(الصفحة 180)
للبائعين ، وسواء كان عليه أثر الإسلام أم لا ، ففي جميع هذه يكون ملكاً لواجده وعليه الخمس ، ولو كان في أرض مبتاعة مع احتمال كونه لأحد البائعين عرّفه المالك قبله ، فإن لم يعرفه فالمالك قبله وهكذا (1)، فإن لم يعرفوه فهو للواجد وعليه الخمس ، وإن ادّعاه المالك السابق فالسابق أعطاه بلا بيّنة ، وإن تنازع الملاّك فيه يجري(2) عليه حكم التداعي ، ولو ادّعاه المالك السابق إرثاً وكان له شركاء نفوه دفعت إليه حصّته وملك الواجد الباقي وأعطى خمسه .
ويشترط في وجوب الخمس فيه النصاب ; وهو عشرون ديناراً(3) .
[2890] مسألة 14 : لو وجد الكنز في أرض مستأجرة أو مستعارة وجب تعريفهما وتعريف المالك أيضاً(4) ، فإن نفياه كلاهما كان له وعليه الخمس ، وإن ادّعاه أحدهما اُعطي بلا بيّنة ، وإن ادّعاه كلّ منهما ففي تقديم قول المالك وجه ; لقوّة يده ، والأوجه الاختلاف بحسب المقامات في قوّة إحدى اليدين .
[2891] مسألة 15 : لو علم الواجد أنّه لمسلم موجود ـ هو أو وارثه ـ في عصره مجهول ، ففي إجراء حكم الكنز أو حكم مجهول المالك عليه وجهان(5) ، ولو علم أنّه كان ملكاً لمسلم قديم فالظاهر جريان حكم الكنز عليه .
[2892] مسألة 16 : الكنوز المتعدّدة لكلّ واحد حكم نفسه في بلوغ النصاب
- (1) على الأحوط مع العلم بجريان يده عليه وعدم احتمال تأخّر الدفن إلى زمان اللاحق.
- (2) إذا كان الملاّك في مرتبة واحدة، وأمّا مع السبق واللحوق ـ كما لعلّه الظاهر من العبارة ـ كان اللاحق منكراً والسابق مدّعياً.
- (3) الأحوط ملاحظة بلوغ العين أو القيمة إلى أحد النصابين في باب الزكاة، من دون فرق بين الذهب والفضّة وغيرهما.
- (4) أي بالنحو المتقدّم من اللاحق، فالسابق في كليهما من المستأجر أو المستعير والمالك، وعليه فالمراد بالنفي نفي الجميع.
- (5) الأحوط بل الأقوى هو الثاني.
(الصفحة 181)
وعدمه ، فلو لم يكن آحادها بحدّ النصاب وبلغت بالضمّ لم يجب فيها الخمس . نعم ، المال الواحد المدفون في مكان واحد في ظروف متعدّدة يضمّ بعضه إلى بعض ، فإنّه يعدّ كنزاً واحداً وإن تعدّد جنسها .
[2893] مسألة 17 : في الكنز الواحد لايعتبر(1) الإخراج دفعة بمقدار النصاب ، فلو كان مجموع الدفعات بقدر النصاب وجب الخمس ، وإن لم يكن كلّ واحدة منها بقدره .
[2894] مسألة 18 : إذا اشترى دابّة ووجد في جوفها شيئاً فحاله حال الكنز الذي يجده في الأرض المشتراة في تعريف البائع وفي إخراج الخمس(2) إن لم يعرّفه ، ولايعتبر(3) فيه بلوغ النصاب ، وكذا(4) لو وجد في جوف السمكة المشتراة مع احتمال كونه لبائعها ، وكذا الحكم في غير الدابّة والسمكة من سائر الحيوانات .
[2895] مسألة 19 : إنّما يعتبر النصاب في الكنز بعد إخراج(5) مؤنة الإخراج .
[2896] مسألة 20 : إذا اشترك جماعة في كنز فالظاهر كفاية بلوغ المجموع نصاباً ، وإن لم يكن حصّة كلّ واحد بقدره .
