(الصفحة 153)
حقّ الفقراء ، وكذا بالنسبة إلى الخمس والمظالم ونحوهما . نعم ، لو كان شخص عليه من الزكاة أو المظالم أو نحوهما مبلغ كثير، وصار فقيراً لايمكنه أداؤها وأراد أن يتوب إلى الله تعالى لابأس(1) بتفريغ ذمّته بأحد الوجوه المذكورة، ومع ذلك إذا كان مرجوّ التمكّن بعد ذلك الأولى أن يشترط عليه أداءها بتمامها عنده .
[2805] السابعة عشرة : اشتراط التمكّن من التصرّف فيما يعتبر فيه الحول كالأنعام والنقدين معلوم ، وأمّا فيما لايعتبر فيه كالغلاّت ففيه خلاف وإشكال(2) .
[2806] الثامنة عشرة : إذا كان له مال مدفون في مكان ونسي موضعه بحيث لايمكنه العثور عليه لايجب فيه الزكاة إلاّ بعد العثور ومضيّ الحول من حينه ، وأمّا إذا كان في صندوقه مثلا لكنّه غافل عنه بالمرّة فلايتمكّن من التصرّف فيه من جهة غفلته ، وإلاّ فلو التفت إليه أمكنه التصرّف فيه يجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول ، ويجب التكرار إذا حال عليه أحوال ، فليس هذا من عدم التمكّن الذي هو قادح في وجوب الزكاة .
[2807] التاسعة عشرة : إذا نذر أن لايتصرّف في ماله الحاضر شهراً أو شهرين ، أو أكرهه مكره على عدم التصرّف أو كان مشروطاً عليه في ضمن عقد لازم ، ففي منعه من وجوب الزكاة وكونه من عدم التمكّن من التصرّف الذي هو موضوع الحكم إشكال(3) ; لأنّ القدر المتيقّن ما إذا لم يكن المال حاضراً عنده، أو كان حاضراً وكان بحكم الغائب عرفاً .
- (1) إطلاق الحكم بالإضافة إلى الفقير والحاكم ثمّ التعميم لجميع الوجوه الثلاثة محلّ نظر، بل منع، فإنّ الحاكم لا يجوز له شيء منها إلاّ مع اقتضاء المصلحة له، والفقير لا يجوز له الثاني والثالث.
- (2) أقربه الاشتراط عند تعلّق الوجوب.
- (3) في الأوّل، وأمّا في الثاني والثالث فالظاهر المنع.
(الصفحة 154)
[2808] العشرون : يجوز أن يشتري من زكاته من سهم سبيل الله كتاباً أو قرآناً أو دعاء ويوقفه ويجعل التولية بيده أو يد أولاده ، ولو أوقفه على أولاده وغيرهم ممّن يجب نفقته عليه فلا بأس به أيضاً . نعم ، لو اشترى خاناً أو بستاناً ووقفه على من تجب نفقته عليه لصرف نمائه في نفقتهم فيه إشكال(1) .
[2809] الحادية والعشرون : إذا كان ممتنعاً من أداء الزكاة لايجوز للفقير المقاصّة من ماله إلاّ بإذن الحاكم الشرعي في كلّ مورد .
[2810] الثانية والعشرون : لايجوز (2) إعطاء الزكاة للفقير من سهم الفقراء للزيارة أو الحجّ أو نحوهما من القرب ، ويجوز من سهم سبيل الله .
[2811] الثالثة والعشرون : يجوز صرف الزكاة من سهم سبيل الله في كلّ قربة(3)حتّى إعطاؤها للظالم لتخليص المؤمنين من شرّه ; إذا لم يمكن دفع شرّه إلاّ بهذا .
[2812] الرابعة والعشرون : لو نذر أن يكون نصف ثمر نخله أو كرمه أو نصف حبّ زرعه لشخص بعنوان نذر النتيجة(4) وبلغ ذلك النصاب وجبت الزكاة على ذلك الشخص أيضاً ; لأنّه مالك له حين تعلّق الوجوب ، وأمّا لو كان بعنوان نذر الفعل(5) فلاتجب على ذلك الشخص ، وفي وجوبها على المالك بالنسبة إلى المقدار المنذور إشكال .
