(الصفحة 81)
لكن الأحوط ذكر الشرط حال الشروع أيضاً، ولا فرق في كون النذر اعتكاف
أيّام معيّنة أو غير معيّنة، متتابعة أو غير متتابعة، فيجوز الرجوع في الجميع مع
الشرط المذكور في النذر، ولا يجب القضاء بعد الرجوع مع التعيّن ولا الاستئناف
مع الإطلاق.
[2601] مسألة 42: لا يصح أن يشترط في اعتكاف أن يكون له الرجوع في
اعتكاف آخر له غير الذي ذكر الشرط فيه، وكذا لا يصحّ أن يشترط في اعتكافه
جواز فسخ اعتكاف شخص آخر من ولده أو عبده أو أجنبي.
[2602] مسألة 43: لا يجوز التعليق في الاعتكاف، فلو علّقه بطل إلاّ إذا
علّقه على شرط معلوم الحصول حين النيّة، فإنّه في الحقيقة لا يكون من
التعليق.
فصل
في أحكام الاعتكاف
يحرم على المعتكف أُمور:
أحدها: مباشرة النساء بالجماع في القبل أو الدبر، وباللمس والتقبيل بشهوة،
ولا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة، فيحرم على المعتكفة أيضاً الجماع واللمس
والتقبيل بشهوة، والأقوى عدم حرمة النظر بشهوة إلى من يجوز النظر إليه وإن كان
الأحوط اجتنابه أيضاً.
الثاني: الاستمناء على الأحوط، وإن كان على الوجه الحلال كالنظر إلى
حليلته الموجب له.
الثالث: شمّ الطيب مع التلّذذ وكذا الريحان، وأمّا مع عدم التلذذ كما إذا كان
(الصفحة 82)
فاقداً لحاسّة الشمّ(1) مثلاً فلا بأس به.
الرابع: البيع والشراء، بل مطلق التجارة مع عدم الضرورة على الأحوط،
ولا بأس بالاشتغال بالأُمور الدنيوية من المباحات حتّى الخياطة والنساجة
ونحوهما، وإن كان الأحوط الترك إلاّ مع الاضطرار إليها، بل لا بأس بالبيع
والشراء إذا مسّت الحاجة إليهما للأكل والشرب مع تعذّر التوكيل أو النقل
بغيرالبيع.
الخامس: المماراة أي المجادلة على أمر دنيويّ أو ديني بقصد الغلبة وإظهار
الفضيلة. وأمّا بقصد إظهار الحقّ وردّ الخصم عن الخطأ فلا بأس به، بل هو من
أفضل الطاعات، فالمدار على القصد والنيّة، فلكلّ امرئ ما نوى من خير أو شرّ،
والأقوى عدم وجوب اجتناب ما يحرم على المحرم من الصيد وإزالة الشعر ولبس
المخيط ونحو ذلك، وإن كان أحوط.
[2603] مسألة 1: لا فرق في حرمة المذكورات على المعتكف بين الليل
والنهار. نعم، المحرّمات من حيث الصوم كالأكل والشرب والارتماس ونحوها
مختصّة بالنهار.
[2604] مسألة 2: يجوز للمعتكف الخوض في المباح، والنظر في معاشه مع
الحاجة وعدمها.
[2605] مسألة 3: كلّ ما يفسد الصوم يفسد الاعتكاف إذا وقع في النهار من
حيث اشتراط الصوم فيه، فبطلانه يوجب بطلانه، وكذا يفسده الجماع سواء كان
في الليل أو النهار، وكذا اللمس والتقبيل بشهوة، بل الأحوط بطلانه بسائر ما ذكر
- (1) الظاهر أنّ الفاقد للحاسّة المذكورة لا يتحقّق منه الشمّ أصلاً، ومع تحقّقه وعدم التلذّذ لا يترك الاحتياط.
(الصفحة 83)
من المحرّمات من البيع والشراء وشم الطيب وغيرها ممّا ذكر، بل لا يخلو عن قوّة(1)
وإن كان لا يخلو عن إشكال أيضاً، وعلى هذا فلو أتمّه واستأنفه أو قضاه بعد ذلك
إذا صدر منه أحد المذكورات في الاعتكاف الواجب كان أحسن وأولى(2).
[2606] مسألة 4: إذا صدر منه أحد المحرّمات المذكورة سهواً فالظاهر عدم
بطلان اعتكافه إلاّ الجماع، فإنّه لو جامع سهواً أيضاً فالأحوط في الواجب
الاستئناف أو القضاء مع إتمام ما هو مشتغل به، وفي المستحب الإتمام.
