(الصفحة 65)
وصوم بدل الهدي في حج التمتع، وصوم النذر(1) والعهد واليمين، والملتزم بشرط أو
إجارة، وصوم اليوم الثالث من أيّام الاعتكاف، أمّا الواجب فقد مرّ(2) جملة منه.
وأمّا المندوب منه فأقسام:
منها: ما لا يختص بسبب مخصوص ولا زمان معيّن، كصوم أيّام السنة عدا ما
استثني من العيدين، وأيّام التشريق لمن كان بمنى، فقد وردت الأخبار الكثيرة في
فضله من حيث هو ومحبوبيته وفوائده، ويكفي فيه ما ورد في الحديث القدسي:
«الصوم لي وأنا اُجازي به»(3) وما ورد من أنّ
«الصوم جُنّة من النار» وأنّ «نوم
الصائم عبادة، وصمته تسبيح، وعمله متقبّل، ودعاءه مستجاب». ونعم ما قال
بعض العلماء من أنّه لو لم يكن في الصوم إلاّ الارتقاء عن حضيض حظوظ النفس
البهيميّة إلى ذروة التشبّه بالملائكة الروحانيّة لكفى به فضلاً ومنقبة وشرفاً.
ومنها: ما يختص بسبب مخصوص، وهي كثيرة مذكورة في كتب الأدعية.
ومنها: ما يختص بوقت معيّن، وهو في مواضع:
ومنها: وهو آكدها صوم ثلاثة أيّام من كلّ شهر، فقد ورد أنّه يعادل صوم
الدهر، ويذهب بوحر الصدر، وأفضل كيفياته ما عن المشهور، ويدلّ عليه جملة
من الأخبار; وهو أن يصوم أوّل خميس من الشهر وآخر خميس منه، وأوّل أربعاء
في العشر الثاني، ومن تركه يستحب له قضاؤه، ومع العجز عن صومه لكبر ونحوه
يستحب أن يتصدّق عن كلّ يوم بمدّ من طعام أو بدرهم.
ومنها: صوم أيّام البيض من كلّ شهر، وهي الثالث عشر والرابع عشر
والخامس عشر على الأصح المشهور، وعن العمّاني أنّها الثلاثة المتقدّمة.
- (1) قد مرّ غير مرّة أنّ الواجب في مثل النذر هو عنوان الوفاء به، لا العنوان المتعلّق له.
- (2) ومن جملة ما مرّ ما يجب على الولي من قضاء ما فات عن الميّت.
- (3) أو اُجزي به أو اُجزي عليه، كما هو الموجود في محكيّ الحديث دون ما في المتن.
(الصفحة 66)
ومنها: صوم يوم مولد النبي(صلى الله عليه وآله) وهو السابع عشر من ربيع الأوّل على
الأصح، وعن الكليني ـ رحمه الله ـ أنّه الثاني عشر منه.
ومنها: صوم يوم الغدير; وهو الثامن عشر من ذي الحجة.
ومنها: صوم يوم مبعث النبي(صلى الله عليه وآله); وهو السابع والعشرون من رجب.
ومنها: يوم دحو الأرض من تحت الكعبة; وهو اليوم الخامس والعشرون من
ذي القعدة.
ومنها: يوم عرفة لمن لا يضعّفه الصوم عن الدعاء.
ومنها: يوم المباهلة; وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة.
ومنها: كلّ خميس وجمعة معاً، أو الجمعة فقط.
ومنها: أوّل ذي الحجة، بل كلّ يوم من التسع فيه.
ومنها: يوم النيروز.
ومنها: صوم رجب وشعبان كلاًّ أو بعضاً، ولو يوماً من كلّ منهما.
ومنها: أوّل يوم من المحرّم وثالثه وسابعه.
ومنها: التاسع والعشرون من ذي القعدة.
ومنها: صوم ستة أيّام(1) بعد عيد الفطر بثلاثة أيّام أحدها العيد.
ومنها: يوم النصف من جمادى الأُولى.
[2557] مسألة 1: لا يجب إتمام صوم التطوّع بالشروع فيه، بل يجوز له
الإفطار إلى الغروب، وإن كان يكره بعد الزوال.
[2558] مسألة 2: يستحب للصائم تطوّعاً قطع الصوم إذا دعاه أخوه المؤمن
إلى الطعام، بل قيل بكراهته حينئذ.
- (1) في استحبابه بالخصوص إشكال كبعض ما قبله.
(الصفحة 67)
وأمّا المكروه منه; بمعنى قلّة الثواب(1) ففي مواضع أيضاً:
منها: صوم عاشوراء(2).
ومنها: صوم عرفة لمن خاف أن يضعّفه عن الدعاء الذي هو أفضل من
الصوم، وكذا مع الشك في هلال ذي الحجة خوفاً من أن يكون يوم العيد.
