(الصفحة 570)
[3456] مسألة 59 : لو ادّعى المالك أنّه أعطاه المال مضاربة ، وادّعى القابض أنّه أعطاه قرضاً يتحالفان(1) ، فإن حلفا أو نكلا للقابض أكثر الأمرين من اُجرة المثل(2) والحصّة من الربح، إلاّ إذا كانت الاُجرة زائدة عن تمام الربح فليس له أخذها ; لاعترافه بعدم استحقاق أزيد من الربح .
[3457] مسألة 60 : إذا حصل تلف أو خسران فادّعى المالك أنّه أقرضه ، وادّعى العامل أنّه ضاربه قدّم(3) قول المالك مع اليمين .
[3458] مسألة 61 : لو ادّعى المالك الإبضاع والعامل المضاربة يتحالفان(4) ، ومع الحلف أو النكول منهما يستحقّ العامل أقلّ الأمرين من الاُجرة والحصّة من الربح ، ولو لم يحصل ربح فادّعى المالك المضاربة لدفع الاُجرة ، وادّعى العامل الإبضاع
- (1) مع عدم حصول الربح، ومعه فكذلك أيضاً إن كان الملاك في التحالف محطّ الدعوى ومصبّ النزاع. وإن كان المناط هو الغرض والغاية فالظاهر أنّ القول قول المالك; لاتّفاقهما على ثبوت حصّة من الربح للقابض واختلافهما إنّما هو في الزائد، فالمالك ينكره والقابض يدّعيه.
- (2) لا وجه لثبوت اُجرة المثل في مثل المقام الذي يعترف كلّ منهما بعدم استحقاقها، بل بعد التحالف أو النكول لابدّ من تقسيم المقدار الزائد على حصّة العامل بينهما، أو الرجوع إلى القرعة.
- (3) إن كان المناط هو محطّ الدعوى فالحكم هو التحالف. وإن كان هو الغرض فالظاهر تقديم قول العامل في نفي الاقتراض; لأنّ دعواه القراض غير ملزمة، فلا يتوجّه عليه إلاّ اليمين على نفي ما ادّعاه المالك، ويمكن تقديم قول المالك على هذا الفرض، نظراً إلى ما أفاده بعض المحقّقين في الحاشية، من كون أصالة الضمان في الأموال التالفة عند غير مالكها الثابتة بالنصّ والإجماع موافقة للمالك، فيصير منكراً عليه اليمين.
- (4) فيما إذا ادّعى المالك الإبضاع بلا اُجرة، أو باُجرة أقلّ من الحصّة التي يدّعيها المالك، أو مباينة لها، أو كان الملاك في التحالف محطّ الدعوى، وإلاّ فالظاهر عدم توجّه الحلف إليهما، بل يحكم للعامل بالحصّة فقط.
(الصفحة 571)
استحقّ العامل بعد التحالف(1) اُجرة المثل لعمله .
[3459] مسألة 62 : إذا علم مقدار رأس المال ومقدار حصّة العامل، واختلفا في مقدار الربح الحاصل فالقول قول العامل ، كما أنّهما لو اختلفا في حصوله وعدمه كان القول قوله. ولو علم مقدار المال الموجود فعلاً بيد العامل واختلفا في مقدار نصيب العامل منه ، فإن كان من جهة الاختلاف في الحصّة أنّها نصف أوثلث فالقول قول المالك قطعاً ، وإن كان من جهة الاختلاف في مقدار رأس المال فالقول قوله(2)أيضاً ; لأنّ المفروض أنّ تمام هذا الموجود من مال المضاربة أصلاً وربحاً ، ومقتضى الأصل كونه بتمامه للمالك إلاّ ما علم جعله للعامل ، وأصالة عدم دفع أزيد من مقدار كذا إلى العامل لاتثبت كون البقيّة ربحاً ، مع أنّها معارضة بأصالة عدم حصول الربح أزيد من مقدار كذا ، فيبقى كون الربح تابعاً للأصل إلاّ ما خرج .
