(الصفحة 493)
تجاوز عن الحدّ المأذون فيه، وإن كان بغير قصده; لعموم «من أتلف»، وللصحيح
عن أبي عبدالله(عليه السلام)في الرجل يعطي الثوب ليصبغه، فقال(عليه السلام):
«كلّ عامل أعطيته
أجراً على أن يصلح فأفسد فهو ضامن» بل ظاهر المشهور ضمانه وإن لم يتجاوز
عن الحدّ المأذون فيه، ولكنّه مشكل، فلو مات الولد بسبب الختان مع كون الختّان
حاذقاً من غير أن يتعدّى عن محلّ القطع; بأن كان أصل الختان مضرّاً به في ضمانه
إشكال(1).
[3306] مسألة 5 : الطبيب المباشر للعلاج إذا أفسد ضامن وإن كان حاذقاً، وأمّا
إذا لم يكن مباشراً بل كان آمراً ففي ضمانه إشكال(2)، إلاّ أن يكون سبباً وكان
أقوىمن المباشر، وأشكل منه إذا كان واصفاً للدواء من دون أن يكون آمراً، كأن
يقول: إنّ دواءك كذا وكذا، بل الأقوى فيه عدم الضمان، وإن قال: الدواء الفلاني
نافع للمرض الفلاني فلاينبغي الإشكال في عدم ضمانه، فلا وجه لما عن بعضهم من
التأمّل فيه، وكذا لو قال: لو كنت مريضاً بمثل هذا المرض لشربت الدواء الفلاني.
[3307] مسألة 6 : إذا تبرّأ الطبيب من الضمان وقبل المريض أو وليّه ولم يقصّر في
الاجتهاد والاحتياط برئ على الأقوى.
[3308] مسألة 7 : إذا عثر الحمّال فسقط ما كان على رأسه أو ظهره مثلا ضمن
لقاعدة(3) الإتلاف.
- (1) والظاهر عدم الضمان إلاّ إذا كان التشخيص في أصل كون الختان مضرّاً أم لا بعهدته أيضاً، فإنّ الظاهر في هذه الصورة الضمان كالطبيب.
- (2) بل الظاهر هو الضمان مطلقاً، وإن لم يكن هناك أمر، بل كان في مقام الطبابة والمعالجة; لإطلاق النص، فالملاك صدق عنوان التطبّب، ولا يعتبر فيه المباشرة ولا الأمر.
- (3) في جريان القاعدة مع عدم التقصير في العثور إشكال، وإن كان لا يبعد دعواه; لأنّه يكفي في صدق الإتلاف مجرّد الاستناد، وإن لم يكن عن قصد واختيار.
(الصفحة 494)
[3309] مسألة 8 : إذا قال للخيّاط مثلا: إن كان هذا يكفيني قميصاً فاقطعه،
فقطعه فلم يكف ضمن في وجه، ومثله لو قال: هل يكفي قميصاً ؟ فقال: نعم، فقال:
اقطعه فلم يكفه. وربما يفرّق بينهما فيحكم بالضمان في الأوّل دون الثاني(1); بدعوى
عدم الإذن في الأوّل دون الثاني، وفيه: أنّ في الأوّل أيضاً الإذن حاصل، وربما
يقال بعدم الضمان فيهما للإذن فيهما، وفيه: أنّه مقيّد بالكفاية، إلاّ أن يقال: إنّه مقيّد
باعتقاد الكفاية وهو حاصل، والأولى الفرق بين الموارد والأشخاص بحسب
صدق الغرور وعدمه، أو تقيّد الإذن وعدمه، والأحوط مراعاة الاحتياط.
[3310] مسألة9 : إذا آجر عبده لعمل فأفسد ففي كون الضمان عليه، أو على العبد
يتبع به بعد عتقه، أو في كسبه إذا كان من غير تفريط، وفي ذمّته يتبع به بعد العتق إذا
كان بتفريط، أو في كسبه مطلقاً وجوه وأقوال، أقواها الأخير; للنصّ الصحيح(2).
هذا في غير الجناية على نفس أو طرف، وإلاّ فيتعلّق برقبته، وللمولى فداؤه بأقلّ
الأمرين من الأرش والقيمة.
