(الصفحة 350)
21 ـ الركون إليهم .
22 ـ اليمين الغموس الفاجرة ; والمراد بها هي اليمين الكاذبة على الإخبار عن شيء مع العلم بالكذب ، والتعبير عنها بالغموس لعلّه لأجل أنّها تغمس صاحبها في الإثم والعقاب .
23 ـ الغلول ; والظاهر أنّ المراد به هي الخيانة في خصوص المغنم .
24 ـ حبس الحقوق من غير عسر .
25 ـ الكذب .
26 ـ استعمال التكبّر والتجبّر .
27 ـ الإسراف والتبذير .
28 ـ الخيانة .
29 ـ الاستخفاف بالحجّ ; والظاهر أنّ المُراد به هو الإتيان به عن استخفاف ، لا الترك رأساً ، الذي أُطلق عليه الكفر في الآية الشريفة .
30 ـ المحاربة لأولياء الله .
31 ـ الاشتغال بالملاهي .
32 ـ السحر .
33 ـ الإصرار على الصغيرة .
ولابدّ من التكلّم في هذا الأخير والبحث عن أنّ الإصرار على الذنوب ـ أي الصغائر منها ـ هل يكون من الكبائر أم لا؟ مقتضى روايتي الأعمش والفضل وغيرهما من الروايات الأُخَر ـ الواردة في هذا الباب ، التي جمعها في الوسائل في الباب (46) و(47) من أبواب جهاد النفس ـ أنّ الإصرار على الصغائر من الذنوب ، أيضاً من جملة الكبائر ، وفي بعضها : أ نّه لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة
(الصفحة 351)
مع الاستغفار(1) .
وقد روي هذا المضمون بطرق العامّة عن ابن عبّاس(2) أيضاً ، فلا ينبغي الإشكال حينئذ في أنّ الإصرار على الصغيرة كبيرة ، إمّا حقيقة وإمّا حكماً ، من جهة القادحيّة في العدالة لو لم يكن أصل الإتيان بالصغيرة من غير إصرار مضرّاً بها ، ومن جهة الافتقار إلى التوبة والاستغفار ; فإنّ الظاهر افتراقهما ; أي الكبيرة والصغيره في الافتقار إلى التوبة وعدمه ، ولو لم نقل بافتراقهما في باب العدالة أصلا ; فإنّ ظاهر قوله ـ تعالى ـ : {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآلـِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّـَاتِكُمْ}(3) ـ بناءً على ما استظهرنا منه(4) من أنّ المراد به هي الكبائر من خصوص المحرّمات ، وبالسيّئات هي الصغائر منها لا الكبائر من المنهيّات التي هي أعمّ من المحرّمات ، والصغائر منها التي لا تنطبق إلاّ على المكروهات ـ أنّ اجتناب الكبيرة يوجب التكفير للصغائر من دون حاجة إلى التوبة والاستغفار . نعم ، مع عدم الاجتناب عنها يحتاج كالكبيرة إليهما .
وبعبارة اُخرى : المجتنب للكبيرة إذا ارتكب صغيرة لا يكون مكلّفاً بالتوبة ; لعدم الحاجة إليها ، وإذا ارتكب كبيرة يكون مكلّفاً بها بالإضافة إلى الصغيرة أيضاً ; لانحصار الطريق حينئذ فيها .
- (1) الكافي : 2 / 288 ح1 ، وعنه وسائل الشيعة : 15 / 338 ، كتاب الجهاد ، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب48 ح3 .
-
(2) الكشّاف : 1 / 503 .
-
(3) سورة النساء: 4 / 31.
-
(4) أي في ص328 ـ 329.
(الصفحة 352)
[معنى الإصرار على الصغيرة]
إنّما الإشكال في معنى الإصرار وأ نّه بِمَ يتحقّق ، ونقول : لا إشكال في تحقّق الإصرار مع الإكثار فعلا ، والإتيان بالمعصية في الخارج مكرّراً ; سواء كانت من سنخ واحد ، أو من جنسين أو الأجناس ، كما أ نّه لا إشكال في عدم تحقّق عنوان الإصرار مع الإتيان بذنب مرّة واحدة ثمّ الندم عليه ، بحيث كان يسوؤه التذكّر والالتفات إليه ، والظاهر تحقّق هذا العنوان أيضاً مع الإتيان به مرّة ، وكونه بحيث لو تهيّأت له مقدّماته يأتي به ثانياً .
إنّما الإشكال في تحقّقه بمجرّد الإتيان مع الالتفات إليه وعدم الندم عليه ، وعدم كون تذكّره مسيئاً له، وعدم كونه كذلك; أي بحيث لو تهيّأت له مقدّماته يأتي به ثانياً؟
قيل : الظاهر تحقّقه به أيضاً ; لقوله ـ تعالى ـ : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَـحِشَةً أَوْظَـلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}(1) . حيث إنّه يشعر بأنّ الإصرار يتحقّق بمجرّد عدم الاستغفار مع التوجّه والالتفات .
