(الصفحة 47)
إذا نسي الواجب وأتى بالمندوب، فإنّ الأقوى صحّته إذا تذكّر بعد الفراغ، وأمّا إذا
تذكّر في الأثناء قطع، ويجوز تجديد النيّة حينئذ للواجب مع بقاء محلّها كما إذا كان
قبل الزوال، ولو نذر التطوّع على الإطلاق صح وإن كان عليه واجب، فيجوز أن
يأتي بالمنذور قبله بعد ما صار واجباً، وكذا لو نذر أيّاماً معيّنة يمكن إتيان الواجب
قبلها.
وأمّا لو نذر أيّاماً معيّنة لا يمكن إتيان الواجب قبلها ففي صحّته إشكال(1) من
أنّه بعد النذر يصير واجباً، ومن أنّ التطوّع قبل الفريضة غير جائز فلا يصح نذره،
ولا يبعد أن يقال: إنّه لا يجوز بوصف التطوّع، وبالنذر يخرج عن الوصف، ويكفي في
رجحان متعلّق النذر رجحانه ولو بالنذر. وبعبارة اُخرى المانع هو وصف الندب
وبالنذر يرتفع المانع.
[2505] مسألة 4: الظاهر جواز التطوّع بالصوم إذا كان ما عليه من الصوم
الواجب استئجارياً، وإن كان الأحوط تقديم الواجب.
فصل
في شرائط وجوب الصوم
وهي أُمور:
الأوّل والثاني: البلوغ والعقل، فلا يجب على الصبي والمجنون إلاّ أن يكملا قبل
طلوع الفجر، دون ما إذا كملا بعده، فإنّه لا يجب عليهما وإن لم يأتيا بالمفطر، بل وإن
نوى الصبي الصوم ندباً، لكن الأحوط مع عدم إتيان المفطر الإتمام والقضاء(2) إذا
- (1) الأظهر عدمها.
- (2) بل الإتمام فقط، ومع عدم فعله فالقضاء.
(الصفحة 48)
كان الصوم واجباً معيّناً، ولا فرق في الجنون بين الإطباقي والأدواري إذا كان يحصل
في النهار ولو في جزء منه، وأمّا لو كان دور جنونه في الليل بحيث يفيق قبل الفجر
فيجب عليه.
الثالث: عدم الإغماء، فلا يجب معه الصوم ولو حصل في جزء من النهار. نعم،
لو كان نوى الصوم قبل الإغماء فالأحوط إتمامه(1).
الرابع: عدم المرض الذي يتضرّر معه الصائم، ولو برئ بعد الزوال ولم يفطر لم
يجب عليه النيّة والإتمام، وأمّا لو برئ قبله ولم يتناول مفطراً فالأحوط أن ينوي
ويصوم وإن كان الأقوى(2) عدم وجوبه.
الخامس: الخلو من الحيض والنفاس، فلا يجب معهما وإن كان حصولهما في
جزء من النهار.
السادس: الحضر، فلا يجب على المسافر الذي يجب عليه قصر الصلاة بخلاف
من كان وظيفته التمام، كالمقيم عشراً والمتردّد ثلاثين يوماً والمكاري ونحوه
والعاصي بسفره، فإنّه يجب عليه التمام، إذ المدار في تقصير الصوم على تقصير
الصلاة، فكلّ سفر يوجب قصر الصلاة يوجب قصر الصوم وبالعكس.
[2506] مسألة 1: إذا كان حاضراً فخرج إلى السفر، فإن كان قبل الزوال
وجب عليه الإفطار، وإن كان بعده وجب عليه البقاء على صومه، وإذا كان مسافراً
وحضر بلده أو بلداً يعزم على الإقامة فيه عشرة أيّام، فإن كان قبل الزوال ولم
يتناول المفطر وجب عليه الصوم، وإن كان بعده أو تناول فلا، وإن استحب له
الإمساك بقية النهار، والظاهر أنّ المناط كون الشروع في السفر قبل الزوال أو بعده
- (1) أو تجديدها بعد زواله إذا لم ينو قبله.
- (2) بل الظاهر هو الوجوب كما في المسافر.
(الصفحة 49)
لا الخروج عن حدّ الترخص، وكذا في الرجوع المناط دخول البلد، لكن لا يترك
الاحتياط بالجمع إذا كان الشروع قبل الزوال والخروج عن حدّ الترخص بعده،
وكذا في العود إذا كان الوصول إلى حدّ الترخص قبل الزوال والدخول في المنزل
بعده.
[2507] مسألة 2: قد عرفت التلازم بين إتمام الصلاة والصوم، وقصرها
والإفطار. لكن يستثنى من ذلك موارد:
أحدها: الأماكن الأربعة، فإنّ المسافر يتخيّر فيها بين القصر والتمام في الصلاة،
وفي الصوم يتعيّن الإفطار.
