(الصفحة 566)
حصول الخسران المذكور ، بل قد عرفت سابقاً أنّه لو حصل ربح واقتسماه في الأثناء وأخذ كلّ حصّته منه ثمّ حصل خسران أنّه يستردّ من العامل مقدار ما أخذ ، بل ولو كان الخسران بعد الفسخ قبل القسمة ، بل أو بعدها(1) إذا اقتسما العروض وقلنا بوجوب الإنضاض على العامل وأنّه من تتّمات المضاربة .
[3445] مسألة 48 : إذا كانت المضاربة فاسدة فإمّا أن يكون مع جهلهما بالفساد ، أو مع علمهما ، أو علم أحدهما دون الآخر ، فعلى التقادير الربح بتمامه للمالك ; لإذنه في التجارات ، وإن كانت مضاربته باطلة . نعم ، لو كان الإذن مقيّداً بالمضاربة توقّف ذلك على إجازته وإلاّ فالمعاملات الواقعة باطلة، وعلى عدم التقيّد أو الإجازة يستحقّ العامل مع جهلهما لاُجرة عمله ، وهل يضمن عوض ما أنفقه في السفر على نفسه لتبيّن عدم استحقاقه النفقة، أو لا لأنّ المالك سلّطه على الإنفاق مجّاناً ؟ وجهان، أقواهما(2) الأوّل، ولايضمن التلف والنقص.وكذا الحال إذا كان المالك عالماً دون العامل ، فإنّه يستحقّ الاُجرة ولايضمن التلف والنقص ، وإن كانا عالمين أو كان العامل عالماً دون المالك فلا اُجرة له ; لإقدامه على العمل(3) مع علمه بعدم صحّة المعاملة ، وربما يحتمل في صورة علمهما أنّه يستحقّ حصّته من الربح من باب الجعالة .
وفيه : أنّ المفروض عدم قصدها ، كما أنّه ربما يحتمل استحقاقه اُجرة المثل إذا
- (1) قد مرّ الكلام فيه.
- (2) بل لا يخلو الثاني عن قوّة.
- (3) التعليل لا يقتضي إلاّ عدم استحقاق الحصّة المجعولة، ولا دلالة فيه على عدم استحقاق الاُجرة مطلقاً، ولا منافاة بينه وبين العلم بالفساد. نعم، في صورة عدم حصول الربح، أو كون حصّته منه أقلّ من الاُجرة لا تبعد دعوى عدم الاستحقاق مطلقاً، أو بالإضافة إلى خصوص الزيادة.
(الصفحة 567)
اعتقد أنّه يستحقّها مع الفساد ، وله وجه وإن كان الأقوى خلافه . هذا كلّه إذا حصل ربح ولو قليلاً ، وأمّا مع عدم حصوله فاستحقاق العامل الاُجرة ولو مع الجهل مشكل ; لإقدامه على عدم العوض لعمله مع عدم حصول الربح. وعلى هذا ففي صورة حصوله أيضاً يستحقّ أقلّ الأمرين من مقدار الربح واُجرة المثل ، لكن الأقوى خلافه ; لأنّ(1) رضاه بذلك كان مقيّداً بالمضاربة ، ومراعاة الاحتياط في هذا وبعض الصور المتقدّمة أولى .
[3446] مسألة 49 : إذا ادّعى على أحد أنّه أعطاه كذا مقداراً مضاربة وأنكر ولم يكن للمدّعي بيّنة فالقول قول المنكر مع اليمين .
[3447] مسألة 50 : إذا تنازع المالك والعامل في مقدار رأس المال الذي أعطاه للعامل قدّم قول العامل بيمينه مع عدم البيّنة ، من غير فرق بين كون المال موجوداً أو تالفاً مع ضمان العامل ; لأصالة عدم إعطائه أزيد ممّا يقوله ، وأصالة براءة ذمّته إذا كان تالفاً بالأزيد . هذا إذا لم يرجع نزاعهما إلى النزاع في مقدار نصيب العامل من الربح ; كما إذا كان نزاعهما بعد حصول الربح وعلم أنّ الذي بيده هو مال المضاربة ، إذ حينئذ النزاع في قلّة رأس المال وكثرته يرجع إلى النزاع في مقدار نصيب العامل من هذا المال الموجود ، إذ على تقدير قلّة رأس المال يصير مقدار الربح منه أكثر ، فيكون نصيب العامل أزيد ، وعلى تقدير كثرته بالعكس ، ومقتضى الأصل (2) كون
- (1) أي فيما إذا كان بنحو التقيّد.
