(الصفحة 143)
[2780] مسألة 7 : لو كان ما أقرض الفقير في أثناء الحول بقصد الاحتساب عليه بعد حلوله بعضاً من النصاب وخرج الباقي عن حدّه سقط الوجوب على الأصحّ ; لعدم بقائه في ملكه طول الحول ، سواء كانت العين باقية عند الفقير أو تالفة ، فلا محلّ للاحتساب . نعم ، لو أعطاه بعض النصاب أمانة بالقصد المذكور لم يسقط الوجوب مع بقاء(1) عينه عند الفقير ، فله الاحتساب حينئذ بعد حلول الحول إذا بقي على الاستحقاق .
[2781] مسألة 8 : لو استغنى الفقير الذي أقرضه بالقصد المذكور بعين هذا المال، ثمّ حال الحول يجوز الاحتساب عليه ; لبقائه على صفة الفقر بسبب هذا الدين ، ويجوز الاحتساب من سهم الغارمين أيضاً ، وأمّا لو استغنى بنماء هذا المال، أو بارتفاع قيمته إذا كان قيميّاً، وقلنا : إنّ المدار قيمته يوم القرض لايوم الأداء لم يجز الاحتساب عليه .
فصل
[في اعتبار نيّة القربة والتعيين في الزكاة]
الزكاة من العبادات، فيعتبر فيها نيّة القربة والتعيين مع تعدّد(2) ما عليه ; بأن يكون عليه خمس وزكاة وهو هاشمي فأعطى هاشمياً ، فإنّه يجب عليه أن يعيّن أنّه من أيّهما ، وكذا لو كان عليه زكاة وكفّارة ، فإنّه يجب التعيين ، بل وكذا إذا كان عليه زكاة المال والفطرة ، فإنّه يجب التعيين على الأحوط(3) ، بخلاف ما إذا اتّحد الحقّ
- (1) وإمكان الاسترداد منه.
- (2) بل مطلقاً كما مرّ وجهه مراراً.
- (3) بل على الأقوى.
(الصفحة 144)
الذي عليه ، فإنّه يكفيه الدفع بقصد ما في الذمّة وإن جهل نوعه ، بل مع التعدّد أيضاً يكفيه التعيين الإجمالي ; بأن ينوي ما وجب عليه أوّلاً أو ما وجب ثانياً مثلا . ولايعتبر نيّة الوجوب والندب .
وكذا لا يعتبر أيضاً نيّة الجنس الذي تخرج منه الزكاة أنّه من الأنعام أو الغلاّت أو النقدين ، من غير فرق بين أن يكون محلّ الوجوب متّحداً أو متعدّداً ، بل ومن غير فرق بين أن يكون نوع الحقّ متّحداً أو متعدّداً ، كما لو كان(1) عنده أربعون من الغنم وخمس من الإبل ، فإنّ الحقّ في كلّ منهما شاة ، أو كان عنده من أحد النقدين ومن الأنعام ، فلايجب تعيين شيء من ذلك ، سواء كان المدفوع من جنس واحد(2)ممّا عليه أو لا ، فيكفي مجرّد قصد كونه زكاة ، بل لو كان له مالان متساويان أو مختلفان ; حاضران أو غائبان أو مختلفان ، فأخرج الزكاة عن أحدهما من غير تعيين أجزأه(3) ، وله التعيين بعد ذلك ، ولو نوى الزكاة عنهما وزّعت ، بل يقوى التوزيع مع نيّة مطلق الزكاة .
[2782] مسألة 1 : لا إشكال في أنّه يجوز للمالك التوكيل في أداء الزكاة ، كما يجوز(4)له التوكيل في الإيصال إلى الفقير ، وفي الأوّل ينوي الوكيل حين الدفع إلى الفقير عن
- (1) يشكل فيما لو كان بنحو الترديد والإبهام.
- (2) لكنّه في هذه الصورة ينصرف المدفوع إلى ما كان من جنسه، إلاّ مع نية كونه بدلاً أو قيمة.