[2607] مسألة 5: إذا فسد الاعتكاف بأحد المفسدات، فإن كان واجباً معيّناً
وجب قضاؤه، وإن كان واجباً غير معيّن وجب استئنافه إلاّ إذا كان مشروطاً فيه أو
في نذره(3) الرجوع، فإنّه لا يجب قضاؤه أو استئنافه، وكذا يجب قضاؤه إذا كان
مندوباً وكان الإفساد بعد اليومين، وأمّا إذا كان قبلهما فلاشيء عليه، بل في
مشروعية قضائه حينئذ إشكال.
[2608] مسألة 6: لا يجب الفور في القضاء وإن كان أحوط.
[2609] مسألة 7: إذا مات في أثناء الاعتكاف الواجب بنذر أو نحوه لم يجب
على وليّه القضاء، وإن كان أحوط. نعم، لو كان المنذور الصوم معتكفاً وجب على
الولي قضاؤه; لأنّ الواجب حينئذ عليه هو الصوم، ويكون الاعتكاف واجباً من
باب المقدّمة. بخلاف ما لو نذر الاعتكاف، فإنّ الصوم ليس واجباً فيه وإنّما هو
شرط في صحته، والمفروض أنّ الواجب على الولي قضاء الصلاة والصوم عن
الميّت، لا جميع ما فاته من العبادات.
[2610] مسألة 8: إذا باع أو اشترى في حال الاعتكاف لم يبطل بيعه وشراؤه،
- (1) محلّ إشكال.
- (2) بل الأحوط في الواجب مطلقاً وفي المستحب في اليوم الثالث.
- (3) تقدّم ما هو الظاهر فيه.
(الصفحة 84)
وإن قلنا ببطلان اعتكافه.
[2611] مسألة 9: إذا أفسد الاعتكاف الواجب بالجماع ولو ليلاً وجبت
الكفارة، وفي وجوبها في سائر المحرّمات إشكال، والأقوى عدمه وإن كان
الأحوط ثبوتها، بل الأحوط ذلك(1) حتّى في المندوب منه قبل تمام اليومين،
وكفّارته ككفارة شهر رمضان على الأقوى، وإن كان الأحوط كونها مرتّبة ككفارة
الظهار.
[2612] مسألة 10: إذا كان الاعتكاف واجباً وكان في شهر رمضان وأفسده
بالجماع في النهار فعليه كفارتان: إحداهما للاعتكاف، والثانية للإفطار في نهار
رمضان، وكذا إذا كان في صوم قضاء شهر رمضان وأفطر بالجماع بعد الزوال، فإنّه
يجب عليه كفارة الاعتكاف وكفارة قضاء شهر رمضان، وإذا نذر الاعتكاف في
شهر رمضان(2) وأفسده بالجماع في النهار وجب عليه ثلاث كفارات: إحداها
للاعتكاف، والثانية لخلف النذر، والثالثة للإفطار في شهر رمضان، وإذا جامع(3)
امرأته المعتكفة وهو معتكف في نهار رمضان فالأحوط أربع كفارات، وإن كان
لايبعد كفاية الثلاث: إحداها لاعتكافه، واثنتان للإفطار في شهر رمضان،
إحداهما عن نفسه، والاُخرى تحملاً عن امرأته، ولا دليل على تحمّل كفارة
الاعتكاف عنها، ولذا لو أكرهها على الجماع في الليل لم تجب عليه إلاّ كفارته
ولايتحمّل عنها هذا، ولو كانت مطاوعة فعلى كلّ منهما كفارتان إن كان في النهار،
وكفارة واحدة إن كان في الليل.
- (1) لا يترك مع عدم رفع اليد عن الاعتكاف مع جوازه في هذا الفرض.
- (2) مع تعيّنه.
- (3) أي مع الإكراه.
(الصفحة 85)
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الزكاة
[فصل
في شرائط وجوب الزكاة]
التي وجوبها من ضروريّات الدين، ومنكره مع العلم به كافر(1)، بل في جملة
من الأخبار: أنّ مانع الزكاة كافر(2).
ويشترط في وجوبها اُمور:
الأوّل : البلوغ، فلاتجب على غير البالغ في تمام الحول فيما يعتبر فيه الحول، ولا
على من كان(3) غير بالغ في بعضه، فيعتبر ابتداء الحول من حين البلوغ. وأمّا ما
لايعتبر فيه الحول من الغلاّت الأربع فالمناط البلوغ قبل وقت التعلّق; وهو انعقاد
الحبّ وصدق الاسم على ما سيأتي.
الثاني : العقل، فلا زكاة في مال المجنون في تمام الحول أو بعضه ولو أدواراً، بل
- (1) مرّ ما هو المناط في باب الكفر في كتاب الطهارة.
- (2) ولكن ابتناؤه على التسامح واضح.
- (3) محلّ إشكال، وكذا في مثله من المجنون.