(الصفحة 268)
على الأداء ، ولو علم أنّ الأجير لم يؤدّ وجب الاستئجار ثانياً ، ويخرج من الأصل إن لم يمكن استرداد الاُجرة من الأجير .
[3105] مسألة 108 : إذا استأجر الوصيّ أو الوارث من البلد غفلة عن كفاية الميقاتيّة ضمن ما زاد عن اُجرة الميقاتيّة للورثة أو لبقيّتهم .
[3106] مسألة 109 : إذا لم يكن للميّت تركة وكان عليه الحجّ لم يجب على الورثة شيء، وإن كان يستحبّ على وليّه ، بل قد يقال بوجوبه ; للأمر به في بعض الأخبار .
[3107] مسألة 110 : من استقرّ عليه الحجّ وتمكّن من أدائه ليس له أن يحجّ عن غيره تبرّعاً أو بإجارة ، وكذا ليس له أن يحجّ تطوّعاً ، ولو خالف فالمشهور البطلان ، بل ادّعى بعضهم عدم الخلاف فيه وبعضهم الإجماع عليه ، ولكن عن سيّد «المدارك» التردّد في البطلان ، ومقتضى القاعدة الصحّة وإن كان عاصياً في ترك ما وجب عليه ، كما في مسألة الصلاة مع فوريّة وجوب إزالة النجاسة عن المسجد ، إذ لا وجه للبطلان إلاّ دعوى أنّ الأمر بالشيء نهي عن ضدّه ، وهي محلّ منع ، وعلى تقديره لايقتضي البطلان ; لأنّه نهي تبعيّ ، ودعوى أنّه يكفي في عدم الصحّة عدم الأمر ، مدفوعة بكفاية المحبوبيّة في حدّ نفسه في الصحّة ، كما في مسألة ترك الأهمّ والإتيان بغير الأهمّ من الواجبين المتزاحمين ، أو دعوى أنّ الزمان مختصّ بحجّته عن نفسه ، فلايقبل لغيره ، وهي أيضاً مدفوعة بالمنع ، إذ مجرّد الفوريّة لايوجب الاختصاص ، فليس المقام من قبيل شهر رمضان ; حيث إنّه غير قابل لصوم آخر .
وربما يتمسّك للبطلان في المقام بخبر سعد بن أبي خلف، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام): عن الرجل الصرورة يحجّ عن الميّت؟ قال (عليه السلام) : «نعم ، إذا لم يجد الصرورة ما يحجّ به عن نفسه ، فإن كان له ما يحجّ به عن نفسه فليس يجزئ عنه
(الصفحة 269)
حتّى يحجّ من ماله ، وهي تجزئ عن الميّت إن كان للصرورة مال ، وإن لم يكن له مال» . وقريب منه صحيح سعيد الأعرج، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، وهما كما ترى بالدلالة على الصحّة أولى ، فإنّ غاية ما يدلاّن عليه أنّه لايجوز له ترك حجّ نفسه وإتيانه عن غيره ، وأمّا عدم الصحّة فلا . نعم ، يستفاد منهما عدم إجزائه عن نفسه ، فتردّد صاحب «المدارك» في محلّه ، بل لايبعد الفتوى بالصحّة ، لكن لايترك الاحتياط .
هذا كلّه لو تمكّن من حجّ نفسه ، وأمّا إذا لم يتمكّن فلا إشكال في الجواز والصحّة عن غيره ، بل لاينبغي الإشكال في الصحّة إذا كان لايعلم بوجوب الحجّ عليه ; لعدم علمه باستطاعته مالاً ، أو لايعلم بفوريّة وجوب الحجّ عن نفسه، فحجّ عن غيره أو تطوّعاً ، ثمّ على فرض صحّة الحجّ عن الغير ـ ولو مع التمكّن والعلم بوجوب الفوريّة ـ لو آجر نفسه لذلك ، فهل الإجارة أيضاً صحيحة، أو باطلة مع كون حجّه صحيحاً عن الغير؟ الظاهر بطلانها ، وذلك لعدم قدرته شرعاً على العمل المستأجر عليه ; لأنّ المفروض وجوبه عن نفسه فوراً ، وكونه صحيحاً على تقدير المخالفة لاينفع في صحّة الإجارة ، خصوصاً على القول بأنّ الأمر بالشيء نهي عن ضدّه ; لأنّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه وإن كانت الحرمة تبعيّة .
