(الصفحة 114)
على الأداء من غيره في استقرار البيع على الأحوط.
[2689] مسألة 32 : يجوز للساعي من قبل الحاكم الشرعي خرص ثمر النخل
والكرم، بل والزرع(1) على المالك، وفائدته جواز التصرّف للمالك بشرط قبوله
كيف شاء، ووقته بعد بدوّ الصلاح وتعلّق الوجوب، بل الأقوى جوازه من المالك
بنفسه إذا كان من أهل الخبرة أو بغيره من عدل أو عدلين، وإن كان الأحوط(2)
الرجوع إلى الحاكم أو وكيله مع التمكّن، ولايشترط فيه الصيغة فإنّه معاملة خاصّة،
وإن كان لو جيء بصيغة الصلح كان أولى، ثمّ إن زاد ما في يد المالك كان له، وإن
نقص كان عليه، ويجوز لكلّ من المالك والخارص الفسخ مع الغبن الفاحش،ولو
توافق المالك والخارص على القسمة رطباً جاز، ويجوز للحاكم أو وكيله بيع
نصيب الفقراء من المالك أو من غيره.
[2690] مسألة 33 : إذا اتّجر بالمال الذي فيه الزكاة قبل أدائها يكون الربح
للفقراء(3) بالنسبة، وإن خسر يكون خسرانها عليه.
[2691] مسألة 34 : يجوز للمالك عزل الزكاة وإفرازها من العين أو من مال
آخر(4) مع عدم المستحقّ، بل مع وجوده أيضاً على الأقوى، وفائدته صيرورة
المعزول ملكاً للمستحقّين قهراً حتّى لايشاركهم المالك عند التلف ويكون أمانة في
يده، وحينئذ لايضمنه إلاّ مع التفريط أو التأخير مع وجود المستحقّ، وهل يجوز
للمالك إبدالها بعد عزلها؟ إشكال، وإن كان الأظهر عدم الجواز، ثمّ بعد العزل يكون
نماؤها للمستحقّين متّصلاً كان أو منفصلاً.
- (1) محلّ إشكال.
- (2) لا يترك.
- (3) مع إجازة الوليّ من دون فرق بين ما إذا كان الاتّجار لمصلحة الزكاة وما إذا كان لنفسه.
- (4) محلّ إشكال.
(الصفحة 115)
فصل
فيما يستحبّ فيه الزكاة
وهو على ما اُشير إليه سابقاً اُمور:
الأوّل : مال التجارة، وهو المال الذي تملّكه الشخص وأعدّه للتجارة
والاكتساب به; سواء كان الانتقال إليه بعقد المعاوضة أو بمثل الهبة أو الصلح المجّاني
أو الإرث على الأقوى، واعتبر بعضهم كون الانتقال إليه بعنوان المعاوضة، وسواء
كان قصد الاكتساب به من حين الانتقال إليه أو بعده، وإن اعتبر بعضهم الأوّل،
فالأقوى(1) أنّه مطلق المال الذي اُعدّ للتجارة، فمن حين قصد الإعداد يدخل في
هذا العنوان، ولو كان قصده حين التملّك بالمعاوضة أو بغيرها الاقتناء والأخذ
للقنية، ولا فرق فيه بين أن يكون ممّا يتعلّق به الزكاة الماليّة وجوباً أو استحباباً،
وبين غيره كالتجارة بالخضروات مثلا، ولا بين أن يكون من الأعيان أو المنافع كما
لو استأجر داراً بنيّة التجارة.
ويشترط فيه اُمور:
الأوّل: بلوغه حدّ نصاب أحد النقدين، فلا زكاة فيما لايبلغه، والظاهر أنّه
كالنقدين في النصاب الثاني أيضاً.
الثاني: مضيّ الحول عليه من حين(2) قصد التكسّب.
الثالث: بقاء قصد الاكتساب طول الحول، فلو عدل عنه ونوى به القنية
- (1) لا قوّة فيه، بل الظاهر أنّه المال الذي وقع في التجارة واتّجر به، ولا يكفي مجرّد الإعداد لها، لكن أصل استحباب الزكاة في مال التجارة محلّ مناقشة وإشكال.
- (2) بناءً على ما ذكرنا يكون المبدأ حين الوقوع في التجارة والاتّجار به.
(الصفحة 116)
في الأثناء لم يلحقه الحكم، وإن عاد إلى قصد الاكتساب اعتبر ابتداء الحول من
حينه.
الرابع: بقاء رأس(1) المال بعينه طول الحول.
الخامس: أن يطلب برأس المال أو بزيادة طول الحول، فلو كان رأس ماله
مائة دينار مثلا فصار يطلب بنقيصة في أثناء السنة ولو حبّة من قيراط يوماً منها
سقطت الزكاة، والمراد برأس المال الثمن المقابل للمتاع، وقدر الزكاة فيه ربع العشر
كما في النقدين، والأقوى تعلّقها بالعين(2) كما في الزكاة الواجبة، وإذا كان المتاع
عروضاً فيكفي في الزكاة بلوغ النصاب بأحد النقدين دون الآخر.
[2692] مسألة 1 : إذا كان مال التجارة من النصب التي تجب فيها الزكاة; مثل
أربعين شاة أو ثلاثين بقرة أوعشرين ديناراً أو نحو ذلك، فإن اجتمعت شرائط
كلتيهما وجب إخراج الواجبة وسقطت زكاة التجارة، وإن اجتمعت شرائط
إحداهما فقط ثبتت ما اجتمعت شرائطها دون الاُخرى.