ولما ورد في تفسير الآية من رواية جابر ، عن أبي جعفر(عليه السلام) أ نّه قال : الإصرار أن يذنب الذنب فلا يستغفر الله ولا يحدّث نفسه بالتوبة ، فذلك الإصرار(2) .
ولرواية محمّد بن أبي عمير قال : سمعت موسى بن جعفر(عليهما السلام) يقول : من اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر ، قال الله ـ تعالى ـ : {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآلـِرَ
- (1) سورة آل عمران : 3 / 135 .
-
(2) الكافي : 2 / 288 ح2 ، وعنه وسائل الشيعة : 15 / 338 ، كتاب الجهاد ، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب48 ح4 .
(الصفحة 353)
مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّـَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلاً كَرِيمًا}(1) قال : قلت : فالشفاعة لمن تجب؟ فقال : حدّثني أبي ، عن آبائه ، عن عليّ(عليهم السلام)قال : قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أُمّتي ، فأمّا المحسنون فما عليهم
من سبيل .
قال ابن أبي عمير : فقلت له : يا ابن رسول الله ، فكيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر ، والله ـ تعالى ـ يقول : {وَ لاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى}(2) . ومن يرتكب الكبائر لا يكون مرتضى؟! فقال : يا أبا أحمد ما من مؤمن يذنب ذنباً إلاّ ساءه ذلك وندم عليه ، وقد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : كفى بالندم توبة ، وقال : من سرّته حسنته وساءته سيّئته فهو مؤمن ، فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ، ولم تجب
له الشفاعة ـ إلى أن قال :ـ قال النبي(صلى الله عليه وآله) : لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة
مع الإصرار ، الحديث(3) .
هذا ، ويمكن المناقشة في دلالة الآية والروايتين على ما ادّعاه القائل ; من أنّ الإصرار على الذنب إنّما يتحقّق بمجرّد الإتيان بالمعصية ، وعدم التوبة والاستغفار مع الالتفات إلى صدورها والإتيان بها .
أمّا الآية والرواية الأُولى ، فموردهما هو الذنب الذي يفتقر إلى الاستغفار كي يكفّر ، فيمكن أن يقال بملاحظة الآية المتقدّمة : إنّ موردهما هي المعصية الكبيرة .
وأمّا الرواية الثانية ، فلم يظهر دلالتها على مدّعى القائل أصلا ، فتأمّل .
- (1) سورة النساء : 4 / 31 .
-
(2) سورة الأنبياء: 21 / 28 .
-
(3) التوحيد : 407 ح6 ، وعنه وسائل الشيعة : 15 / 335 ، كتاب الجهاد ، أبواب جهاد النفس وما يناسبه ب47 ح11 .
(الصفحة 354)
نعم ، لا مجال للإشكال على هذا القول ; بأ نّه بناءً عليه لا يبقى مورد للآية الشريفة : {إِن تَجْتَنِبُوا كَبَآلـِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} الآية ، نظراً إلى أ نّه إذا توقّف تكفير الصغيرة أيضاً على التوبة ، لم يتحقّق فرق بينها وبين الكبيرة ، فلا يبقى مورد لهذه الآية أصلا .
وذلك ; لأ نّه يمكن أن يجيب عن ذلك ; بأنّ الذنب الصغير المكفّر باجتناب الكبائر هو الذنب الذي كان غافلا عنه بعد الإتيان به ، أو غافلا عن وجوب التوبة عليه ، وبه يتحقّق الفرق بينه وبين الكبيرة ، حيث إ نّه ما لم تتحقّق التوبة عنها لا تكون مكفّرة أصلا .
وهذا الجواب وإن كان غير صحيح ; لأ نّه ـ مضافاً إلى مخالفته لظاهر الآية الشريفة الدالّة على أنّ اجتناب الكبائر موجب لتكفير الصغائر مطلقاً ، من دون فرق بين صورتي الغفلة وعدمها ـ يكون منافياً لرواية ابن أبي عمير المتقدّمة الدالّة على انحصار الشفاعة بخصوص أهل الكبائر ، والظاهرة في عدم احتياج الصغيرة إلى الاستغفار ما لم يبلغ حدّ الإصرار ، فتدبّر ، إلاّ أ نّه يكفي في إثبات بيان المورد للآية الشريفة ، كما لا يخفى .
ثمّ إنّه حكى في مفتاح الكرامة عن الفاضل السبزواري أ نّه استضعف هذا القول(1) . ولكنّه ذكر نفسه ـ بعد الاستدلال برواية جابر ثمّ الحكم بضعف سندها ـ أنّه يمكن أن يقال : إنّه لـمّا عصى ولم يتب فهو مخاطب بالتوبة ، ولـمّا لم يتب في الحال فقد عصى ، فهو في كلّ آن مخاطب بالتوبة ، ولـمّا لم يتب فقد أقام واستمرّ على عدم