(الصفحة 587)
هو مقتضى إطلاق الشركة .
[3488] مسألة 9 : لو ذكرا في عقد الشركة أجلاً لايلزم ، فيجوز لكلّ منهما الرجوع قبل انقضائه إلاّ أن يكون مشروطاً في ضمن عقد لازم فيكون لازماً(1) .
[3489] مسألة 10 : لو ادّعى أحدهما على الآخر الخيانة أو التفريط في الحفظ فأنكر عليه الحلف مع عدم البيّنة .
[3490] مسألة 11 : إذا ادّعى العامل التلف قبل قوله مع اليمين لأنّه أمين .
[3491] مسألة 12 : تبطل الشركة بالموت والجنون والإغماء والحجر بالفلس أو السفه ; بمعنى أنّه لايجوز للآخر التصرّف . وأمّا أصل الشركة فهي باقية . نعم ، يبطل أيضاً ما قرّراه من زيادة أحدهما في النماء بالنسبة إلى ماله أو نقصان الخسارة كذلك إذا تبيّن(2) بطلان الشركة ، فالمعاملات الواقعة قبله محكومة بالصحّة ويكون الربح على نسبة المالين; لكفاية الإذن المفروض حصوله. نعم، لوكان مقيّداً بالصحّة تكون كلّهافضوليّاً بالنسبة إلى من يكون إذنه مقيّداً، ولكلّ منهمااُجرة(3) مثل عمله بالنسبة إلى حصّة الآخر إذا كان العمل منهما ، وإن كان من أحدهما فله اُجرة مثل عمله .
[3492] مسألة 13 : إذا اشترى أحدهما متاعاً وادّعى أنّه اشتراه لنفسه ، وادّعى الآخر أنّه اشتراه بالشركة ، فمع عدم البيّنة القول قوله مع اليمين ; لأنّه أعرف بنيّته ، كما أنّه كذلك لو ادّعى أنّه اشتراه بالشركة ، وقال الآخر : إنّه اشتراه لنفسه ; فإنّه يقدّم قوله أيضاً لأنّه أعرف ولأنّه أمين .
- (1) باللزوم التكليفي.
- (2) والظاهر أنّ الصحيح بحسب العبارة «وإذا» بحيث تكون الواو للاستئناف، والمقصود تبيّن بطلان الشركة من رأس.
- (3) لا وجه لثبوت اُجرة المثل في الفضولي مع عدم جعل شيء في مقابل العمل كما هو المفروض.
(الصفحة 588)
(الصفحة 589)
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب المزارعة
[فصل
في معنى المزارعة وشرائطها وأحكامها]
وهي المعاملة على الأرض بالزراعة بحصّة من حاصلها ، وتسمّى مخابرة أيضاً ، ولعلّها من الخبرة بمعنى النصيب ، كما يظهر من «مجمع البحرين». ولا إشكال في مشروعيّتها، بل يمكن دعوى استحبابها لما دلّ على استحباب الزراعة; بدعوى كونها أعمّ من المباشرة والتسبيب ، ففي خبر الواسطي قال : سألت جعفر ابن محمّد (عليهما السلام) عن الفلاّحين؟ قال :
«هم الزارعون كنوز الله في أرضه، وما في الأعمال شيء أحبّ إلى الله من الزراعة، وما بعث الله نبيّاً إلاّ زارعاً إلاّ إدريس (عليه السلام)، فإنّه كان خيّاطاً». وفي آخر عن أبي عبدالله (عليه السلام) :
«الزارعون كنوز الأنام يزرعون طيّباً أخرجه الله ـ عزّوجلّ ـ
وهم يوم القيامة أحسن الناس مقاماً وأقربهم منزلة يدعون المباركين» .
وفي خبر عنه (عليه السلام) قال:
«سئل النبيّ (صلى الله عليه وآله) أيّ المال خير؟ قال: الزرع زرعه صاحبه وأصلحه وأدّى حقّه يوم حصاده، قال : فأيّ المال بعد الزرع خير؟ قال: رجل في
(الصفحة 590)
غنم له قد تبع بها مواضع القطر يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، قال: فأيّ المال بعد الغنم خير؟ قال: البقر تغدو بخير وتروح بخير، قال: فأيّ المال بعد البقر خير؟ قال: الراسيات في الوحل، والمطعمات في المحل. نعم الشيء النخل ، من باعه فإنّما ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهق اشتدّت به الريح في يوم عاصف إلاّ أن يخلف مكانها . قيل : يارسول الله (صلى الله عليه وآله) فأيّ المال بعد النخل خير؟ قال: فسكت، قال:فقام إليه رجل فقال له: يارسول الله فأين الإبل؟ قال:فيهاالشقاءوالجفاء والعناء وبُعد ا وعنه (عليه السلام) قال: «الكيمياء الأكبر الزراعة».