فإن قلت : ما الفرق بين المقام وبين المخالفة للشرط في ضمن العقد مع قولكم بالصحّة هناك ؟ كما إذا باعه عبداً وشرط عليه أن يعتقه فباعه ، حيث تقولون بصحّة البيع ويكون للبائع خيار تخلّف الشرط.
قلت : الفرق أنّ في ذلك المقام المعاملة على تقدير صحّتها مفوّتة لوجوب العمل بالشرط ، فلايكون العتق واجباً بعد البيع; لعدم كونه مملوكاً له بخلاف المقام، حيث إنّا لو قلنا بصحّة الإجارة لايسقط وجوب الحجّ عن نفسه فوراً ، فيلزم اجتماع أمرين متنافيين فعلاً ، فلايمكن أن تكون الإجارة صحيحة ، وإن قلنا : إنّ
(الصفحة 270)
النهي التبعي لايوجب البطلان ، فالبطلان من جهة عدم القدرة على العمل ، لا لأجل النهي عن الإجارة . نعم ، لو لم يكن متمكّناً من الحجّ عن نفسه يجوز له أن يؤجر نفسه للحجّ عن غيره ، وإن تمكّن بعد الإجارة عن الحجّ عن نفسه لا تبطل إجارته ، بل لايبعد صحّتها لو لم يعلم باستطاعته، أو لم يعلم بفوريّة الحجّ عن نفسه فآجر نفسه للنيابة ولم يتذكّر إلى أن فات محلّ استدراك الحجّ عن نفسه، كما بعد الفراغ أو في أثناء الأعمال .
ثمّ لا إشكال في أنّ حجّه عن الغير لايكفيه عن نفسه ، بل إمّا باطل كما عن المشهور ، أو صحيح عمّن نوى عنه كما قوّيناه ، وكذا لو حجّ تطوّعاً لايجزئه عن حجّة الإسلام في الصورة المفروضة ، بل إمّا باطل، أو صحيح ويبقى عليه حجّة الإسلام ، فما عن الشيخ من أنّه يقع عن حجّة الإسلام لا وجه له ، إذ الانقلاب القهريّ لا دليل عليه ، ودعوى أنّ حقيقة الحجّ واحدة ، والمفروض إتيانه بقصد القربة ، فهو منطبق على ما عليه من حجّة الإسلام ، مدفوعة بأنّ وحدة الحقيقة لا تجدي بعد كون المطلوب هو الإتيان بقصد ما عليه ، وليس المقام من باب التداخل بالإجماع ، كيف وإلاّ لزم كفاية الحجّ عن الغير أيضاً عن حجّة الإسلام ، بل لابدّ من تعدّد الامتثال مع تعدّد الأمر وجوباً وندباً ، أو مع تعدّد الواجبين ، وكذا ليس المراد من حجّة الإسلام الحجّ الأوّل بأيّ عنوان كان، كما في صلاة التحيّة وصوم الاعتكاف ، فلا وجه لما قاله الشيخ أصلاً .
نعم ، لو نوى الأمر المتوجّه إليه فعلاً وتخيّل أنّه أمر ندبيّ غفلة عن كونه مستطيعاً أمكن القول بكفايته عن حجّة الإسلام ، لكنّه خارج عمّا قاله الشيخ ، ثمّ إذا كان الواجب عليه حجّاً نذريّاً أو غيره، وكان وجوبه فوريّاً فحاله ما ذكرنا في حجّة الإسلام; من عدم جواز حجّ غيره وأنّه لو حجّ صحّ أولا ، وغير ذلك من التفاصيل المذكورة بحسب القاعدة .
(الصفحة 271)
فصل
في الحجّ الواجب بالنذر والعهد واليمين
ويشترط في انعقادها : البلوغ والعقل والقصد والاختيار ، فلا تنعقد من الصبي وإن بلغ عشراً وقلنا بصحّة عباداته وشرعيّتها ; لرفع قلم الوجوب عنه ، وكذا لا تصحّ من المجنون والغافل والساهي والسكران والمكره ، والأقوى صحّتها من الكافر، وفاقاً للمشهور في اليمين خلافاً لبعض ، وخلافاً للمشهور في النذر وفاقاً لبعض ، وذكروا في وجه الفرق عدم اعتبار قصد القربة في اليمين واعتباره في النذر ، ولا تتحقّق القربة في الكافر .
