(الصفحة 71)
الأوّل: الإيمان، فلا يصح من غيره.
الثاني: العقل، فلا يصح من المجنون ولو أدواراً في دوره، ولا من السكران
وغيره من فاقدي العقل.
الثالث: نية القربة كما في غيره من العبادات، والتعيين إذا تعدّد ولو إجمالاً، ولا
يعتبر فيه قصد الوجه كما في غيره من العبادات، وإن أراد أن ينوي الوجه ففي
الواجب منه ينوى الوجوب(1) وفي المندوب الندب، ولا يقدح في ذلك كون اليوم
الثالث الذي هو جزء منه واجباً لأنّه من أحكامه، فهو نظير النافلة إذا قلنا
بوجوبها بعد الشروع فيها، ولكن الأولى ملاحظة ذلك حين الشروع فيه، بل
تجديد نية الوجوب في اليوم الثالث، ووقت النيّة قبل الفجر، وفي كفاية النيّة في أوّل
الليل كما في صوم شهر رمضان إشكال(2). نعم، لو كان الشروع فيه في أوّل الليل أو
في أثنائه نوى في ذلك الوقت، ولو نوى الوجوب في المندوب أو الندب في الواجب
اشتباهاً لم يضرّ إلاّ إذا كان على وجه التقييد لا الاشتباه في التطبيق.
الرابع: الصوم، فلا يصح بدونه، وعلى هذا فلا يصح وقوعه من المسافر في
غير المواضع التي يجوز له الصوم فيها، ولا من الحائض والنفساء ولا في العيدين،
بل لو دخل فيه قبل العيد بيومين لم يصح وإن كان غافلاً حين الدخول. نعم، لو نوى
اعتكاف زمان يكون اليوم الرابع أو الخامس منه العيد، فإن كان على وجه التقييد
بالتتابع لم يصح، وإن كان على وجه الإطلاق لا يبعد صحّته، فيكون العيد فاصلاً(3)
- (1) بناءً علىتعلّق الوجوب بعنوان الاعتكاف، وقد مرّ أنّه ممنوع، وعليه فمقتضى القاعدةـبناءً على اعتبار قصد الوجهـهي نيّة الاستحباب، كصلاة الليل إذا تعلّق النذر بها.
- (2) والظاهر أنّه كشهر رمضان، وقد مرّ حكمه.
- (3) الفصل بالعيد يمنع عن كون الطرفين اعتكافاً واحداً. نعم، يكون ما بعد العيد اعتكافاً آخر إذا كان جامعاً لشرائطه التي منها النيّة المستقلّة.
(الصفحة 72)
بين أيّام الاعتكاف.
الخامس: أن لا يكون أقل من ثلاثة أيّام، فلو نواه كذلك بطل، وأمّا الأزيد
فلا بأس به وإن كان الزائد يوماً أو بعضه، أو ليلة أو بعضها، ولا حدّ لأكثره. نعم،
لو اعتكف خمسة أيّام وجب السادس، بل ذكر بعضهم(1) أنّه كلّما زاد يومين وجب
الثالث، فلو اعتكف ثمانية أيّام وجب اليوم التاسع وهكذا، وفيه تأمّل، واليوم من
طلوع الفجر إلى غروب الحمرة المشرقية، فلا يشترط إدخال الليلة الأُولى ولا
الرابعة وإن جاز ذلك كما عرفت، ويدخل فيه الليلتان المتوسّطتان، وفي كفاية
الثلاثة التلفيقية إشكال(2).
السادس: أن يكون في المسجد الجامع، فلا يكفي في غير المسجد ولا في مسجد
القبيلة والسوق، ولو تعدّد الجامع تخيّر بينها، ولكن الأحوط مع الإمكان كونه في
أحد المساجد الأربعة: مسجد الحرام، ومسجد النبي(صلى الله عليه وآله)، ومسجد الكوفة،
ومسجد البصرة.