- (2) لا مجال لهذا الأصل بناءً على ما قوّاه في مسألة 44 المتقدّمة من انتقال الربح إلى العامل مستقلاًّ وعدم تلقّيه ذلك من المالك، وأمّا بناءً على ما اختاره المشهور من تلقّي المضارب الملك من المالك وكونه الواسطة في ذلك، فمقتضى الأصل وإن كان ذلك، إلاّ أنّه لابدّ من ملاحظة أنّ يد العامل هل سقطت عن الحجّية رأساً باعتبار اعترافه بكون بعض ما بيده للمالك، أو أنّ سقوطها عنها إنّما هو بالإضافة إلى خصوص المقدار الذي اعترف به، فعلى الأوّل يقدّم قول المالك بيمينه في خصوص الصورة المفروضة، التي يرجع النزاع فيها إلى النزاع في ثبوت الزيادة وعدمها، وعلى الثاني لا محيص عن تقديم قول العامل كذلك كما في نظائره.
(الصفحة 568)
جميع هذا المال للمالك إلاّ بمقدار ما أقرّ به للعامل . وعلى هذا أيضاً لا فرق بين كون المال باقياً أو تالفاً بضمان العامل ، إذ بعد الحكم بكونه للمالك إلاّ كذا مقدار منه، فإذا تلف مع ضمانه لابدّ أن يغرم المقدار الذي للمالك .
[3448] مسألة51 : لو ادّعى المالك على العامل أنّه خان أو فرّط في الحفظ فتلف ، أو شرط عليه أن لايشتري الجنس الفلاني ، أولايبيع من زيد أو نحو ذلك ، فالقول قول العامل في عدم الخيانة والتفريط ، وعدم شرط المالك عليه الشرط الكذائي ، والمفروض أنّ مع عدم الشرط يكون مختاراً في الشراء وفي البيع من أيّ شخص أراد . نعم ، لو فعل العامل ما لايجوز له إلاّ بإذن من المالك ـ كما لو سافر أو باع بالنسيئة وادّعى الإذن من المالك ـ فالقول قول المالك في عدم الإذن . والحاصل أنّ العامل لو ادّعى الإذن فيما لايجوز إلاّ بالإذن قدّم فيه قول المالك المنكر ، ولو ادّعى المالك المنع فيما يجوز إلاّ مع المنع قدّم قول العامل المنكر له .
[3449] مسألة 52 : لو ادّعى العامل التلف وأنكر المالك قدّم قول العامل ; لأنّه أمين ، سواء كان بأمر ظاهر أو خفيّ ، وكذا لو ادّعى الخسارة أو ادّعى عدم الربح، أو ادّعى عدم حصول المطالبات في النسيئة مع فرض كونه مأذوناً في البيع بالدين ، ولافرق في سماع قوله بين أن يكون الدعوى قبل فسخ المضاربة أو بعده . نعم ، لو ادّعى بعد الفسخ التلف بعده ففي سماع قوله لبقاء حكم أمانته ، وعدمه لخروجه بعده عن كونه أميناً وجهان(1) ، ولو أقرّ بحصول الربح ثمّ بعد ذلك ادّعى التلف أو الخسارة وقال : إنّي اشتبهت في حصوله ، لم يسمع منه ; لأنّه رجوع عن إقراره
- (1) ولا يخلو الأوّل عن قوّة إلاّ إذا كان مقصّراً من ناحية الردّ إلى المالك.
(الصفحة 569)
الأوّل، ولكن لو قال : ربحت ثمّ تلف أو ثمّ حصلت الخسارة قبل منه .
[3450] مسألة 53 : إذا اختلفا في مقدار حصّة العامل وأنّه نصف الربح مثلا أو ثلثه قدّم قول المالك .
[3451] مسألة 54 : إذا ادّعى المالك أنّي ضاربتك على كذا مقدار وأعطيتك ، فأنكر أصل المضاربة أو أنكر تسليم المال إليه، فأقام المالك بيّنة على ذلك فادّعى العامل تلفه لم يسمع منه(1) واُخذ بإقراره المستفاد من إنكاره الأصل . نعم ، لو أجاب المالك بأنّي لست مشغول الذمّة لك بشيء ، ثمّ بعد الإثبات ادّعى التلف قبل منه ; لعدم المنافاة بين الإنكار من الأوّل وبين دعوى التلف .
