(الصفحة 382)
القول في الوصيّة بالحجّ
مسألة 1 : لو أوصى بالحج أُخرج من الأصل لو كان واجباً، إلاّ أن يصرّح
بخروجه من الثلث فاُخرج منه، فإن لم يف اُخرج الزائد من الأصل. ولا فرق في
الخروج من الأصل بين حجّة الإسلام والحج النذري والإفسادي(1). واُخرج من
الثلث لو كان ندبيّاً. ولو لم يعلم كونه واجباً أو مندوباً، فمع قيام قرينة أو تحقّق
انصراف فهو، وإلاّ فيخرج من الثلث، إلاّ أن يعلم وجوبه عليه سابقاً وشك في
أدائه فمن الأصل.
مسألة 2 : يكفي الميقاتي، سواء كان الموصى به واجباً أو مندوباً، لكن الأوّل
من الأصل، والثاني من الثلث. ولو أوصى بالبلدية فالزائد على اُجرة الميقاتية من
الثلث في الأوّل وتمامها منه في الثاني.
مسألة 3 : لو لم يعيّن الاُجرة فاللازم على الوصي مع عدم رضا الورثة أو
وجود قاصر فيهم الاقتصار على اُجرة المثل. نعم، لغير القاصر أن يؤدّي لها من
سهمه بماشاء. ولو كان هناك من يرضى بالأقل منها وجب على الوصي استئجاره
مع الشرط المذكور، ويجب الفحص عنه على الأحوط، مع عدم رضا الورثة أو
وجود قاصر فيهم، بل وجوبه لا يخلو من قوّة، خصوصاً مع الظن بوجوده. نعم،
الظاهر عدم وجوب الفحص البليغ. ولو وجد متبرّع عنه يجوز(2) الاكتفاء به; بمعنى
- (1) وكذا الحج الاستئجاري مع التصريح بعدم مدخلية قيد المباشرة، فإنّه يجب على الأجير، ومع عدم الإتيان به يوصي به.
- (2) فيما اذا كان الموصى به هو الحجّ الواجب، وأمّا في الحج المستحب فلا يجوز الاكتفاء به، بل يجب الاستئجار، ولو مع إتيان المتبرّع به خارجاً صحيحاً.
(الصفحة 383)
عدم وجوب المبادرة إلى الاستئجار، بل هو الأحوط مع وجود قاصر في الورثة،
فإن أتى به صحيحاً كفى، وإلاّ وجب الاستئجار، ولو لم يوجد من يرضى باُجرة
المثل فالظاهر وجوب دفع الأزيد لو كان الحج واجباً، ولايجوز التأخير إلى العام
القابل، ولو مع العلم بوجود من يرضى باُجرة المثل أو الأقل، وكذا لو أوصى
بالمبادرة في الحج المندوب. ولو عيّن الموصي مقداراً للاُجرة تعيّن وخرج من
الأصل في الواجب إن لم يزد على اُجرة المثل، وإلاّ فالزيادة من الثلث. وفي المندوب
كلّه من الثلث، فلو لم يكف ما عيّنه للحج فالواجب التتميم من الأصل في الحج
الواجب، وفي المندوب تفصيل(1).
مسألة 4 : يجب الاقتصار على استئجار أقلّ الناس اُجرة، مع عدم رضا
الورثة أو وجود القاصر فيهم، والأحوط لكبار الورثة أن يستأجروا ما يناسب
حال الميّت شرفاً.
مسألة 5 : لو أوصى وعيّن المرّة أو التكرار بعدد معيّن تعيّن، ولو لم يعيّن كفى
حجّ واحد إلاّ مع قيام قرينة على إرادته التكرار. ولو أوصى بالثلث ولم يعيّن إلاّ
الحج لا يبعد لزوم صرفه في الحج. ولو أوصى بتكرار الحج كفى مرّتان إلاّ أن تقوم
قرينة على الأزيد. ولو أوصى في الحج الواجب وعيّن أجيراً معيّناً تعيّن، فإن كان
لا يقبل إلاّ بأزيد من اُجرة المثل خرجت الزيادة من الثلث إن أمكن، وإلاّ بطلت
الوصية واستوجر غيره باُجرة المثل، إلاّ أن يأذن الورثة، وكذا في نظائر المسألة.
