(الصفحة 346)
يوجبها ; لما عرفت من عدم انعقاد الإحرام إلاّ بها .
[3248] مسألة 19 : الواجب من التلبية مرّة واحدة . نعم ، يستحبّ الإكثار بها وتكريرها ما استطاع ، خصوصاً في دبر كلّ صلاة فريضة أو نافلة ، وعند صعود شرف أو هبوط واد ، وعند المنام ، وعند اليقظة ، وعند الركوب ، وعند النزول ، وعند ملاقاة راكب ، وفي الأسحار ، وفي بعض الأخبار : «من لبّى في إحرامه سبعين مرّة إيماناً واحتساباً أشهد الله له ألف ألف ملك براءة من النار، وبراءة من النفاق». ويستحبّ الجهر بها خصوصاً في المواضع المذكورة للرجال دون النساء ، ففي المرسل : «أنّ التلبية شعار المحرم ، فارفع صوتك بالتلبية» وفي المرفوعة : لمّا أحرم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أتاه جبرئيل (عليه السلام) فقال : «مر أصحابك بالعجّ والثجّ» ، فالعجّ رفع الصوت بالتلبية ، والثجّ نحر البدن .
[3249] مسألة 20 : ذكر جماعة أنّ الأفضل لمن حجّ على طريق المدينة تأخير التلبية إلى البيداء مطلقاً كما قاله بعضهم ، أو في خصوص الراكب كما قيل ، ولمن حجّ على طريق آخر تأخيرها إلى أن يمشي قليلاً ، ولمن حجّ من مكّة تأخيرها إلى الرقطاء كما قيل ، أو إلى أن يشرف على الأبطح ، لكن الظاهر ـ بعد عدم الإشكال في عدم وجوب مقارنتها للنيّة ولبس الثوبين ـ استحباب التعجيل بها مطلقاً ، وكون أفضليّة التأخير بالنسبة إلى الجهر بها ، فالأفضل أن يأتي بها حين النيّة ولبس الثوبين سرّاً ، ويؤخّر الجهر بها إلى المواضع المذكورة . والبيداء : أرض مخصوصة بين مكّة والمدينة على ميل من ذي الحليفة نحو مكّة . والأبطح : مسيل وادي مكّة ، وهو مسيل واسع فيه دقاق الحصى ، أوّله عند منقطع الشعب بين وادي منى ، وآخره متّصل بالمقبرة التي تسمّى بالمعلّى عند أهل مكّة ، والرَقطاء : موضع دون الردم يسمّى مَدعى ، ومدعى الأقوام مجتمع قبائلهم ، والردم حاجز يمنع السيل عن البيت ، ويعبّر عنه بالمدعى .
(الصفحة 347)
[3250] مسألة 21 : المعتمر عمرة التمتّع يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكّة في الزمن القديم ، وحدّها لمن جاء على طريق المدينة عقبة المدنيّين ، وهو مكان معروف ، والمعتمر عمرة مفردة عند دخول الحرم إذا جاء من خارج الحرم ، وعند مشاهدة الكعبة إن كان قد خرج من مكّة لإحرامها ، والحاجّ ـ بأيّ نوع من الحجّ ـ يقطعها عند الزوال من يوم عرفة ، وظاهرهم أنّ القطع في الموارد المذكورة على سبيل الوجوب، وهو الأحوط ، وقد يقال : بكونه مستحبّاً .
[3251] مسألة 22 : الظاهر أنّه لايلزم في تكرار التلبية أن يكون بالصورة المعتبرة في انعقاد الإحرام ، بل ولا بإحدى الصور المذكورة في الأخبار ، بل يكفي أن يقول : «لبّيك اللهمّ لبّيك». بل لايبعد كفاية تكرار لفظ «لبّيك» .
[3252] مسألة 23 : إذا شكّ بعد الإتيان بالتلبية أنّه أتى بها صحيحة أم لا بنى على الصحّة .
[3253] مسألة 24 : إذا أتى بالنيّة ولبس الثوبين وشكّ في أنّه أتى بالتلبية أيضاً حتّى يجب عليه ترك المحرّمات أو لا ، يبني على عدم الإتيان لها ، فيجوز له فعلها ولا كفّارة عليه .
[3254] مسألة 25 : إذا أتى بما يوجب الكفّارة وشكّ في أنّه كان بعد التلبية حتّى تجب عليه أو قبلها ، فإن كانا مجهولي التاريخ أو كان تاريخ التلبية مجهولاً لم تجب عليه الكفّارة ، وإن كان تاريخ إتيان الموجب مجهولاً فيحتمل أن يقال بوجوبها ; لأصالة التأخّر ، لكن الأقوى عدمه ; لأنّ الأصل لايثبت كونه بعد التلبية .
الثالث : من واجبات الإحرام لبس الثوبين بعد التجرّد عمّا يجب على المحرم اجتنابه ، يتّزر بأحدهما ويرتدي بالآخر ، والأقوى عدم كون لبسهما شرطاً في تحقّق الإحرام ، بل كونه واجباً تعبّديّاً ، والظاهر عدم اعتبار كيفيّة مخصوصة في لبسهما ، فيجوز الاتّزار بأحدهما كيف شاء ، والارتداء بالآخر أو التوشّح به أو غير
(الصفحة 348)
ذلك من الهيئات ، لكن الأحوط لبسهما على الطريق المألوف ، وكذا الأحوط عدم عقد الإزار في عنقه ، بل عدم عقده مطلقاً ولو بعضه ببعض ، وعدم غرزه بإبرة ونحوها ، وكذا في الرداء الأحوط عدم عقده ، لكن الأقوى جواز ذلك كلّه في كلّ منهما ما لم يخرج عن كونه رداءً أو إزاراً .