[3311] مسألة 10 : إذا آجر دابّة لحمل متاع فعثرت وتلف أو نقص لا ضمان على
صاحبها، إلاّ إذا كان هو السبب بنخس أو ضرب.
[3312] مسألة 11 : إذا استأجر سفينة أو دابّة لحمل متاع فنقص أو سرق لم
يضمن صاحبها. نعم، لو اشترط عليه الضمان صحّ; لعموم دليل الشرط وللنصّ.
[3313] مسألة 12 : إذا حمل الدابّة المستأجرة أزيد من المشترط أو المقدار
- (1) في الثاني أيضاً لا يكون إذن; لأنّه مبنيّ على الكفاية، كما يدلّ عليه السؤال، والمفروض عدمها، فالظاهر ثبوت الضمان في الصورتين من جهة عدم الإذن، وأمّا قاعدة الغرور فجريانها في المقام مشكل.
- (2) لكن مورده ما إذا استهلك مالاً كثيراً آخر، والمفروض في المقام إفساد مورد الإجارة ومقتضى النصّ الحسن الوارد فيه كون الضمان فيه على المولى.
(الصفحة 495)
المتعارف مع الإطلاق ضمن تلفها أو عوارها، والظاهر ثبوت اُجرة المثل لا المسمّى
مع عدم التلف; لأنّ العقد لم يقع على هذا المقدار من الحمل. نعم، لو لم يكن ذلك
على وجه التقييد(1) ثبت عليه المسمّـاة واُجرة المثل بالنسبة إلى الزيادة.
[3314] مسألة 13 : إذا اكترى دابّة فسار عليها زيادة عن المشترط ضمن،
والظاهر(2) ثبوت الاُجرة المسمّـاة بالنسبة إلى المقدار المشترط واُجرة المثل
بالنسبة إلى الزائد.
[3315] مسألة 14 : يجوز لمن استأجر دابّة للركوب أو الحمل أن يضربها إذا
وقفت على المتعارف، أو يكبحها باللجام أو نحو ذلك على المتعارف، إلاّ مع منع
المالك(3) من ذلك أو كونه معها وكان المتعارف سوقه هو، ولو تعدّى عن المتعارف
أو مع منعه(4) ضمن نقصها أو تلفها، أمّا في صورة الجواز ففي ضمانه مع عدم التعدّي
إشكال، بل الأقوى العدم; لأنّه مأذون فيه(5).
[3316] مسألة 15 : إذا استؤجر لحفظ متاع فسرق لم يضمن إلاّ مع التقصير في
الحفظ ولو لغلبة النوم عليه، أو مع اشتراط الضمان، وهل يستحقّ الاُجرة مع
السرقة؟ الظاهر لا; لعدم حصول العمل المستأجر عليه، إلاّ أن يكون متعلّق
- (1) إن كان المراد بالتقييد هو كون مورد الإجارة هو الحمل المقيّد بشرط لا عن الزيادة فحكمه حكم المتباينين، وسيجيء. وإن كان المراد به كون حمل مقدار معيّن مأخوذاً بنحو وحدة المطلوب في مقابل الاشتراط الذي يكون مأخوذاً بنحو التعدّد، فالفرق بينهما من هذه الجهة غير واضح، بل الظاهر ثبوت المسمّى واُجرة المثل في كلتا الصورتين.
- (2) حكم هذه المسألة حكم المسألة المتقدّمة، ولا وجه للإطلاق هنا مع التفصيل هناك.
- (3) بشرط كونه في ضمن العقد لا مطلقاً.
- (4) بالشرط المذكور.
- (5) أي ولو كان الطريق إلى ثبوته والكاشف عن تحقّقه مجرّد التعارف.
(الصفحة 496)
الإجارة الجلوس عنده وكان الغرض هو الحفظ، لا أن يكون هو المستأجر عليه.
[3317] مسألة 16 : صاحب الحمّام لايضمن الثياب إلاّ إذا أودع وفرّط أو
تعدّى، وحينئذ يشكل صحّة اشتراط الضمان أيضاً; لأنّه(1) أمين محض، فإنّه إنّما
أخذ الاُجرة على الحمّام ولم يأخذ على الثياب. نعم، لو استؤجر مع ذلك للحفظ
أيضاً ضمن مع التعدّي أو التفريط، ومع اشتراط الضمان أيضاً; لأنّه حينئذ يأخذ
الاُجرة على الثياب أيضاً، فلايكون أميناً محضاً.