[2693] مسألة 2 : إذا كان مال التجارة أربعين غنماً سائمة، فعاوضها في أثناء
الحول بأربعين غنماً سائمة سقط كلتا الزكاتين; بمعنى أنّه انقطع حول كلتيهما
لاشتراط بقاء عين(3) النصاب طول الحول، فلابدّ أن يبتدئ الحول من حين تملّك
الثانية.
[2694] مسألة 3 : إذا ظهر في مال المضاربة ربح كانت زكاة رأس المال مع
- (1) الظاهر أنّه ليس المراد به بقاء العين، بل المراد كما صرّح به في الشرط الخامس بقاء ماليّتها وإعطاء رأس المال في مقابلها من دون نقصان.
- (2) في مقابل الذمة لا بالعين بالنحو الثابت في الزكاة الواجبة، خصوصاً بناءً على الإشاعة التي قرّبناها.
- (3) مرّ عدم اشتراطه.
(الصفحة 117)
بلوغه النصاب على ربّ المال، ويضمّ إليه حصّته من الربح، ويستحبّ زكاته أيضاً
إذا بلغ النصاب وتمّ حوله، بل لايبعد كفاية(1) مضيّ حول الأصل، وليس في حصّة
العامل من الربح زكاة إلاّ إذا بلغ النصاب مع اجتماع الشرائط، لكن ليس له التأدية
من العين إلاّ بإذن المالك أو بعد القسمة.
[2695] مسألة 4 : الزكاة الواجبة مقدّمة على الدين، سواء كان مطالباً به أو لا،
ما دامت عينها موجودة، بل لايصحّ وفاؤه بها بدفع تمام(2) النصاب. نعم، مع تلفها
وصيرورتها في الذمّة حالها حال سائر الديون. وأمّا زكاة التجارة فالدين المطالب
به مقدّم عليها، حيث إنّها مستحبّة، سواء قلنا بتعلّقها بالعين أو بالقيمة، وأمّا مع
عدم المطالبة فيجوز تقديمها على القولين أيضاً، بل مع المطالبة أيضاً إذا أدّاها
صحّت وأجزأت; وإن كان آثماً من حيث ترك الواجب.
[2696] مسألة 5 : إذا كان مال التجارة أحد النصب الماليّة واختلف مبدأ
حولهما، فإن تقدّم حول الماليّة سقطت الزكاة للتجارة، وإن انعكس، فإن أعطى
زكاة التجارة قبل حلول حول الماليّة سقطت(3)، وإلاّ كان كما لو حال الحولان معاً
في سقوط مال التجارة.
[2697] مسألة 6 : لو كان رأس المال أقلّ من النصاب ثمّ بلغه في أثناء الحول
استأنف الحول عند بلوغه.
[2698] مسألة 7 : إذا كان له تجارتان ولكلّ منهما رأس مال، فلكلّ منهما
شروطه وحكمه، فإن حصلت في إحداهما دون الاُخرى استحبّت فيها فقط،
ولايجبر خسران إحداهما بربح الاُخرى.
- (1) الظاهر عدم الكفاية.
- (2) أو بعضها إلاّ في صورة العزل.
- (3) مع النقصان عن النصاب، وإلاّ فالسقوط مشكل بل ممنوع.
(الصفحة 118)
الثاني(1): ممّا يستحبّ فيه الزكاة كلّ ما يكال أو يوزن ممّا أنبتته الأرض عدا
الغلاّت الأربع; فإنّها واجبة فيها، وعدا الخضر كالبقل والفواكه والباذنجان
والخيار والبطّيخ ونحوها، ففي صحيحة زرارة:
«عفا رسول الله(صلى الله عليه وآله) عن الخضر».
قلت: وما الخضر؟ قالا(عليهما السلام):
«كلّ شيء لايكون له بقاء: البقل والبطّيخ والفواكه
وشبه ذلك ممّا يكون سريع الفساد». وحكم ما يخرج من الأرض ممّا يستحبّ فيه
الزكاة حكم الغلاّت الأربع في قدر النصاب وقدر ما يخرج منها، وفي السقي والزرع
ونحو ذلك.
الثالث : الخيل الإناث بشرط أن تكون سائمة ويحول عليها الحول، ولابأس
بكونها عوامل، ففي العتاق منها ـ وهي التي تولّدت من عربيّين ـ كلّ سنة ديناران;
هما مثقال ونصف صيرفيّ، وفي البراذين من كلّ سنة دينار ثلاثة أرباع المثقال
الصيرفيّ، والظاهر ثبوتها حتّى مع الاشتراك، فلو ملك اثنان فرساً تثبت الزكاة
بينهما.
الرابع : حاصل العقار المتّخذ للنماء من البساتين والدكاكين والمساكن
والحمّامات والخانات ونحوها، والظاهر اشتراط النصاب والحول، والقدر المخرج
ربع العشر مثل النقدين.
الخامس : الحليّ، وزكاته إعارته لمؤمن.
السادس : المال الغائب أو المدفون الذي لايتمكّن من التصرّف فيه إذا حال
عليه حولان أو أحوال، فيستحبّ زكاته لسنة واحدة بعد التمكّن.
السابع : إذا تصرّف في النصاب بالمعاوضة في أثناء الحول بقصد الفرار من
الزكاة، فإنّه يستحبّ إخراج زكاته بعد الحول.
- (1) والاستحباب فيه أيضاً محلّ مناقشة وإشكال، كالثالث والرابع.