[2813] الخامسة والعشرون : يجوز للفقير أن يوكّل شخصاً يقبض له الزكاة
- (1) والظاهر عدم الجواز.
- (2) لا يبعد الجواز بعد فرض فقره وجواز إعطائه الزائد عن مؤنة السنة. نعم، بعد أخذه مقدار الكفاية لا يجوز.
- (3) مرّ الكلام في المراد من سبيل الله.
- (4) بناءً على صحّة نذر النتيجة، وهي محلّ تأمّل وإشكال.
- (5) أي نذر التمليك، ولكن لو تحقّق الفعل المنذور قبل تعلّق الوجوب تجب الزكاة على المنذور له حينئذ.
(الصفحة 155)
من أيّ شخص وفي أيّ مكان كان ، ويجوز للمالك إقباضه إيّاه مع علمه بالحال ، وتبرأ ذمّته وإن تلفت في يد الوكيل قبل الوصول إلى الفقير ، ولا مانع من أن يجعل الفقير للوكيل جعلاً على ذلك .
[2814] السادسة والعشرون : لا تجري الفضوليّة في دفع الزكاة ، فلو أعطى فضوليّ زكاة شخص من ماله من غير إذنه فأجاز بعد ذلك لم يصحّ . نعم ، لو كان المال باقياً في يد الفقير أو تالفاً مع ضمانه ـ بأن يكون عالماً بالحال ـ يجوز له الاحتساب إذا كان باقياً على فقره .
[2815] السابعة والعشرون : إذا وكلّ المالك شخصاً في إخراج زكاته من ماله، أو أعطاه له وقال : ادفعه إلى الفقراء يجوز له الأخذ منه لنفسه إن كان فقيراً مع علمه بأنّ غرضه الإيصال إلى الفقراء، وأمّا إذا احتمل كون غرضه الدفع إلى غيره فلايجوز.
[2816] الثامنة والعشرون : لو قبض الفقير بعنوان الزكاة أربعين شاة دفعة أو تدريجاً وبقيت عنده سنة وجب عليه إخراج زكاتها ، وهكذا في سائر الأنعام والنقدين .
[2817] التاسعة والعشرون : لو كان مال زكويّ مشتركاً بين اثنين مثلا، وكان نصيب كلّ منهما بقدر النصاب، فأعطى أحدهما زكاة حصّته من مال آخر ، أو منه بإذن الآخر قبل القسمة ثمّ اقتسماه ، فإن احتمل المزكّي أنّ شريكه يؤدّي زكاته فلا إشكال ، وإن علم أنّه لايؤدّي ففيه إشكال ; من حيث تعلّق الزكاة بالعين ، فيكون مقدار منها في حصّته .
[2818] الثلاثون : قد مرّ أنّ الكافر مكلّف بالزكاة ولا تصحّ منه ، وإن كان لو أسلم سقطت عنه(1) وعلى هذا فيجوز للحاكم إجباره على الإعطاء له، أو أخذها
(الصفحة 156)
من ماله قهراً عليه ويكون هو المتولّي للنيّة ، وإن لم يؤخذ منه حتّى مات كافراً جاز الأخذ من تركته ، وإن كان وارثه مسلماً وجب عليه ، كما أنّه لو اشترى مسلم تمام النصاب منه كان شراؤه بالنسبة إلى مقدار الزكاة فضوليّاً ، وحكمه حكم ما إذا اشترى من المسلم قبل إخراج الزكاة ، وقد مرّ سابقاً .
[2819] الحادية والثلاثون : إذا بقي من المال الذي تعلّق به الزكاة والخمس مقدار لايفي بهما ولم يكن عنده غيره فالظاهر وجوب التوزيع بالنسبة ، بخلاف ما إذا كانا في ذمّته ولم يكن عنده ما يفي بهما ، فإنّه مخيّر بين التوزيع وتقديم أحدهما . وإذا كان عليه خمس أو زكاة ومع ذلك عليه من دين الناس والكفّارة والنذر والمظالم وضاق ماله عن أداء الجميع ، فإن كانت العين التي فيها الخمس أو الزكاة موجودة وجب تقديمهما على البقيّة ، وإن لم تكن موجودة فهو مخيّر بين تقديم أيّها شاء، ولايجب التوزيع وإن كان أولى . نعم ، إذا مات وكان عليه هذه الاُمور وضاقت التركة وجب التوزيع بالنسبة ، كما في غرماء المفلّس ، وإذا كان عليه حجّ واجب أيضاً كان في عرضها .
