(الصفحة 470)
[3267] مسألة 10 : ما كان معلوميّته بتقدير المدّة لابدّ من تعيينها شهراً أو سنة أو
نحو ذلك، ولو قال: آجرتك إلى شهر أو شهرين بطل، ولو قال: آجرتك كلّ شهر
بدرهم مثلا، ففي صحّته مطلقاً، أو بطلانه مطلقاً، أو صحّته في شهر وبطلانه في
الزيادة، فإن سكن فاُجرة المثل بالنسبة إلى الزيادة، أو الفرق بين التعبير
المذكور، وبين أن يقول: آجرتك شهراً بدرهم فإن زدت فبحسابه، بالبطلان
فيالأوّل والصحّة في شهر في الثاني أقوال: أقواها الثاني(1)، وذلك لعدم تعيين المدّة
الموجب لجهالة الاُجرة بل جهالة المنفعة أيضاً; من غير فرق بين أن يعيّن المبدأ أو
لا، بل على فرض عدم تعيين المبدأ يلزم جهالة اُخرى، إلاّ أن يقال: إنّه حينئذ
ينصرف إلى المتّصل بالعقد. هذا إذا كان بعنوان الإجارة، وأمّا إذا كان بعنوان
الجعالة(2) فلامانع منه; لأنّه يغتفر فيها مثل هذه الجهالة، وكذا إذا كان بعنوان
الإباحة بالعوض.
[3268] مسألة 11 : إذا قال: إن خطت هذا الثوب فارسيّاً ـ أي بدرز ـ فلك
درهم، وإن خطّته روميّاً ـ أي بدرزين ـ فلك درهمان، فإن كان بعنوان الإجارة
- (1) بل الأقوى الأوّل، وهي الصحّة مطلقاً في كلا التعبيرين، غاية الأمر أنّ استحقاق اُجرة ما زاد على الشهر في الأوّل على تقدير السكونة إنّما يكون بنفس الإجارة، وفي الثاني بالشرط الواقع في ضمنها، ولا دليل على قدح هذا المقدار من الجهالة في الإجارة، وسائر وجوه البطلان غير تامّ أيضاً.
- (2) ظاهره أنّ الجاعل هو مالك العين، ولذا أورد عليه بأنّه لا معنى للجعالة هنا، فإنّ الجعالة هي جعل شيء على نفسه لمن يعمل عملاً له، وهاهنا جعل شيئاً لنفسه على من يستوفي منفعة ملكه، ويمكن أن يكون الجاعل هو الساكن والاُجرة مجعولة في مقابل السكنى أو الإسكان، كما أنّه يمكن أن يكون الجاعل هو المالك، بأن يقول: من دفع إليّ درهماً من المال فله استيفاء منفعة الدار شهراً مثلاً، ولا يرد عليه ما أُورد، ولكن مع ذلك كلّه الحكم بجريان الجعالة في مثل المقام مشكل.
(الصفحة 471)
بطل(1) لما مرّ من الجهالة، وإن كان بعنوان الجعالة كما هو ظاهر العبارة صحّ(2)، وكذا
الحال إذا قال: إن عملت العمل الفلاني في هذا اليوم فلك درهمان، وإن عملته في
الغد فلكدرهم، والقولبالصحّةإجارةفيالفرضينضعيف،وأضعفمنهالقول بالفرق
بينهما بالصحّة في الثاني دون الأوّل، وعلى ما ذكرناه من البطلان فعلى تقدير العمل
يستحقّ اُجرة المثل، وكذا في المسألة السابقة إذا سكن الدار شهراً أو أقلّ أو أكثر.
[3269] مسألة 12 : إذا استأجره أو دابّته ليحمله أو يحمل متاعه إلى مكان معيّن
في وقت معيّن باُجرة معيّنة; كأن استأجر منه دابّة لإيصاله إلى كربلاء قبل ليلة
النصف من شعبان ولم يوصله، فإن كان ذلك لعدم سعة الوقت وعدم إمكان
الإيصال فالإجارة باطلة(3)، وإن كان الزمان واسعاً ومع هذا قصّر(4) ولم يوصله،
فإن كان ذلك على وجه العنوانيّة والتقييد لم يستحقّ شيئاً من الاُجرة; لعدم العمل
بمقتضى الإجارة أصلاً، نظير ما إذا استأجره ليصوم يوم الجمعة فاشتبه وصام يوم
السبت. وإن كان ذلك على وجه الشرطيّة; بأن يكون متعلّق الإجارة(5) الإيصال
- (1) الظاهر هو الصحّة هنا وفي الفرض الآتي، والاستناد في البطلان إلى الجهالة ممّا لا وجه له، بعد كون المانع في المقام على تقدير المانعية هو الإبهام والترديد لا الجهل وعدم العلم، ولم ينهض دليل عليها.
