جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 156)

بهذه الطائفة من جهتين :

الجهة الأُولى : أنّ الإرجاع إلى غيرهم من الأصحاب مع وجود أنفسهم الشريفة(عليهم السلام) بين الناس ، دليل على عدم تعيّن تقليد الأعلم ، وإلاّ لما جاز الإرجاع مع وجود أنفسهم(عليهم السلام)، كما هو ظاهر .

الجهة الثانية : أنّ الإرجاع إلى متعدّدين ـ مع ثبوت الاختلاف بينهم من حيث الفضيلة أوّلا ، ومن حيث النظر والعقيدة ثانياً ، كما هو الغالب فيهما ـ دليل على عدم تعيّن تقليد الأعلم ، وإلاّ لكان اللازم الإرجاع إلى خصوص الأعلم من الأصحاب (1).

والجواب : أنّ الظاهر عدم ثبوت الاختلاف بين الأصحاب ، وكذا بينهم وبين الإمام(عليه السلام) في الرأي والاعتقاد ; لأنّا وإن قلنا بثبوت الاجتهاد والاستنباط في زمن الأئمة(عليهم السلام) ، إلاّ أ نّه حيث تكون المدارك في ذلك الزمان معلومة غالباً ; لعدم ثبوت الواسطة بينهم وبين أئمّتهم(عليهم السلام) ، فالاختلاف لا يكاد يتحقّق إلاّ نادراً ، والإرجاع إنّما هو لأجل ذلك .

مضافاً ألى أنّ مفروض الكلام إنّما هي صورة وجود الأعلم وإمكان الوصول إليه وأخذ الفتوى منه ، وهذا لا يتحقّق غالباً في ذلك الزمان ; لأنّ الوصول إلى الإمام(عليه السلام) كان أمراً متعسّراً غالباً لأجل بُعد الأمكنة وكثرة الفواصل وقلّة الوسائل ، أو لأجل الجهات السياسيّة الموجبة للتقيّة والمحدوديّة ، خصوصاً في بعض الأزمنة ، كما يشهد به التاريخ وغيره .

فالإنصاف أنّ هذه الطائفة من الروايات لا دلالة فيها على عدم تعيّن تقليد

  • (1) جواهر الكلام : 40 / 45 ـ 46 .

(الصفحة 157)

الأعلم فيما هو مفروض الكلام .

ومنها : دعوى جريان سيرة المتشرّعة على الرجوع إلى المجتهد الواجد للشرائط من غير الفحص عن كونه متّصفاً بالأعلميّة ، ولو كان تقليد الأعلم متعيّناً لما جرت السيرة بهذه الكيفيّة (1).

والجواب : ـ مضافاً إلى أنّ هذه الصورة خلاف مفروض الكلام من صورة وجود الأعلم وغيره ، والعلم بالاختلاف بينهما في الفتوى ـ أنّ جريان السيرة بهذا النحو ممنوع جدّاً ، وسيأتي البحث عن الفحص في المقام الآتي إن شاء الله تعالى(2) .

ومنها : أنّ وجوب تقليد الأعلم عسر على المكلّفين ; لأجل عدم تشخيص مفهوم الأعلم أوّلا ، وعدم الطريق إلى تشخيص مصداقه ثانياً ، وعدم إمكان الإطّلاع على آرائه وفتاويه نوعاً ثالثاً (3).

والجواب عنه ـ مضافاً إلى ما عرفت من أ نّه خلاف ما هو المفروض في المقام ـ : أنّ مفهوم الأعلم في الفقه لا يغاير مفهومه في سائر الفنون والصنائع والحرف والعلوم ; فإنّ المراد به ليس إلاّ مَن كان أعلم بالقواعد التي يتركّب منها العلم ، وأجود استنباطاً ، وأحسن سليقة في تطبيق الكبريات على صغرياتها ، وتشخيص المورد لها ; فإنّ الأعلم في الطبّ مثلا ليس إلاّ من كان أعلم بقواعد هذا العلم ، وأحسن في تشخيص المورد وتطبيق القاعدة عليه ، فكذا في علم الفقه .