فصل
[في الإجارة الثانية]
يكفي في صحّة الإجارة كون المؤجر مالكاً للمنفعة، أو وكيلاً عن المالك لها، أو
وليّاً عليه; وإن كانت العين للغير، كما إذا كانت مملوكة بالوصيّة أو بالصلح أو
بالإجارة، فيجوز للمستأجر أن يؤجرها من المؤجر أو من غيره، لكن في جواز
تسليمه العين إلى المستأجر الثاني بدون إذن المؤجر إشكال(2)، فلو استأجر دابّة
للركوب أو لحمل المتاع مدّة معيّنة فآجرها في تلك المدّة أو في بعضها من آخر
يجوز، ولكن لايسلّمها إليه بل يكون هو معها، وإن ركبها ذلك الآخر أو حمّلها
متاعه، فجواز الإجارة لايلازم تسليم العين بيده، فإن سلّمها بدون إذن المالك
ضمن. هذا إذا كانت الإجارة الاُولى مطلقة، وأمّا إذا كانت مقيّدة; كأن استأجر
- (1) تعليل للإشكال في صحّة اشتراط الضمان في صورة الإيداع، وقوله(قدس سره): فإنّه إلخ متمّم للتعليل، لكن في النصّ قد جعل ذلك علّة لعدم ثبوت الضمان على صاحب الحمّام مطلقاً، مضافاً إلى أنّ اشتراط الضمان في الوديعة جائز عنده.
- (2) والظاهر هو الجواز، ويتبعه عدم الضمان لو تلف عند الثاني من دون تعدّ وتفريط.
(الصفحة 497)
الدابّة لركوبه نفسه(1)، فلايجوز إجارتها من آخر، كما أنّه إذا اشترط المؤجر عدم
إجارتها من غيره أو اشترط استيفاء المنفعة بنفسه لنفسه كذلك أيضاً; أي لايجوز
إجارتها من الغير.
نعم، لو اشترط استيفاء المنفعة بنفسه ولم يشترط كونها لنفسه جاز أيضاً
إجارتها من الغير بشرط أن يكون هو المباشر للاستيفاء لذلك الغير، ثمّ لو خالف
وآجر في هذه الصور، ففي الصورة الاُولى ـوهي ما إذا استأجر الدابّة لركوبه
نفسهـ بطلت; لعدم كونه مالكاً إلاّ ركوبه نفسه، فيكون المستأجر الثاني ضامناً
لاُجرة المثل للمالك إن استوفى المنفعة، وفي الصورة الثانية والثالثة في بطلان
الإجارة وعدمه وجهان(2) مبنيّان على أنّ التصرّف المخالف للشرط باطل لكونه
مفوّتاً لحقّ الشرط، أولا، بل حرام وموجب للخيار، وكذا في الصورة الرابعة إذا لم
يستوف هو بل سلّمها إلى ذلك الغير.
[3318] مسألة 1 : يجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة وما بمعناها أن
يؤجر العين المستأجرة بأقلّ ممّا استأجر، وبالمساوي له مطلقاً أيّ شيء كانت بل
بأكثر منه أيضاً إذا أحدث فيها حدثاً، أو كانت الاُجرة من غير جنس الاُجرة
- (1) في صحّة هذا النحو من الإجارة بناءً على ما هو المعروف عندهم في معنى الاجارة من كونها عبارة عن تمليك المنفعة إشكال; لعدم بقاء الفرق حينئذ بينها وبين العارية المتقوّمة بملك الانتفاع، فلا فرق عليه بين الدابّة المستأجرة المفروضة وبين الدابّة المستعارة، وكذا اشتراط عدم الإجارة من الغير إذا لم يكن الغرض عدم النقل بعنوان الإجارة فقط، ولم يكن المراد من الغير غير المؤجر، بل أعمّ منه ومن غير المستأجر، وكذا اشتراط استيفاء المنفعة بنفسه لنفسه، فإنّ الصحّة في جميع الصور الثلاثة على المذهب المشهور في معنى الإجارة مشكلة.
- (2) أوجههما الأوّل لا لما أفاده من التعليل بل لصحيح عليّ بن جعفر(عليه السلام) على ما يقتضيه التأمّل فيه.