(الصفحة 703)
الطلاق أو الوفاة أو نحوهما ، فهل تتداخل العدّتان أو يجب التعدّد ؟ قولان ، المشهور على الثاني ، وهو الأحوط(1)، وإن كان الأوّل لايخلو عن قوّة ، حملاً للأخبار الدالّة على التعدّد على التقيّة ، بشهادة خبر زرارة وخبر يونس ، وعلى التعدّد يقدّم ما تقدّم سببه ، إلاّ إذا كان إحدى العدّتين بوضع الحمل فتقدّم وإن كان سببها متأخّراً ; لعدم إمكان التأخير حينئذ ، ولو كان المتقدّمة عدّة وطء الشبهة والمتأخّرة عدّة الطلاق الرجعي، فهل يجوز الرجوع قبل مجيء زمان عدّته ؟ وهل ترث الزوج إذا مات قبله في زمان عدّة وطء الشبهة ؟ وجهان ، بل قولان ، لايخلو الأوّل منهما من قوّة . ولو كانت المتأخّرة عدّة الطلاق البائن، فهل يجوز تزويج المطلّق لها في زمان عدّة الوطء قبل مجيء زمان عدّة الطلاق ؟ وجهان ، لايبعد الجواز (2) بناءً على أنّ الممنوع في عدّة وطء الشبهة وطء الزوج لها لا سائر الاستمتاعات بها كما هوالأظهر ، ولو قلنا بعدم جواز التزويج حينئذ للمطلّق فيحتمل كونه موجباً للحرمة الأبديّة أيضاً ; لصدق التزويج في عدّة الغير ، لكنّه بعيد(3) لانصراف أخبار التحريم المؤبّد عن هذه الصورة .
هذا ، ولو كانت العدّتان لشخص واحد، كما إذا طلّق زوجته بائناً ثمّ وطأها شبهة في أثناء العدّة فلاينبغي(4) الإشكال في التداخل ، وإن كان مقتضى إطلاق
- (1) لا يترك.
- (2) بل العدم غير بعيد، والملازمة بين بقاء الزوجية بعد الوطء بالشبهة وبين جواز احداثها في عدّته غير ثابتة.
- (3) بل لا بعد فيه لشمول الأدلّة ومنع الانصراف.
- (4) بل ينبغي الإشكال فيه بالإضافة إلى الغير. نعم، فيما إذا كانت إحداهما عدّة الطلاق الرجعي، والاُخرى عدّة الوفاة يكون مقتضى النصّ الوارد فيه انقلاب الاُولى إلى الثانية، ولزوم الاعتداد بخصوص عدّة الوفاة التي هي أبعد الأجلين. نعم، في إطلاقه وشموله لجميع الموارد إشكال.
(الصفحة 704)
بعض العلماء التعدّد في هذه الصورة أيضاً .
[3720] مسألة 13 : لا إشكال في ثبوت مهر المثل في الوطء بالشبهة المجرّدة عن التزويج إذا كانت الموطوءة مشتبهة وإن كان الواطئ عالماً ، وأمّا إذا كان بالتزويج ففي ثبوت المسمّى أو مهر المثل قولان ، أقواهما الثاني ، وإذا كان التزويج مجرّداً عن الوطء فلا مهر أصلاً .
[3721] مسألة 14 : مبدأ العدّة في وطء الشبهة المجرّدة عن التزويج حين الفراغ من الوطء ، وأمّا إذا كان مع التزويج فهل هو كذلك ، أو من حين تبيّن الحال ؟ وجهان ، والأحوط الثاني ، بل لعلّه الظاهر من الأخبار .
[3722] مسألة 15 : إذا كانت الموطوءة بالشبهة عالمة ; بأن كان الاشتباه من طرف الواطئ فقط، فلا مهر لها إذا كانت حرّة، إذ لا مهر لبغيّ، ولو كانت أمة ففي كون الحكم كذلك، أو يثبت المهر لأنّه حق السيّد وجهان ، لايخلو(1) الأوّل منهما من قوّة .
[3723] مسألة 16 : لايتعدّد المهر(2) بتعدّد الوطء مع استمرار الاشتباه . نعم ، لو كان مع تعدّد الاشتباه تعدّد .