غاية الأمر اختلاف علم الفقه مع سائر العلوم في كون قواعده محتاجة

  • (1) الفصول الغرويّة: 424، جواهر الكلام: 4 / 43 ـ 44، وحكاه المحقّق الرشتي عن الحاجبي والعضدي في رسالته في تقليد الأعلم: 28 ، فلاحظ مختصر الاُصول: 309 .
  • (2) في ص 166 ـ 167 .
  • (3) الفصول الغرويّة: 424 .

(الصفحة 158)

إلى الاستنباط وإعمال دقّة النظر ; لعدم ابتنائه على الأُمور المحسوسة كأكثر العلوم ، وهذا لا يوجب الخفاء في مفهوم الأعلم كما هو غير خفيّ ، وتشخيص مصداقه ليس أشدّ حرجاً وأكثر صعوبة من تشخيص أصل الاجتهاد ، وكون الرجل بالغاً إلى ذلك الحدّ ، بل يثبت كلّ منهما بالعلم الوجداني، وبالشياع، وبالبيّنة ، كما سيأتي البحث عند تعرّض الماتن ـ دام ظلّه ـ له(1) والاطّلاع على رأي الأعلم ، خصوصاً في مثل هذه الأزمنة التي تداول فيها جمع الفتاوى في رسالة ، وطبعها وانتشارها ممكن كما هو ظاهر .

وقد انقدح من جميع ما ذكرنا أنّ مقتضى الدليل تعيّن تقليد الأعلم في الصورة الأُولى ; وهي ما إذا علم الاختلاف بينه وبين غيره ، وأنّ الدليل هو جريان سيرة العقلاء على الرجوع إلى الأعلم في الموارد الجامعة للخصوصيّات المفروضة في محلّ البحث ، وعدم ثبوت الردع عن هذه الطريقة في الشريعة ; لِما عرفت من عدم تماميّة شيء ممّا استدلّ به على عدم تعيّن تقليد الأعلم ، فبقيت السيرة بلا رادع ، وهو الدليل الوحيد في هذا الباب .

وقد عرفت(2) أ نّه مع عدم دلالة الدليل يكون مقتضى حكم العقل بأصالة التعيين في دوران الأمر بينه وبين التخيير في باب الحجّيّة ، هو تعيّن تقليد الأعلم أيضاً . غاية الأمر أ نّه لو كان الوجوب بنحو الفتوى يكون مقتضاه التعيّن في جميع الموارد والفروض ، وأمّا لو كان بنحو الاحتياط ـ كما هو مقتضى حكم العقل ومختار سيّدنا العلاّمة الاُستاذ الماتن «دام ظلّه» يكون لازمه عدم التعيّن في بعض الموارد .

  • (1) في ص 247 مسألة 19 .
  • (2) في ص138 ـ 139 .

(الصفحة 159)

ففي الحقيقة تترتّب ثمرة عمليّة على كون المستند في وجوب تقليد الأعلم هو الدليل أو حكم العقل بالاحتياط ، وذلك فيما إذا كان هناك مجتهد واحد قلّده المكلّف العامّي في برهة من الزمان ، ثمّ وجد من هو أعلم منه ، أو كان هناك مجتهدان متساويان في الفضيلة ، اختار المكلّف واحداً منهما ، ثمّ صار الآخر أعلم ; فإنّه إذا كان المستند في وجوب تقليد الأعلم هو حكم العقل والاحتياط العقلي لما كان له ـ أي لحكم العقل  ـ مجال في هذين الفرضين ; فإنّ أصالة التعيين إنّما تجري فيما إذا لم يكن هناك أصل شرعيّ مثبت لجواز الأخذ بالطرف الآخر .

