(الصفحة 735)
[3842] مسألة 9 : يشترط الموالاة بين الإيجاب والقبول ، وتكفي العرفيّة منها ، فلايضرّ الفصل في الجملة بحيث يصدق معه أنّ هذا قبول لذلك الإيجاب ، كما لايضرّ الفصل بمتعلّقات العقد من القيود والشروط وغيرها وإن كثرت .
[3843] مسألة 10 : ذكر بعضهم أنّه يشترط اتّحاد مجلس الإيجاب والقبول ، فلو كان القابل غائباً عن المجلس ، فقال الموجب : «زوّجت فلاناً فلانة» وبعد بلوغ الخبر إليه قال : «قبلت» لم يصحّ ، وفيه : أنّه لا دليل على اعتباره من حيث هو ، وعدم الصحّة في الفرض المذكور إنّما هو من جهة الفصل الطويل، أو عدم صدق المعاقدة والمعاهدة ; لعدم التخاطب ، وإلاّ فلو فرض صدق المعاقدة وعدم الفصل مع تعدّد المجلس صحّ ، كما إذا خاطبه وهو في مكان آخر لكنّه يسمع صوته ويقول : «قبلت» بلا فصل مضرّ ، فإنّه يصدق عليه المعاقدة .
[3844] مسألة 11 : ويشترط فيه التنجيز كما في سائر العقود ، فلو علّقه على شرط أو مجيء زمان بطل . نعم ، لو علّقه على أمر محقّق معلوم; كأن يقول : «إن كان هذا يوم الجمعة زوّجتك فلانة» مع علمه بأنّه يوم الجمعة صحّ ، وأمّا مع عدم علمه فمشكل .
[3845] مسألة 12 : إذا أوقعا العقد على وجه يخالف الاحتياط اللازم مراعاته ، فإن أرادا البقاء فاللازم الإعادة على الوجه الصحيح ، وإن أرادا الفراق فالأحوط(1) الطلاق ، وإن كان يمكن التمسّك بأصالة(2) عدم التأثير في الزوجيّة . وإن كان على وجه يخالف الاحتياط الاستحبابي ، فمع إرادة البقاء الأحوط
- (1) أي الوجوبي.
- (2) يرد على التمسّك بهذا الأصل ـ مضافاً إلى كونه موجباً للخروج عن الفرض ـ أنّ إجراءه في الشبهات الحكمية من وظائف المجتهد، مع أنّ جريان الأصل في الأعدام الأزلية محلّ إشكال.
(الصفحة 736)
الاستحبابي إعادته على الوجه المعلوم صحّته ، ومع إرادة الفراق فاللازم الطلاق .
[3846] مسألة 13 : يشترط في العاقد المجري للصيغة الكمال بالبلوغ والعقل ، سواء كان عاقداً لنفسه أو لغيره ، وكالة أو ولاية أو فضولاً ، فلا اعتبار بعقد الصبي ولا المجنون ولو كان أدواريّاً حال جنونه ، وإن أجاز وليّه أو أجاز هو بعد بلوغه أو إفاقته على المشهور ، بل لاخلاف فيه، لكنّه في الصبي الوكيل عن الغير محلّ تأمّل ; لعدم الدليل(1) على سلب عبارته إذا كان عارفاً بالعربيّة وعلم قصده حقيقة ، وحديث رفع القلم منصرف عن مثل هذا ، وكذا إذا كان لنفسه بإذن الوليّ أو إجازته أو أجاز هو بعد البلوغ ، وكذا لا اعتبار بعقد السكران(2) ، فلايصحّ ولو مع الإجازة بعد الإفاقة ، وأمّا عقد السكرى إذا أجازت بعد الإفاقة ففيه قولان ، فالمشهور أنّه كذلك ، وذهب جماعة إلى الصحّة مستندين إلى صحيحة ابن بزيع ، ولا بأس بالعمل بها، وإن كان الأحوط خلافه ; لإمكان حملها(3) على ما إذا لم يكن سكرها بحيث لا التفات لها إلى ما تقول ، مع أنّ المشهور لم يعملوا بها وحملوها على محامل ، فلايترك الاحتياط .
