(الصفحة 627)
بكذا» ولا مانع منه ; لأنّه شرط مشروع في ضمن العقد .
[3555] مسألة 25 : يجوز تعدّد العامل ، كأن يساقي مع اثنين بالنصف له والنصف لهما ، مع تعيين عمل كلّ منهما بينهم أو فيما بينهما ، وتعيين حصّة كلّ منهما ، وكذا يجوز تعدّد المالك واتّحاد العامل ، كما إذا كان البستان مشتركاً بين اثنين فقالا لواحد : ساقيناك على هذا البستان بكذا ، وحينئذ فإن كانت الحصّة المعيّنة للعامل منهما سواء كالنصف أو الثلث مثلا صحّ وإن لم يعلم العامل كيفيّة شركتهما وأنّها بالنصف أو غيره ، وإن لم يكن سواء ـ كأن يكون في حصّة أحدهما بالنصف وفي حصّة الآخر بالثلث مثلا ـ فلابدّ من علمه بمقدار حصّة كلّ منهما ; لرفع الغرر والجهالة في مقدار حصّته من الثمر .
[3556] مسألة 26 : إذا ترك العامل العمل بعد إجراء العقد ابتداءً وفي الأثناء فالظاهر أنّ المالك مخيّر بين الفسخ أو الرجوع إلى الحاكم الشرعي ، فيجبره على العمل ، وإن لم يمكن استأجر من ماله من يعمل عنه ، أو بأجرة مؤجّلة إلى وقت الثمر فيؤدّيها منه ، أو يستقرض عليه ويستأجر من يعمل عنه ، وإن تعذّر الرجوع إلى الحاكم أو تعسّر فيقوم بالاُمور المذكورة عدول المؤمنين ، بل لايبعد جواز إجباره بنفسه ، أو المقاصّة من ماله ، أو استئجار المالك عنه ثمّ الرجوع عليه أو نحو ذلك . وقد يقال بعدم جواز الفسخ إلاّ بعد تعذّر الإجبار وأنّ اللازم(1) كون الإجبار من الحاكم مع إمكانه ، وهو أحوط(2) ، وإن كان الأقوى التخيير بين الاُمور المذكورة .
هذا إذا لم يكن مقيّداً بالمباشرة ، وإلاّ فيكون مخيّراً(3) بين الفسخ والإجبار ،
- (1) في العبارة مسامحة، فإنّ لزوم كون الإجبار من الحاكم مع إمكانه لا يختصّ بهذا القول بل هو مسلّم لا إشكال فيه.
- (2) لا يترك.
- (3) بالنحو الذي عرفت من تأخّر رتبة الفسخ عن الإجبار احتياطاً.
(الصفحة 628)
ولايجوز الاستئجار عنه للعمل . نعم ، لو كان اعتبار المباشرة بنحوالشرط لا القيد يمكن إسقاط حقّ الشرط والاستئجار عنه أيضاً .
[3557] مسألة 27 : إذا تبرّع عن العامل متبرّع بالعمل جاز إذا لم يشترط المباشرة ، بل لو أتى به من غير قصد التبرّع عنه أيضاً كفى(1) ، بل ولو قصد التبرّع عن المالك كان كذلك أيضاً، وإن كان لايخلو عن إشكال ، فلايسقط حقّه من الحاصل ، وكذا لو ارتفعت الحاجة إلى بعض الأعمال ; كما إذا حصل السقي بالأمطار ولم يحتج إلى النزح من الآبار ، خصوصاً إذا كانت العادة كذلك ، وربما يستشكل بأنّه نظير الاستئجار لقلع الضرس إذا انقلع بنفسه ، فإنّ الأجير لايستحقّ الاُجرة ; لعدم صدور العمل المستأجر عليه منه ، فاللازم في المقام أيضاً عدم استحقاق ما يقابل ذلك العمل ، ويجاب بأنّ وضع المساقاة وكذا المزارعة على ذلك ، فإنّ المراد حصول الزرع والثمرة، فمع احتياج ذلك إلى العمل فعله العامل ، وإن استغنى عنه بفعل الله أو بفعل الغير سقط واستحقّ حصّته ، بخلاف الإجارة، فإنّ المراد منها مقابلة العوض بالعمل منه أو عنه ، ولابأس بهذا الفرق فيما هو المتعارف سقوطه أحياناً ـ كالاستقاء بالمطر ـ مع بقاء سائر الأعمال ، وأمّا لو كان على خلافه ـ كما إذا لم يكن عليه إلاّ السقي واستغنى عنه بالمطر أو نحوه كلّية ـ فاستحقاقه للحصّة مع عدم صدور عمل منه أصلاً مشكل(2) .
