جستجو در تأليفات معظم له
 

قرآن، حديث، دعا
زندگينامه
کتابخانه
احکام و فتاوا
دروس
اخبار
ديدارها و ملاقات ها
پيامها
فعاليتهاى فرهنگى
کتابخانه تخصصى فقهى
نگارخانه
پايگاه هاى مرتبط
مناسبتها
معرفى و اخبار دفاتر
صفحه اصلي  

كتابخانه فقه معتمد الاصول
صفحات بعد
صفحات قبل
(الصفحة 148)

وبالجملـة: فظاهر مثل قولـه: «الماء إذا بلغ قدر كرّ لم ينجّسـه شيء»(1)هو كون النجس منجّساً للماء الغير البالغ حدّ الكرّ وموجباً لنجاستـه، ومرجع ذلك إلى تأثيره شرعاً في نجاسـة ملاقيـه، وأمّا الحكم بأنّ معنى الاجتناب عن النجس هو الاجتناب عنـه وعمّا يلاقيـه فلا وجـه لـه وإن كان قد يستدلّ لذلك بقولـه تعالى: (وَالرُّجزَ فَاهجُر )(2) لأنّ التهجر عن النجاسات لا يتحقّق إلاّ بالتهجّر عن ملاقيها، وبروايـة جابر الجعفي عن أبيجعفر (عليه السلام) أنّـه أتاه رجل فقال لـه: وقعت فأرة في خابيـة فيها سمن أو زيت، فما ترى في أكلـه؟ فقال أبوجعفر (عليه السلام): «لا تأكلـه»، فقال الرجل: الفأرة أهون علي من أن أترك طعامي من أجلها، فقال أبوجعفر (عليه السلام): «إنّك لم تستخفّ بالفأرة، وإنّما استخففت بدينك، إنّ اللّه حرّم الميتـة من كلّ شيء»(3).
وجـه الدلالـة أنّـه (عليه السلام) جعل ترك الاجتناب عن الطعام استخفافاً بتحريم الميتـة، ولولا استلزامـه لتحريم ملاقيـه لم يكن أكل الطعام استخفافاً بتحريم الميتـة، فوجوب الاجتناب عن شيء يستلزم وجوب الاجتناب عن ملاقيـه.
أقول : أمّا قولـه تعالى: (وَالرُّجزَ فَاهجُر ) فنمنع أوّلا أن يكون المراد بالرجز هي الأعيان النجسـة، وثانياً كون المراد بالتهجّر هو التهجّر عنـه وعمّا يلاقيـه.

  • 1 ـ راجع وسائل الشيعـة 1: 158 ـ 159، كتاب الطهارة، أبواب الماء المطلق، الباب9، الحديث1 و2 و5 و6.
  • 2 ـ المدثّر (74): 5.
  • 3 ـ تهذيب الأحكام 1: 420 / 1327، وسائل الشيعـة 1: 206، كتاب الطهارة، أبواب الماء المضاف، الباب5، الحديث2.

(الصفحة 149)

وأمّا الروايـة ـ فمضافاً إلى ضعف سندها ـ يرد على الاستدلال بها أنّـه يحتمل قويّاً أن يكون مورد السؤال هو وقوع الفأرة في الطعام بحيث تفسّخت فيـه وانبثّت أجزاؤها، فحرمـة أكل الطعام إنّما هو من حيث إنّـه مستلزم لأكل الميتـة، والدليل على ذلك التعليل الواقع في الذيل الدالّ على أنّ ترك الاجتناب عن الطعام استخفاف بتحريم الميتـة، ضرورة أنّـه لم يقل أحد بأنّ حرمـة شيء تستلزم حرمـة ما يلاقيـه. وحمل الحرمـة في الروايـة على النجاسـة مضافاً إلى أنّـه خلاف الظاهر لا بينـة عليـه أصلا.
ودعوى أنّ الطباع تـتنفّر من أكل الطعام الكذائي الذي صارت أجزاء الميتـة مخلوطـة بأجزائـه فلا ينبغي حمل مورد السؤال عليـه، مدفوعـة بقول السائل: «الفأرة أهون علي من أن أترك طعامي من أجلها» خصوصاً بعد ملاحظـة حال الأعراب في صدر الإسلام، بل في الأزمنـة المتأخّرة، كما لايخفى.
فانقدح ممّا ذكرنا: أنّـه ما لم يقم الدليل على نجاسـة ملاقي النجس لم يفهم أحد من نفس الأدلّـة الدالّـة على نجاسـة الأعيان النجسـة نجاسـة ما يلاقيها من سائر الأشياء أيضاً، بل لابدّ من قيام الدليل على ذلك، وقد عرفت أنّ ظاهره جعل السببيّـة الشرعيّـة الراجعـة إلى تأثير النجس شرعاً في نجاسـة ملاقيـه، فتدبّر.