[3847] مسألة 14 : لا بأس بعقد السفيه إذا كان وكيلاً عن الغير في إجراء الصيغة ، أو أصيلاً مع إجازة الوليّ ، وكذا لا بأس بعقد المكره على إجراء الصيغة للغير أو لنفسه إذا أجاز بعد ذلك .
[3848] مسألة 15 : لايشترط الذكورة في العاقد ، فيجوز للمرأة الوكالة عن
- (1) بل الدليل هو الإجماع بل الضرورة، كما ادّعاها صاحب الجواهر (قدس سره) على كون الصبي مسلوب العبارة، وعليه لا فرق بين هذه الصورة وما إذا كان لنفسه بإذن الولي أو إجازته.
- (2) إذا بلغ سكره إلى حدّ عدم التحصيل والتمييز; بأن لم يلتفت إلى ما يقول، ولعلّه المراد من العبارة بقرينة حمل الرواية الواردة في السّكرى على غير هذه الصورة.
- (3) بل لعلّه الظاهر منها.
(الصفحة 737)
الغير في إجراء الصيغة ، كما يجوز إجراؤها لنفسها .
[3849] مسألة 16 : يشترط بقاء المتعاقدين على الأهلية إلى تمام العقد ، فلو أوجب ثمّ جنّ أو اُغمي عليه قبل مجيء القبول لم يصحّ ، وكذا لو أوجب ثمّ نام ، بل أو غفل عن العقد بالمرّة ، وكذا الحال في سائر العقود ، والوجه(1) عدم صدق المعاقدة والمعاهدة، مضافاً إلى دعوى الإجماع وانصراف الأدلّة .
[3850] مسألة 17 : يشترط تعيين الزوج والزوجة على وجه يمتاز كلّ منهما عن غيره بالاسم أو الوصف الموجب له أو الإشارة ، فلو قال : «زوّجتك إحدى بناتي»(2) بطل ، وكذا لو قال : «زوّجت بنتي أحد ابنيك» أو «أحد هذين» ، وكذا لو عيّن(3) كلّ منهما غير ما عيّنه الآخر ، بل وكذا لو عيّنا معيّناً من غير معاهدة بينهما ، بل من باب الاتّفاق صار ما قصده أحدهما عين ما قصده الآخر . وأمّا لو كان ذلك مع المعاهدة لكن لم يكن(4) هناك دالّ على ذلك ; من لفظ أو فعل أو قرينة خارجية(5) مفهمة فلايبعد الصحّة، وإن كان الأحوط خلافه ، ولايلزم تمييز ذلك المعيّن عندهما حال العقد ، بل يكفي التميّز الواقعي مع إمكان العلم به بعد ذلك ، كما إذا قال : «زوّجتك بنتي الكبرى» ولم يكن حال العقد عالماً بتاريخ تولّد البنتين لكن بالرجوع إلى الدفتر يحصل له العلم .
نعم ، إذا كان مميّزاً واقعاً ولكن لم يمكن العلم به ظاهراً ـ كما إذا نسي تاريخ
- (1) في جريان الأدلّة في جميع صور المسألة وفروضها إشكال.
- (2) من دون قصد لواحدة معيّنة أيضاً.
- (3) أي في القصد والنيّة.
- (4) ولم يكن في اللفظ أيضاً ما يدلّ بظاهره على خلافه، مثل أن يقول بعد التعاهد على معيّنة: «زوّجتك إحدى بناتي»، فإنّ الظاهر البطلان في مثل هذا الفرض.
- (5) أي غير المعاهدة.
(الصفحة 738)
ولادتهما ولم يمكنه العلم به ـ فالأقوى البطلان(1) ; لانصراف الأدلّة عن مثله ، فالقول بالصحّة والتشخيص بالقرعة ضعيف .