ضرورة أ نّه مع جريان الأصل الشرعي لا يكون الأمر دائراً بين التعيين والتخيير حتى يحكم فيه العقل بالاحتياط والأخذ بالمعيّن ، مع أ نّه في الفرض الأوّل يكون مقتضى الاستصحاب بقاء حجّية فتوى المجتهد الأوّل الذي قلّده ، فيجوز البقاء على تقليده وإن وجد من هو أعلم منه ، وفي الفرض الثاني يكون مقتضى الاستصحاب بقاء الحجّية التخييريّة الثابتة قبل بلوغ الآخر إلى مقام الأعلميّة ، فيجوز البقاء على تقليد الأوّل .

وأمّا لو كان المستند هو الدليل وكان الوجوب بنحو الفتوى لما كان مجال للاستصحاب في الفرضين ; لأ نّه مع قيام الدليل على تعيّن تقليد الأعلم لا يجري الاستصحاب ولا غيره من الأُصول العمليّة ، كما هو المحقَّق في محلّه .

وقد اعترضنا سابقاً(1) على سيّدنا العلاّمة الاُستاذ الماتن ـ دام ظلّه ـ بأ نّه لايكاد يجتمع الحكم بلزوم تقليد الأعلم من باب الاحتياط مع الحكم بعدم جواز العدول إلى المساوي احتياطاً ، والحكم بوجوب العدول إلى الأعلم كذلك ، وذكرنا

  • (1) في ص137 .

(الصفحة 160)

أ نّ مقتضى لزوم تقليد الأعلم احتياطاً هو جواز العدول إليه إذا كان مبنى عدم جواز العدول إلى المساوي أيضاً هو حكم العقل ، ومقتضى ذلك ترتّب ثمرة عمليّة اُخرى على كون المستند في لزوم تقليد الأعلم هو الدليل ، أو حكم العقل بالاحتياط .

فإنّه في الصورة الاُولى يجب العدول إلى الأعلم في الفرض المذكور . وفي الصورة الثانية يجوز العدول إليه من دون أن يكون واجباً ; لأنّ مبنى كلا الحكمين على الاحتياط وحكم العقل ، من دون أن يكون هناك مرجّح في البين ، فلا يبقى مجال إلاّ للجواز كما لا يخفى . هذا تمام الكلام في الصورة الأُولى .

الصورة الثانية : ما إذا علمت الموافقة بينهما في الفتوى ، ولا يترتّب في هذه الصورة على القول بتعيّن تقليد الأعلم ثمرة أصلا ; لما ستعرف من عدم لزوم الاستناد بوجه .

الصورة الثالثة : ما إذا لم تعلم الموافقة والمخالفة بينهما ، ونقول : حكم هذه الصورة عند الشكّ وعدم دلالة الدليل على أحد الطرفين حكم الصورة الاُولى ; ضرورة أنّ حكم العقل بالاحتياط يجري في هذه الصورة أيضاً ، من دون فرق بينها وبين الصورة الأُولى . وأمّا مع ملاحظة الأدلّة فلا خفاء في أ نّه لو لم نقل بتعيّن تقليد الأعلم في الصورة الأُولى لكان لازمه القول بعدم التعيّن هنا بطريق أولى ، فالنزاع في هذه الصورة يختصّ بالقائل بالتعيّن في الصورة الأُولى ، كما هو ظاهر .

فنقول : قد استدلّ على تعيّن تقليد الأعلم في هذه الصورة بما استدلّ به عليه في تلك الصورة من الأدلّة الكثيرة المتقدّمة ; من الإجماع والسيرة والأقربيّة والروايات المتعدّدة من المقبولة وغيرها ; بدعوى أنّ مقتضاها عدم الفرق بين ما إذا كانت المخالفة بين الأعلم وغيره معلومة أو كانت مشكوكة ، وعدم اختصاص تلك