مقتضى الأصل العقلي في صور الملاقاة

الثالث: يعتبر في تأثير العلم وكذا غيره من الأمارات المعتبرة أن يكون متّصفاً بالكاشفيّـة الفعليّـة ومؤثراً في التنجيز فعلا وصالحاً للاحتجاج بـه كـذلك، فلو حصل لـه من طريق أمارة معتبرة الحكم الواقعي ثمّ قامت أمارة
(الصفحة 150)

اُخـرى على وفق الأمارة الاُولى فلا تكون الأمـارة الاُخـرى بمؤثّرة أصلا، ويكون وجودها بمنزلـة العدم، لعدم اتّصافها بالكاشفيّـة الفعليّـة بعد حصول الكشف بسبب الأمارة الاُولى، وعدم إمكان تحقّق الكشفين بالنسبـة إلى شيء واحد، وكذا لاتكون مؤثّرة في التنجيز وقابلـة للاحتجاج بـه فعلا، لعدم إمكان التنجّز مرّتين واستحالـة تماميّـة الحجّـة ثانياً بعد إتمامها أوّلا، وكـذا بالنسبـة إلى العلم.
إذا عرفت ذلك فنقول: إنّ العلم الإجمالي بالنجس المردّد بين الملاقى والطرف قد أثّر في التنجّز بمجرّد تحقّقـه، بمعنى أنّـه صار موجباً للاجتناب على أيّ تقدير، فالواقع صار مكشوفاً بهذا النحو من الكشف، وبعد ذلك نقول: إنّ العلم الإجمالي بنجاسـة الملاقي ـ بالكسر ـ أو الطرف لا يكون كاشفاً فعليّاً على تقدير كون النجس هو الطرف الآخر; لأنّـه صار مكشوفاً بالعلم الإجمالي الأوّل، وقد عرفت أنّـه لا يعقل عروض الكشف على الكشف وتحقّقـه مرّتين، كما أنّـه لا يكون هذا العلم الإجمالي مؤثّراً في التنجّز فعلا بعد كونـه مسبوقاً بما أثّر فيـه، وحينئذ فلا أثر لـه أصلا، فالشكّ في نجاسـة الملاقي شكّ بدوي. هذا إذا كان العلم الإجمالي بالنجس متقدّماً على العلم بالملاقاة.
وأ مّا لو علم أوّلا بنجاسـة الملاقي ـ بالكسر ـ أو الطرف، ثمّ حصل العلم بالملاقاة والعلم بنجاسـة الملاقى ـ بالفتح ـ أو الطرف فذهب المحقّق الخراساني في الكفايـة إلى عدم وجوب الاجتناب حينئذ عن الملاقى ـ بالفتح ـ لأنّ حكم الملاقى في هذه الصورة حكم الملاقي في الصورة السابقـة بلا فرق بينهما أصلا، فكما أنّ الملاقي هناك لم يكن طرفاً للعلم الإجمالي بالنجاسـة، كذلك الملاقى هنا لا يكون طرفاً لـه، كما هو المفروض.