ولو أوصى في المستحب خرج من الثلث، فإن لم يقبل إلاّ بالزيادة منه بطلت،
فحينئذ إن كانت وصية بنحو تعدّد المطلوب يستأجر غيره منه وإلاّ بطلت.
مسألة 6 : لو أوصى بصرف مقدار معيّن في الحج سنين معيّنة، وعيّن لكلّ
- (1) يأتي في ذيل المسألة الخامسة.
(الصفحة 384)
سنة مقداراً معيّناً، واتفق عدم كفاية ذلك المقدار لكلّ سنة صرف نصيب سنتين في
سنة، أو ثلاث سنين في سنتين مثلاً وهكذا، ولو فضل من السنين فضلة لا تفي
بحجّة ولو من الميقات فالأوجه صرفها في وجوه البرّ. ولو كان الموصى به الحج من
البلد، ودار الأمر بين جعل اُجرة سنتين مثلاً لسنة، وبين الاستئجار بذلك المقدار
من الميقات لكلّ سنة، يتعيّن الأوّل. هذا كلّه إذا لم يعلم من الموصي إرادة الحج
بذلك المقدار على وجه التقييد، وإلاّ فتبطل الوصية، إذا لم يرج إمكان ذلك
بالتأخير، أو كانت مقيّدة بسنين معيّنة.
مسألة 7: لو أوصى وعيّن الاُجرة في مقدار، فإن كان واجباً ولم يزد على
اُجرة المثل، أو زاد وكفى ثلثه بالزيادة، أو أجاز الورثة تعيّن، وإلاّ بطلت ويرجع
إلى اُجرة المثل(1). وإن كان مندوباً فكذلك مع وفاء الثلث به، وإلاّ فبقدر وفائه إذا
كان التعيين لا على وجه التقييد. وإن لم يف به حتى من الميقات ولم يأذن الورثة، أو
كان على وجه التقييد بطلت.
مسألة 8: لو عيّن للحج اُجرة لا يرغب فيها أحد ولو للميقاتي، وكان الحج
مستحباً بطلت الوصية إن لم يرج وجود راغب فيها، وتصرف في وجوه البرّ، إلاّ
إذا علم كونه على وجه التقييد، فترجع إلى الوارث، من غير فرق في الصورتين بين
التعذّر الطارئ وغيره، ومن غير فرق بين ما لو أوصى بالثلث وعيّن له مصارف
وغيره.
مسألة 9: لو أوصى بأن يحج عنه ماشياً أو حافياً أو مع مركوب خاصّ
صحّ، واعتبر خروجه من الثلث إن كان ندبيّاً، وخروج الزائد عن اُجرة الحج
الميقاتي، وكذا التفاوت بين المذكورات والحجالمتعارف إن كان واجباً. ولوكان
- (1) بل إلى مقدار الثلث، وإن كان زائداً على اُجرة المثل.
(الصفحة 385)
عليهحجنذري ماشياً ونحوه خرج منأصل التركة، أوصى به أم لا. ولو كان نذره
مقيّداً بالمباشرة فالظاهر عدم وجوب الاستئجار، إلاّ(1) إذا أحرز تعدّد المطلوب.
مسألة 10 : لو أوصى بحجتين أو أزيد وقال: إنّها واجبة عليه صُدِّق وتخرج
من أصل التركة، إلاّ أن يكون إقراره في مرض الموت وكان متّهماً فيه فتخرج من
الثلث.
مسألة 11 : لو أوصى بما عنده من المال للحج ندباً و لم يعلم أنـّه يخرج من
الثلث أم لا لم يجز صرف جميعه، ولو ادّعى أنّ عند الورثة ضعف هذا، أو أنـّه
أوصى بذلك وأجازوا الورثة يسمع دعواه بالمعنى المعهود(2) في باب الدعاوي، لا
بمعنى إنفاذ قوله مطلقاً.