[2820] الثانية والثلاثون : الظاهر أنّه لا مانع من إعطاء الزكاة للسائل بكفّه ، وكذا في الفطرة ، ومن منع من ذلك كالمجلسي في «زاد المعاد» في باب زكاة الفطرة لعلّ نظره إلى(1) حرمة السؤال واشتراط العدالة في الفقير ، وإلاّ فلا دليل عليه بالخصوص ، بل قال المحقّق القمي : لم أر من استثناه فيما رأيته من كلمات العلماء سوى المجلسي في «زاد المعاد» ، قال : ولعلّه سهو منه ، وكأنّه كان يريد الاحتياط فسها وذكره بعنوان الفتوى .
[2821] الثالثة والثلاثون : الظاهر بناءً على اعتبار العدالة في الفقير عدم جواز
- (1) أو إلى أنّ مجرّد السؤال لا يكون أمارة على فقره، بل اللاّزم إحرازه، أو إلى أنّ من جعل السؤال حرفة له كما هو الظاهر من العنوان لا يكون فقيراً، لأنّه حرفة كافية للمؤنة.
(الصفحة 157)
أخذه أيضاً ، لكن ذكر المحقّق القمي : أنّه مختصّ بالإعطاء ; بمعنى أنّه لايجوز للمعطي أن يدفع إلى غير العادل ، وأمّا الآخذ فليس مكلّفاً بعدم الأخذ .
[2822] الرابعة والثلاثون : لاإشكال في وجوب قصد القربة في الزكاة ، وظاهر كلمات العلماء أنّها شرط في الإجزاء ، فلو لم يقصد القربة لم يكن زكاة ولم يجزئ ، ولولا الإجماع أمكن الخدشة فيه ، ومحلّ الإشكال غير ما إذا كان قاصداً للقربة في العزل وبعد ذلك نوى الرياء مثلا حين دفع ذلك المعزول إلى الفقير ، فإنّ الظاهر(1)إجزاؤه وإن قلنا باعتبار القربة ; إذ المفروض تحقّقها حين الإخراج والعزل .
[2823] الخامسة والثلاثون : إذا وكّل شخصاً في إخراج زكاته وكان الموكّل قاصداً للقربة وقصد الوكيل الرياء ففي الإجزاء إشكال(2) ، وعلى عدم الإجزاء يكون الوكيل ضامناً .
[2824] السادسة والثلاثون : إذا دفع المالك الزكاة إلى الحاكم الشرعي ليدفعها للفقراء فدفعها لابقصد القربة ، فإن كان أخذ الحاكم ودفعه بعنوان الوكالة عن المالك اُشكل الإجزاء كما مرّ(3) ; وإن كان المالك قاصداً للقربة حين دفعها للحاكم ـ وإن كان بعنوان الولاية على الفقراء ـ فلا إشكال في الإجزاء إذا كان المالك قاصداً للقربة بالدفع إلى الحاكم ، لكن بشرط أن يكون إعطاء الحاكم بعنوان الزكاة . وأمّا إذا كان لتحصيل الرئاسة فهو مشكل (4)، بل الظاهر ضمانه حينئذ وإن كان الآخذ فقيراً .
- (1) والأحوط بل الظاهر عدم الإجزاء.
- (2) إذا كان وكيلاً في الأداء والإخراج فالظاهر عدم الإجزاء، وإذا كان وكيلاً في مجرّد الإيصال فالظاهر الإجزاء; لأنّ المتصدّي للنية هو الموكّل المالك دونه.
- (3) وقد مرّ التفصيل في المسألة السابقة.
- (4) إذا كانت الرئاسة غير محرّمة فالظاهر أنّه لا إشكال فيه.