الرابع : الغوص ، وهو إخراج الجواهر من البحر ; مثل اللؤلؤ والمرجان وغيرهما ، معدنيّاً كان أو نباتيّاً ، لا مثل السمك ونحوه من الحيوانات ، فيجب فيه الخمس بشرط أن يبلغ قيمته ديناراً فصاعداً ، فلا خمس فيما ينقص من ذلك ،
- (1) بل لا يعتبر الإخراج أصلاً، فإنّ المعتبر هو الوجدان والملكية.
- (2) على الأحوط.
- (3) لعدم كونه من مصاديق الكنز.
- (4) الظاهر عدم وجوب التعريف فيه، بل هو له ويخرج منه الخمس على الأحوط كما مرّ وهكذا الحكم في سائر الحيوانات.
- (5) الحكم فيه ما مرّ في المعدن، وكذا في المسألة اللاّحقة.
(الصفحة 182)
ولا فرق بين اتّحاد النوع وعدمه ، فلو بلغ قيمة المجموع ديناراً وجب الخمس ، ولا بين الدفعة والدفعات فيضمّ بعضها إلى بعض ، كما أنّ المدار على ما اُخرج مطلقاً وإن اشترك (1) فيه جماعة لايبلغ نصيب كلّ منهم النصاب ، ويعتبر بلوغ النصاب بعد إخراج المؤن كما مرّ في المعدن ، والمخرج بالآلات من دون غوص في حكمه على الأحوط(2) . وأمّا لو غاص وشدّه بآلة فأخرجه فلا إشكال في وجوبه فيه . نعم ، لو خرج بنفسه على الساحل أو على وجه الماء فأخذه من غير غوص لم يجب فيه من هذه الجهة ، بل يدخل في أرباح المكاسب ، فيعتبر فيه مؤنة السنة ولايعتبر فيه النصاب .
[2897] مسألة 21 : المتناول من الغوّاص لايجري عليه حكم الغوص إذا لم يكن غائصاً ، وأمّا إذا تناول منه وهو غائص أيضاً فيجب عليه إذا لم ينو الغوّاص الحيازة ، وإلاّ فهو له ووجب الخمس عليه .
[2898] مسألة 22 : إذا غاص من غير قصد للحيازة فصادف شيئاً ففي وجوب الخمس عليه وجهان ، والأحوط(3) إخراجه .
[2899] مسألة 23 : إذا أخرج بالغوص حيواناً وكان في بطنه شيء من الجواهر ، فإن كان معتاداً وجب فيه الخمس ، وإن كان من باب الاتّفاق ; بأن يكون بلع شيئاً اتّفاقاً فالظاهر عدم وجوبه(4) ، وإن كان أحوط .
[2900] مسألة 24 : الأنهار العظيمة كدجلة والنيل والفرات حكمها حكم البحر بالنسبة إلى ما يخرج منها بالغوص إذا فرض تكوّن الجوهر فيها كالبحر .
- (1) فيه إشكال بل منع.
- (2) لا تجب رعايته.
- (3) بل الأقوى مع قصد الحيازة حين الأخذ كما هو المفروض ظاهراً.
- (4) أي من حيث الغوص، فيجري عليه حكم السمكة المشتراة وقد مرّ.
(الصفحة 183)
[2901] مسألة 25 : إذا غرق شيء في البحر وأعرض مالكه عنه فأخرجه الغوّاص ملكه ، ولايلحقه حكم الغوص على الأقوى، وإن كان من مثل اللؤلؤ والمرجان ، لكن الأحوط إجراء حكمه عليه .
[2902] مسألة 26 : إذا فرض معدن من مثل العقيق أو الياقوت أو نحوهما تحت الماء بحيث لايخرج منه إلاّ بالغوص فلا إشكال في تعلّق الخمس به ، لكنّه هل يعتبر فيه نصاب المعدن أو الغوص؟ وجهان ، والأظهر الثاني(1) .
[2903] مسألة 27 : العنبر إذا اُخرج بالغوص جرى عليه حكمه ، وإن اُخذ علىوجه الماء أو الساحل ففي لحوق حكمه له وجهان ، والأحوط اللحوق ، وأحوط منه(2) إخراج خمسه وإن لم يبلغ النصاب أيضاً .
