(الصفحة 242)
أصل التكليف .
[3023] مسألة 26 : إذا اعتقد أنّه غير مستطيع فحجّ ندباً ، فإن قصد امتثال الأمر المتعلّق به فعلاً وتخيّل أنّه الأمر الندبي أجزأ عن حجّة الإسلام ; لأنّه حينئذ من باب الاشتباه في التطبيق ، وإن قصد الأمر الندبي على وجه التقييد لم يجزئ عنها وإن كان حجّه صحيحاً ، وكذا الحال إذا علم باستطاعته ثمّ غفل عن ذلك . وأمّا لو علم بذلك وتخيّل عدم فوريّتها فقصد الأمر الندبيّ فلايجزئ ; لأنّه يرجع إلى التقييد .
[3024] مسألة 27 : هل تكفي في الاستطاعة الملكيّة المتزلزلة للزاد والراحلة وغيرهما ، كما إذا صالحه شخص ما يكفيه للحجّ بشرط الخيار له إلى مدّة معيّنة ، أو باعه محاباة كذلك؟ وجهان ، أقواهما العدم ; لأنّها في معرض الزوال إلاّ إذا كان واثقاً بأنّه لايفسخ ، وكذا لو وهبه وأقبضه إذا لم يكن رحماً ، فإنّه ما دامت العين موجودة له الرجوع ، ويمكن أن يقال بالوجوب هنا ، حيث إنّ له التصرّف في الموهوب فتلزم الهبة .
[3025] مسألة 28 : يشترط في وجوب الحجّ بعد حصول الزاد والراحلة بقاء المال إلى تمام الأعمال ، فلو تلف بعد ذلك ولو في أثناء الطريق كشف عن عدم الاستطاعة ، وكذا لو حصل عليه دين قهراً عليه ، كما إذا أتلف مال غيره خطأً . وأمّا لو أتلفه عمداً فالظاهر كونه كإتلاف الزاد والراحلة عمداً في عدم زوال استقرار الحجّ .
[3026] مسألة 29 : إذا تلف بعد تمام الأعمال مؤنة عوده إلى وطنه، أو تلف ما به الكفاية من ماله في وطنه بناءً على اعتبار الرجوع إلى كفاية في الاستطاعة ، فهل يكفيه عن حجّة الإسلام أو لا ؟ وجهان ، لايبعد الإجزاء ، ويقرّبه ما ورد من أنّ من مات بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأه عن حجّة الإسلام ، بل يمكن أن يقال بذلك إذا تلف في أثناء الحجّ أيضاً .
(الصفحة 243)
[3027] مسألة 30 : الظاهر عدم اعتبار الملكيّة في الزاد والراحلة ، فلو حصلا بالإباحة اللازمة كفى في الوجوب ; لصدق الاستطاعة ، ويؤيّده الأخبار الواردة في البذل ، فلو شرط أحد المتعاملين على الآخر في ضمن عقد لازم أن يكون له التصرّف في ماله بما يعادل مائة ليرة مثلا وجب عليه الحجّ، ويكون كما لو كان مالكاً له .
[3028] مسألة 31 : لو أوصى له بما يكفيه للحجّ فالظاهر وجوب الحجّ عليه بعد موت الموصي ، خصوصاً إذا لم يعتبر القبول في ملكيّة الموصى له ، وقلنا بملكيتّه ما لم يردّ ، فإنّه ليس له الردّ حينئذ .