مسألة 12 : لو مات الوصي بعد قبض اُجرة الاستئجار من التركة وشك في
استئجاره له قبل موته، فإن كان الحج موسّعاً يجب الاستئجار من بقيّة التركة إن
كان واجباً، وكذا إن لم تمض مدّة يمكن الاستئجار فيها، بل الظاهر وجوبه لو كان
الوجوب فوريّاً ومضت مدّة يمكن الاستئجار فيها، ومن بقيّة ثلثها إن كان مندوباً،
والأقوى عدم ضمانه لما قبض، ولو كان المال المقبوض موجوداً عنده اُخذ منه.
نعم، لو عامل معه معاملة الملكية في حال حياته، أو عامل ورثته كذلك لايبعد
عدم جواز أخذه على إشكال، خصوصاً في الأوّل.
مسألة 13 : لو قبض الوصيّ الاُجرة وتلفت في يده بلا تقصير لم يكن ضامناً،
ووجب الاستئجار من بقيّة التركة أو بقيّة الثلث، وإن اقتسمت استرجعت، ولو
شك في أنّ تلفها كان عن تقصير أو لا لم يضمن. ولو مات الأجير قبل العمل ولم
- (1) الاستثناء في غير محلّه.
- (2) تفسير السماع بما ذكر خلاف مقصودهم، ويؤيّده أنـّه على هذا التقدير لايبقى مجال لاحتمال الخلاف.
(الصفحة 386)
يكن له تركة، أو لم يمكن أخذها من ورثته يستأجر(1) من البقيّة أو بقيّة الثلث.
مسألة 14 : يجوز النيابة عن الميّت في الطواف الاستحبابي، وكذا عن الحيّ إذا
كان غائباً عن مكّة، أو حاضراً(2) ومعذوراً عنه، وأمّا مع حضوره وعدم عذره
فلا تجوز. وأمّا سائر الأفعال فاستحبابها مستقلاًّ وجواز النيابة فيها غير معلوم
حتى السعي، وإن يظهر(3) من بعض الروايات استحبابه.
مسألة 15 : لو كان عند شخص وديعة ومات صاحبها وكان عليه حجّة
الإسلام، وعلم أو ظنّ أنّ الورثة لا يؤدّون عنه إن ردّها إليهم وجب عليه أن يحج
بها عنه، وإن زادت عن اُجرة الحج ردّ الزيادة إليهم، والأحوط(4) الاستئذان من
الحاكم مع الإمكان، والظاهر عدم الاختصاص بما إذا لم يكن للورثة شيء، وكذا
عدم الاختصاص بحج الودعي بنفسه. وفي إلحاق غير حجّة الإسلام بها من أقسام
الحج الواجب، أو سائر الواجبات مثل الزكاة ونحوها إشكال. وكذا(5) في إلحاق
غير الوديعة، كالعين المستأجرة والعارية ونحوهما، فالأحوط(6) إرجاع الأمر إلى
الحاكم وعدم استبداده به، وكذا(7) الحال لوكان الوارث منكراً أو ممتنعاً وأمكن
إثباته عند الحاكم أو أمكن إجباره، فيرجع في الجميع إلى الحاكم ولا يستبدّ به.
- (1) إذا كان أجيراً بقيد المباشرة حتى يكون موته موجباً لبطلان الإجارة، وإلاّ فعلى ورثة الأجير.
- (2) في جواز النيابة عن الحاضر في الطواف المستحب ولو كان معذوراً تأمل وإشكال.
- (3) بل لا يظهر منه ذلك.
- (4) الأولى.
- (5) الظاهر إلحاق غير الوديعة بها.
- (6) في بعض الفروض، وفي بعضها يجب الردّ إلى الوارث.
- (7) وهو ناظر إلى أصل المسألة، والفرق إمكان الإثبات أو الإجبار هنا دونه، وعليه فالمراد بالإمكان هناك هو أصل وجود الحاكم وإمكان الرجوع إليه.