(الصفحة 79)
الإجماليـين الآخرين فلا وجـه للحكم بعدم قبحها بعد تنجّز التكليف. غايـة الأمر أنّك عرفت أنّـه حيث تكون المخالفـة القطعيـة بالنسبـة إلى أحدهما ملازمـة للموافقـة القطعيـة بالنسبـة إلى الآخـر ولا دليل على ترجيح الاُولى على الثانيـة، يحكم العقل بالتخيـير مستمرّاً. فالوجـه فـي ذلك مـا ذكرنا، لاما أفاده (قدس سره)
.
تنبيه : في دوران الأمر بين المحذورين في التعبديّات
قد مرّت الإشارة إلى أنّ دوران الأمر بين الوجوب والحرمـة إنّما يكون من قبيل دوران الأمر بين المحذورين إذا كان كلّ من الوجوب والحرمـة توصّلياً. وأمّا إذا كان كلاهما تعبّديـين فلا إشكال في عدم كون الدوران بينهما من ذلك القبيل لإمكان المخالفـة القطعيـة بالفعل مع عـدم قصد التقرّب، أو بالترك كـذلك وإن لـم يكن الموافقـة القطعيـة، وحينئذ فيجب عليـه الموافقـة الاحتماليـة بالإتيان بأحد الطرفين من الفعل أو الترك بقصد التقرّب، هذا.
ولو كان أحدهما المعيّن تعبّدياً فيمكن المخالفـة القطعيـة بالإتيان بالطرف التعبّدي لا مع قصد التقرّب، ولا يمكن الموافقـة القطعيـة، فيجب عليـه ترك المخالفـة القطعيـة إمّا بالإتيان بالطرف التعبّدي مع قصد التقرّب، وإمّا الإتيان بالطرف الآخر، هذا.
ولـو كان أحدهما الغير المعيّن تعبّدياً والآخـر الغير المعيّن توصّلياً فلايمكن المخالفـة القطعيـة، فيصير أيضاً مـن قبيل الـدوران بين المحذورين، كما هـو واضح.
(الصفحة 80)
(الصفحة 81)القول
في أصل الاشتغـال
ويقع ا لكلام في مقامين :
(الصفحة 82)
(الصفحة 83)
المقام الأوّل
في تردّد المكلّف به بين أمرين متباينين أو اُمور متباينة
وقبل الخوض في ذلك لابدّ من تقديم أمرين:
ملاك حكم العقل لجريان قاعدة الاشتغال
الأوّل:
أنّ تمام الملاك لجريان قاعـدة الاشتغال التي يحكم بها العقل هـو أن يكون الشكّ في المكلّف بـه مع العلم بأصل التكليف، وأن يكون الاحتياط ممكناً. وإذا تحقّق هذان الأمران يحكم العقل بالاشتغال ووجوب الاحتياط، بلافرق بين أن يكون التكليف المعلوم الذي شكّ في متعلّقـه تكليفاً وجوبياً أو تحريمياً، وبلا فرق بين أن يكون التكليف المعلوم هو نوع التكليف، كما إذا علم بأنّـه مكلّف بتكليف وجوبي بعد الزوال من يوم الجمعـة وشكّ في أنّ الواجب هل هي الجمعـة أو الظهر، أو جنس التكليف، كما إذا علم أنّـه مكلّف بتكليف إلزامي، ولكنّـه لا يعلم هل هو وجوب هذا أو حرمـة ذاك.
|