[3029] مسألة 32 : إذا نذر قبل حصول الاستطاعة أن يزور الحسين (عليه السلام) في كلّ عرفة ثمّ حصلت لم يجب عليه الحجّ ، بل وكذا لو نذر إن جاء مسافره أن يعطي الفقير كذا مقداراً ، فحصل له ما يكفيه لأحدهما بعد حصول المعلّق عليه ، بل وكذا إذا نذر قبل حصول الاستطاعة أن يصرف مقدار مائة ليرة مثلا في الزيارة أو التعزية أو نحو ذلك ، فإنّ هذا كلّه مانع عن تعلّق وجوب الحجّ به ، وكذا إذا كان عليه واجب مطلق فوريّ قبل حصول الاستطاعة ولم يمكن الجمع بينه وبين الحجّ ، ثمّ حصلت الاستطاعة، وإن لم يكن ذلك الواجب أهمّ من الحجّ ; لأنّ العذر الشرعي كالعقلي في المنع من الوجوب. وأمّا لو حصلت الاستطاعة أوّلاً ثمّ حصل واجب فوريّ آخر لايمكن الجمع بينه وبين الحجّ يكون من باب المزاحمة ، فيقدّم الأهمّ منهما ، فلو كان مثل إنقاذ الغريق قدّم على الحجّ ، وحينئذ فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجب الحجّ فيه ، وإلاّ فلا ، إلاّ أن يكون الحجّ قد استقرّ عليه سابقاً ، فإنّه يجب عليه ولو متسكّعاً .
[3030] مسألة 33 : النذر المعلّق على أمر قسمان : تارة يكون التعليق على وجه الشرطيّة ، كما إذا قال : إن جاء مسافري فللّه عليّ أن أزور الحسين (عليه السلام) في عرفة ،
(الصفحة 244)
وتارة يكون على نحو الواجب المعلّق ، كأن يقول : لله عليّ أن أزور الحسين (عليه السلام)في عرفة عند مجيء مسافري ، فعلى الأوّل يجب الحجّ إذا حصلت الاستطاعة قبل مجيء مسافره ، وعلى الثاني لايجب ، فيكون حكمه حكم النذر المنجّز في أنّه لو حصلت الاستطاعة وكان العمل بالنذر منافياً لها لم يجب الحجّ ; سواء حصل المعلّق عليه قبلها أو بعدها. وكذا لو حصلا معاً لايجب الحجّ ، من دون فرق بين الصورتين ، والسرّ في ذلك أنّ وجوب الحجّ مشروط والنذر مطلق ، فوجوبه يمنع من تحقّق الاستطاعة .
[3031] مسألة 34: إذا لم يكن له زاد وراحلة ولكن قيل له: حجّ وعليّ نفقتك ونفقة عيالك وجب عليه ، وكذا لو قال : حجّ بهذا المال وكان كافياً له ذهاباً وإياباً ولعياله ، فتحصل الاستطاعة ببذل النفقة كما تحصل بملكها ، من غير فرق بين أن يبيحها له أو يملّكها إيّاه ، ولا بين أن يبذل عينها أو ثمنها ، ولا بين أن يكون البذل واجباً عليه بنذر أو يمين أو نحوهما أو لا ، ولا بين كون الباذل موثوقاً به أو لا على الأقوى ، والقول بالاختصاص بصورة التمليك ضعيف ، كالقول بالاختصاص بما إذا وجب عليه أو بأحد الأمرين ; من التمليك أو الوجوب ، وكذا القول بالاختصاص بما إذا كان موثوقاً به ; كلّ ذلك لصدق الاستطاعة وإطلاق المستفيضة من الأخبار ، ولو كان له بعض النفقة فبذل له البقيّة وجب أيضاً ، ولو بذل له نفقة الذهاب فقط ولم يكن عنده نفقة العود لم يجب ، وكذا لو لم يبذل نفقة عياله إلاّ إذا كان عنده مايكفيهم إلى أن يعود ، أو كان لايتمكّن من نفقتهم مع ترك الحجّ أيضاً .
[3032] مسألة 35 : لايمنع الدين من الوجوب في الاستطاعة البذليّة . نعم ، لو كان حالاّ وكان الديّان مطالباً مع فرض تمكّنه من أدائه لو لم يحجّ ولو تدريجاً ، ففي كونه مانعاً أو لا وجهان .
[3033] مسألة 36 : لايشترط الرجوع إلى كفاية في الاستطاعة البذليّة .
(الصفحة 245)
[3034] مسألة 37 : إذا وهبه ما يكفيه للحجّ لأن يحجّ وجب عليه القبول على الأقوى ، بل وكذا لو وهبه وخيّره بين أن يحجّ به أو لا . وأمّا لو وهبه ولم يذكر الحجّ لا تعييناً ولا تخييراً فالظاهر عدم وجوب القبول كما عن المشهور .
