(الصفحة 464)
(الصفحة 465)بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الإجارة
وهي تمليك(1) عمل أو منفعة بعوض، ويمكن أن يقال: إنّ حقيقتها التسليط
على عين للانتفاع بها بعوض، وفيه فصول:
فصل
في أركانها
وهي ثلاثة:
الأوّل : الإيجاب والقبول، ويكفي فيهما كلّ لفظ دالّ على المعنى المذكور،
- (1) الظاهر أنّ حقيقتها بمعناها الاصطلاحي ـ لا اللغوي الذي هو عبارة عن الاُجرة وكري الأجيركماعن الأكثر، أو المعنىالمصدريكما عننجمالأئمّةـماأفادهسيّدناالعلاّمة الاُستاذ البروجردي(قدس سره) فيحاشية الكتاب، وهذهعبارته: «إنّ الإجارة بمعناها الاسميإضافة خاصّة يعتبرها العقلاء في العين المستأجرة بالنسبة إلى المستأجر، مستتبعة لملكه أو استحقاقه لمنفعتها أو عملها، أو لتسلّطه عليها بتلك الجهة، ولذلك لا تستعمل إلاّ متعلّقة بالعين».
(الصفحة 466)
والصريح منه آجرتك أو أكريتك الدار مثلا، فيقول: قبلت، أو استأجرت، أو
استكريت، ويجري فيها المعاطاة(1) كسائر العقود، ويجوز أن يكون الإيجاب
بالقول والقبول بالفعل، ولايصحّ أن يقول في الإيجاب: بعتك الدار مثلا، وإن قصد
الإجارة. نعم، لو قال: بعتك منفعة الدار، أو سكنى الدار مثلا بكذا لايبعد صحّته
إذا قصد الإجارة.
الثاني : المتعاقدان، ويشترط فيهما البلوغ والعقل والاختيار وعدم الحجر(2);
لفلس أو سفه أو رقّيّة.
الثالث : العوضان، ويشترط فيهما اُمور:
الأوّل: المعلوميّة، وهي في كلّ شيء بحسبه بحيث لايكون هناك غرر(3)، فلو
آجره داراً أو حماراً من غير مشاهدة ولا وصف رافع للجهالة بطل، وكذا لو جعل
العوض شيئاً مجهولاً.
الثاني: أن يكونا مقدوري التسليم، فلا تصحّ إجارة العبد الآبق، وفي كفاية
ضمّ الضميمة هنا كما في البيع إشكال.
الثالث: أن يكونا مملوكين، فلا تصحّ إجارة مال الغير ولا الإجارة بمال الغير
إلاّ مع الإجازة من المالك.
- (1) لكن تحقّقها في إجارة الأعيان المملوكة بإعطاء العين من طرف المؤجر والاُجرة من طرف المستأجر، وفي إجارة الحرّ بشروعه في العمل بعنوان الإجارة وإعطاء الاُجرة من طرف الآخر، أو بتسليم نفسه للعمل بهذا العنوان وإن لم يعمل بعد كذلك، وأمّا تحقّقها في هذا القسم بمجرّد إعطاء الاُجرة وأخذها ففيه إشكال، وإن كان لا يبعد صحّته أيضاً كما في المعاطاة في بيع النسيئة أو السلم.
- (2) إلاّ مع إجازة من له حقّها.
- (3) أي جهالة، وأمّا لو كان المراد منه هو الخطر الذي يكون الجهل أعمّ منه، فلا دليل على اختصاص البطلان به.
(الصفحة 467)
الرابع: أن تكون عين المستأجرة ممّا يمكن الانتفاع بها مع بقائها، فلا تصحّ
إجارة الخبز للأكل مثلا، ولا الحطب للإشعال وهكذا.
الخامس: أن تكون المنفعة مباحة، فلا تصحّ إجارة المساكن لإحراز المحرّمات
أو الدكاكين لبيعها، أو الدوابّ لحملها، أو الجارية للغناء، أو العبد لكتابة الكفر
ونحو ذلك، وتحرم الاُجرة عليها.