(الصفحة 151)

وذهب أيضاً إلى عدم وجوب الاجتناب عـن الملاقى ـ بالفتح ـ فيما إذا علم بالملاقاة ثمّ حدث العلم الإجمالي، ولكن كان الملاقى خارجاً عـن محلّ الابتلاء في حال حدوثـه وصار مبتلى بـه بعده، وإلى وجوب الاجتناب عن الملاقى والملاقي معاً فيما لو حصل العلم الإجمالي بعد العلم بالملاقاة مستدلاّ بقولـه: ضرورة أنّـه حينئذ نعلم إجمالا إمّا بنجاسـة الملاقي والملاقـى أو بنجاسـة الآخر، فيتنجّز التكليف بالاجتناب عن النجس في البين وهـو الواحـد أو الاثنين(1)، انتهى.
أقول: والتحقيق أيضاً يوافق هذا التفصيل، لما مرّ من الوجـه في الصورة الاولى، فإنّـه بعد ما علم إجمالا بنجاسـة الملاقي ـ بالكسر ـ أو الطرف صار مقتضى هذا العلم تنجّز التكليف بوجوب الاجتناب على أيّ تقدير، فلو كان النجس هو الطرف لكان منكشفاً بهذا العلم وتنجّز التكليف المتعلّق بـه بسببـه، وبعد ذلك لا معنى لتأثير العلم الإجمالي بنجاسـة الملاقى ـ بالفتح ـ أو الطرف، إذ لا يعقل الانكشاف مرّتين وتنجّز التكليف مرّة بعد اُخرى، كما لايخفى. فهذا العلم الإجمالي لا يكون واجداً لشرط التأثير وهو التنجيز على أيّ تقدير، فالشكّ في نجاسـة الملاقى ـ بالفتح ـ شكّ بدوي كالملاقي في الصورة السابقـة.
وممّا ذكرنا ظهر: أنّ الإشكال إنّما هو من ناحيـة الطرف لا الملاقي والملاقى، لعدم إمكان انكشافـه مرّتين وتنجّز التكليف بـه كذلك، وحينئذ فلا وقـع لما أورده المحقّق النائيني(2) على هذا التفصيل من أنّـه لابدّ مـن
  • 1 ـ كفايـة الاُصول: 412.
  • 2 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4: 86.

(الصفحة 152)

ملاحظـة حال المعلوم والمنكشف من حيث التقدّم والتأخّر بحسب الرتبـة، وفـي الصورة الثانيـة يكون رتبـة العلم الإجمالي بنجاسـة الملاقى ـ بالفتح ـ أو الطرف متقدّمـة على العلم الإجمالي بنجاسـة الملاقي ـ بالكسر ـ أو الطـرف وإن كان حدوثـه متأخّراً عن حدوثـه، لأنّ التكليف بالملاقي إنّما جاء من قبل التكليف بالملاقى. وذلك ـ أي وجـه عدم الورود ـ ما عرفت من أنّ الإشكال إنّما هو من ناحيـة الطرف، لا من ناحيـة تقدّم أحد العلمين على الآخر حدوثاً حتّى يورد عليـه بما ذكر.
هذا مضافاً إلى أنّ هـذا الإيراد فاسد مـن أصلـه، والمثال الـذي ذكـره لايرتبط بالمقام أصلا، حيث قال: لو علم بوقوع قطرة من الدم في أحد الإنائين، ثمّ بعد ذلك علم بوقوع قطرة اُخرى من الدم في أحد هذين الإنائين أو في الإناء الثالث، ولكن ظرف وقوع القطرة المعلومـة ثانياً أسبق من ظرف وقوع القطرة المعلومـة أوّلا، فلاينبغي التأمّل في أنّ العلم الإجمالي الثاني يوجب انحلال الأوّل لسبق معلومـه عليـه(1)، انتهى.
وجـه عدم الارتباط أنّ في المثال بعد العلم الإجمالي بوقوع القطرة في أحدهما أو في الإناء الثالث يعلم أنّ العلم الإجمالي الحادث أوّلا لم يكن واجداً لشرط التنجيز، لأنّـه لم يكن متعلّقاً بالتكليف، لثبوتـه قبلـه المنكشف بالعلم الإجمالي الثاني.
وبـالجملـة: فالعلم الإجمالي الأوّل وإن كان حين حدوثـه متعلّقاً بالتكليف ومؤثّراً في تنجيزه بنظر العالم، إلاّ أنّـه بعد استكشاف ثبوتـه قبلـه
  • 1 ـ فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4: 87.