(الصفحة 309)
[3189] مسألة 2 : يستحبّ نيّة العود إلى الحجّ عند الخروج من مكّة ، وفي الخبر: إنّها توجب الزيادة في العمر ، ويكره نيّة عدم العود ، وفيه: أنّها توجب النقص في العمر .
[3190] مسألة 3 : يستحبّ التبرّع بالحجّ عن الأقارب وغيرهم أحياءً وأمواتاً ، وكذا عن المعصومين (عليهم السلام) أحياءً وأمواتاً ، وكذا يستحبّ الطواف عن الغير وعن المعصومين (عليهم السلام)أمواتاً وأحياءً مع عدم حضورهم في مكّة ، أو كونهم معذورين .
[3191] مسألة 4 : يستحبّ لمن ليس له زاد وراحلة أن يستقرض ويحجّ إذا كان واثقاً بالوفاء بعد ذلك .
[3192] مسألة 5 : يستحبّ إحجاج من لا استطاعة له .
[3193] مسألة 6 : يجوز إعطاء الزكاة لمن لايستطيع الحجّ ليحجّ بها .
[3194] مسألة 7 : الحجّ أفضل من الصدقة بنفقته .
[3195] مسألة 8 : يستحبّ كثرة الإنفاق في الحجّ ، وفي بعض الأخبار : «إنّ الله يبغض الإسراف إلاّ بالحجّ والعمرة» .
[3196] مسألة 9 : يجوز الحجّ بالمال المشتبه، كجوائز الظلمة مع عدم العلم بحرمتها .
[3197] مسألة 10 : لايجوز الحجّ بالمال الحرام ، لكن لايبطل الحجّ إذا كان لباس إحرامه وطوافه وثمن هديه من حلال .
[3198] مسألة 11 : يشترط في الحجّ الندبي إذن الزوج والمولى ، بل الأبوين في بعض الصور ، ويشترط أيضاً أن لايكون عليه حجّ واجب مضيّق ، لكن لو عصى وحجّ صحّ .
[3199] مسألة 12 : يجوز إهداء ثواب الحجّ إلى الغير بعد الفراغ عنه ،كما يجوز أن يكون ذلك من نيّته قبل الشروع فيه .
(الصفحة 310)
[3200] مسألة 13 : يستحبّ لمن لا مال له يحجّ به أن يأتي به ولو بإجارة نفسه عن غيره ، وفي بعض الأخبار : أنّ للأجير من الثواب تسعاً ، وللمنوب عنه واحد .
فصل
في أقسام العمرة
[3201] مسألة 1 : تنقسم العمرة كالحجّ إلى واجب أصلي وعرضي ومندوب ، فتجب بأصل الشرع على كلّ مكلّف بالشرائط المعتبرة فى الحجّ في العمر مرّة بالكتاب والسنّة والإجماع ، ففـي صحيحة زرارة : العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحجّ ، فإنّ الله تعالى يقول : {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِِ} [البقرة: 2 / 196] . وفي صحيحة الفضل في قول الله تعالى : {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِِ} قال (عليه السلام) : «هما مفروضان» ، ووجوبها بعد تحقّق الشرائط فوريّ كالحجّ ، ولايشترط في وجوبها استطاعة الحجّ ، بل تكفي استطاعتها في وجوبها وإن لم تتحقّق استطاعة الحجّ ، كما أنّ العكس كذلك ، فلو استطاع للحجّ دونها وجب دونها ، والقول باعتبار الاستطاعتين في وجوب كلّ منهما وأنّهما مرتبطان ضعيف ، كالقول باستقلال الحجّ في الوجوب دون العمرة .
[3202] مسألة 2 : تجزئ العمرة المتمتّع بها عن العمرة المفردة بالإجماع والأخبار . وهل تجب على من وظيفته حجّ التمتّع إذا استطاع لها ولم يكن مستطيعاً للحجّ ؟ المشهور عدمه ، بل أرسله بعضهم إرسال المسلّمات، وهو الأقوى ، وعلى هذا فلا تجب على الأجير بعد فراغه عن عمل النيابة وإن كان مستطيعاً لها وهو في مكّة ، وكذا لاتجب على من تمكّن منها ولم يتمكّن من الحجّ لمانع ، ولكن الأحوط الإتيان بها .
