جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه تفصيل الشريعة شرح تحرير الوسيلة الاجتهاد والتقليد
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 62)

فنقول : ربما يقال كما قيل بأ نّه لا يمكن أن يكون التقليد هو نفس العمل(1) ، والأصل في ذلك ما أفاده في الفصول ، حيث قال على ما حكي : واعلم أ نّه لا يعتبر في ثبوت التقليد العمل بمقتضاه ; لأنّ العمل مسبوق بالعلم فلا يكون سابقاً عليه ، ولئلاّ يلزم الدور في العبادات من حيث إنّ وقوعها يتوقّف على قصد القربة ، وهو يتوقّف على العلم بكونها عبادة ، فلو توقّف العلم بكونها عبادة على وقوعها كان دوراً(2) .

وتقريب الوجه الأوّل : أنّ كلّ مكلّف لابدّ وأن يكون عمله مستنداً إلى معذّر ، وناشئاً عنه ومسبوقاً به ، فالمجتهد يكون عمله مستنداً إلى اجتهاده واستنباطه الحكم من الحجّة المعتبرة ، والعامي يكون عمله مستنداً إلى تقليده ، فكلّ عمل إمّا أن يكون ناشئاً ومسبوقاً بالاجتهاد ، وإمّا أن يكون مستنداً إلى التقليد ، وعلى هذا الوجه اعتمد المحقّق الخراساني(قدس سره) في الكفاية ، حيث قال : ولا يخفى أ نّه لا وجه لتفسيره بنفس العمل ; ضرورة سبقه عليه وإلاّ كان بلا تقليد ، فافهم(3) .

وتقريب الوجه الثاني : أ نّه لا إشكال في أنّ مشروعيّة العمل تتوقّف على التقليد ; لأ نّه لا يتمكّن بدون التقليد من الإتيان بصلاة الجمعة مثلا بما أنّها مقرّبة ، ولا يتمشّى منه قصد القربة بدون التقليد ، فالشروع فيها بقصد كونها هي الوظيفة الثابتة بعد الزوال يوم الجمعة والعبادة المقرّبة يتوقّف على التقليد ، فلو كان التقليد متوقّفاً على العمل ومنتزعاً عنه كما هو ظاهر تفسيره به يتحقّق الدور ، فلا محيص عن الالتزام بكونه أمراً سابقاً على العمل .

  • (1) كفاية الاُصول: 539.
  • (2) الفصول الغرويّة : 411 .
  • (3) كفاية الاُصول : 539 .

(الصفحة 63)

والجواب عن الوجه الأوّل : أنّ غاية مقتضاه لزوم استناد العمل إلى المعذّر أو إلى العلم ، كما في عبارة الفصول المتقدّمة . وأمّا كون الأمر السابق على العمل مسمّى بالتقليد وراجعاً إليه فلم يقم عليه دليل .

وبعبارة أُخرى : لو كان هناك نصّ أو إجماع على لزوم مسبوقيّة العمل بالاجتهاد أو التقليد لكان مرجعه إلى سبق التقليد في مورد العامّي على العمل ، ولكنّه لم يقم على هذا العنوان دليل ، بل اللازم هو مسبوقيّة العمل بالحجّة والعلم ، وهو لا يلازم كون التقليد عبارة عن الأمر السابق .

ومنه يظهر الجواب عن الوجه الثاني ; فإنّ توقّف مشروعيّة العمل على التقليد لم يدلّ عليه دليل ، بل المشروعيّة تتوقّف على العلم بكونها عبادة مقرّبة ، إمّا من طريق الاجتهاد ، أو من طريق فتوى المجتهد . وأمّا كون الموقوف عليه هو الذي ينطبق عليه عنوان التقليد فلا يقتضيه هذا الوجه بوجه .

فانقدح من ذلك إمكان كون التقليد عبارة عن نفس العمل ، لكنّه بمجرّده لا يكفي، بل لابدّ من إقامة الدليل على ترجيح هذا التفسير على غيره .