ويكفي فيهما المسمّى ، وإن كان الأولى بل الأحوط أيضاً كون الإزار ممّا يستر السرّة والركبة ، والرداء ممّا يستر المنكبين ، والأحوط عدم الاكتفاء بثوب طويل يتّزر ببعضه ويرتدي بالباقي إلاّ في حال الضرورة ، والأحوط كون اللبس قبل النيّة والتلبية ، فلو قدّمهما عليه أعادهما بعده ، والأحوط ملاحظة النيّة في اللبس ، وأمّا التجرّد فلايعتبر فيه النيّة ، وإن كان الأحوط والأولى اعتبارها فيه أيضاً .
[3255] مسألة 26 : لو أحرم في قميص عالماً عامداً أعاد ، لا لشرطيّة لبس الثوبين ; لمنعها كما عرفت ، بل لأنّه مناف للنيّة ، حيث إنّه يعتبر فيها العزم على ترك المحرّمات التي منها لبس المخيط ، وعلى هذا فلو لبسهما فوق القميص أو تحته كان الأمر كذلك أيضاً ; لأنّه مثله في المنافاة للنيّة ، إلاّ أن يمنع كون الإحرام هو العزم على ترك المحرّمات ، بل هو البناء على تحريمها على نفسه ، فلا تجب الإعادة حينئذ . هذا ، ولو أحرم في القميص جاهلاً ، بل أو ناسياً أيضاً نزعه وصحّ إحرامه ، أمّا إذا لبسه بعد الإحرام فاللازم شقّه وإخراجه من تحت ، والفرق بين الصورتين من حيث النزع والشقّ تعبّد ، لا لكون الإحرام باطلاً في الصورة الاُولى كما قد قيل .
[3256] مسألة 27 : لايجب استدامة لبس الثوبين ، بل يجوز تبديلهما ونزعهما لإزالة الوسخ أو للتطهير ، بل الظاهر جواز التجرّد منهما مع الأمن من الناظر ، أو كون العورة مستورة بشيء آخر .
[3257] مسألة 28 : لا بأس بالزيادة على الثوبين في ابتداء الإحرام وفي الأثناء للاتّقاء عن البرد والحرّ ، بل ولو اختياراً .
(الصفحة 349)بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الحجّ من تحرير الوسيلة
لسماحة آية الله العظمى الإمام الخميني قدّس سرّه الشريف
مع تعليقات سماحة آيةاللهالعظمى الشيخ محمّدالفاضل اللنكراني(مدّظلّه العالي)
وهو من أركان الدين، وتركه من الكبائر، وهو واجب على كلّ من استجمع
الشرائط الآتية.
مسألة 3257 : لا يجب الحجّ طول العمر في أصل الشرع إلاّ مرّة واحدة، ووجوبه
مع تحقّق شرائطه فوريّ، بمعنى وجوب المبادرة إليه في العام الأوّل من الاستطاعة،
ولا يجوز تأخيره، وإن تركه فيه ففي الثاني وهكذا.
مسألة 3258 : لو توقّف إدراكه على مقدّمات بعد حصول الاستطاعة من السفر
وتهيئة أسبابه وجب تحصيلها على وجه يدركه في ذلك العام، ولو تعدّدت الرفقة
وتمكّن من المسير بنحو يدركه مع كلّ منهم فهو بالتخيير، والأولى اختيار أوثقهم
سلامة وإدراكاً، ولو وجدت واحدة(1) ولم يكن له محذور في الخروج معها
- (1) أي بالفعل فلا ينافي التعدّد، كما يظهر من استثناء صورة الوثوق به.
(الصفحة 350)
لايجوز(1) التأخير إلاّ مع الوثوق بحصول أُخرى.
مسألة 3259 : لو لم يخرج مع الأُولى مع تعدّد الرفقة في المسألة السابقة أو مع
وحدتها، واتّفق عدم التمكّن من المسير أو عدم إدراك الحج بسبب التأخير،
استقرّ(2) عليه الحج وإن لم يكن آثماً. نعم، لو تبيّن عدم إدراكه لو سار معهم أيضاً لم
يستقر، بل وكذا لو لم يتبيّن إدراكه لم يحكم بالاستقرار.
القول في شرائط وجوب حجّة الإسلام
وهي أُمور:
أحدها: الكمال بالبلوغ والعقل، فلا يجب على الصبي وإن كان مراهقاً، ولا
على المجنون وإن كان أدواريّاً; إن لم يف دور إفاقته بإتيان تمام الأعمال مع مقدّماتها
الغير الحاصلة، ولو حجّ الصبي المميّز صحّ لكن لم يجزئ عن حجّة الإسلام، وإن
كان واجداً لجميع الشرائط عدا البلوغ، والأقوى عدم اشتراط صحّة حجّه بإذن
الولي، وإن وجب الاستئذان في بعض الصور.
مسألة 1 : يستحبّ للولي أن يحرم بالصبي غيرالمميّز، فيجعله محرماً ويلبسه
ثوبي الإحرام، وينوي عنه، ويلقّنه التلبية إن أمكن، وإلاّ يلبّي عنه ويجنّبه عن
محرّمات الإحرام، ويأمره بكلّ من أفعاله، وإن لم يتمكّن شيئاً منها ينوب عنه،
ويطوف به(3)، ويسعى به، ويقف به في عرفات ومشعر ومنى، ويأمره بالرمي، ولو
لم يتمكّن يرمي عنه، ويأمره بالوضوء وصلاة الطواف، وإن لم يقدر يصلّي عنه،
- (1) لكن لا بنحو يترتّب عليه استحقاق العقوبة على نفس التأخير.
- (2) في الاستقرار إشكال، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
- (3) بعد أن يتوضّأ هو والطفل، أو يوضّأه احتياطاً.