(الصفحة 298)
وظيفته العدول إلى حجّ الإفراد ـ عمّن عليه حجّ التمتّع ، ولو استأجره مع سعة الوقت فنوى التمتّع ثمّ اتّفق ضيق الوقت ، فهل يجوز له العدول ويجزئ عن المنوب عنه أو لا ؟ وجهان ; من إطلاق أخبار العدول ، ومن انصرافها إلى الحاجّ عن نفسه ، والأقوى عدمه ، وعلى تقديره فالأقوى عدم إجزائه عن الميّت وعدم استحقاق الاُجرة عليه ، لأنّه غير ما على الميّت ، ولأنّه غير العمل المستأجر عليه .
[3166] مسألة 25 : يجوز التبرّع عن الميّت في الحجّ الواجب أيّ واجب كان والمندوب ، بل يجوز التبرّع عنه بالمندوب وإن كانت ذمّته مشغولة بالواجب ، ولو قبل الاستئجار عنه للواجب ، وكذا يجوز الاستئجار عنه في المندوب كذلك . وأمّا الحيّ فلايجوز التبرّع عنه في الواجب إلاّ إذا كان معذوراً في المباشرة لمرض أو هرم ، فإنّه يجوز التبرّع عنه ويسقط عنه وجوب الاستنابة على الأقوى كما مرّ سابقاً . وأمّا الحجّ المندوب فيجوز التبرّع عنه ، كما يجوز له أن يستأجر له حتّى إذا كان عليه حجّ واجب لايتمكّن من أدائه فعلاً ، وأمّا إن تمكّن منه فالاستئجار للمندوب قبل أدائه مشكل ، بل التبرّع عنه حينئذ أيضاً لايخلو عن إشكال في الحجّ الواجب .
[3167] مسألة 26 : لايجوز أن ينوب واحد عن اثنين أو أزيد في عام واحد ، وإن كان الأقوى فيه الصحّة ، إلاّ إذا كان وجوبه عليهما على نحو الشركة ، كما إذا نذر كلّ منهما أن يشترك مع الآخر في تحصيل الحجّ . وأمّا في الحجّ المندوب فيجوز حجّ واحد عن جماعة بعنوان النيابة ، كما يجوز بعنوان إهداء الثواب ; لجملة من الأخبار الظاهرة في جواز النيابة أيضاً ، فلا داعي لحملها على خصوص إهداء الثواب .
[3168] مسألة 27 : يجوز أن ينوب جماعة عن الميّت أو الحيّ في عام واحد في الحجّ المندوب تبرّعاً أو بالإجارة ، بل يجوز ذلك في الواجب أيضاً ، كما إذا كان على الميّت أو الحيّ الذي لايتمكّن من المباشرة لعذر حجّان مختلفان نوعاً كحجّة
(الصفحة 299)
الإسلام والنذر ، أو متّحدان من حيث النوع كحجّتين للنذر ، فيجوز أن يستأجر أجيرين لهما في عام واحد ، وكذا يجوز إذا كان أحدهما واجباً والآخر مستحبّاً ، بل يجوز أن يستأجر أجيرين لحجّ واجب واحد ـ كحجّة الإسلام في عام واحد احتياطاً ـ لاحتمال بطلان حجّ أحدهما ، بل وكذا مع العلم بصحّة الحجّ من كلّ منهما وكلاهما آت بالحجّ الواجب ، وإن كان إحرام أحدهما قبل إحرام الآخر ، فهو مثل ما إذا صلّى جماعة على الميّت في وقت واحد ، ولايضرّ سبق أحدهما بوجوب الآخر ، فإنّ الذمّة مشغولة ما لم يتمّ العمل ، فيصحّ قصد الوجوب من كلّ منهما ولو كان أحدهما أسبق شروعاً .
فصل
في الوصيّة بالحجّ
[3169] مسألة 1 : إذا أوصى بالحجّ ، فإن علم أنّه واجب اُخرج من أصل التركة وإن كان بعنوان الوصيّة ، فلايقال مقتضى كونه بعنوانها خروجه من الثلث . نعم ، لو صرّح بإخراجه من الثلث اُخرج منه ، فإن وفى به ، وإلاّ يكون الزائد من الأصل ، ولا فرق في الخروج من الأصل بين حجّة الإسلام والحجّ النذري والإفسادي ; لأنّه بأقسامه واجب ماليّ، وإجماعهم قائم على خروج كلّ واجب مالي من الأصل ، مع أنّ في بعض الأخبار أنّ الحجّ بمنزلة الدين ، ومن المعلوم خروجه من الأصل ، بل الأقوى خروج كلّ واجب من الأصل وإن كان بدنيّاً كما مرّ سابقاً ، وإن علم أنّه ندبيّ فلا إشكال في خروجه من الثلث .
