جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 356)

وعليه : فيكون من تتمّة المعرّف للعدالة أو تخصيصاً بعد التعميم ، ويصير حاصل المراد أنّ العدالة هي ملكة الستر والعفاف الرادعة عن ارتكاب شيء من القبائح العرفيّة غير اللائقة بحاله ، وملكة الاجتناب عن خصوص المعاصي الكبيرة التي أوعد الله عليها النار ، ولازمه حينئذ أنّ ارتكاب شيء من المعاصي الصغيرة عند عدم الإصرار عليه لا يكون بقادح في العدالة .

ودعوى أ نّه كيف لا يكون ارتكاب المعصية قادحاً في العدالة ؟ مدفوعة بأنّها مجرّد استبعاد لا يقاوم الظهور اللفظي بعد كون ارتكابها مكفّرة باجتناب الكبائر المفروض في المقام .

نعم ، لو قيل بأنّ قوله(عليه السلام) : «ويُعرف باجتناب الكبائر» ليس من أجزاء المعرّف للعدالة ، بل أمارة شرعيّة عليها ـ كما استظهره بعض الأعاظم من المعاصرين على ما عرفت من كلامه(1) ـ فلا دليل حينئذ على كون العدالة هي الملكة الرادعة عن ارتكاب خصوص الكبائر ، بل مقتضى قوله(عليه السلام) : «أن تعرفوه بالستر والعفاف إلخ» أ نّ العدالة هي ملكة الستر والعفاف الباعثة على كفّ البطن والفرج واليد واللسان عن كلّ ذنب ; سواء كان من الكبائر أو من الصغائر .

غاية الأمر أنّ الأمارة الشرعيّة على ذلك إنّما هو الاجتناب العملي عن خصوص الكبائر ، ومن المعلوم أنّ الرجوع إلى الأمارة إنّما هو مع عدم العلم بخلافها الذي يتحقّق بارتكاب صغيرة من الصغائر .

هذا ، وقد عرفت(2) أنّ هذا المعنى بعيد عن سياق الرواية مخالف لقوله(عليه السلام) :

  • (1 ، 2) في ص323 ـ 326 .

(الصفحة 357)

«يُعْرَف» بصيغة المذكّر .

نعم ، يمكن أن يورد على ما ذكرنا بأنّ اعتبار الاجتناب عن خصوص المعاصي الكبيرة ينافي قول الإمام(عليه السلام) في ذيل الرواية : «والدلالة على ذلك كلّه أن يكون ساتراً لجميع عيوبه» ; فإنّ مقتضاه أن يكون ساتراً للذنوب الصغيرة أيضاً ، بداهة أنّها أيضاً من العيوب ، ومقتضى هذا القول أن يكون ساتراً لجميعها .

ولكنّ الجواب عنه ـ مضافاً إلى إمكان دعوى كون المراد من العيوب هي خصوص الكبائر منها ، بقرينة قوله(عليه السلام) في الصدر : «ويُعرف باجتناب الكبائر» في مقام تعريف العدالة وبيان معناها ـ : أ نّه لا مانع من الالتزام بكون المراد بالعيوب هنا جميعها ، نظراً إلى أنّ الأمارة الشرعيّة على العدالة هي أن يكون الشخص ساتراً لعيوبه بأجمعها ، ولا منافاة بين أن يكون المعتبر في حقيقة العدالة وماهيّتها خصوص الاجتناب عن الكبيرة ، وبين أن يكون الدليل الشرعي عليها هو الستر لجميع المعاصي ; فإنّ الرجوع إلى الأمارة إنّما هو مع الشكّ وعدم العلم .