- (2) كما أنّه يصحّ بنحو إجارة واشتراط; بأن يستأجره للخياطة بدرز واحد بدرهم، واشترط عليه أنّه إن زاد درزاً آخر استحقّ درهماً آخر.
- (3) إذا كان الإيصال في ذلك الوقت مأخوذاً بنحو العنوانية والتقييد، وأمّا إذا كان مأخوذاً بنحو الاشتراط فالبطلان عارض للشرط خاصّة.
- (4) أو لم يتحقّق الإيصال ولو اتّفاقاً من دون تقصير، كما يظهر من الفرض الذي جعله نظيراً للمقام.
- (5) التعبير بالمتعلّق لا يخلو من المسامحة، فإنّ متعلّقها هو الشخص أو الدابّة، والإيصال إنّما هو الغرض والمقصود.
(الصفحة 472)
إلىكربلاء، ولكن اشترط عليه الإيصال في ذلك الوقت فالإجارة صحيحة
والاُجرة المعيّنة لازمة، لكن له خيار الفسخ من جهة تخلّف الشرط، ومعه يرجع
إلى اُجرة المثل.
ولو قال : وإن لم توصلني في وقت كذا فالاُجرة كذا أقلّ ممّا عيّن أوّلاً، فهذا
أيضاً قسمان: قد يكون ذلك بحيث يكون كلتا الصورتين من الإيصال في ذلك
الوقت وعدم الإيصال فيه مورداً للإجارة، فيرجع إلى قوله: آجرتك باُجرة كذا إن
أوصلتك في الوقت الفلاني، وباُجرة كذا إن لم أوصلك في ذلك الوقت، وهذا
باطل(1) للجهالة، نظير ما ذكر في المسألة السابقة من البطلان إن قال: إن عملت في
هذا اليوم فلك درهمان الخ، وقد يكون مورد الإجارة هو الإيصال في ذلك الوقت،
ويشترط عليه أن ينقص من الاُجرة كذا على فرض عدم الإيصال، والظاهر
الصحّة في هذه الصورة; لعموم
«المؤمنون عند شروطهم» وغيره، مضافاً إلى
صحيحة(2) محمّد الحلبي.
ولو قال: إن لم توصلني فلا اُجرة لك، فإن كان على وجه الشرطيّة; بأن يكون
متعلّق الإجارة هو الإيصال الكذائي فقط واشترط عليه عدم الاُجرة على تقدير
المخالفة صحّ، ويكون الشرط المذكور مؤكّداً لمقتضى العقد، وإن كان على وجه
القيديّة; بأن جعل كلتا الصورتين مورداً للإجارة إلاّ أنّ في الصورة الثانية بلا اُجرة
- (1) قد عرفت أنّ الأقوى الصحّة، والجهالة بمعنى الإبهام لا دليل على قدحها.
- (2) مورد صحيحة الحلبي ما إذا استأجر الإبل لحمل متاعه إلى موضع معيّن مع شرط الزمان المعيّن، والحطّ من الكراء لو احتبس عن ذلك مذكور في ضمن الشرط، وعليه فلا ينطبق مع ما هو المفروض في كلامه بعد إلغاء الخصوصية; لأنّ ظاهر العبارة أنّ مورد الإجارة ليس مجرّد الإيصال بل مقيّداً بذلك الوقت، وعليه فاشتراط النقص مع المخالفة لا يجتمع مع مورد الإجارة، ولعلّ مراده(قدس سره) ما ينطبق على مورد النصّ.
(الصفحة 473)
يكون باطلاً(1)، ولعلّ هذه الصورة مراد(2) المشهور القائلين بالبطلان دون الاُولى;
حيث قالوا: ولو شرط سقوط الاُجرة إن لم يوصله لم يجز.
[3270] مسألة 13 : إذا استأجر منه دابّة لزيارة النصف من شعبان مثلا، ولكن لم
يشترط على المؤجر ذلك، ولم يكن على وجه العنوانيّة أيضاً، واتّفق أنّه لم يوصله(3)
لم يكن له خيار الفسخ، وعليه تمام المسمّى من الاُجرة، وإن لم يوصله إلى كربلاء
أصلاً سقط من المسمّى بحساب ما بقي واستحقّ بمقدار ما مضى، والفرق بين هذه
المسألة وما مرّ في المسألة السابقة أنّ الإيصال هنا غرض وداع، وفيما مرّ قيد أو
شرط.