[3558] مسألة 28 : إذا فسخ المالك العقد بعد امتناع العامل عن إتمام العمل يكون الثمر له ، وعليه اُجرة المثل للعامل بمقدار ما عمل . هذا إذا كان قبل ظهور الثمر ، وإن
- (1) لا يخلو عن إشكال كما في الفرض اللاحق، خصوصاً إذا كان ما يأتي به جميع عمل المساقاة.
- (2) لا فرق بين هذه الصورة والصورة السابقة فيما هو الملاك، فالتفريق في غير محلّه.
(الصفحة 629)
كان بعده يكون(1) للعامل حصّته وعليه الاُجرة للمالك إلى زمان البلوغ إن رضي بالبقاء ، وإلاّ فله الإجبار على القطع بقدر حصّته ، إلاّ إذا لم يكن له قيمة أصلاً ، فيحتمل أن يكون للمالك كما قبل الظهور .
[3559] مسألة 29 : قد عرفت أنّه يجوز للمالك مع ترك العامل العمل أن لايفسخ ويستأجر عنه ويرجع عليه ، إمّا مطلقاً كما لايبعد(2) ، أو بعد تعذّر الرجوع إلى الحاكم ، لكن يظهر من بعضهم اشتراط جواز الرجوع عليه بالإشهاد على الاستئجار عنه ، فلو لم يشهد ليس له الرجوع عليه حتّى بينه وبين الله ، وفيه ما لايخفى ، فالأقوى أنّ الإشهاد للإثبات ظاهراً وإلاّ فلايكون شرطاً للاستحقاق ، فمع العلم به أو ثبوته شرعاً يستحقّ الرجوع وإن لم يكن أشهد على الاستئجار . نعم ، لو اختلفا في مقدار الاُجرة فالقول قول العامل في نفي الزيادة ، وقد يقال بتقديم قول المالك لأنّه أمين ، وفيه ما لايخفى . وأمّا لو اختلفا في أنّه تبرّع عنه أو قصد الرجوع عليه فالظاهر تقديم قول المالك ; لاحترام(3) ماله وعمله إلاّ إذا ثبت التبرّع، وإن كان لايخلو عن إشكال ، بل يظهر من بعضهم تقديم قول العامل .
[3560] مسألة 30 : لو تبيّن بالبيّنة أو غيرها أنّ الاُصول كانت مغصوبة ، فإن أجاز المغصوب منه المعاملة صحّت المساقاة ، وإلاّ بطلت وكان تمام الثمرة للمالك المغصوب منه ، ويستحقّ العامل اُجرة المثل على الغاصب إذا كان جاهلاً
- (1) بل لا فرق بين هذه الصورة والصورة السابقة، سواء كان الفسخ مؤثّراً من الأصل أو من الحين، وسواء كانت حقيقة المساقاة ما أفاده في تعريفها كما استظهرناه، أو كانت حقيقتها ما اختاره في مسألة 19 المتقدّمة من أنّها عبارة عن التسليط للاستنماء، فإنّه على جميع التقادير يكون أثر الفسخ رفع أثر العقد الذي هي الملكية.
- (2) بل بعيد.
- (3) بل لأنّه أعرف بنيّته ولا تعرف إلاّ من قبله كما في نظائره.
(الصفحة 630)
بالحال(1) ، إلاّ إذا كان مدّعياً عدم الغصبيّة وأنّها كانت للمساقي ، إذ حينئذ ليس له الرجوع عليه; لاعترافه بصحّة المعاملة وأنّ المدّعي أخذ الثمرة منه ظلماً . هذا إذا كانت الثمرة باقية ، وأمّا لو اقتسماها وتلفت عندهما فالأقوى أنّ للمالك الرجوع بعوضها على كلّ من الغاصب والعامل بتمامه ، وله الرجوع على كلّ منهما بمقدار حصّته ، فعلى الأخير لا إشكال ، وإن رجع على أحدهما بتمامه رجع على الآخر بمقدار حصّته ، إلاّ إذا اعترف بصحّة العقد وبطلان دعوى المدّعي للغصبيّة ; لأنّه حينئذ معترف بأنّه غرمه ظلماً .