مسائل [متفرّقة]
[3460] الاُولى : إذا كان عنده مال المضاربة فمات ، فإن علم بعينه فلا إشكال ، وإلاّ فإن علم بوجوده في التركة الموجودة من غير تعيين فكذلك، ويكون المالك شريكاً (3) مع الورثة بالنسبة ، ويقدّم على الغرماء إن كان الميّت مديوناً ; لوجود عين ماله في التركة ، وإن علم بعدم وجوده في تركته ولا في يده ولم يعلم أنّه تلف
- (1) أي بناءً على ثبوت التحالف هنا، نظراً إلى كون المناط هو المحطّ، وأمّا مع ملاحظة الغرض فالظاهر لزوم حلف المالك لنفي ما يدّعيه العامل من استحقاق اُجرة المثل.
- (2) قد مرّ التفصيل فيه.
- (3) مع وجود شرط الشركة، وهو ما إذا لم يكن تميّز لدى العرف واقعاً كامتزاج المايعين، وإلاّ فالحكم الرجوع إلى الصلح أو القرعة.
(الصفحة 572)
بتفريط أو بغيره أو ردّه على المالك ، فالظاهر عدم ضمانه وكون جميع تركته للورثة ، وإن كان لايخلو عن إشكال بمقتضى بعض الوجوه الآتية . وأمّا إذا علم ببقائه في يده إلى ما بعد الموت ولم يعلم أنّه موجود في تركته الموجودة أو لا ; بأن كان مدفوناً في مكان غير معلوم ، أو عند شخص آخر أمانة أو نحو ذلك ، أو علم بعدم وجوده في تركته مع العلم ببقائه في يده، بحيث لوكان حيّاً أمكنه الإيصال إلى المالك ، أو شكّ في بقائه في يده وعدمه أيضاً ، ففي ضمانه في هذه الصور الثلاث وعدمه خلاف وإشكال على اختلاف مراتبه ، وكلمات العلماء في المقام وأمثاله كالرهن والوديعة ونحوهما مختلفة ، والأقوى الضمان (1) في الصورتين الاُوليين ; لعموم قوله (عليه السلام) :
«على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي» حيث إنّ الأظهر شموله للأمانات أيضاً .
ودعوى خروجها لأنّ المفروض عدم الضمان فيها ، مدفوعة بأنّ غاية ما يكون خروج بعض الصور منها ، كما إذا تلفت بلا تفريط أو ادّعى تلفها كذلك إذا حلف ، وأمّا صورة التفريط والإتلاف ودعوى الردّ في غير الوديعة ودعوى التلف والنكول عن الحلف فهي باقية تحت العموم . ودعوى أنّ الضمان في صورة التفريط والتعدّي من جهة الخروج عن كونها أمانة، أو من جهة الدليل الخارجي كما ترى لا داعي إليها ، ويمكن أن يتمسّك(2) بعموم ما دلّ على وجوب ردّ الأمانة ، بدعوى أنّ الردّ أعمّ من ردّ العين وردّ البدل ، واختصاصه بالأوّل ممنوع ، ألا ترى أنّه يفهم من قوله (عليه السلام) :
«المغصوب مردود» وجوب عوضه عند تلفه . هذا، مضافاً إلى خبر
- (1) بل الأقوى عدمه فيهما; لأنّ التمسّك بالعموم المذكور من مصاديق التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية وهو غير جائز، كما أنّ دعوى أنّ العلم الإجمالي بكون بعض ما كان في يده إلى موته مال الغير أسقط اعتبارها في جميع أطرافه بالنسبة إلى القدر المعلوم، يدفعها عدم تأثير العلم الإجمالي في المقام، كما لا يخفى.
- (2) يرد عليه ما يرد على التمسّك بالعموم المتقدّم.
(الصفحة 573)
السكوني(1)، عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ (عليهم السلام) أنّه كان يقول : «من يموت وعنده مال مضاربة قال : إن سمّـاه بعينه قبل موته فقال : هذا لفلان فهو له ، وإن مات ولم يذكر فهو اُسوة الغُرماء» .