فنقول : إنّ هنا أُموراً مرجّحة لكون التقليد بمعنى نفس العمل :

أحدها : مناسبة التقليد بمعنى العمل للمعنى اللغوي ; فإنّ الظاهر أنّ المراد منه هو جعل القلادة في عنق الغير ، وهذا يلائم مع كونه في الاصطلاح بمعنى العمل ; فإنّ المقلّد حينئذ يجعل أعماله المستندة إلى فتوى المجتهد في عنقه ، فهي بمنزلة القلادة يقلّدها في عنق الغير وهو المجتهد .

وأمّا لو فسّر التقليد بمجرّد الالتزام والتعهّد النفساني فلابدّ من توجيه المناسبة بأنّ المقلّد بسبب الالتزام والتعهّد يجعل قلادة المتابعة للمجتهد في عنق نفسه ، وهذا لا يناسب مع المعنى اللغوي الراجع إلى جعل القلادة في عنق الغير .

(الصفحة 64)

ومن العجيب بعد ذلك ما حكي عن شيخنا الأعظم الأنصاري(قدس سره) في رسالة الاجتهاد والتقليد ; من أنّ التقليد بمعنى الالتزام أوفق بمعناه اللغوي(1) . وإن كان لايرد عليه ما اُورد من أنّ مقتضى ذلك هو صدق المقلَّد ـ بالفتح ـ على العاميّ لا على المجتهد ، مع أنّ الحديث يقول : فللعوام أن يقلّدوه(2) (3) .

وجه عدم الورود أنّ صدق المقلَّد ـ بالفتح ـ لا ينافي صدق المقلِّد ـ بالكسر ـ أيضاً ; لعدم قيام الدليل على تحقّق التقابل والتغاير بين الأمرين ، بل التقابل إنّما هو بين التقليد والاجتهاد ، والحديث إنّما يدلّ على صدق المقلَّد ـ بالفتح ـ على المجتهد لو قرئ بصيغة المبني للفاعل ، ولم يدلّ دليل عليه ، فهذا الإيراد غير وارد عليه .

نعم ، يرد عليه ما ذكرنا من عدم الملائمة بين معناه الاصطلاحي على هذا التقدير ، وبين معناه اللغوي الراجع إلى جعل القلادة في عنق الغير ، ويؤيّد ما ذكرنا أنّ صاحب الفصول بعد العبارة المتقدّمة حكى عن العلاّمة التفسير بالعمل ، ثمّ قال : هذا بيان لمعناه اللغوي كما يظهر من ذيل كلامه ، وإطلاقه على هذا شائع في العرف العام(4) ; فإنّه ظاهر في أنّ التفسير بالعمل مطابق لمعناه اللغوي ، لكنّ الذي أوجب عدوله عن التفسير المذكور استلزامه للإشكالين المتقدّمين في كلامه ، وحيث عرفت عدم الاستلزام بوجه فلا مجال للعدول عمّا يلائم المعنى اللغوي .

ثانيها : إشارة بعض الروايات إليه ; مثل ما رواه الكليني والشيخ عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عبدالرحمن بن الحجاج قال : كان

  • (1) رسالة في الاجتهاد والتقليد للشيخ الأنصاري ، ضمن مجموعة رسائل : 46 ـ 47 .
  • (2) والمورد هو السيّد الخوئي(قدس سره) في دروس في فقه الشيعة: 1/39.
  • (3) يأتي في ص66.
  • (4) الفصول الغرويّة : 411 .

(الصفحة 65)

أبو  عبدالله(عليه السلام) قاعداً في حلقة ربيعة الرأي ، فجاء أعرابيّ ، فسأل ربيعة الرأي عن مسألة فأجابه ، فلمّا سكت قال له الأعرابي : أهو في عنقك؟ فسكت عنه ربيعة ولم يردّ عليه شيئاً ، فأعاد المسألة عليه فأجابه بمثل ذلك ، فقال له الأعرابيّ : أهو في عنقك؟ فسكت ربيعة ، فقال أبو عبدالله(عليه السلام) : هو في عنقه . قال : أو لم يقل : وكلّ مفت ضامن؟!(1)

فإنّ تعبير الأعرابي وسؤاله بقوله : «أهو في عنقك ؟» وتقريره(عليه السلام) بقوله : «هو في عنقه» ظاهر في إضافة العنق إلى المجتهد المفتي ، وهو لا يلائم إلاّ مع كون المستفتي جاعلا أعماله في عنق المفتي ، كما أنّ قوله(عليه السلام) في الذيل : «كلّ مفت ضامن» مشعر بأنّ التقليد هو العمل ; لأ نّه قبل تحقّق العمل ليس هنا شيء مستند إلى المفتي حتى يكون هو ضامناً له ، كما هو غير خفيّ .