وإن لم يعلم أحد الأمرين ففي خروجه من الأصل أو الثلث وجهان ; يظهر من سيّد «الرياض» (قدس سره) خروجه من الأصل ; حيث إنّه وجّه كلام الصدوق (قدس سره) ـ الظاهر
(الصفحة 300)
في كون جميع الوصايا من الأصل ـ بأنّ مراده ما إذا لم يعلم كون الموصى به واجباً أو لا ، فإنّ مقتضى عمومات وجوب العمل بالوصيّة خروجها من الأصل ، خرج عنها صورة العلم بكونها ندبيّاً ، وحمل الخبر الدالّ بظاهره على ما عن الصدوق أيضاً على ذلك ، لكنّه مشكل ، فإنّ العمومات مخصّصة بما دلّ على أنّ الوصيّة بأزيد من الثلث تردّ إليه ، إلاّ مع إجازة الورثة ، هذا مع أنّ الشبهة مصداقيّة ، والتمسّك بالعمومات فيها محلّ إشكال .
وأمّا الخبر المشار إليه ـ وهو قوله (عليه السلام) : «الرجل أحقّ بماله ما دام فيه الروح ، إن أوصى به كلّه فهو جائز» ـ فهو موهون بإعراض العلماء عن العمل بظاهره ، ويمكن أن يكون المراد «بماله» هو الثلث الذي أمره بيده . نعم ، يمكن أن يقال في مثل هذه الأزمنة بالنسبة إلى هذه الأمكنة البعيدة عن مكّة الظاهر من قول الموصي : «حجّوا عنّي» هو حجّة الإسلام الواجبة ; لعدم تعارف الحجّ المستحبّي في هذه الأزمنة والأمكنة ، فيحمل على أنّه واجب من جهة هذا الظهور والانصراف ، كما أنّه إذا قال : «أدّوا كذا مقداراً خمساً أو زكاة» ينصرف إلى الواجب عليه .
فتحصّل أنّ في صورة الشكّ في كون الموصى به واجباً حتّى يخرج من أصل التركة ، أو لا حتّى يكون من الثلث ، مقتضى الأصل الخروج من الثلث ; لأنّ الخروج من الأصل موقوف على كونه واجباً وهو غير معلوم ، بل الأصل عدمه إلاّ إذا كان هناك انصراف، كما في مثل الوصيّة بالخمس أو الزكاة أو الحجّ ونحوها . نعم ، لو كانت الحالة السابقة فيه هو الوجوب، كما إذا علم وجوب الحجّ عليه سابقاً ولم يعلم أنّه أتى به أو لا ، فالظاهر جريان الاستصحاب والإخراج من الأصل .
ودعوى أنّ ذلك موقوف على ثبوت الوجوب عليه وهو فرع شكّه لا شكّ الوصيّ أو الوارث، ولايعلم أنّه كان شاكّاً حين موته أو عالماً بأحد الأمرين، مدفوعة بمنع اعتبار شكّه ، بل يكفي شكّ الوصيّ أو الوارث أيضاً ، ولا فرق في ذلك
(الصفحة 301)
بين ما إذا أوصى أو لم يوصِ ، فإنّ مقتضى أصالة بقاء اشتغال ذمّته بذلك الواجب عدم انتقال ما يقابله من التركة إلى الوارث ، ولكنّه يشكل على ذلك الأمر في كثير من الموارد; لحصول العلم غالباً بأنّ الميّت كان مشغول الذمّة بدين أو خمس أو زكاة أو حجّ أو نحو ذلك ، إلاّ أن يدفع بالحمل على الصحّة ، فإنّ ظاهر حال المسلم الإتيان بما وجب عليه ، لكنّه مشكل في الواجبات الموسّعة ، بل في غيرها أيضاً في غير الموقّتة ، فالأحوط في هذه الصورة الإخراج من الأصل .
[3170] مسألة 2 : يكفي الميقاتيّة ، سواء كان الحجّ الموصى به واجباً أو مندوباً ، ويخرج الأوّل من الأصل والثاني من الثلث ، إلاّ إذا أوصى بالبلديّة ، وحينئذ فالزائد عن اُجرة الميقاتيّة في الأوّل من الثلث ، كما أنّ تمام الاُجرة في الثاني منه .