الخامس : المال الحلال المخلوط بالحرام على وجه لايتميّز مع الجهل بصاحبه وبمقداره ، فيحلّ بإخراج خمسه ومصرفه مصرف سائر أقسام الخمس على الأقوى(3) ، وأمّا إن علم المقدار ولم يعلم المالك تصدّق به عنه ، والأحوط أن يكون بإذن المجتهد الجامع للشرائط ، ولو انعكس بأن علم المالك وجهل المقدار تراضيا(4)بالصلح ونحوه ، وإن لم يرض المالك بالصلح ففي جواز الاكتفاء بالأقلّ أو وجوب
- (1) بل الأظهر هو التفصيل بين ما إذا كان المعدن الموجود تحت الماء محتاجاً إلى الحفر والاستخراج، بحيث كان تحت الماء بالإضافة إليه، كسطح الأرض بالنسبة إلى المعادن المستخرجة في البرّ، كمعدن النفط الموجود في بعض البحار المستخرج في هذه الأزمنة، فيجب الخمس فيه من حيث المعدن، ويعتبر فيه نصابه، وبين غيره فيعتبر فيه نصاب الغوص.
- (2) لا يترك.
- (3) والأحوط إعطاء السادة بقصد ما في الذمّة، الذي لا يعلم أنّه الخمس المصطلح أو الصدقة عن المالك.
- (4) أي يجوز التراضي ويصحّ، لا أنّه واجب.
(الصفحة 184)
إعطاء الأكثر وجهان ، الأحوط الثاني ، والأقوى الأوّل إذا كان المال في يده(1) ، وإن علم المالك والمقدار وجب دفعه إليه .
[2904] مسألة 28 : لا فرق في وجوب إخراج الخمس وحلّيّة المال بعده بين أن يكون الاختلاط بالإشاعة أو بغيرها ، كما إذا اشتبه الحرام بين أفراد من جنسه أو من غير جنسه .
[2905] مسألة 29 : لا فرق في كفاية إخراج الخمس في حلّيّة البقيّة في صورة الجهل بالمقدار والمالك بين أن يعلم إجمالاً زيادة مقدار الحرام أو نقيصته عن الخمس ، وبين صورة عدم العلم ولو إجمالاً ، ففي صورة العلم الإجمالي بزيادته عن الخمس أيضاً يكفي(2) إخراج الخمس ، فإنّه مطهّر للمال تعبّداً ، وإن كان الأحوط مع إخراج الخمس المصالحة مع الحاكم الشرعي أيضاً بما يرتفع به يقين الشغل وإجراء حكم مجهول المالك عليه ، وكذا في صورة العلم الإجمالي بكونه أنقص من الخمس ، وأحوط من ذلك المصالحة معه بعد إخراج الخمس بما يحصل معه اليقين
- (1) قال سيّدنا العلاّمة الاُستاذ (قدس سره) في التعليقة: «إنّما يصحّ نفي الزيادة باليد فيما إذا علم حرمة أعيان بعينها وشك في الزائد، وأمّا إذا تردّد الأمر بين متباينين أحدهما أكثر عدداً أو قيمة من الآخر فلايصحّ ذلك، ولا يبعد فيه لزوم التنصيف في الزائد على المقدار المعلوم» انتهى.
- أقول: إن كان مراده (قدس سره) التصوير في موضوع البحث فيرد عليه ـ مضافاً إلى عدم كون الصورة الاُولى داخلة فيه ـ أنّه لا وجه لعدم التعرّض لما هو العمدة فيه من الاختلاط بنحو الشركة الإشاعية. وإن كان مراده الأعمّ فيرد عليه أيضاً ذلك، إلاّ أن يكون نفي الزيادة باليد في الفرض المهمّ مسلّماً عنده (قدس سره)، فيرد عليه أنّه لا وجه للتسلّم وإن كان الظاهر فيه ذلك، كما أنّ الظاهر في المتباينين القرعة.
- (2) في شمول الأدلّة لهذه الصورة وكذا الصورة الآتية تأمّل، وإجراء حكم مجهول المالك على المقدار المعلوم في الصورتين لا يخلو عن قوّة، ولكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالصرف في مصرف الخمس بعد الاستئذان من الحاكم، أو إخراجه إليه والمصالحة معه في المقدار المردّد.