(الصفحة 585)
التساوي فيه أو الاختلاف أو من متبرّع أو أجير ، هذا مع الإطلاق . ولو شرطا في العقد زيادة لأحدهما، فإن كان للعامل منهما أو لمن عمله أزيد فلا إشكال ولاخلاف على الظاهر عندهم في صحّته . أمّا لو شرطا لغير العامل منهما أو لغير من عمله أزيد ، ففي صحّة الشرط والعقد وبطلانهما ، وصحّة العقد وبطلان الشرط فيكون كصورة الإطلاق أقوال ، أقواها الأوّل ، وكذا لو شرطا كون الخسارة على أحدهما أزيد ، وذلك لعموم «المؤمنون عند شروطهم» ودعوى أنّه مخالف لمقتضى العقد كما ترى(1) .
نعم ، هو مخالف لمقتضى إطلاقه ، والقول بأنّ جعل الزيادة لأحدهما من غير أن يكون له عمل يكون في مقابلتها ليس تجارة، بل هو أكل بالباطل ، كما ترى باطل.
ودعوى أنّ العمل بالشرط غير لازم لأنّه في عقد جائز ، مدفوعة
أوّلاً : بأنّه مشترك الورود ; إذ لازمه عدم وجوب الوفاء به في صورة العمل أو زيادته ،
وثانياً : بأنّ غاية الأمر جواز فسخ العقد فيسقط وجوب الوفاء بالشرط، والمفروض في صورة عدم الفسخ، فما لم يفسخ يجب الوفاء به ، وليس معنى الفسخ حلّ العقد من الأوّل بل من حينه ، فيجب الوفاء بمقتضاه مع الشرط إلى ذلك الحين . هذا، ولو شرطا تمام الربح لأحدهما بطل(2) العقد لأنّه خلاف مقتضاه . نعم ، لو شرطا كون تمام الخسارة على أحدهما فالظاهر صحّته لعدم كونه منافياً .
[3485] مسألة 6 : إذا اشترطا في ضمن العقد كون العمل من أحدهما أو منهما مع استقلال كلّ منهما أو مع انضمامهما فهو المتّبع ولايجوز التعدّي ، وإن أطلقا لم يجز لواحد(3) منهما التصرّف إلاّ بإذن الآخر . ومع الإذن بعد العقد أو الاشتراط فيه، فإن
- (1) كما أنّ دعوى كونه مخالفاً للسنّة أيضاً كذلك.
- (2) الفرق بين هذه الصورة وبين الصورة السابقة غير واضح.
- (3) إذا كان التصرّف مفتقراً إلى إذن جديد، فما الذي يترتّب على عقد الشركة من الأثر.
(الصفحة 586)
كان مقيّداً بنوع خاصّ من التجارة لم يجز التعدّي عنه ، وكذا مع تعيين كيفيّة خاصّة ، وإن كان مطلقاً فاللازم الاقتصار على المتعارف من حيث النوع والكيفيّة ، ويكون حال المأذون حال العامل في المضاربة، فلايجوز(1) البيع بالنسيئة بل ولا الشراء بها، ولايجوز السفر بالمال ، وإن تعدّى عمّا عيّن له أو عن المتعارف ضمن الخسارة والتلف ، ولكن يبقى الإذن(2) بعد التعدّي أيضاً ; إذ لاينافي الضمان بقاءه ، والأحوط(3) مع إطلاق الإذن ملاحظة المصلحة، وإن كان لايبعد كفاية عدم المفسدة.
[3486] مسألة 7 : العامل أمين فلايضمن التلف ما لم يفرط أو يتعدّى .
[3487] مسألة 8 : عقد الشركة من العقود الجائزة ، فيجوز لكلّ من الشريكين فسخه، لا بمعنى أن يكون الفسخ موجباً للانفساخ من الأوّل، أو من حينه بحيث تبطل الشركة ; إذ هي باقية ما لم تحصل القسمة ، بل بمعنى جواز رجوع كلّ منهما عن الإذن في التصرّف الذي بمنزلة عزل الوكيل عن الوكالة ، أو بمعنى مطالبة القسمة ، وإذا رجع أحدهما عن إذنه دون الآخر فيما لو كان كلّ منهما مأذوناً لم يجز التصرّف للآخر ويبقى(4) الجواز بالنسبة إلى الأوّل ، وإذا رجع كلّ منهما عن إذنه لم يجز لواحد منهما ، وبمطالبة القسمة يجب القبول على الآخر ، وإذا أوقعا الشركة علىوجه يكون لأحدهما زيادة في الربح أو نقصاناً في الخسارة يمكن الفسخ ـ بمعنى إبطال هذا القرار ـ بحيث لو حصل بعده ربح أو خسران كان بنسبة المالين على ما
- (1) إلاّ إذا كان متعارفاً، وكذا فيما بعده.