ومثل الروايات المستفيضة الدّالّة على أنّ من أفتى بغير علم فعليه وزر من عمل به(2) ; فإنّه وإن لم يقع التعبير بالتقليد فيها ولا دلالة فيها على انطباق عنوان التقليد على نفس العمل ، إلاّ أنّ إشعارها بل دلالتها على أ نّه ليس هنا عدا فتوى المفتي شيء سوى عمل المستفتي ممّا لا مجال للارتياب فيه ، كما هو ظاهر .

ثالثها : أ نّه لم يرد عنوان التقليد في شيء من الأدلّة الدالّة على حجّية فتوى المجتهد وجواز رجوع العامي إليه إلاّ في رواية ضعيفة طويلة محكيّة عن التفسير المنسوب إلى مولانا الإمام العسكري ـ صلوات الله وسلامه عليه وعلى آبائه وعلى إبنه ـ الواردة في الفرق بين تقليد اليهود علماءهم وتقليد عوام الشيعة لعلمائهم ،

  • (1) الكافي : 7/409 ح1 ، تهذيب الأحكام : 6/223 ح530، وعنهما وسائل الشيعة: 27/220 ، كتاب القضاء، أبواب آداب القاضي ب7 ح2 .
  • (2) وسائل الشيعة : 27 / 20 ـ 31 ، كتاب القضاء ، أبواب صفات القاضي ب4 .

(الصفحة 66)

المشتملة على قوله(عليه السلام) : فأمّا من كان من الفقهاء صائناً لنفسه ، حافظاً لدينه ، مخالفاً على هواه ، مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلّدوه(1) . ولا يجوز الاعتماد على هذه الرواية في الحكم بوجوب الالتزام نظراً إلى أ نّه معنى التقليد ، بل اللازم ملاحظة سائر الأدلّة الواردة في هذا الباب .

فنقول :لا ينبغي الإشكال في أنّ حكم العقل بجواز التقليد إنّما هو لأجل تحقّق الامتثال بالنسبة إلى التكاليف المعلومة بالإجمال ، وكون الاستناد إلى العالم أحد الطرق ، ففي الحقيقة الواجب بحكم العقل هو الامتثال وتحقّق موافقة التكاليف ، ولا حكم له بالنظر إلى الالتزام أصلا ، كما هو واضح لا يخفى .

وأمّا بناء العقلاء على رجوع الجاهل إلى العالم ، فغير خفيّ أنّ سيرة العقلاء إنّما استقرّت على الرجوع العملي ، وتطبيق العمل على قول العالم العارف والالتزام القلبي سيّما مع تجرّده عن العمل الخارجي بعيد عن مقاصد العقلاء .

وأمّا الأدلّة اللفظية من الآيات والروايات ، فالنظر في مفادها والتأمّل في مدلولها ـ بناءً على دلالتها على جواز التقليد ـ يقتضي عدم كونها ناظرة إلاّ إلى مقام العمل ; فإنّ المراد من الحذر الواجب في آية النفر(2) مثلا ليس إلاّ هو الحذر في مقام العمل ، وترتيب الأثر على قول المنذر بالإتيان بما أفتى بوجوبه وترك ما حكم بحرمته .

ضرورة أنّ الحذر القلبي والالتزام النفساني لا يكون غاية للإنذار الواجب ،

  • (1) التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري(عليه السلام) : 299 ـ 300 ح143 ، وعنه وسائل الشية: 27/131، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي ب10 ح20 .
  • (2) سورة التوبة : 9 / 122 .