(الصفحة 395)
علم حال الإحرام بضيق الوقت جاز له الإحرام بحجّ الإفراد وإتيانه، ثمّ إتيان
عمرة مفردة بعده، وتمّ حجّه وكفى عن حجّة الإسلام. ولو دخل في العمرة بنية
التمتّع في سعة الوقت، وأخّر الطواف والسعي متعمّداً إلى أن ضاق الوقت، ففي
جواز العدول وكفايته إشكال، والأحوط العدول وعدم الاكتفاء لو كان الحج
واجباً عليه.
مسألة 7 : الحائض أو النفساء إذا ضاق وقتها عن الطهر وإتمام العمرة يجب
عليها العدول إلى الإفراد والإتمام، ثمّ الإتيان بعمرة بعد الحجّ، ولو دخل مكّة من
غير إحرام لعذر وضاق الوقت أحرم لحج الإفراد وأتى بعد الحج بعمرة مفردة،
وصحّ وكفى عن حجّة الإسلام.
مسألة 8 : صورة حج الإفراد كحج التمتّع إلاّ في شيء واحد; وهو أنّ الهدي
واجب في حج التمتّع ومستحب في الإفراد.
مسألة 9: صورة العمرة المفردة كعمرة التمتّع إلاّ في أُمور:
أحدها: أنّ في عمرة
التمتّع يتعيّن التقصير ولا يجوز الحلق، وفي العمرة المفردة تخيّر بينهما.
ثانيها: أنـّه لايكون في عمرة التمتّع طواف النساء وإن كان أحوط، وفي العمرة
المفردة يجب طواف النساء.
ثالثها: ميقات عمرة التمتّع أحد المواقيت الآتية، وميقات العمرة المفردة أدنى
الحلّ، وإن جاز فيها الإحرام من تلك المواقيت.
القول في المواقيت
وهي المواضع التي عيّنت للإحرام، وهي خمسة لعمرة الحج:
الأوّل: ذوالحُلَيفة; وهو ميقات أهل المدينة ومن يمرّ على طريقهم، والأحوط
(الصفحة 396)
الاقتصار على نفس مسجد الشجرة لا عنده في الخارج، بل لا يخلو من وجه.
مسألة 1 : الأقوى عدم جواز التأخير اختياراً إلى الجحفة; وهي
ميقات أهل الشام. نعم، يجوز مع الضرورة لمرض أو ضعف أو غيرهما من
الأعذار.
مسألة 2 : الجنب والحائض والنفساء جاز لهم الإحرام حال العبور عن
المسجد إذا لم يستلزم الوقوف فيه، بل وجب عليهم حينئذ، ولو لم يمكن لهم
بلاوقوف، فالجنب مع فقد الماء أو العذر عن استعماله يتيمّم للدخول والإحرام في
المسجد، وكذا الحائض والنفساء بعد نقائهما. وأمّا قبل نقائهما، فإن لم يمكن لهما
الصبر إلى حال النقاء فالأحوط(1) لهما الإحرام خارج المسجد عنده وتجديده في
الجحفة أو محاذاتها.
الثاني: العقيق; وهو ميقات أهل نجد والعراق ومَن يمرّ عليه من غيرهم،
وأوّله المسلخ، ووسطه غمرة، وآخره ذات عرق، والأقوى جواز الإحرام من
جميع مواضعه اختياراً، والأفضل من المسلخ ثمّ من غمرة. ولو اقتضت التقية عدم
الإحرام من أوّله والتأخير إلى ذات العرق فالأحوط التأخير، بل عدم الجواز(2)
لايخلو من وجه.
الثالث: الجُحفة; وهي لأهل الشام ومصر ومغرب ومن يمرّ عليها من
غيرهم.
الرابع: يَلَمْلَم; وهو لأهل اليمن ومَن يمرّ عليه.
- (1) لا تجب رعاية هذا الاحتياط، بل الظاهر جواز الإحرام من خارج المسجد عنده وعدم لزوم التجديد.
- (2) بل الظاهر هو الجواز بمعنى الصحة.
(الصفحة 397)
الخامس: قَرن المنازل; وهو لأهل الطائف ومن يمرّ عليه.
مسألة 3 : تثبت تلك المواقيت مع فقد العلم بالبيّنة الشرعية أو الشياع
الموجب للاطمئنان، ومع فقدهما بقول أهل الاطّلاع مع حصول الظن(1) فضلا عن
الوثوق، فلو أراد الإحرام من المسلخ مثلاً ولم يثبت كون المحلّ الكذائي ذلك لابدّ
من التأخير حتّى يتيقّن الدخول في الميقات.
مسألة 4 : مَن لم يمرّ على أحد المواقيت جاز له الإحرام من محاذاة أحدها،
ولو كان في الطريق ميقاتان يجب الإحرام من محاذاة أبعدهما إلى مكّة على
الأحوط(2)، والأولى تجديد الإحرام في الآخر.
مسألة 5 : المراد من المحاذاة أن يصل في طريقه إلى مكّة إلىموضع يكون
الميقات على يمينه أو يساره بخطّ مستقيم، بحيث لو جاوز منه يتمايل الميقات إلى
الخلف. والميزان هو المحاذاة العرفية لاالعقلية الدقّيّة، ويشكل(3) الاكتفاء بالمحاذاة
من فوق، كالحاصل لمن ركب الطائرة، لو فرض إمكان الإحرام مع حفظ المحاذاة
فيها، فلا يترك الاحتياط بعدم الاكتفاء بها.