- (2) إلاّ إذا كان مقيّداً بالعدم.
- (3) لا يترك.
- (4) كيف يجتمع الحكم بأنّ الشركة من العقود، وكون أثرها المرتفع بالفسخ هو الإذن مع كون الفسخ مؤثّراً بالنسبة إلى المفسوخ عليه فقط، بحيث إذا رجع أحدهما كان الإذن باقياً بالإضافة إليه.
(الصفحة 587)
هو مقتضى إطلاق الشركة .
[3488] مسألة 9 : لو ذكرا في عقد الشركة أجلاً لايلزم ، فيجوز لكلّ منهما الرجوع قبل انقضائه إلاّ أن يكون مشروطاً في ضمن عقد لازم فيكون لازماً(1) .
[3489] مسألة 10 : لو ادّعى أحدهما على الآخر الخيانة أو التفريط في الحفظ فأنكر عليه الحلف مع عدم البيّنة .
[3490] مسألة 11 : إذا ادّعى العامل التلف قبل قوله مع اليمين لأنّه أمين .
[3491] مسألة 12 : تبطل الشركة بالموت والجنون والإغماء والحجر بالفلس أو السفه ; بمعنى أنّه لايجوز للآخر التصرّف . وأمّا أصل الشركة فهي باقية . نعم ، يبطل أيضاً ما قرّراه من زيادة أحدهما في النماء بالنسبة إلى ماله أو نقصان الخسارة كذلك إذا تبيّن(2) بطلان الشركة ، فالمعاملات الواقعة قبله محكومة بالصحّة ويكون الربح على نسبة المالين; لكفاية الإذن المفروض حصوله. نعم، لوكان مقيّداً بالصحّة تكون كلّهافضوليّاً بالنسبة إلى من يكون إذنه مقيّداً، ولكلّ منهمااُجرة(3) مثل عمله بالنسبة إلى حصّة الآخر إذا كان العمل منهما ، وإن كان من أحدهما فله اُجرة مثل عمله .
[3492] مسألة 13 : إذا اشترى أحدهما متاعاً وادّعى أنّه اشتراه لنفسه ، وادّعى الآخر أنّه اشتراه بالشركة ، فمع عدم البيّنة القول قوله مع اليمين ; لأنّه أعرف بنيّته ، كما أنّه كذلك لو ادّعى أنّه اشتراه بالشركة ، وقال الآخر : إنّه اشتراه لنفسه ; فإنّه يقدّم قوله أيضاً لأنّه أعرف ولأنّه أمين .
- (1) باللزوم التكليفي.
- (2) والظاهر أنّ الصحيح بحسب العبارة «وإذا» بحيث تكون الواو للاستئناف، والمقصود تبيّن بطلان الشركة من رأس.
- (3) لا وجه لثبوت اُجرة المثل في الفضولي مع عدم جعل شيء في مقابل العمل كما هو المفروض.
(الصفحة 588)
(الصفحة 589)
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب المزارعة
[فصل
في معنى المزارعة وشرائطها وأحكامها]
وهي المعاملة على الأرض بالزراعة بحصّة من حاصلها ، وتسمّى مخابرة أيضاً ، ولعلّها من الخبرة بمعنى النصيب ، كما يظهر من «مجمع البحرين». ولا إشكال في مشروعيّتها، بل يمكن دعوى استحبابها لما دلّ على استحباب الزراعة; بدعوى كونها أعمّ من المباشرة والتسبيب ، ففي خبر الواسطي قال : سألت جعفر ابن محمّد (عليهما السلام) عن الفلاّحين؟ قال :
«هم الزارعون كنوز الله في أرضه، وما في الأعمال شيء أحبّ إلى الله من الزراعة، وما بعث الله نبيّاً إلاّ زارعاً إلاّ إدريس (عليه السلام)، فإنّه كان خيّاطاً». وفي آخر عن أبي عبدالله (عليه السلام) :
«الزارعون كنوز الأنام يزرعون طيّباً أخرجه الله ـ عزّوجلّ ـ
وهم يوم القيامة أحسن الناس مقاماً وأقربهم منزلة يدعون المباركين» .
وفي خبر عنه (عليه السلام) قال:
«سئل النبيّ (صلى الله عليه وآله) أيّ المال خير؟ قال: الزرع زرعه صاحبه وأصلحه وأدّى حقّه يوم حصاده، قال : فأيّ المال بعد الزرع خير؟ قال: رجل في