السابع: إذن السيد بالنسبة إلى مملوكه، سواء كان قنّاً أو مدبّراً أو أُمّ ولد، أو
مكاتباً لم يتحرّر منه شيء ولم يكن اعتكافه اكتساباً، وأمّا إذا كان اكتساباً فلا مانع
منه، كما أنّه إذا كان مبعّضاً فيجوز منه في نوبته إذا هاياه مولاه من دون إذن، بل مع
المنع منه أيضاً. وكذا يعتبر إذن المستأجر بالنسبة إلى أجيره الخاصّ، وإذن الزوج
بالنسبة إلى الزوجة إذا كان منافياً لحقّه، وإذن الوالد أو الوالدة بالنسبة إلى ولدهما
إذا كان مستلزماً لإيذائهما، وأمّا مع عدم المنافاة وعدم الإيذاء فلا يعتبر إذنهم، وإن
كان أحوط، خصوصاً بالنسبة إلى الزوج والوالد.
- (1) وهو الأحوط لو لم يكن أقوى.
- (2) أظهره عدم الكفاية.
(الصفحة 73)
الثامن: استدامة اللبث في المسجد، فلو خرج عمداً اختياراً لغير الأسباب
المبيحة بطل، من غير فرق بين العالم بالحكم والجاهل به، وأمّا لو خرج ناسياً أو
مكرهاً فلا يبطل، وكذا لو خرج لضرورة عقلاً أو شرعاً أو عادة كقضاء الحاجة
من بول أو غائط، أو للاغتسال من الجنابة أو الاستحاضة ونحو ذلك، ولايجب
الاغتسال(1) في المسجد وإن أمكن من دون تلويث، وإن كان أحوط. والمدار على
صدق اللبث، فلا ينافيه خروج بعض أجزاء بدنه من يده أو رأسه أو نحوهما.
[2560] مسألة 1: لو ارتدّ المعتكف في أثناء اعتكافه بطل ـ وإن تاب بعد ذلكـ
إذا كان ذلك في أثناء النهار، بل مطلقاً على الأحوط.
[2561] مسألة 2: لا يجوز العدول بالنية من اعتكاف إلى غيره وإن اتحدا في
الوجوب والندب، ولا عن نيابة ميت إلى آخر أو إلى حيّ، أو عن نيابة غيره إلى
نفسه أو العكس.
[2562] مسألة 3: الظاهر عدم جواز النيابة عن أكثر من واحد في اعتكاف
واحد. نعم، يجوز ذلك بعنوان إهداء الثواب، فيصحّ إهداؤه إلى متعدّدين أحياءً أو
أمواتاً أو مختلفين.
[2563] مسألة 4: لا يعتبر في صوم الاعتكاف أن يكون لأجله، بل يعتبر
فيه أن يكون صائماً أيّ صوم كان، فيجوز الاعتكاف مع كون الصوم استئجارياً(2)
أو واجباً من جهة النذر ونحوه، بل لو نذر الاعتكاف يجوز له بعد ذلك(3) أن يؤجر
- (1) بل لا يجوز في المسجدين مطلقاً، وفي غيرهما مع التوقّف على المكث.
- (2) كفاية الصوم عن الغير مطلقاً ـ أجيراً كان أو وليّاً أو متبرّعاً ـ في الاعتكاف عن غير ذلك الغير سواء كان لنفسه أو لغيره ـ محلّ تأمّل وإشكال.
- (3) إذا كان الاعتكاف منذوراً بنحو الإطلاق، وأمّا إذا كان منذوراً في أيّام معيّنة فلا يجوز أن يؤجر نفسه لصوم تلك الأيّام، ولو فرض الجواز إذا كان الإيجار قبله.
(الصفحة 74)
نفسه للصوم ويعتكف في ذلك الصوم، ولا يضرّه وجوب الصوم عليه بعد نذر
الاعتكاف، فإنّ الذي يجب لأجله هو الصوم الأعم من كونه له أو بعنوان آخر، بل
لا بأس بالاعتكاف(1) المنذور مطلقاً في الصوم المندوب الذي يجوز له قطعه، فإن لم
يقطعه تمّ اعتكافه، وإن قطعه انقطع ووجب عليه الاستئناف.