[3724] مسألة 17 : لا بأس بتزويج المرأة الزانية غير ذات البعل للزاني وغيره ، والأحوط الأولى أن يكون بعد استبراء رحمها بحيضة من مائه أو ماء غيره إن لم تكن حاملاً . وأمّا الحامل فلا حاجة فيها إلى الإستبراء ، بل يجوز تزويجها ووطؤها بلا فصل . نعم ، الأحوط(3) ترك تزويج المشهورة بالزنا إلاّ بعد ظهور توبتها ، بل الأحوط ذلك بالنسبة إلى الزاني بها، وأحوط من ذلك ترك تزويج الزانية مطلقاً إلاّ
- (1) فلا يستحقّ شيء بعنوان المهر، وأمّا بعنوان الأرش فلا يبعد ثبوت عشر قيمتها للمولى إن كانت بكراً ونصفه إن كانت ثيّباً.
- (2) محلّ تأمّل، خصوصاً في بعض صوره.
- (3) لا يترك.
(الصفحة 705)
بعد توبتها ، ويظهر ذلك بدعائها إلى الفجور ، فإن أبت ظهر توبتها .
[3725] مسألة 18 : لا تحرم الزوجة على زوجها بزناها وإن كانت مصرّة(1)على ذلك ، ولايجب عليه أن يطلّقها .
[3726] مسألة 19 : إذا زنى بذات بعل دواماً أو متعة حرمت عليه أبداً(2) ، فلايجوز له نكاحها بعد موت زوجها أو طلاقه لها أو انقضاء مدّتها إذا كانت متعة ، ولا فرق على الظاهر بين كونه حال الزنا عالماً بأنّها ذات بعل أو لا ، كما لا فرق بين كونها حرّة أو أمة ، وزوجها حرّاً أو عبداً ; كبيراً أو صغيراً ، ولا بين كونها مدخولاً بها من زوجها أو لا ، ولا بين أن يكون ذلك بإجراء العقد عليها وعدمه بعد فرض العلم بعدم صحّة العقد(3) ، ولا بين أن تكون الزوجة مشتبهة أو زانية أو مكرهة .
نعم ، لو كانت هي الزانية وكان الواطئ مشتبهاً فالأقوى عدم الحرمة الأبديّة ، ولايلحق بذات البعل الأمة المستفرشة ولا المحلّلة . نعم ، لو كانت الأمة مزوّجة فوطأها سيّدها لم يبعد الحرمة الأبديّة عليه وإن كان لايخلو عن إشكال ، ولو كان الواطئ مكرهاً على الزنا فالظاهر لحوق الحكم، وإن كان لايخلو عن إشكال أيضاً .
[3727] مسألة 20 : إذا زنى بامرأة في العدّة الرجعيّة حرمت عليه أبداً(4) ، دون
- (1) إلاّ إذا صارت مشهورة، فيجري فيها على الأحوط الاحتياط المتقدّم.
- (2) فيه إشكال، بل منع.
- (3) الفرق بين هذه المسألة والمسألة التاسعة المتقدّمة بحسب الموضوع والمورد واضح فيما إذا لم يتحقّق هنا إجراء العقد. وأمّا مع تحقّقه فالفرق أنّ المفروض هناك إمّا العلم بالبطلان حال العقد، وإمّا الدخول مع الجهل، وأمّا هنا فالمفروض هو الزنا المتحقّق بالعلم بالحرمة حال الدخول، وإن لم يعلم بكونها ذات بعل في تلك الحال، وعليه فالمراد من العلم بالبطلان هو العلم بعد إجراء العقد وقبل الدخول، ولا يكون الحكم بالحرمة الأبدية في فرض الدخول في المسألة السابقة ملازماً للحكم بها هنا.
- (4) فيه إشكال، بل منع.
(الصفحة 706)
البائنة وعدّة الوفاة وعدّة المتعة والوطء بالشبهة والفسخ ، ولو شكّ في كونها في العدّة أو لا ، أو في العدّة الرجعيّة أو البائنة فلا حرمة ما دام(1) باقياً على الشكّ . نعم، لو علم كونها في عدّة رجعيّة وشكّ في إنقضائها وعدمه فالظاهر الحرمة ، خصوصاً إذا أخبرت هي بعدم الانقضاء ، ولا فرق بين أن يكون الزنا في القبل أو الدبر ، وكذا في المسألة السابقة .