[3171] مسألة 3 : إذا لم يعيّن الاُجرة فاللازم الاقتصار على اُجرة المثل ; للانصراف إليها ، ولكن إذا كان هناك من يرضى بالأقلّ منها وجب استئجاره ، إذ الانصراف إلى اُجرة المثل إنّما هو نفي الأزيد فقط ، وهل يجب الفحص عنه لو احتمل وجوده؟ الأحوط ذلك توفيراً على الورثة ، خصوصاً مع الظنّ بوجوده ، وإن كان في وجوبه إشكال ، خصوصاً مع الظنّ بالعدم ، ولو وجد من يريد أن يتبرّع فالظاهر جواز الاكتفاء به ، بمعنى عدم وجوب المبادرة إلى الاستئجار ، بل هو المتعيّن توفيراً على الورثة ، فإن أتى به صحيحاً كفى وإلاّ وجب الاستئجار ، ولو لم يوجد من يرضى باُجرة المثل فالظاهر وجوب دفع الأزيد إذا كان الحجّ واجباً ، بل وإن كان مندوباً أيضاً مع وفاء الثلث ، ولايجب الصبر إلى العام القابل ولو مع العلم بوجود من يرضى باُجرة المثل أو أقّل ، بل لايجوز; لوجوب المبادرة إلى تفريغ ذمّة الميّت في الواجب ، والعمل بمقتضى الوصيّة في المندوب ، وإن عيّن الموصي مقداراً للاُجرة تعيّن ، وخرج من الأصل في الواجب إن لم يزد على اُجرة المثل ، وإلاّ فالزيادة من الثلث ، كما أنّ في المندوب كلّه من الثلث .
(الصفحة 302)
[3172] مسألة 4 : هل اللازم في تعيين اُجرة المثل الاقتصار على أقلّ الناس اُجرة أو يلاحظ من يناسب شأن الميّت في شرفه وضعته؟ لايبعد الثاني ، والأحوط الأظهر الأوّل ، ومثل هذا الكلام يجري أيضاً في الكفن الخارج من الأصل أيضاً .
[3173] مسألة 5 : لو أوصى بالحجّ وعيّن المرّة أو التكرار بعدد معيّن تعيّن ، وإن لم يعيّن كفى حجّ واحد ، إلاّ أن يعلم أنّه أراد التكرار ، وعليه يحمل ما ورد في الأخبار من أنّه يحجّ عنه مادام له مال ، كما في خبرين ، أو ما بقي من ثلثه شيء كما في ثالث بعد حمل الأوّلين على الأخير من إرادة الثلث من لفظ المال ، فما عن الشيخ وجماعة من وجوب التكرار مادام الثلث باقياً ضعيف ، مع أنّه يمكن أن يكون المراد من الأخبار أنّه يجب الحجّ مادام يمكن الإتيان به ببقاء شيء من الثلث بعد العمل بوصايا اُخر ، وعلى فرض ظهورها في إرادة التكرار ولو مع عدم العلم بإرادته لابدّ من طرحها لإعراض المشهور عنها ، فلاينبغي الإشكال في كفاية حجّ واحد مع عدم العلم بإرادة التكرار . نعم ، لو أوصى بإخراج الثلث ولم يذكر إلاّ الحجّ يمكن أن يقال بوجوب صرف تمامه في الحجّ ، كما لو لم يذكر إلاّ المظالم أو إلاّ الزكاة أو إلاّ الخمس ، ولو أوصى أن يحجّ عنه مكرّراً كفى مرّتان ; لصدق التكرار معه .
[3174] مسألة 6 : لو أوصى بصرف مقدار معيّن في الحجّ سنين معيّنة ، وعيّن لكلّ سنة مقداراً معيّناً، واتّفق عدم كفاية ذلك المقدار لكلّ سنة ، صرف نصيب سنتين في سنة ، أو ثلاث سنين في سنتين مثلا وهكذا ، لا لقاعدة الميسور ; لعدم جريانها في غير مجعولات الشارع ، بل لأنّ الظاهر من حال الموصي إرادة صرف ذلك المقدار في الحجّ، وكون تعيين مقدار كلّ سنة بتخيّل كفايته . ويدلّ عليه أيضاً خبر عليّ بن محمّد الحضيني ، وخبر إبراهيم بن مهزيار ، ففي الأوّل تجعل حجّتين في حجّة ، وفي الثاني تجعل ثلاث حجج في حجّتين ، وكلاهما من باب المثال كما لايخفى .
هذا، ولو فضل من السنين فضلة لا تفي بحجّة ، فهل ترجع ميراثاً ، أو في وجوه
|