[3035] مسألة 38 : لو وقف شخص لمن يحجّ أو أوصى أو نذر كذلك ، فبذل المتولّي أو الوصيّ أو الناذر له وجب عليه ; لصدق الاستطاعة بل إطلاق الأخبار ، وكذا لو أوصى له بما يكفيه للحجّ بشرط أن يحجّ ، فإنّه يجب عليه بعد موت الموصي .
[3036] مسألة 39 : لو أعطاه ما يكفيه للحجّ خمساً أو زكاة وشرط عليه أن يحجّ به فالظاهر الصحّة ووجوب الحجّ عليه إذا كان فقيراً ، أو كانت الزكاة من سهم سبيل الله .
[3037] مسألة 40 : الحجّ البذلي مجزئ عن حجّة الإسلام ، فلايجب عليه إذا استطاع مالاً بعد ذلك على الأقوى .
[3038] مسألة 41 : يجوز للباذل الرجوع عن بذله قبل الدخول في الإحرام ، وفي جواز رجوعه عنه بعده وجهان ، ولو وهبه للحجّ فقبل فالظاهر جريان حكم الهبة عليه في جواز الرجوع قبل الإقباض وعدمه بعده إذا كانت لذي رحم أو بعد تصرّف الموهوب له .
[3039] مسألة 42 : إذا رجع الباذل في أثناء الطريق ففي وجوب نفقة العود عليه أو لا وجهان .
[3040] مسألة 43 : إذا بذل لأحد اثنين أو ثلاثة فالظاهر الوجوب عليهم كفاية ، فلو ترك الجميع استقرّ عليهم الحجّ فيجب على الكلّ ; لصدق الاستطاعة بالنسبة إلى الكلّ ، نظير ما إذا وجد المتيمّمون ماءً يكفي لواحد منهم ، فإنّ تيمّم الجميع يبطل .
(الصفحة 246)
[3041] مسألة 44 : الظاهر أنّ ثمن الهدي على الباذل . وأمّا الكفّارات، فإن أتى بموجبها عمداً اختياراً فعليه ، وإن أتى به اضطراراً أو مع الجهل أو النسيان فيما لا فرق فيه بين العمد وغيره ، ففي كونه عليه أو على الباذل وجهان .
[3042] مسألة 45 : إنّما يجب بالبذل الحجّ الذي هو وظيفته على تقدير الاستطاعة ، فلو بذل للآفاقي بحجّ القران أو الإفراد أو لعمرة مفردة لايجب عليه ، وكذا لو بذل للمكّي لحجّ التمتّع لايجب عليه ، ولو بذل لمن حجّ حجّة الإسلام لم يجب عليه ثانياً ، ولو بذل لمن استقرّ عليه حجّة الإسلام وصار معسراً وجب عليه ، ولو كان عليه حجّة النذر أو نحوه ولم يتمكّن فبذل له باذل وجب عليه ، وإن قلنا بعدم الوجوب لو وهبه لا للحجّ ; لشمول الأخبار من حيث التعليل فيها بأنّه بالبذل صار مستطيعاً ، ولصدق الاستطاعة عرفاً .
[3043] مسألة 46 : إذا قال له : بذلت لك هذا المال مخيّراً بين أن تحجّ به أو تزور الحسين (عليه السلام) وجب عليه الحجّ .
[3044] مسألة 47 : لو بذل له مالاً ليحجّ بقدر ما يكفيه فسرق في أثناء الطريق سقط الوجوب .
[3045] مسألة 48 : لو رجع عن بذله في الأثناء وكان في ذلك المكان يتمكّن من أن يأتي ببقيّة الأعمال من مال نفسه ، أو حدث له مال بقدر كفايته وجب عليه الإتمام ، وأجزأه عن حجّة الإسلام .
[3046] مسألة 49 : لا فرق في الباذل بين أن يكون واحداً أو متعدّداً ، فلو قالا له : حجّ وعلينا نفقتك وجب عليه .
[3047] مسألة 50 : لو عيّن له مقداراً ليحجّ به واعتقد كفايته فبان عدمها وجب عليه الإتمام في الصورة التي لايجوز له الرجوع ، إلاّ إذا كان ذلك مقيّداً بتقدير كفايته .
|