ضرورة أ نّه لا مجال للأمارة مع العلم بالواقع ، ففي صورة الشكّ في تحقّق العدالة وحصول الاجتناب عن الكبيرة تكون الأمارة الشرعيّة هو الستر لجميع عيوبه وإخفاء جمع المعاصي وآثامه ، كما أ نّه لا محيص عن الالتزام بذلك بعد ملاحظة ما ذكرنا من عدم كون ترك الواجبات معدوداً من الكبائر ; لما عرفت(1) من تعدادها ، وعدم كون ترك شيء من الواجبات منها ، بضميمة ما في ذيل الصحيحة من اعتبار المواظبة على الصلوات الخمس والحضور في جماعة المسلمين ; فإنّ ترك الصلاة حينئذ لا يكون من الكبائر ، فكيف جعلت المواظبة عليها أمارة شرعيّة على تحقّق

  • (1) في ص348 ـ 350 .

(الصفحة 358)

العدالة التي تتقوّم بالاجتناب عن خصوص الكبائر فقط ؟ فإنّ الجمع بين الأمرين إنّما يتحقّق بأ نّه لا يلزم أن يكون المعتبر في الأمارة على شيء أن لا يتعدّى عن الخصوصيّات الدخيلة فيه ، خصوصاً إذا كانت أمارة شرعيّة تعبّدية .

اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ المواظبة على الصلوات الخمس وحفظ مواقيتها لا يتوقّف على الحضور في جماعة المسلمين دائماً ، بل يكفي الحضور فيها نوعاً ، وحينئذ لامانع من جعل ذلك أمارة شرعيّة ; لأنّ ترك الصلاة أيضاً بناءً على ذلك يكون الإصرار عليه قادحاً في تحقّق العدالة لفرض كونه صغيرة ، إلاّ أن يستبعد كون ترك الصلاة من جملة المعاصي غير الكبيرة ; لكنّه لا يقاوم هذا الاستبعاد مع الروايات الكثيرة المتقّدمة الواردة في تعداد الكبائر(1) ، ولم يقع فيها التعرّض لكون ترك الصلاة منها ، كما عرفت(2) مدلول الروايات إجمالا .

فالإنصاف أ نّه لم يظهر من ذيل الرواية ما ينافي صدرها ، الظاهر في اعتبار الاجتناب عن خصوص المعاصي الكبيرة في تحقّق العدالة واقعاً .

ثمّ إنّ المحقّق الهمداني(قدس سره) ذكر في هذا المقام كلاماً محصّله : أنّ الذي يقوى في النظر أنّ صدور الصغيرة أيضاً إذا كان عن عمد والتفات تفصيليّ إلى حرمتها كالكبيرة مناف للعدالة ، ولكنّ الذنوب التي ليست في أنظار أهل الشرع كبيرة قد يتسامحون في أمرها ، فكثيراً ما لا يلتفتون إلى حرمتها حال الارتكاب ، أو يلتفتون إليها ولكن يكتفون في ارتكابها بأعذار عرفيّة مسامحة ، كترك الأمر بالمعروف ، أو النهي عن المنكر ، أو الخروج عن مجلس الغيبة ونحوها حياءً ، مع كونهم كارهين لذلك في نفوسهم ، فالظاهر عدم كون مثل ذلك منافياً لاتّصافه بالفعل عرفاً بكونه من أهل

  • (1 ، 2) في ص345 ـ 348 .

(الصفحة 359)

الستر والعفاف والخير والصلاح .

وهذا بخلاف مثل الزنا واللواط ونظائرهما ممّا يرونها كبيرة ; فإنّها غير قابلة عندهم للمسامحة ، فهذا هو الفارق بين ما يراه العرف صغيرة وكبيرة ، فإن ثبت بدليل شرعيّ أنّ بعض الأشياء التي يتسامح فيها أهل العرف ولا يرونها كبيرة ، كالغيبة مثلا حاله حال الزنا ، والسرقة لدى الشارع في كونها كبيرة ، كشف ذلك عن خطأ العرف في مسامحتهم ، وأنّ هذا أيضاً كالزنا مناف للعدالة مطلقاً ، فالذي يعتبر في تحقّق وصف العدالة أن يكون الشخص من حيث هو لو خلّي ونفسه كافّاً نفسه عن مطلق ما يراه معصية ، ومجتنباً بالفعل عن كلّ ما هو كبيرة شرعاً أو في أنظار أهل العرف(1) .