(الصفحة 311)
[3203] مسألة 3 : قد تجب العمرة بالنذر والحلف والعهد والشرط في ضمن العقد والإجارة والإفساد ، وتجب أيضاً لدخول مكّة ; بمعنى حرمته بدونها ، فإنّه لايجوز دخولها إلاّ محرماً إلاّ بالنسبة إلى من يتكرّر دخوله وخروجه كالحطّاب والحشّاش ، وما عدا ما ذكر مندوب ، ويستحبّ تكرارها كالحجّ ، واختلفوا في مقدار الفصل بين العمرتين، فقيل : يعتبر شهر ، وقيل : عشرة أيّام ، والأقوى عدم اعتبار فصل ، فيجوز إتيانها كلّ يوم ، وتفصيل المطلب موكول إلى محلّه .
فصل
في أقسام الحجّ
وهي ثلاثة بالإجماع والأخبار : تمتّع وقران وإفراد ، والأوّل فرض من كان بعيداً عن مكّة ، والآخران فرض من كان حاضراً ; أي غير بعيد ، وحدّ البعد الموجب للأوّل ثمانية وأربعون ميلاً من كلّ جانب على المشهور الأقوى ; لصحيحة زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام): قلت له قول الله ـ عزّ وجلّ ـ في كتابه : {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: 2 / 196] . قال : «يعني أهل مكّة ليس عليهم متعة ، كلّ من كان أهله دون ثمانية وأربعين ميلاً ذات عرق وعسفان كما يدور حول مكّة فهو ممّن دخل في هذه الآية ، وكلّ من كان أهله وراء ذلك فعليهم المتعة» . وخبره عنه (عليه السلام): سألته عن قول الله ـ عزّ وجلّـ : {ذَلِكَ . . .}. قال : «ذلك أهل مكّة ليس لهم متعة ولا عليهم عمرة». قال: قلت : فما حدّ ذلك؟ قال : «ثمانية وأربعون ميلاً من جميع نواحي مكّة دون عسفان ودون ذات عرق». ويستفاد أيضاً من جملة من أخبار اُخر .
والقول بأنّ حدّه اثنا عشر ميلاً من كلّ جانب كما عليه جماعة ضعيف لا دليل
(الصفحة 312)
عليه إلاّ الأصل ، فإنّ مقتضى جملة من الأخبار وجوب التمتّع على كلّ أحد ، والقدر المتيقّن الخارج منها من كان دون الحدّ المذكور ، وهو مقطوع بما مرّ ، أو دعوى أنّ الحاضر مقابل للمسافر والسفر أربعة فراسخ ، وهو كما ترى ، أو دعوى أنّ الحاضر المعلّق عليه وجوب غير التمتّع أمر عرفيّ ، والعرف لايساعد على أزيد من اثني عشر ميلاً ، وهذا أيضاً كما ترى ، كما أنّ دعوى أنّ المراد من ثمانية وأربعين التوزيع على الجهات الأربع، فيكون من كلّ جهة اثنا عشر ميلاً منافية لظاهر تلك الأخبار . وأمّا صحيحة حريز الدالة على أنّ حدّ البعد ثمانية عشر ميلاً فلا عامل بها ، كما لا عامل بصحيحتي حماد بن عثمان والحلبي الدالّتين على أنّ الحاضر من كان دون المواقيت إلى مكّة .