وقيل : إنّ المالك مخيّر بين الرجوع على كلّ منهما بمقدار حصّته ، وبين الرجوع على الغاصب بالجميع ، فيرجع هو على العامل بمقدار حصّته وليس له الرجوع على العامل بتمامه إلاّ إذا كان عالماً بالحال ، ولا وجه له بعد ثبوت يده على الثمر بل العين أيضاً ، فالأقوى ما ذكرنا ; لأنّ يد كلّ منهما يد ضمان وقرار الضمان على من تلف في يده العين، ولو كان تلف الثمرة بتمامها في يد أحدهما كان قرار الضمان عليه .
هذا ، ويحتمل (2) في أصل المسألة كون قرار الضمان على الغاصب مع جهل العامل ; لأنّه مغرور من قبله، ولاينافيه ضمانه لاُجرة عمله فإنّه محترم، وبعد فساد المعاملة لايكون الحصّة عوضاً عنه فيستحقّها ، وإتلافه الحصّة إذا كان بغرور من الغاصب لايوجب ضمانه له .
[3561] مسألة 31 : لايجوز للعامل في المساقاة أن يساقي غيره مع اشتراط
- (1) مرّ الكلام فيه مراراً.
- (2) لكنّه غير وجيه، فإنّه لم يقدم على أن تكون الحصّة له مجّاناً، ولم يتحقّق من الغاصب غرور بالإضافة إليه، بل دخل على كونها بإزاء عمله، والمفروض فساد المعاملة ورجوعه إلى الغاصب باُجرة مثل العمل، فما الموجب لعدم كونه ضامناً للحصّة، وأيّ غرور يفرض في المقام.
(الصفحة 631)
المباشرة أو مع النهي عنه(1) ، وأمّا مع عدم الأمرين ففي جوازه مطلقاً كما في الإجارة والمزارعة، وإن كان لايجوز تسليم الاُصول إلى العامل الثاني إلاّ بإذن المالك ، أو لايجوز مطلقاً وإن أذن المالك ، أو لايجوز إلاّ مع إذنه ، أو لايجوز قبل ظهور الثمر ويجوز بعده أقوال ، أقواها الأوّل(2) ، ولا دليل على القول بالمنع مطلقاً أو في الجملة بعد شمول العمومات من قوله تعالى :
{أَوْفُوا بِالعُقُودِ} [المائدة: 5 / 1] و
{تِجَارَةً عَنْ تَراض} [النساء: 4 / 29]. وكونها على خلاف الأصل، فاللازم الاقتصار على القدر المعلوم ممنوع بعد شمولها . ودعوى أنّه يعتبر فيها كون الأصل مملوكاً للمساقي أو كان وكيلاً عن المالك أو وليّاً عليه كما ترى ، إذ هو أوّل الدعوى .
[3562] مسألة 32 : خراج السلطان في الأراضي الخراجيّة على المالك ; لأنّه إنّما يؤخذ على الأرض التي هي للمسلمين لا الغرس الذي هو للمالك ، وإن اُخذ على الغرس فبملاحظة الأرض ، ومع قطع النظر عن ذلك أيضاً كذلك ، فهو على المالك مطلقاً إلاّ إذا اشترط كونه على العامل أو عليهما بشرط العلم بمقداره .
[3563] مسألة 33 : مقتضى عقد المساقاة ملكيّة العامل للحصّة من الثمر من حين ظهوره ، والظاهر عدم الخلاف فيه إلاّ من بعض العامّة ، حيث قال بعدم ملكيّته له إلاّ بالقسمة قياساً على عامل القراض، حيث إنّه لايملك الربح إلاّ بعد الإنضاض ، وهو ممنوع عليه حتّى في المقيس عليه . نعم ، لو اشترطا ذلك فى ضمن العقد لايبعد صحّته. ويتفرّع على ما ذكرنا فروع :
- (1) نهي المالك بما هو مالك لا يؤثّر بالإضافة إلى المساقاة الثانية; لعدم كونها من شؤون ملكيّته، بل غايته التأثير بالنسبة إلى تسليم الاُصول إلى العامل الثاني، وهو لا يلازم المساقاة.
- (2) كما في المزارعة والإجارة، ولم يظهر للمساقاة وجه اختصاص بالمنع. نعم، قد مرّ الإشكال في صحّة المساقاة بعد ظهور الثمر.