وعنه (عليه السلام): «إنّ الله جعل أرزاق أنبيائه في الزرع والضرع كيلا يكرهوا شيئاً من قطر السماء» . وعنه (عليه السلام)، أنّه سأله رجل فقال له : جعلت فداك أسمع قوماً يقولون : إنّ المزارعة مكروهة ؟ فقال له : «ازرعوا واغرسوا، فلا والله ما عمل الناس عملاً أحلّ ولا أطيب منه» . ويستفاد(1) من هذا الخبر ما ذكرنا من أنّ الزراعة أعمّ من المباشرة والتسبيب ، وأمّا ما رواه الصدوق مرفوعاً عن النّبي (صلى الله عليه وآله)أنّه نهى عن المخابرة ، قال : وهي المزارعة بالنصف أو الثلث أو الربع ، فلابدّ من حمله على بعض المحامل ; لعدم مقاومته لما ذكر ، وفي «مجمع البحرين» : وما روي من أنّه (صلى الله عليه وآله)نهى عن المخابرة كان ذلك حين تنازعوا فنهاهم عنها .
ويشترط فيها اُمور :
أحدها : الإيجاب والقبول ، ويكفي فيهما كلّ لفظ دالّ ، سواء كان حقيقة أو مجازاً مع القرينة، كزارعتك أو سلّمت إليك الأرض على أن تزرع على كذا ، ولايعتبر فيهما العربيّة ولا الماضويّة ، فيكفي الفارسي وغيره ، والأمر كقوله : ازرع
- (1) على تقدير كون الموضوع هي المزارعة، وأمّا على تقدير كونه هي الزراعة كما في محكي النسخ الموجودة من كتب الأخبار المعروفة فلا مجال لهذه الاستفادة.
(الصفحة 591)
هذه الأرض على كذا ، أو المستقبل ، أو الجملة الاسميّة مع قصد الإنشاء بها ، وكذا لايعتبر تقديم الإيجاب على القبول، ويصحّ الإيجاب من كلّ من المالك والزارع ، بل يكفي(1) القبول الفعلي بعد الإيجاب القولي على الأقوى ، وتجري فيها المعاطاة، وإن كانت لا تلزم (2) إلاّ بالشروع في العمل .
الثاني : البلوغ والعقل والاختيار، وعدم الحجر لسفه أو فلس، ومالكيّة التصرّف في كلّ من المالك والزارع . نعم ، لايقدح(3) حينئذ فلس الزارع إذا لم يكن منه مال ; لأنّه ليس تصرّفاً ماليّاً .
الثالث : أن يكون النماء مشتركاً بينهما ، فلو جعل الكلّ لأحدهما لم يصحّ مزارعة .
الرابع : أن يكون مشاعاً بينهما ، فلو شرطا اختصاص أحدهما بنوع ـ كالذي حصل أوّلاً ـ والآخر بنوع آخر ، أو شرطا أن يكون ما حصل من هذه القطعة من الأرض لأحدهما، وما حصل من القطعة الاُخرى للآخر لم يصحّ .
الخامس : تعيين الحصّة بمثل النصف أو الثلث أو الربع أو نحو ذلك ، فلو قال : ازرع هذه الأرض على أن يكون لك أو لي شيء من حاصلها بطل .
السادس : تعيين المدّة بالأشهر والسنين، فلو أطلق بطل . نعم ، لو عيّن المزروع أو مبدأ الشروع في الزرع لايبعد صحّته إذا لم يستلزم(4) غرراً ، بل مع
- (1) فيه إشكال.
- (2) اللزوم في المعاطاة لا يتوقّف على شيء، بل هي كالعقد بالصيغة. نعم، قد يكون أصل تحقّقها متوقّفاً على الشروع في العمل، كما في إجارة الحرّ نفسه، وكما هنا بناءً على صدور الإيجاب من الزارع.
- (3) وكذا سفهه في هذه الصورة.
- (4) بأن كان متعيّناً بحسب العادة، وكذا في الفرض الآتي.