وأمّا الصورة الثالثة فالضمان(2) فيها أيضاً لايخلو عن قوّة ; لأنّ الأصل بقاء يده عليه إلى ما بعد الموت واشتغال ذمّته بالردّ عند المطالبة ، وإذا لم يمكنه ذلك لموته يؤخذ من تركته بقيمته . ودعوى أنّ الأصل المذكور معارض بأصالة براءة ذمّته من العوض، والمرجع بعد التعارض قاعدة اليد المقتضية لملكيّته ، مدفوعة بأنّ الأصل الأوّل حاكم على الثاني . هذا، مع أنّه يمكن الخدشة في قاعدة اليد بأنّها مقتضية للملكيّة إذا كانت مختصّة ، وفي المقام كانت مشتركة(3) والأصل بقاؤها على الاشتراك ، بل في بعض الصور يمكن أن يقال : إنّ يده يد المالك من حيث كونه عاملاً له ، كما إذا لم يكن له شيء أصلاً فأخذ رأس المال وسافر للتجارة ولم يكن في يده سوى مال المضاربة ، فإذا مات يكون ما في يده بمنزلة ما في يد المالك ، وإن احتمل أن يكون قد تلف جميع ما عنده من ذلك المال وأنّه استفاد لنفسه ما هو الموجود في يده . وفي بعض الصور يده مشتركة بينه وبين المالك ، كما إذا سافر وعنده من مال المضاربة مقدار ومن ماله أيضاً مقدار . نعم، في بعض الصور لايعدّ يده مشتركة أيضاً ، فالتمسّك باليد بقول مطلق مشكل . ثمّ إنّ جميع ما ذكر إنّما هو إذا
- (1) يرد عليه ـ مضافاً إلى عدم تمامية السند ـ أنّ مورده ما إذا علم بوجود المال في التركة ولم يعلم عينه، فلا ارتباط له بالمقام.
- (2) بل الأقوى فيها أيضاً عدم الضمان; لأنّه إذا كانت اليد المتيقّنة غير مؤثّرة في الضمان، كما في الصورتين الأوّلتين، فاليد المستصحبة لا تؤثّر قطعاً.
- (3) دعوى الاشتراك في هذه الصورة، وكذا دعوى الاختصاص بالمالك في الصورة الآتية ممنوعتان.
(الصفحة 574)
لم يكن بترك التعيين عند ظهور أمارات الموت مفرّطاً ، وإلاّ فلا إشكال في ضمانه .
[3461] الثانية : ذكروا من شروط المضاربة التنجيز ، وأنّه لو علّقها على أمر متوقّع بطلت ، وكذا لو علّقها على أمر حاصل إذا لم يعلم بحصوله . نعم ، لو علّق التصرّف على أمر صحّ وإن كان متوقّع الحصول ، ولا دليل لهم على ذلك إلاّ دعوى الإجماع على أنّ أثر العقد لابدّ أن يكون حاصلاً من حين صدوره ، وهو إن صحّ إنّما يتمّ في التعليق على المتوقّع ، حيث إنّ الأثر متأخّر ، وأمّا التعليق على ما هو حاصل فلايستلزم التأخير ، بل في المتوقّع أيضاً إذا اُخذ على نحو الكشف بأن يكون المعلّق عليه وجوده الاستقبالي لايكون الأثر متأخّراً . نعم ، لو قام الإجماع على اعتبار العلم بتحقّق الأثر حين العقد تمّ في صورة الجهل ، لكنّه غير معلوم ، ثمّ على فرض البطلان لا مانع من جواز التصرّف ونفوذه من جهة الإذن ، لكن يستحقّ حينئذ اُجرة المثل لعمله ، إلاّ أن يكون الإذن مقيّداً بالصحّة فلايجوز التصرّف أيضاً .
[3462] الثالثة : قد مرّ اشتراط عدم الحجر بالفلس في المالك ، وأمّا العامل فلايشترط فيه ذلك ; لعدم منافاته لحقّ الغرماء . نعم ، بعد حصول الربح منع من التصرّف(1) إلاّ بالإذن من الغرماء ، بناءً على تعلّق الحجر بالمال الجديد .
[3463] الرابعة : تبطل المضاربة بعروض الموت كما مرّ، أو الجنون أو الإغماء ، كما مرّ في سائر(2) العقود الجائزة ، وظاهرهم عدم الفرق بين كون الجنون مطبقاً أو أدواريّاً ، وكذا في الإغماء بين قصر مدّته وطولها ، فإن كان إجماعاً ، وإلاّ فيمكن أن يقال بعدم البطلان في الأدواري والإغماء القصير المدّة ، فغاية الأمر عدم نفوذ التصرّف حال حصولهما ، وأمّا بعد الإفاقة فيجوز من دون حاجة إلى تجديد العقد ،
- (1) فيه إشكال. نعم، بعد تماميّة العمل وبقاء الربح ينكشف تعلّق حقّ الغرماء به.
- (2) أي كما في سائر العقود الجائزة.