(الصفحة 393)
مسألة 1 : يشترط في حج التمتّع أُمور:
أحدها: النيّة، أي قصد الإتيان بهذا النوع من الحج حين الشروع في إحرام
العمرة، فلو لم ينوه أو نوى غيره أو تردّد في نيّته بينه وبين غيره لم يصحّ.
ثانيها: أن يكون مجموع عمرته وحجّه في أشهر الحج، فلو أتىبعمرته أو
بعضها في غيرها لم يجز له أن يتمتّع بها. وأشهر الحج: شوّال، وذو القعدة، وذو
الحجة بتمامه على الأصحّ.
ثالثها: أن يكون الحج والعمرة في سنة واحدة(1)، فلو أتىبالعمرة في سنة
وبالحج في الاُخرى لم يصحّ ولم يُجزئ عن حج التمتّع، سواء أقام في مكّة إلى العام
القابل أم لا، وسواء أحلّ من إحرام عمرته، أو بقي عليه إلى العام القابل.
رابعها: أن يكون إحرام حجّه من بطن مكّة مع الاختيار، وأمّا عمرته فمحل
إحرامها المواقيت الآتية. وأفضل مواضعها المسجد، وأفضل مواضعه مقام
إبراهيم(عليه السلام) أو حجر إسماعيل(عليه السلام). ولو تعذّر الإحرام من مكّة أحرم ممّا يتمكّن. ولو
أحرم من غيرها اختياراً متعمّداً بطل إحرامه، ولو لم يتداركه بطل حجّه، ولا
يكفيه العود إليها من غير تجديد، بل يجب أن يجدّده فيها; لأنّ إحرامه من غيرها
كالعدم. ولو أحرم من غيرها جهلاً أو نسياناً وجب العود إليها والتجديد مع
الإمكان، ومع عدمه جدّده في مكانه.
خامسها: أن يكون مجموع العمرة والحج من واحد وعن واحد، فلو استوجر
إثنان لحجّ التمتّع عن ميّت أحدهما لعمرته والآخر لحجّه لم يجزئ عنه، وكذا لو حجّ
شخص وجعل عمرته عن شخص وحجّه عن آخر لم يصحّ.
مسألة 2 : الأحوط أن لا يخرج من مكّة بعد الإحلال(2) عن عمرة التمتّع بلا
- (1) أي في أشهر الحجّ من سنة واحدة.
- (2) بل في أثنائها أيضاً.
(الصفحة 394)
حاجة، ولو عرضته حاجة فالأحوط أن يحرم للحج من مكّة ويخرج لحاجته
ويرجع مُحرماً لأعمال الحج، لكن لو خرج من غير حاجة ومن غير إحرام، ثمّ
رجع وأحرم وحجّ صحّ حجّه(1).
مسألة 3 : وقت الإحرام للحج موسّع، فيجوز التأخير إلى وقت يدرك
وقوف الاختياري من عرفة، ولا يجوز التأخير عنه، ويستحب الإحرام يوم
التروية، بل هو أحوط.
مسألة 4 : لو نسي الإحرام وخرج إلى عرفات وجب الرجوع للإحرام من
مكّة، ولو لم يتمكّن لضيق الوقت أو عذر أحرم من موضعه، ولو لم يتذكّر إلى تمام
الأعمال صحّ حجّه. والجاهل بالحكم في حكم الناسي. ولو تعمّد ترك الإحرام إلى
زمان فوت الوقوف بعرفة ومشعر بطل حجّه.
مسألة 5 : لا يجوز لمن وظيفته التمتّع أن يعدل إلى غيره من القسمين
الأخيرين اختياراً. نعم، لو ضاق وقته عن إتمام العمرة وإدراك الحج جاز له نقل
النية إلى الإفراد، ويأتي بالعمرة بعد الحجّ. وحدّ ضيق الوقت خوف فوات
الاختياري(2) من وقوف عرفة على الأصحّ. والظاهر عموم الحكم بالنسبة إلى
الحج المندوب، فلو نوى التمتّع ندباً وضاق وقته عن إتمام العمرة وإدراك الحجّ جاز
له العدول إلى الإفراد، والأقوى عدم وجوب العمرة عليه.
مسألة 6 : لو علم مَن وظيفته التمتّع ضيق الوقت عن إتمام العمرة وإدراك
الحجّ قبل أن يدخل في العمرة، لايبعد جواز(3) العدول من الأوّل إلى الإفراد، بل لو
- (1) إلاّ إذا كان رجوعه في غير شهر خروجه، فيجب أن يحرم ثانياً لعمرة التمتّع، وإلاّ فصحّة حجّه بعنوان التمتّع مشكلة، بل ممنوعة.
- (2) بل فوات الجزء الركني من الوقوف المذكور.
- (3) محل إشكال، بل عدم الجواز غير بعيد، وكذا فيما بعده.
(الصفحة 395)
علم حال الإحرام بضيق الوقت جاز له الإحرام بحجّ الإفراد وإتيانه، ثمّ إتيان
عمرة مفردة بعده، وتمّ حجّه وكفى عن حجّة الإسلام. ولو دخل في العمرة بنية
التمتّع في سعة الوقت، وأخّر الطواف والسعي متعمّداً إلى أن ضاق الوقت، ففي
جواز العدول وكفايته إشكال، والأحوط العدول وعدم الاكتفاء لو كان الحج
واجباً عليه.
مسألة 7 : الحائض أو النفساء إذا ضاق وقتها عن الطهر وإتمام العمرة يجب
عليها العدول إلى الإفراد والإتمام، ثمّ الإتيان بعمرة بعد الحجّ، ولو دخل مكّة من
غير إحرام لعذر وضاق الوقت أحرم لحج الإفراد وأتى بعد الحج بعمرة مفردة،
وصحّ وكفى عن حجّة الإسلام.