مسألة 6: تثبت المحاذاة بما يثبت به الميقات على ما مرّ، بل بقول أهلالخبرة
وتعيينهم بالقواعد العلمية مع حصول الظن(4) منه.
مسألة 7 : ما ذكرنا من المواقيت هي ميقات عمرة الحجّ، وهنا مواقيت أُخر:
- (1) مشكل، وفي العبارة تشويش.
- (2) بل على الأقوى.
- (3) لا يبعد الاكتفاء، ويمكن فرضه في الطائرة بالإضافة إلى وادي العقيق، الذي له مسافة كثيرة، وأمّا بالإضافة إلى مثل مسجد الشجرة فيمكن فرضه فيما يسمّى بـ «هليكوبتر»; لإمكان وقوفها مختصراً.
- (4) قد عرفت الإشكال، بل هنا أقوى، خصوصاً مع التمكّن من الذهاب إلى الميقات.
(الصفحة 398)
الأوّل: مكّة المعظّمة; وهي لحج التمتّع.
الثاني: دويرة الأهل أي المنزل، وهي لمن كان منزله دون الميقات إلى مكّة،
بل لأهل مكّة. وكذا المجاور(1) الذي انتقل فرضه إلى فرض أهل مكّة، وإن كان
الأحوط إحرامه من الجعرانة، فإنّهم يحرمون بحجّ الإفراد والقِران من مكّة.
والظاهر أنّ الإحرام من المنزل للمذكورين من باب الرخصة، وإلاّ فيجوز لهم
الإحرام من أحد المواقيت.
الثالث: أدنى الحلّ، وهو لكلّ عمرة مفردة، سواء كانت بعد حج القران أو
الإفراد أم لا، والأفضل أن يكون من الحديبيّة أو الجعرانة أو التنعيم، وهو أقرب
من غيره إلى مكّة.
القول في أحكام المواقيت
مسألة 1 : لا يجوز الإحرام قبل المواقيت ولا ينعقد، ولا يكفي المرور عليها
محرماً، بل لابدّ من إنشائه في الميقات، ويستثنى من ذلك موضعان:
أحدهما: إذا نذر الإحرام قبل الميقات، فإنّه يجوز ويصحّ ويجب العمل به،
ولايجب تجديد الإحرام في الميقات ولا المرور عليها، والأحوط اعتبار تعيين
المكان، فلا يصحّ نذر الإحرام قبل الميقات بلا تعيين على الأحوط، ولايبعد(2)
الصحّة على نحو الترديد بين المكانين، بأن يقول: «لله عليّ أن أحرم إمّا من الكوفة
أو البصرة» وإن كان الأحوط خلافه. ولا فرق بين كون الإحرام للحج الواجب أو
- (1) وأمّا المجاور الذي لم ينتقل فرضه وأراد حجّ القِران أو الإفراد فاللازم الخروج إلى الجعرانة.
- (2) والظاهر عدمها.
(الصفحة 399)
المندوب أو للعمرة المفردة. نعم، لو كان للحج أو عمرة التمتّع يشترط أن يكون(1) في
أشهر الحج.
مسألة 2 : لو نذر وخالف نذره عمداً أو نسياناً ولم يحرم من ذلك المكان لم
يبطل إحرامه إذا أحرم من الميقات، وعليه الكفّارة إذا خالفه عمداً.
ثانيهما: إذا أراد إدراك عمرةرجب وخشيفوتها إنأخّر الإحرام إلى الميقات،
فيجوز أن يحرم قبل الميقات، وتحسب له عمرة رجب، وإن أتى ببقية الأعمال في
شعبان، والأولى الأحوط تجديده في الميقات، كما أنّ الأحوط التأخير إلى آخر
الوقت، وإن كان الظاهر جوازه قبل الضيق إذا علم عدم الإدراك إذا أخّر إلى
الميقات، والظاهر(2) عدم الفرق بين العمرة المندوبة والواجبة والمنذور فيهاونحوه.
مسألة 3 : لايجوز تأخير الإحرام عن الميقات، فلا يجوز(3) لمن أراد الحج أو
العمرة أو دخول مكّة أن يجاوز الميقات اختياراً بلا إحرام، بلالأحوط(4)
عدمالتجاوز عن محاذاة الميقات أيضاً، وإن كان أمامه ميقات آخر، فلو لم يحرم منه
وجب العود إليه، بل الأحوط(5) العود وإن كان أمامه ميقات آخر. وأمّا إذا لم يرد
النسك ولا دخول مكّة ـ بأن كان له شغل خارج مكّة وإن كان(6) في الحرم ـ فلا
- (1) أي الإحرام المنذور.
- (2) فيه نظر بل منع.
- (3) في التفريع ما لا يخفى من المناقشة، فإنّ حرمة الإحرام بعد الميقات كحرمة الإحرام قبل الميقات حرمة تشريعية، وحرمة التجاوز عن الميقات من دون إحرام حرمة ذاتية، كحرمة الدخول في مكّة بغير إحرام.
- (4) الأولى.
- (5) هذا يرتبط بأصل المسألة; وهو التأخير عن الميقات.
- (6) الظاهر أنّ إرادة دخول الحرم كإرادة دخول مكّة، ويكون في البين حكمان لاحكم واحد.