[2564] مسألة 5: يجوز قطع الاعتكاف المندوب في اليومين الأوّلين، ومع
تمامهما يجب الثالث، وأمّا المنذور، فإن كان معيّناً فلا يجوز قطعه مطلقاً، وإلاّ
فكالمندوب.
[2565] مسألة 6: لو نذر الاعتكاف في أيّام معينة وكان عليه صوم منذور أو
واجب لأجل الإجارة(2) يجوز له أن يصوم في تلك الأيّام وفاءً عن النذر أو
الإجارة. نعم، لو نذر الاعتكاف في أيّام مع قصد كون الصوم له ولأجله لم يجزئ
عن النذر أو الإجارة.
[2566] مسألة 7: لو نذر اعتكاف يوم أو يومين، فإن قيّد بعدم الزيادة بطل
نذره، وإن لم يقيّده صحّ ووجب ضمّ يوم أو يومين.
[2567] مسألة 8: لو نذر اعتكاف ثلاثة أيّام معيّنة أو أزيد فاتفق
كون الثالث عيداً بطل من أصله، ولا يجب عليه قضاؤه لعدم انعقاد نذره، لكنّه
أحوط.
- (1) إن قلنا بأنّ تعلّق النذر لا يستتبع إلاّ مجرّد وجوب الوفاء به، ولا يسري الوجوب إلى العنوان المنذور، فنفس الاعتكاف أيضاً لا يصير واجباً فضلاً عن الصوم، وإن لم نقل بذلك كما هو ظاهرهم على خلاف ما هو التحقيق عندنا، فالظاهر صيرورة الصوم أيضاً واجباً. نعم، في النذر المطلق يجوز قطع الاعتكاف في اليومين الأوّلين.
- (2) تقدّم الإشكال فيه.
(الصفحة 75)
[2568] مسألة 9: لو نذر اعتكاف يوم قدوم زيد بطل إلاّ أن يعلم(1) يوم
قدومه قبل الفجر، ولو نذر اعتكاف ثاني يوم قدومه صح، ووجب عليه ضمّ
يومين آخرين.
[2569] مسألة 10: لو نذر اعتكاف ثلاثة أيّام من دون الليلتين المتوسطتين لم
ينعقد.
[2570] مسألة 11: لو نذر اعتكاف ثلاثة أيّام أو أزيد لم يجب إدخال
الليلة الأُولى فيه بخلاف ما إذا نذر اعتكاف شهر، فإنّ الليلة الاُولى جزء من
الشهر.
[2571] مسألة 12: لو نذر اعتكاف شهر يجزئه ما بين الهلالين وإن كان
ناقصاً(2)، ولو كان مراده مقدار شهر وجب ثلاثون يوماً.
[2572] مسألة 13: لو نذر اعتكاف شهر وجب التتابع، وأمّا لو نذر مقدار
الشهر جاز له التفريق ثلاثة ثلاثة إلى أن يكمل ثلاثون يوماً، بل لا يبعد جواز
التفريق(3) يوماً فيوماً، ويضمّ إلى كلّ واحد يومين آخرين، بل الأمر كذلك في كلّ
مورد لم يكن المنساق منه هو التتابع.
[2573] مسألة 14: لو نذر الاعتكاف شهراً أو زماناً على وجه التتابع ـ سواء
شرطه لفظاً، أو كان المنساق منه ذلك ـ فأخلّ بيوم أو أزيد بطل، وإن كان ما
- (1) بناءً على عدم كفاية التلفيق كما اخترناه. وأمّا بناءً عليها، فإن كان صام في ذلك اليوم الذي علم بالقدوم بعد طلوع فجره يصحّ الاعتكاف.
- (2) لكن الأحوط حينئذ ضمّ يوم آخر كما مرّ.
- (3) بأن يعتكف يوماً من نذره ثمّ يضمّ إليه يومين مندوبين أو واجبين بغير النذر، لكن الأحوط الترك، وعلى فرض الجواز يجوز يومين فيومين أيضاً.