وفيه: أوّلاً : أنّ القربة لا تعتبر في النذر بل هو مكروه، وإنّما تعتبر في متعلّقه، حيث إنّ اللازم كونه راجحاً شرعاً . وثانياً : أنّ متعلّق اليمين أيضاً قد يكون من العبادات . وثالثاً : أنّه يمكن قصد القربة من الكافر أيضاً . ودعوى عدم إمكان إتيانه للعبادات لاشتراطها بالإسلام ، مدفوعة بإمكان إسلامه ثمّ إتيانه، فهو مقدور لمقدوريّة مقدّمته ، فيجب عليه حال كفره كسائر الواجبات ، ويعاقب على مخالفته ، ويترتّب عليها وجوب الكفّارة فيعاقب على تركها أيضاً ، وإن أسلم صحّ إن أتى به ، ويجب عليه الكفّارة لو خالف ، ولايجري فيه قاعدة جبّ الإسلام لانصرافها عن المقام . نعم ، لو خالف وهو كافر وتعلّق به الكفّارة فأسلم لايبعد دعوى سقوطها عنه كما قيل .
[3108] مسألة 1 : ذهب جماعة إلى أنّه يشترط في انعقاد اليمين من المملوك إذن المولى ، وفي انعقاده من الزوجة إذن الزوج، وفي انعقاده من الولد إذن الوالد ، لقوله (عليه السلام) : «لايمين لولد مع والده ، ولا للزوجة مع زوجها ، ولا للمملوك مع
(الصفحة 272)
مولاه» . فلو حلف أحد هؤلاء بدون الإذن لم ينعقد ، وظاهرهم اعتبار الإذن السابق ، فلا تكفي الإجازة بعده مع أنّه من الإيقاعات، وادّعي الاتّفاق على عدم جريان الفضوليّة فيها ، وإن كان يمكن دعوى أنّ القدر المتيقّن من الاتّفاق ما إذا وقع الإيقاع على مال الغير ، مثل الطلاق والعتق ونحوهما ، لا مثل المقام ممّا كان في مال نفسه . غاية الأمر اعتبار رضا الغير فيه ، ولا فرق فيه بين الرضا السابق واللاحق ، خصوصاً إذا قلنا : إنّ الفضولي على القاعدة .
وذهب جماعة إلى أنّه لايشترط الإذن في الانعقاد ، لكن للمذكورين حلّ يمين الجماعة إذا لم يكن مسبوقاً بنهي أو إذن ، بدعوى أنّ المنساق من الخبر المذكور ونحوه أنّه ليس للجماعة المذكورة يمين مع معارضة المولى أو الأب أو الزوج ، ولازمه جواز حلّهم له ، وعدم وجوب العمل به مع عدم رضاهم به . وعلى هذا فمع النهي السابق لاينعقد ، ومع الإذن يلزم ، ومع عدمهما ينعقد ولهم حلّه ، ولايبعد قوّة هذا القول ، مع أنّ المقدّر كما يمكن أن يكون هو الوجود يمكن أن يكون هو المنع والمعارضة ; أي لايمين مع منع المولى مثلا ، فمع عدم الظهور في الثاني لا أقل من الإجمال ، والقدر المتيقّن هو عدم الصحّة مع المعارضة والنهي ، بعد كون مقتضى العمومات الصحّة واللزوم .
ثمّ إنّ جواز الحلّ أو التوقف على الإذن ليس في اليمين بما هو يمين مطلقاً كما هو ظاهر كلماتهم ، بل إنّما هو فيما كان المتعلّق منافياً لحق المولى أو الزوج ، وكان ممّا يجب فيه طاعة الوالد إذا أمر أو نهى ، وأمّا ما لم يكن كذلك فلا ، كما إذا حلف المملوك أن يحجّ إذا أعتقه المولى ، أو حلفت الزوجة أن تحجّ إذا مات زوجها أو طلّقها ، أو حلفا أن يصلّيا صلاة الليل ، مع عدم كونها منافية لحقّ المولى ، أو حقّ الاستمتاع من الزوجة ، أو حلف الولد أن يقرأ كلّ يوم جزءاً من القرآن ، أو نحو ذلك ممّا لايجب طاعتهم فيها للمذكورين ، فلا مانع من انعقاده ، وهذا هو المنساق
|