- (3) مرّ الإشكال فيما لو كان بنحو الترديد والإبهام.
- (4) يظهر من قوله: والأحوط... اشتراك الصورتين في دفع المالك مقدار الزكاة إلى الوكيل، وعليه يشكل الفرق بينهما; لأنّ مرجع الدفع المذكور إلى تعيين المالك وعزله ووقوع الدفع بهذا العنوان، فكيف يمكن حينئذ تصوير الصورتين. نعم، يمكن تصوير التوكيل في الأداء; بأن يوكله في الأخذ من الصبرة مثلاً بمقدارها وتحقّق العزل بيد الوكيل، ولا مجال حينئذ للاحتياط المذكور.
(الصفحة 145)
المالك ، والأحوط تولّي المالك للنيّة أيضاً حين الدفع إلى الوكيل ، وفي الثاني لابدّ من تولّي المالك للنيّة حين الدفع إلى الوكيل ، والأحوط استمرارها(1) إلى حين دفع الوكيل إلى الفقير .
[2783] مسألة 2 : إذا دفع المالك أو وكيله بلا نيّة القربة، له أن ينوي بعد وصول المال إلى الفقير، وإن تأخّرت عن الدفع بزمان ، بشرط بقاء العين فى يده، أو تلفها مع ضمانه كغيرها من الديون ، وأمّا مع تلفها بلا ضمان فلا محلّ للنيّة .
[2784] مسألة 3 : يجوز دفع الزكاة إلى الحاكم الشرعي بعنوان الوكالة عن المالك في الأداء ، كما يجوز بعنوان الوكالة في الإيصال ، ويجوز بعنوان أنّه وليّ عامّ على الفقراء ، ففي الأوّل يتولّى الحاكم النيّة وكالة حين الدفع إلى الفقير ، والأحوط (2)تولّي المالك أيضاً حين الدفع إلى الحاكم ، وفي الثاني يكفي نيّة المالك حين الدفع إليه وإبقاؤها مستمرّة إلى حين الوصول إلى الفقير ، وفي الثالث أيضاً ينوي المالك حين الدفع إليه ; لأنّ يده حينئذ يد الفقير المولّى عليه .
[2785] مسألة 4 : إذا أدّى وليّ اليتيم أو المجنون زكاة مالهما يكون هو المتولّي للنيّة .
[2786] مسألة 5 : إذا أدّى الحاكم الزكاة عن الممتنع يتولّى(3) هو النيّة عنه ، وإذا أخذها من الكافر يتولاّها أيضاً عند أخذه منه ، أو عند الدفع إلى الفقير عن نفسه لا عن الكافر .
[2787] مسألة 6 : لو كان له مال غائب مثلا، فنوى أنّه إن كان باقياً فهذا زكاته ،
- (1) ولو ارتكازاً.
- (2) مرّ ما في مثل هذا الاحتياط.
- (3) إذا أخذها بعنوان الزكاة، وإذا أخذها مقدّمة لأدائها فيتولاّها عند الدفع، والظاهر كون الدفع عن الكافر، كما في اليتيم والمجنون.
(الصفحة 146)
وإن كان تالفاً فهو صدقة مستحبّة صحّ ، بخلاف ما لو ردّد في نيّته ولم يعيّن هذا المقدار أيضاً ، فنوى أنّ هذا زكاة واجبة أو صدقة مندوبة فإنّه لايجزئ .
[2788] مسألة 7 : لو أخرج عن ماله الغائب زكاة ثمّ بان كونه تالفاً ، فإن كان ما أعطاه باقياً له أن يستردّه ، وإن كان تالفاً استردّ عوضه إذا كان القابض عالماً بالحال وإلاّ فلا .