وهل يعتبر الحدّ المذكور من مكّة أو من المسجد؟ وجهان ، أقربهما الأوّل ، ومن كان على نفس الحدّ فالظاهر أنّ وظيفته التمتّع ; لتعليق حكم الإفراد والقران على ما دون الحدّ ، ولو شكّ في كون منزله في الحدّ أو خارجه وجب عليه الفحص ، ومع عدم تمكّنه يراعي الاحتياط ، وإن كان لايبعد القول بأنّه يجري عليه حكم الخارج فيجب عليه التمتّع ; لأنّ غيره معلّق على عنوان الحاضر وهو مشكوك، فيكون كما لو شكّ في أنّ المسافة ثمانية فراسخ أو لا ، فإنّه يصلّي تماماً ; لأنّ القصر معلّق على السفر وهو مشكوك . ثمّ ماذكر إنّما هو بالنسبة إلى حجّة الإسلام ; حيث لايجزئ للبعيد إلاّ التمتّع ، ولا للحاضر إلاّ الإفراد أو القران ، وأمّا بالنسبة إلى الحجّ الندبي فيجوز لكلّ من البعيد والحاضر كلّ من الأقسام الثلاثة بلا إشكال ، وإن كان الأفضل اختيار التمتّع ، وكذا بالنسبة إلى الواجب غير حجّة الإسلام، كالحجّ النذري وغيره .
[3204] مسألة 1 : من كان له وطنان : أحدهما في الحدّ ، والآخر في خارجه لزمه فرض أغلبهما ; لصحيحة زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) : من أقام بمكّة سنتين فهو من
(الصفحة 313)
أهل مكّة لا متعة له ، فقلت لأبي جعفر (عليه السلام) : أرأيت إن كان له أهل بالعراق وأهل بمكّة؟ قال (عليه السلام) : «فلينظر أيّهما الغالب». فإن تساويا، فإن كان مستطيعاً من كلّ منهما تخيّر بين الوظيفتين، وإن كان الأفضل اختيار التمتّع ، وإن كان مستطيعاً من أحدهما دون الآخر لزمه فرض وطن الاستطاعة .
[3205] مسألة 2 : من كان من أهل مكّة وخرج إلى بعض الأمصار ثمّ رجع إليها، فالمشهور جواز حجّ التمتّع له وكونه مخيّراً بين الوظيفتين ، واستدلّوا بصحيحة عبدالرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبدالله (عليه السلام) عن رجل من أهل مكّة يخرج إلى بعض الأمصار ثمّ يرجع إلى مكّة فيمرّ ببعض المواقيت ، أله أن يتمتّع ؟ قال (عليه السلام) : «ما أزعم أنّ ذلك ليس له لو فعل ، وكان الإهلال أحبّ إليّ» . ونحوها صحيحة اُخرى عنه وعن عبدالرحمن بن أعين، عن أبي الحسن (عليه السلام) ، وعن ابن أبي عقيل عدم جواز ذلك ، وأنّه يتعيّن عليه فرض المكّي إذا كان الحجّ واجباً عليه ، وتبعه جماعة لما دلّ من الأخبار على أنّه لا متعة لأهل مكّة . وحملوا الخبرين على الحجّ الندبي بقرينة ذيل الخبر الثاني ، ولايبعد قوّة هذا القول مع أنّه أحوط ; لأنّ الأمر دائر بين التخيير والتعيين ، ومقتضى الاشتغال هو الثاني ، خصوصاً إذا كان مستطيعاً حال كونه في مكّة فخرج قبل الإتيان بالحجّ ، بل يمكن أن يقال : إنّ محلّ كلامهم صورة حصول الاستطاعة بعد الخروج عنها ، وأمّا إذا كان مستطيعاً فيها قبل خروجه منها فيتعيّن عليه فرض أهلها .
[3206] مسألة 3 : الآفاقي إذا صار مقيماً في مكّة ، فإن كان ذلك بعد استطاعته ووجوب التمتّع عليه فلا إشكال في بقاء حكمه ، سواء كانت إقامته بقصد التوطّن أو المجاورة ولو بأزيد من سنتين ، وأمّا إذا لم يكن مستطيعاً ثمّ استطاع بعد إقامته في مكّة ، فلا إشكال في انقلاب فرضه إلى فرض المكّي في الجملة ،كما لا إشكال في عدم الانقلاب بمجرّد الإقامة ، وإنّما الكلام في الحدّ الذي به يتحقّق الانقلاب ،
|