[3851] مسألة 18 : لو اختلف الاسم والوصف أو أحدهما مع الإشارة اُخذ بما هو المقصود، واُلغي ما وقع غلطاً، مثلا لو قال : «زوّجتك الكبرى من بناتي فاطمة» وتبيّن أنّ اسمها خديجة صحّ(2) العقد على خديجة التي هي الكبرى ، ولو قال : «زوّجتك فاطمةوهي الكبرى» فتبيّن أنّهاصغرى صحّ على فاطمة; لأنّها المقصود(3)، ووصفها بأنّها كبرى وقع غلطاً فيلغى ، وكذا لو قال : «زوّجتك هذه وهي فاطمة» أو «وهي الكبرى» فتبيّن أنّ اسمها خديجة أو أنّها صغرى ، فإنّ المقصود تزويج المشار إليها، وتسميتها بفاطمة أو وصفها بأنّها كبرى وقع غلطاً فيلغى .
[3852] مسألة 19 : إذا تنازع الزوج والزوجة(4) في التعيين وعدمه حتّى يكون العقد صحيحاً أو باطلاً ، فالقول قول مدّعي الصحّة ، كما في سائر الشروط إذا اختلفا فيها ، وكما في سائر العقود ، وإن اتّفقا الزوج ووليّ الزوجة على أنّهما عيّنا معيّناً ، وتنازعا فيه أنّها فاطمة أو خديجة ، فمع عدم البيّنة المرجع التحالف كما في سائر العقود . نعم ، هنا صورة واحدة اختلفوا فيها ; وهي ما إذا كان لرجل عدّة بنات فزوّج واحدة، ولم يسمّها عند العقد ولا عيّنها بغير الاسم لكنّه قصدها معيّنة،
- (1) فيه منع، والاحتياط لا يترك.
- (2) مع كون الكبرى هي المقصودة.
- (3) أي على تقدير كونها هي المقصودة، كما يستفاد من عبارة الإيجاب أيضاً، وكذلك في الفرض الآتي.
- (4) أي وليّها، والنزاع إنّما هو في التعيين وعدمه بحسب القصد، إذ لا أثر لعدمه في العقد، فمدّعي التعيين إنّما يدّعي صحّة العقد الراجعة إلى وقوع العقد على المعيّن، وخصمه يدّعي البطلان الراجع إلى وقوعه على غير المعيّن، فالنزاع إنّما هو في الوصف، ومدّعي الصحّة مقدّم.
(الصفحة 739)
واختلفا فيها، فالمشهور على الرجوع إلى التحالف الذي هو مقتضى قاعدة الدعاوي، وذهب جماعة إلى التفصيل بين ما لو كان الزوج رآهنّ جميعاً فالقول قول الأب ، وما لو لم يرهنّ فالنكاح باطل ، ومستندهم صحيحة أبي عبيدة الحذّاء ; وهيوإن كانت صحيحة إلاّ أنّ إعراض(1) المشهور عنها مضافاً إلى مخالفتها للقواعد مع إمكان حملها على بعض المحامل يمنع عن العمل بها ، فقول المشهور لايخلو عن قوّة ، ومع ذلك الأحوط (2) مراعاة الاحتياط، وكيف كان لايتعدّى عن موردها .
[3853] مسأله 20 : لايصحّ نكاح الحمل وإنكاحه، وإن علم ذكوريّته أو اُنوثيّته ، وذلك لانصراف(3) الأدلّة، كما لايصحّ البيع(4) أو الشراء منه ولو بتولّي الولي، وإن قلنا بصحّة الوصيّة له عهديّة بل أو تمليكية أيضاً .
[3854] مسألة 21 : لايشترط في النكاح علم كلّ من الزوج والزوجة بأوصاف الآخر ممّا يختلف به الرغبات وتكون موجبة لزيادة المهر أو قلّته ، فلايضرّ بعد تعيين شخصها الجهل بأوصافها ، فلا تجري قاعدة الغرر هنا .
فصل
في مسائل متفرّقة
[3855] الاُولى : لايجوز في النكاح دواماً أو متعة اشتراط الخيار في نفس العقد ، فلو شرطه بطل ، وفي بطلان العقد به قولان ; المشهور على أنّه باطل ، وعن
- (1) لم يثبت الإعراض.
- (2) لا يترك.
- (3) أو لغير الانصراف من بعض الوجوه.
- (4) إلاّ في بعض الموارد.