ومنها: صوم الضيف بدون إذن مضيفه، والأحوط تركه مع نهيه، بل الأحوط
تركه مع عدم إذنه أيضاً.
ومنها: صوم الولد بدون إذن والده، بل الأحوط تركه خصوصاً مع النهي، بل
يحرم إذا كان إيذاءً له(3) من حيث شفقته عليه، والظاهر جريان الحكم في ولد الولد
بالنسبة إلى الجد، والأولى مراعاة إذن الوالدة، ومع كونه إيذاءً لها يحرم كما في
الوالد.
وأما المحظور منه ففي مواضع أيضاً:
أحدها: صوم العيدين الفطر والأضحى، وإن كان عن كفارة القتل في أشهر
الحرم، والقول بجوازه للقاتل شاذ، والرواية الدالّة عليه ضعيفة سنداً ودلالة.
الثاني: صوم أيّام التشريق; وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر
من ذي الحجة لمن كان بمنى، ولا فرق على الأقوى بين الناسك وغيره.
الثالث: صوم يوم الشك في أنّه من شعبان أو رمضان بنيّة أنّه من رمضان،
وأمّا بنيّة أنّه من شعبان فلا مانع منه كما مرّ.
الرابع: صوم وفاء نذر المعصية، بأن ينذر الصوم إذا تمكّن من الحرام الفلاني أو
- (1) أو بمعنى المزاحمة مع ما هو أرجح منه، أو بمعنى انطباق عنوان مرجوح عليه أهمّ من رجحان الصوم، كالتبعية لبني اُميّة في صوم العاشور.
- (2) لكنّه يستحب فيه الإمساك إلى العصر لا بقصد الصوم.
- (3) لكن المحرّم هو عنوان الإيذاء لا الصوم.
(الصفحة 68)
إذا ترك الواجب الفلاني يقصد بذلك الشكر على تيسّره، وأمّا إذا كان بقصد الزجر
عنه فلا بأس به. نعم، يلحق بالأوّل في الحرمة ما إذا نذر الصوم زجراً عن طاعة
صدرت منه أو عن معصية تركها.
الخامس: صوم الصمت، بأن ينوي في صومه السكوت عن الكلام في تمام
النهار أو بعضه بجعله في نيّته من قيود صومه، وأمّا إذا لم يجعله قيداً وإن صمت فلا
بأس به، بل وإن كان في حال النيّة بانياً على ذلك إذا لم يجعل الكلام جزءاً من
المفطرات وتركه قيداً في صومه.
السادس: صوم الوصال; وهو صوم يوم وليلة إلى السحر، أو صوم يومين بلا
إفطار في البين، وأمّا لو أخّر الإفطار إلى السحر أو إلى الليلة الثانية مع عدم قصد
جعل تركه جزءاً من الصوم فلا بأس به، وإن كان الأحوط عدم التأخير إلى السحر
مطلقاً.
السابع: صوم الزوجة مع المزاحمة لحقّ الزوج، والأحوط(1) تركه بلا إذن
منه، بل لا يترك الاحتياط مع نهيه عنه وإن لم يكن مزاحماً لحقّه.
الثامن: صوم المملوك مع المزاحمة لحقّ المولى، والأحوط تركه من دون إذنه،
بل لا يترك الاحتياط مع نهيه.
التاسع: صوم الولد مع كونه موجباً لتألّم الوالدين وأذيّتهما.
العاشر: صوم المريض ومن كان يضره الصوم.
الحادي عشر: صوم المسافر إلاّ في الصور المستثناة على ما مر.
الثاني عشر: صوم الدهر حتّى العيدين على ما في الخبر، وإن كان يمكن أن
يكون من حيث اشتماله عليهما لا لكونه صوم الدهر من حيث هو.
- (1) لا يترك، وكذا في المملوك.
(الصفحة 69)
[2559] مسألة 3: يستحب الإمساك تأدّباً في شهر رمضان وإن لم يكن
صوماً في مواضع.
أحدها: المسافر إذا ورد أهله أو محلّ الإقامة بعد الزوال مطلقاً أو قبله وقد
أفطر، وأمّا إذا ورد قبله ولم يفطر فقد مر أنّه يجب عليه الصوم.
الثاني: المريض إذا برئ في أثناء النهار وقد أفطر، وكذا لو لم يفطر إذا كان بعد
الزوال، بل قبله أيضاً على ما مر من عدم صحّة صومه، وإن كان الأحوط تجديد
النيّة(1) والإتمام ثمّ القضاء.
الثالث: الحائض والنفساء إذا طهرتا في أثناء النهار.
الرابع: الكافر إذا أسلم في أثناء النهار أتى بالمفطر أم لا.
الخامس: الصبي إذا بلغ في أثناء النهار.
السادس: المجنون والمغمى عليه إذا أفاقا في أثنائه.
- (1) مرّ ما يتعلّق به وبما بعده.