال اليتيم ظلماً أكبر أم ترك الصلاة؟ قال : ترك الصلاة ، قلت : فما عددت ترك الصلاة في الكبائر ! قال : أيّ شيء أوّل ما قلت لك؟ قلت : الكفر ، قال : فإنّ تارك الصلاة كافر ، يعني من غير علّة(2) . كيف اُدخل ترك الصلاة في الكفر مع استحضاره(عليه السلام)لقوله ـ تعالى ـ : { مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ }(3) .
ثالثها : أ نّه قال الله ـ تعالى ـ : {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِى وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالاَْزْلَـمِ ذَ لِكُمْ فِسْقٌ}(4) ;
- (1) الفقيه: 3 / 373 ح1758، وعنه وسائل الشيعة : 15 / 327، كتاب الجهاد ، أبواب جهاد النفس ب46 ح24.
-
(2) الكافي : 2 / 278 ح8 ، وعنه وسائل الشيعة : 15 / 321 ، كتاب الجهاد ، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب46 ح4 .
-
(3) سورة المدّثّر : 74 / 42 ـ 43 .
-
(4) سورة المائدة : 5 /3 .
(الصفحة 342)
فإنّه إن أُريد بالإشارة إلى الأخير ، أو كلّ واحد فقد حكم بالفسق ، واحتمال إرادة
الإصرار بعيد ، كاحتمال إرادة ما لا ينافي العدالة من الفسق ، بل مجرّد المعصية أو من غير مجتنب الكبائر .
رابعها : أنّه قد ورد في السنّة التوعّد بالنار ـ وأيّ توعّد ـ على كثير من المعاصي ، وبناءً على ما ذكر لابدّ وأن يراد بها إمّا الإصرار عليها ، أو من غير مجتنب الكبائر ، وكلّه مخالف للظاهر من غير دليل يدلّ عليه .
خامسها : أنّ فيما رواه عبدالعظيم بن عبدالله الحسني ذكر من جملة الكبائر شرب الخمر ، معلّلا ذلك بأنّ الله تعالى نهى عنه كما نهى عن عبادة الأوثان وترك الصلاة متعمّداً ، أو شيئاً ممّا فرض الله ; لأنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال : من ترك الصلاة متعمّداً فقد برىء من ذمّة الله وذمّة رسوله(صلى الله عليه وآله) (1) . فانظر كيف استدّل على كونه كبيرة بما ورد من السنّة .
سادسها : نقل الإجماع على أنّ الإصرار على الصغيرة من جملة الكبائر(2)(3) .
وقد أورد عليه بهذا الأخير تلميذه صاحب مفتاح الكرامة ، حيث قال : وليت شعري ماذا يقول في الإصرار على الصغائر ; فإنّه كبيرة إجماعاً ، وليس في القرآن المجيد وعيد عليه بالنار ، ولعلّي أسأله عنه شفاهاً(4) .
وأورد عليه ابن أخيه سيّدنا العلاّمة الاُستاذ البروجردي(قدس سره) ـ مضافاً إلى ما أورده عليه في الجواهر من الإيرادات الستّة المتقدّمة ـ بأنّ الظاهر كون المقسم
- (1) الكافي : 2 / 287 قطعة من ح24 ، وعنه وسائل الشيعة : 15 / 320 ، كتاب الجهاد ، أبواب جهاد النفس ب46 قطعة من ح2 .
-
(2) تحرير الأحكام : 5 / 247 ، ذخيرة المعاد : 305 .
-
(3) جواهر الكلام : 13 / 316 ـ 318 .
-
(4) مفتاح الكرامة : 3 / 94 .