والجواب عن ذلك أ نّه ـ بعد دلالة الصحيحة المتقدّمة على أنّ الذي تتقوّم به العدالة هو الاجتناب عن خصوص المعاصي الكبيرة ، كما استظهرنا منها . وبعد ورود الروايات الكثيرة في تعداد الكبائر ـ لا مجال لتوهّم كون ارتكاب الصغيرة أيضاً قادحاً في العدالة ، وإن كان حال الارتكاب ملتفتاً إلى حرمتها ولم يكن هناك عذر موجب للتسامح أصلا ، كما لا يخفى .

هذا ، مع أ نّه لم يعلم حقيقة مرامه(قدس سره)  ، وأ نّه هل هو بصدد التفصيل بين ما يراه العرف صغيرة ، وبين ما يراه كبيرة . أو بصدد التفصيل بين ما يكون هناك عذر موجب للتسامح ، وبين ما لا يكون كذلك . أو بصدد التفصيل بين ما إذا كان حال الارتكاب متوجّهاً إلى حرمتها ، وبين ما إذا لم يكن . أو في مقام الفرق بين الشرع والعرف؟ والظاهر بطلان التفصيل بجميع احتمالاته الأربعة ، والتفصيل الصحيح

  • (1) كتاب الصلاة من مصباح الفقيه : 675 .

(الصفحة 360)

ما اخترناه من عدم قدح ارتكاب الصغيرة شرعاً في تحقّق العدالة ما لم يبلغ حدّ الإصرار الموجب لكونه كبيرة أو للحوقه بها ، فتدبّر جيّداً .

[كون الإتيان بالكبيرة مانعاً عن قبول الشهادة وعدمه ]

ثمّ إنّه قد اتّفقت آراء المسلمين تقريباً على أنّ مجرّد الإتيان بالكبيرة يمنع عن قبول الشهادة ، وما يجري مجراه من جواز الاقتداء به في الصلاة وغيره . كما أ نّه قد ادّعى الإجماع جماعة من المتأخّرين على أنّ التوبة عن الكبيرة والرجوع عنها تزيل حكم المعصية ، ومعها تقبل الشهادة ويجري سائر أحكام العدالة(1) .

وقد وقع الخلاف في ذلك بين المسلمين ، ومورد الخلاف بينهم هي مسألة القذف ، والمنشأ له هي الآية الشريفة(2) ، وقد تعرّض لهذه المسألة الشيخ(قدس سره) في كتاب الخلاف في باب الشهادات ، حيث قال : القاذف إذا تاب وصلح قبلت توبته وزال فسقه بلا خلاف ، وتقبل عندنا شهادته فيما بعد . وبه قال عمر بن الخطاب ، وروي عنه أ نّه جلد أبا بكرة حين شهد على المغيرة بالزنا ، ثمّ قال له : تب تقبل شهادتك(3) ، وعن ابن عباس أ نّه قال : إذا تاب القاذف قبلت شهادته(4) . ولا  مخالف لهما ، ثمّ عدّ جماعة من التابعين والفقهاء الموافقين لذلك .

ثمّ قال : وذهبت طائفة إلى أ نّها تسقط ، فلا تقبل أبداً ، ذهب إليه في التابعين شريح ، والحسن البصري ، والنخعي ، والثوري ، وأبو حنيفة ، وأصحابه(5) . ثمّ

  • (1) ذخيرة المعاد : 305 ، مجمع الفائدة والبرهان : 12 / 321 .
  • (2) سورة النور : 24 / 4 .
  • (3) الاُمّ : 7/48 و 94 ، السنن الكبرى للبيهقي : 15 / 171 ، كتاب الشهادات ح 21132 و21133 .
  • (4) الاُمّ : 7 / 48 و 94 ، السنن الكبرى للبيهقي : 15 / 172 ، كتاب الشهادات ملحق ح 21135 و ح 21136 .
  • (5)الاُمّ:7/47-48،المغني لابن قدامة:12/74 ـ75،الحاوي الكبير:21/25-26،المبسوط للسرخسي:16/ 125.