الثاني: ما مرّ من الخارج إلى السفر بعد الزوال، فإنّه يتعيّن عليه البقاء على
الصوم مع أنّه يقصّر في الصلاة.
الثالث: ما مر من الراجع من سفره، فإنّه إن رجع بعد الزوال يجب عليه الإتمام
مع أنّه يتعيّن عليه الإفطار.
[2508] مسألة 3: إذا خرج إلى السفر في شهر رمضان لا يجوز له الإفطار إلاّ
بعد الوصول إلى حدّ الترخص، وقد مرّ سابقاً وجوب(1) الكفارة عليه إن أفطر
قبله.
[2509] مسألة 4: يجوز السفر اختياراً في شهر رمضان، بل ولو كان للفرار
من الصوم كما مرّ، وأمّا غيره من الواجب المعيّن فالأقوى عدم جوازه(2) إلاّ مع
الضرورة، كما أنّه لو كان مسافراً وجب عليه الإقامة لإتيانه مع الإمكان.
[2510] مسألة 5: الظاهر كراهة السفر في شهر رمضان قبل أن يمضي ثلاثة
- (1) على الأحوط كما تقدّم.
- (2) بل الأقوى الجواز في النذر المعيّن، بل في غيره كقضاء شهر رمضان إذا ضاق وقته.
(الصفحة 50)
وعشرون يوماً إلاّ في حجّ أو عمرة، أو مال يخاف تلفه، أو أخ يخاف هلاكه.
[2511] مسألة 6: يكره للمسافر في شهر رمضان بل كلّ من يجوز له الإفطار
التملّي من الطعام والشراب، وكذا يكره له الجماع في النهار، بل الأحوط تركه وإن
كان الأقوى جوازه.
فصل
[في موارد جواز الإفطار]
وردت الرخصة في إفطار شهر رمضان لأشخاص، بل قد يجب:
الأوّل والثاني: الشيخ والشيخة إذا تعذّر عليهما الصوم، أو كان حرجاً
ومشقّة، فيجوز لهما الإفطار، لكن يجب عليهما في صورة المشقّة بل في صورة
التعذّر(1) أيضاً التكفير بدل كلّ يوم بمدّ من طعام، والأحوط مدّان، والأفضل
كونهما من حنطة، والأقوى وجوب القضاء(2) عليهما لو تمكّنا بعد ذلك.
الثالث: من به داء العطش فإنّه يفطر، سواء كان بحيث لا يقدر على الصبر أو
كان فيه مشقّة، ويجب عليه التصدّق بمدّ، والأحوط مدّان، من غير فرق بين ما إذا
كان مرجوّ الزوال أم لا، والأحوط بل الأقوى وجوب القضاء عليه إذا تمكّن بعد
ذلك، كما أنّ الأحوط أن يقتصر على مقدار الضرورة.
الرابع: الحامل المقرب التي يضرّها الصوم أو يضر حملها، فتفطر وتتصدّق من
- (1) وجوب الكفّارة عليهما في هذه الصورة محلّ إشكال بل منع، وكذا في ذي العطاش عند عدم القدرة.
- (2) بل الظاهر العدم، وإن كان هو أحوط.
(الصفحة 51)
مالها(1) بالمدّ أو المدّين وتقضي بعد ذلك.
الخامس: المرضعة القليلة اللبن إذا أضرّ بها الصوم أو أضر بالولد، ولا فرق
بين أن يكون الولد لها أو متبرّعة برضاعه أو مستأجرة، ويجب عليها التصدّق بالمدّ
أو المدّين أيضاً من مالها والقضاء بعد ذلك، والأحوط بل الأقوى(2) الاقتصار على
صورة عدم وجود من يقوم مقامها في الرضاع تبرّعاً، أو باُجرة من أبيه أو منها أو
من متبرّع.
فصل
في طرق ثبوت هلال رمضان وشوال للصوم والإفطار
وهي أُمور:
الأوّل: رؤية المكلّف نفسه.
الثاني: التواتر.
الثالث: الشياع المفيد للعلم، وفي حكمه كلّ ما يفيد العلم ولو بمعاونة القرائن،
فمن حصل له العلم بأحد الوجوه المذكورة وجب عليه العمل به وإن لم يوافقه أحد،
بل وإن شهد وردّ الحاكم شهادته.
الرابع: مضيّ ثلاثين يوماً من هلال شعبان أو ثلاثين يوماً من هلال رمضان،
فإنّه يجب الصوم معه في الأوّل والإفطار في الثاني.
الخامس: البيّنة الشرعية، وهي خبر عدلين، سواء شهدا عند الحاكم وقبل
- (1) فيما إذا أضرّ بها، وكذا في المرضعة.
- (2) في القوّة إشكال، بل منع.