السادس: أن تكون العين ممّا يمكن استيفاء المنفعة المقصودة بها، فلا تصحّ
إجارة أرض للزراعة إذا لم يمكن إيصال الماء إليها مع عدم إمكان الزراعة بماء
السماء، أو عدم كفايته.
السابع :(1) أن يتمكّن المستأجر من الانتفاع بالعين المستأجرة، فلا تصحّ
إجارة الحائض لكنس المسجد مثلا.
[3258] مسألة 1 : لا تصحّ الإجارة إذا كان المؤجر أو المستأجر مكرهاً عليها إلاّ
مع الإجازة اللاحقة، بل الأحوط عدم الاكتفاء بها، بل تجديد العقد إذا رضيا.
نعم، تصحّ مع الاضطرار، كما إذا طلب منه ظالم مالاً فاضطرّ إلى إجارة دار سكناه
لذلك، فإنّها تصحّ حينئذ، كما أنّه إذا اضطرّ إلى بيعها صحّ.
[3259] مسألة 2 : لا تصحّ إجارة المفلس ـ بعد الحجر عليه ـ داره أو عقاره.
نعم، تصحّ إجارته نفسه لعمل أو خدمة، وأمّا السفيه فهل هو كذلك; أي تصحّ
إجارة نفسه للاكتساب مع كونه محجوراً عن إجارة داره مثلا أو لا ؟ وجهان(2);
من كونه من التصرّف المالي وهو محجور، ومن أنّه ليس تصرّفاً في ماله الموجود،
- (1) لا دليل على اشتراط هذا الأمر بعد كون العين ممّا يمكن استيفاء المنفعة المقصودة منها، والبطلان في الصورة المفروضة لأجل عدم كون المنفعة مباحة، لا لأجل عدم تمكّن المستأجر.
- (2) والظاهر هو الوجه الأوّل، خصوصاً إذا كان كسوباً.
(الصفحة 468)
بل هو تحصيل للمال ولاتعدّ منافعه من أمواله، خصوصاً إذا لم يكن كسوباً، ومن
هنا يظهر النظر فيما ذكره بعضهم من حجر السفيهة من تزويج نفسها، بدعوى أنّ
منفعة البضع مال، فإنّه أيضاً محلّ إشكال(1).
[3260] مسألة 3 : لايجوز للعبد أن يؤجر نفسه أو ماله أو مال مولاه إلاّ بإذنه أو
إجازته.
[3261] مسألة 4 : لابدّ من تعيين العين المستأجرة، فلو آجره أحد هذين العبدين
أو إحدى هاتين الدارين لم يصحّ(2)، ولابدّ أيضاً من تعيين نوع المنفعة إذا كانت
للعين منافع متعدّدة. نعم، تصحّ إجارتها بجميع منافعها مع التعدّد، فيكون
المستأجر مخيّراً(3) بينها.
[3262] مسألة 5 : معلوميّة المنفعة إمّا بتقدير المدّة كسكنى الدار شهراً(4)
والخياطة يوماً، أو منفعة ركوب الدابّة إلى زمان كذا، وإمّا بتقدير العمل كخياطة
الثوب المعلوم طوله وعرضه ورقّته وغلظته، فارسيّة أو روميّة، من غير تعرّض
للزمان. نعم، يلزم(5) تعيين الزمان الواقع فيه هذا العمل، كأن يقول: إلى يوم
- (1) أي مع قطع النظر عن النصّ والإجماع، بل الضرورة كما ادّعيا، وأمّا مع ملاحظتها فلا ينبغي الإشكال في البطلان بدون إذن الولي.
- (2) إذا كانا مختلفين في الأوصاف الموجبة لتفاوت الرغبات، وأمّا مع التساوي من جميع هذه الجهات فلا يبعد الحكم بالصحّة.
- (3) أي مع التضادّ، وبدونه يجوز له الجمع، بل في صورة التضادّ أيضاً يمكن الجمع بلحاظ إجزاء المدّة المضروبة.
- (4) أي شهراً معلوماً بالتعيين أو الإطلاق المنصرف إلى الاتّصال، وأمّا معلومية الدار فاعتبارها مستفاد من المسألة الرابعة.
- (5) مع اختلاف أغراض العقلاء الناشئ من اختلاف الرغبات والمالية حسب الأزمنة المختلفة.