ختام فيه مسائل متفرّقة
[2789] الاُولى : استحباب استخراج زكاة مال التجارة ونحوه للصبيّ والمجنون تكليف للوليّ ، وليس من باب النيابة عن الصبي والمجنون ، فالمناط فيه اجتهاد الوليّ أو تقليده ، فلو كان من مذهبه اجتهاداً أو تقليداً وجوب إخراجها أو استحبابه ليس للصبيّ بعد بلوغه معارضته ، وإن قلّد من يقول بعدم الجواز ، كما أنّ الحال كذلك في سائر تصرّفات الولي في مال الصبي أو نفسه من تزويج ونحوه ، فلو باع ماله بالعقد الفارسيّ، أو عقد له النكاح بالعقد الفارسيّ، أو نحو ذلك من المسائل الخلافيّة ، وكان مذهبه الجواز ليس(1) للصبيّ بعد بلوغه إفساده بتقليد من لايرى الصحّة .
نعم ، لو شكّ الوليّ بحسب الاجتهاد أو التقليد في وجوب الإخراج أو استحبابه أو عدمهما، وأراد الاحتياط بالإخراج ففي جوازه إشكال(2) ; لأنّ الاحتياط فيه معارض بالاحتياط في تصرّف مال الصبي . نعم ، لايبعد ذلك إذا كان
- (1) محلّ إشكال، بل الظاهر لزوم رعاية معتقده بعد بلوغه اجتهاداً أو تقليداً.
- (2) لا إشكال في عدم الجواز مع كون الاحتياط استحبابياً، والاحتياط الوجوبي لا يجتمع مع احتمال الحرمة.
(الصفحة 147)
الاحتياط وجوبيّاً ، وكذا الحال في غير الزكاة، كمسألة وجوب إخراج الخمس من أرباح التجارة للصبيّ ، حيث إنّه محلّ للخلاف ، وكذا في سائر التصرّفات في ماله ، والمسألة محلّ إشكال مع أنّها سيّالة .
[2790] الثانية : إذا علم بتعلّق الزكاة بماله وشكّ في أنّه أخرجها أم لا وجب عليه الإخراج للاستصحاب ، إلاّ إذا كان الشكّ بالنسبة إلى السنين الماضية ، فإنّ الظاهر جريان(1) قاعدة الشكّ بعد الوقت أو بعد تجاوز المحلّ . هذا ، ولو شكّ في أنّه أخرج الزكاة عن مال الصبي في مورد يستحبّ إخراجها ـ كمال التجارة له ـ بعد العلم بتعلّقها به فالظاهر جواز العمل بالاستصحاب ; لأنّه دليل شرعيّ ، والمفروض أنّ المناط فيه شكّه ويقينه ; لأنّه المكلّف ، لا شكّ الصبي ويقينه ، وبعبارة اُخرى ليس نائباً عنه .
[2791] الثالثة : إذا باع الزرع أو الثمر وشكّ في كون البيع بعد زمان تعلّق الوجوب حتّى يكون الزكاة عليه ، أو قبله حتّى يكون على المشتري ليس عليه شيء إلاّ إذا كان زمان التعلّق معلوماً وزمان البيع مجهولاً ، فإنّ الأحوط(2) حينئذ إخراجه على إشكال في وجوبه ، وكذا الحال بالنسبة إلى المشتري إذا شكّ في ذلك ، فإنّه لايجب(3) عليه شيء إلاّ إذا علم زمان البيع وشكّ في تقدّم التعلّق وتأخّره ، فإنّ
- (1) بل الظاهر عدم جريان شيء من القاعدتين في المقام. نعم، لو كانت عادته مستمرّة على عدم التأخير عن السنة لا يبعد الحكم بالمضيّ على تأمّل فيه أيضاً.
- (2) بل الأقوى.
- (3) مع احتمال أداء البائع على تقدير كون بيعه بعد التعلّق، هذا أي عدم الوجوب إنّما هو بالإضافة إلى البائع والمشتري، وأمّا بالنسبة إلى الساعي فيجوز له أخذ الزكاة المعلوم تعلّقه بها من المشتري، وليس له الرجوع على البائع بعد عدم العلم بثبوت التكليف بالنسبة إليه.