[3452] مسألة 55 : إذا اختلفا في صحّة المضاربة الواقعة بينهما وبطلانها قدّم قول مدّعي الصحّة .
[3453] مسألة 56 : إذا ادّعى أحدهما الفسخ في الأثناء وأنكر الآخر قدّم قول المنكر ، وكلّ من يقدّم قوله في المسائل المذكورة لابدّ له من اليمين .
[3454] مسألة 57 : إذا ادّعى العامل الردّ وأنكره المالك قدّم قول المالك .
[3455] مسألة 58 : لو ادّعى العامل في جنس اشتراه أنّه اشتراه لنفسه ، وادّعى المالك أنّه اشتراه للمضاربة قدّم قول العامل وكذا لو ادّعى أنّه اشتراه للمضاربة وادّعى المالك أنّه اشتراه لنفسه ; لأنّه أعرف بنيّته ، ولأنّه أمين فيقبل قوله ، والظاهر أنّ الأمر كذلك(2) لو علم أنّه أدّى الثمن من مال المضاربة ; بأن ادّعى أنّه اشتراه في الذمّة لنفسه ، ثمّ أدّى الثمن من مال المضاربة، ولو كان عاصياً في ذلك .
- (1) أي سماعاً باليمين فتقبل بيّنته على التلف من غير تعدّ وتفريط، أو مطلقاً فلا تكون البيّنة أيضاً مقبولة; لأنّه بإنكاره مكذّب لها، وحينئذ ففي تضمينه أو حبسه حتّى يتبيّن الحال وجهان، ولا تبعد دعوى ظهور العبارة في الاحتمال الأوّل.
- (2) فيه إشكال.
(الصفحة 570)
[3456] مسألة 59 : لو ادّعى المالك أنّه أعطاه المال مضاربة ، وادّعى القابض أنّه أعطاه قرضاً يتحالفان(1) ، فإن حلفا أو نكلا للقابض أكثر الأمرين من اُجرة المثل(2) والحصّة من الربح، إلاّ إذا كانت الاُجرة زائدة عن تمام الربح فليس له أخذها ; لاعترافه بعدم استحقاق أزيد من الربح .
[3457] مسألة 60 : إذا حصل تلف أو خسران فادّعى المالك أنّه أقرضه ، وادّعى العامل أنّه ضاربه قدّم(3) قول المالك مع اليمين .
[3458] مسألة 61 : لو ادّعى المالك الإبضاع والعامل المضاربة يتحالفان(4) ، ومع الحلف أو النكول منهما يستحقّ العامل أقلّ الأمرين من الاُجرة والحصّة من الربح ، ولو لم يحصل ربح فادّعى المالك المضاربة لدفع الاُجرة ، وادّعى العامل الإبضاع
- (1) مع عدم حصول الربح، ومعه فكذلك أيضاً إن كان الملاك في التحالف محطّ الدعوى ومصبّ النزاع. وإن كان المناط هو الغرض والغاية فالظاهر أنّ القول قول المالك; لاتّفاقهما على ثبوت حصّة من الربح للقابض واختلافهما إنّما هو في الزائد، فالمالك ينكره والقابض يدّعيه.
- (2) لا وجه لثبوت اُجرة المثل في مثل المقام الذي يعترف كلّ منهما بعدم استحقاقها، بل بعد التحالف أو النكول لابدّ من تقسيم المقدار الزائد على حصّة العامل بينهما، أو الرجوع إلى القرعة.
- (3) إن كان المناط هو محطّ الدعوى فالحكم هو التحالف. وإن كان هو الغرض فالظاهر تقديم قول العامل في نفي الاقتراض; لأنّ دعواه القراض غير ملزمة، فلا يتوجّه عليه إلاّ اليمين على نفي ما ادّعاه المالك، ويمكن تقديم قول المالك على هذا الفرض، نظراً إلى ما أفاده بعض المحقّقين في الحاشية، من كون أصالة الضمان في الأموال التالفة عند غير مالكها الثابتة بالنصّ والإجماع موافقة للمالك، فيصير منكراً عليه اليمين.
- (4) فيما إذا ادّعى المالك الإبضاع بلا اُجرة، أو باُجرة أقلّ من الحصّة التي يدّعيها المالك، أو مباينة لها، أو كان الملاك في التحالف محطّ الدعوى، وإلاّ فالظاهر عدم توجّه الحلف إليهما، بل يحكم للعامل بالحصّة فقط.