مسألة 8 : صورة حج الإفراد كحج التمتّع إلاّ في شيء واحد; وهو أنّ الهدي
واجب في حج التمتّع ومستحب في الإفراد.
مسألة 9: صورة العمرة المفردة كعمرة التمتّع إلاّ في أُمور:
أحدها: أنّ في عمرة
التمتّع يتعيّن التقصير ولا يجوز الحلق، وفي العمرة المفردة تخيّر بينهما.
ثانيها: أنـّه لايكون في عمرة التمتّع طواف النساء وإن كان أحوط، وفي العمرة
المفردة يجب طواف النساء.
ثالثها: ميقات عمرة التمتّع أحد المواقيت الآتية، وميقات العمرة المفردة أدنى
الحلّ، وإن جاز فيها الإحرام من تلك المواقيت.
القول في المواقيت
وهي المواضع التي عيّنت للإحرام، وهي خمسة لعمرة الحج:
الأوّل: ذوالحُلَيفة; وهو ميقات أهل المدينة ومن يمرّ على طريقهم، والأحوط
(الصفحة 396)
الاقتصار على نفس مسجد الشجرة لا عنده في الخارج، بل لا يخلو من وجه.
مسألة 1 : الأقوى عدم جواز التأخير اختياراً إلى الجحفة; وهي
ميقات أهل الشام. نعم، يجوز مع الضرورة لمرض أو ضعف أو غيرهما من
الأعذار.
مسألة 2 : الجنب والحائض والنفساء جاز لهم الإحرام حال العبور عن
المسجد إذا لم يستلزم الوقوف فيه، بل وجب عليهم حينئذ، ولو لم يمكن لهم
بلاوقوف، فالجنب مع فقد الماء أو العذر عن استعماله يتيمّم للدخول والإحرام في
المسجد، وكذا الحائض والنفساء بعد نقائهما. وأمّا قبل نقائهما، فإن لم يمكن لهما
الصبر إلى حال النقاء فالأحوط(1) لهما الإحرام خارج المسجد عنده وتجديده في
الجحفة أو محاذاتها.
الثاني: العقيق; وهو ميقات أهل نجد والعراق ومَن يمرّ عليه من غيرهم،
وأوّله المسلخ، ووسطه غمرة، وآخره ذات عرق، والأقوى جواز الإحرام من
جميع مواضعه اختياراً، والأفضل من المسلخ ثمّ من غمرة. ولو اقتضت التقية عدم
الإحرام من أوّله والتأخير إلى ذات العرق فالأحوط التأخير، بل عدم الجواز(2)
لايخلو من وجه.
الثالث: الجُحفة; وهي لأهل الشام ومصر ومغرب ومن يمرّ عليها من
غيرهم.
الرابع: يَلَمْلَم; وهو لأهل اليمن ومَن يمرّ عليه.
- (1) لا تجب رعاية هذا الاحتياط، بل الظاهر جواز الإحرام من خارج المسجد عنده وعدم لزوم التجديد.
- (2) بل الظاهر هو الجواز بمعنى الصحة.
(الصفحة 397)
الخامس: قَرن المنازل; وهو لأهل الطائف ومن يمرّ عليه.
مسألة 3 : تثبت تلك المواقيت مع فقد العلم بالبيّنة الشرعية أو الشياع
الموجب للاطمئنان، ومع فقدهما بقول أهل الاطّلاع مع حصول الظن(1) فضلا عن
الوثوق، فلو أراد الإحرام من المسلخ مثلاً ولم يثبت كون المحلّ الكذائي ذلك لابدّ
من التأخير حتّى يتيقّن الدخول في الميقات.
مسألة 4 : مَن لم يمرّ على أحد المواقيت جاز له الإحرام من محاذاة أحدها،
ولو كان في الطريق ميقاتان يجب الإحرام من محاذاة أبعدهما إلى مكّة على
الأحوط(2)، والأولى تجديد الإحرام في الآخر.
مسألة 5 : المراد من المحاذاة أن يصل في طريقه إلى مكّة إلىموضع يكون
الميقات على يمينه أو يساره بخطّ مستقيم، بحيث لو جاوز منه يتمايل الميقات إلى
الخلف. والميزان هو المحاذاة العرفية لاالعقلية الدقّيّة، ويشكل(3) الاكتفاء بالمحاذاة
من فوق، كالحاصل لمن ركب الطائرة، لو فرض إمكان الإحرام مع حفظ المحاذاة
فيها، فلا يترك الاحتياط بعدم الاكتفاء بها.
مسألة 6: تثبت المحاذاة بما يثبت به الميقات على ما مرّ، بل بقول أهلالخبرة
وتعيينهم بالقواعد العلمية مع حصول الظن(4) منه.
مسألة 7 : ما ذكرنا من المواقيت هي ميقات عمرة الحجّ، وهنا مواقيت أُخر:
- (1) مشكل، وفي العبارة تشويش.
- (2) بل على الأقوى.
- (3) لا يبعد الاكتفاء، ويمكن فرضه في الطائرة بالإضافة إلى وادي العقيق، الذي له مسافة كثيرة، وأمّا بالإضافة إلى مثل مسجد الشجرة فيمكن فرضه فيما يسمّى بـ «هليكوبتر»; لإمكان وقوفها مختصراً.
- (4) قد عرفت الإشكال، بل هنا أقوى، خصوصاً مع التمكّن من الذهاب إلى الميقات.