[3728] مسألة 21 : من لاط بغلام فأوقب ـ ولو بعض الحشفة(2) ـ حرمت عليه اُمّه أبداً وإن علت ، وبنته وإن نزلت ، واُخته ; من غير فرق بين كونهما كبيرين ، أو صغيرين(3) ، أو مختلفين ، ولا تحرم على الموطوء اُمّ الواطئ وبنته واُخته على الأقوى ، ولوكان الموطوء خنثى حرمت اُمّها وبنتها على الواطئ ; لأنّه إمّا لواط أو زنا، وهو محرّم إذا كان سابقاً كما مرّ ، والأحوط حرمة المذكورات على الواطئ وإن كان ذلك بعد التزويج ، خصوصاً إذا طلّقها وأراد تزويجها جديداً، والاُمّ الرضاعيّة كالنسبيّة ، وكذلك الاُخت و البنت . والظاهر عدم الفرق(4) في الوطء بين أن يكون عن علم وعمد واختيار أو مع الاشتباه ، كما إذا تخيّله امرأته، أو كان مكرهاً، أو كان المباشر للفعل هو المفعول ، ولو كان الموطوء ميّتاً ففي التحريم إشكال(5) ، ولو شكّ في تحقّق الإيقاب وعدمه بنى على العدم ، ولا تحرم من جهة هذا العمل الشنيع غير الثلاثة المذكورة ، فلا بأس بنكاح ولد الواطئ ابنة الموطوء أو اُخته أو اُمّه، وإن كان الأولى الترك في ابنته .
- (1) أو انكشف عدم كونها في العدّة أو عدم كونها رجعية.
- (2) على الأحوط.
- (3) إذا كان الواطئ صغيراً أو كانا كبيرين فالحكم محلّ إشكال.
- (4) فيه إشكال.
- (5) ولا يبعد عدم التحريم.
(الصفحة 707)
فصل
من المحرّمات الأبديّة التزويج حال الإحرام
لايجوز للمحرم أن يتزوّج امرأة محرمة أو محلّة ، سواء كان بالمباشرة أو بالتوكيل مع إجراء الوكيل العقد حال الإحرام ، سواء كان الوكيل محرماً أو محلاّ، وكانت الوكالة قبل الإحرام أو حاله ، وكذا لو كان بإجازة عقد الفضولي الواقع حال الإحرام، أو قبله مع كونها حاله بناءً على النقل ، بل على الكشف الحكميّ ، بل الأحوط مطلقاً ، ولا إشكال في بطلان النكاح في الصور المذكورة، وإن كان مع العلم بالحرمة حرمت الزوجة عليه أبداً ، سواء دخل بها أو لا ، وإن كان مع الجهل بها لم تحرم عليه على الأقوى ; دخل بها أو لم يدخل ، لكن العقد باطل على أيّ حال ، بل لو كان المباشر للعقد محرماً بطل وإن كان من له العقد محلاّ ، ولو كان الزوج محلاّ وكانت الزوجة محرمة فلا إشكال في بطلان العقد ، لكن هل يوجب الحرمة الأبديّة ؟ فيه قولان ، الأحوط الحرمة ، بل لايخلو(1) عن قوّة ، ولا فرق في البطلان والتحريم الأبدي بين أن يكون الإحرام لحجّ واجب أو مندوب ، أو لعمرة واجبة أو مندوبة ، ولا في النكاح بين الدوام والمتعة .
[3729] مسألة 1 : لو تزوّج في حال الإحرام مع العلم بالحكم لكن كان غافلاً عن
- (1) لا لأنّ الأخذ بظاهر الأخبار الواردة في مورد المحرم والرجل يوجب التفكيك بين الحكمين; أعني البطلان والحرمة الأبدية، مع أنّه لا مجال لتوهّم الاختصاص في الأوّل، فإنّه لا مانع من كون العموم فيه مستفاداً من دليل آخر كالإجماع ونحوه، بل لإلغاء العرف الخصوصية من كلمة «الرجل» وعدم حمل «المحرم» على خصوص الرجل المتّصف بالإحرام.