فصل
[في أحكام عقد الإجارة]
الإجارة من العقود اللازمة لا تنفسخ إلاّ بالتقايل، أو شرط الخيار لأحدهما،
أو كليهما إذا اختار الفسخ. نعم، الإجارة المعاطاتيّة جائزة(4) يجوز لكلّ منهما
الفسخ ما لم تلزم بتصرّفهما أو تصرّف أحدهما فيما انتقل إليه.
- (1) إنكان منشأ البطلان هو الإبهام فقد عرفت عدم الدليل على قدحه، وإنكان منشؤه كون الإجارة بلا اُجرة، فذلك لا يقتضي بطلان الإجارة الاُولى، المشتملة على الاُجرة أيضاً.
- (2) بل الظاهر أنّ مراد المشهور هو الفرض الثالث، الذي وقع التعرّض له في النصّ; وهو ما لوكان الزمان المعيّن مأخوذاً بنحوالاشتراط، وسقوط الاُجرة على فرض العدم مذكوراً فيه. غاية الأمر أنّ مفاد النصّ مجرّد بطلان الشرط، وظاهر المشهور بطلان العقد أيضاً.
- (3) أي في الوقت الذي يدرك الزيارة المخصوصة.
- (4) بل لا يبعد كونها لازمة أيضاً، وعلى تقدير الجواز فالملزم لا ينحصر بالتصرّف، كما أنّ الظاهر عدم كون كلّ تصرّف ملزماً.
(الصفحة 474)
[3271] مسألة 1 : يجوز بيع العين المستأجرة قبل تمام مدّة الإجارة، ولا تنفسخ
الإجارة به فتنتقل إلى المشتري مسلوبة المنفعة مدّة الإجارة. نعم، للمشتري مع جهله بالإجارة خيار فسخ البيع; لأنّ نقص المنفعة عيب(1)، ولكن ليس كسائر
العيوب ممّا يكون المشتري معه مخيّراً بين الردّ والأرش، فليس له أن لايفسخ ويطالب بالأرش، فإنّ العيب الموجب للأرش ما كان نقصاً في الشيء في حدّ نفسه;
مثل العمى والعرج، وكونه مقطوع اليد أو نحو ذلك، لا مثل المقام الذي العين في حدّ نفسها لا عيب فيها. وأمّا لو علم المشتري أنّها مستأجرة ومع ذلك أقدم على
الشراء فليس له الفسخ أيضاً.
نعم، لو اعتقد كون مدّة الإجارة كذا مقداراً فبان أنّها أزيد له الخيار أيضاً،
ولو فسخ المستأجر الإجارة رجعت المنفعة في بقيّة المدّة إلى البائع لا إلى
المشتري. نعم، لو اعتقد البائع والمشتري بقاء مدّة الإجارة، وأنّ العين مسلوبة
المنفعة إلى زمان كذا، وتبيّن أنّ المدّة منقضية، فهل منفعة تلك المدّة للبائع، حيث إنّه
كأنّه شرط كونها مسلوبة المنفعة إلى زمان كذا، أو للمشتري; لأنّها تابعة للعين ما لم
تفرز بالنقل إلى الغير أو بالاستثناء والمفروض عدمها؟ وجهان، والأقوى الثاني.
نعم، لو شرطا(2) كونها مسلوبة المنفعة إلى زمان كذا بعد اعتقاد بقاء المدّة كان لما
ذكر وجه. ثمّ بناءً على ما هو الأقوى من رجوع المنفعة في الصورة السابقة إلى
- (1) ظاهره أنّ الخيار هنا خيار العيب، وأنّ عدم ثبوت الأرش إنّما هو لأجل عدم كون كلّ عيب موجباً لثبوته، ولكنّه مخدوش; لأنّ العيب الحقيقي ما كان نقصاً أو زيادة في الخلقة الأصلية، والمفروض عدم ثبوته في المقام، والعيب الحكمي يحتاج إلى الدليل، وعليه فالظاهر ما أفاده في «الجواهر» من كون الخيار في المقام خيار تعذّر التسليم; لاقتضاء إطلاق العقد تعجيل التسليم للانتفاع، وهنا احتمالات اُخر ضعيفة.
- (2) كما أنّه لو كان بنحو التوصيف أيضاً يكون كذلك، سواء كان الوصف هي مسلوبية المنفعة في برهة من الزمان، أم كونها مستأجرة.