(الصفحة 738)
ولادتهما ولم يمكنه العلم به ـ فالأقوى البطلان(1) ; لانصراف الأدلّة عن مثله ، فالقول بالصحّة والتشخيص بالقرعة ضعيف .
[3851] مسألة 18 : لو اختلف الاسم والوصف أو أحدهما مع الإشارة اُخذ بما هو المقصود، واُلغي ما وقع غلطاً، مثلا لو قال : «زوّجتك الكبرى من بناتي فاطمة» وتبيّن أنّ اسمها خديجة صحّ(2) العقد على خديجة التي هي الكبرى ، ولو قال : «زوّجتك فاطمةوهي الكبرى» فتبيّن أنّهاصغرى صحّ على فاطمة; لأنّها المقصود(3)، ووصفها بأنّها كبرى وقع غلطاً فيلغى ، وكذا لو قال : «زوّجتك هذه وهي فاطمة» أو «وهي الكبرى» فتبيّن أنّ اسمها خديجة أو أنّها صغرى ، فإنّ المقصود تزويج المشار إليها، وتسميتها بفاطمة أو وصفها بأنّها كبرى وقع غلطاً فيلغى .
[3852] مسألة 19 : إذا تنازع الزوج والزوجة(4) في التعيين وعدمه حتّى يكون العقد صحيحاً أو باطلاً ، فالقول قول مدّعي الصحّة ، كما في سائر الشروط إذا اختلفا فيها ، وكما في سائر العقود ، وإن اتّفقا الزوج ووليّ الزوجة على أنّهما عيّنا معيّناً ، وتنازعا فيه أنّها فاطمة أو خديجة ، فمع عدم البيّنة المرجع التحالف كما في سائر العقود . نعم ، هنا صورة واحدة اختلفوا فيها ; وهي ما إذا كان لرجل عدّة بنات فزوّج واحدة، ولم يسمّها عند العقد ولا عيّنها بغير الاسم لكنّه قصدها معيّنة،
- (1) فيه منع، والاحتياط لا يترك.
- (2) مع كون الكبرى هي المقصودة.
- (3) أي على تقدير كونها هي المقصودة، كما يستفاد من عبارة الإيجاب أيضاً، وكذلك في الفرض الآتي.
- (4) أي وليّها، والنزاع إنّما هو في التعيين وعدمه بحسب القصد، إذ لا أثر لعدمه في العقد، فمدّعي التعيين إنّما يدّعي صحّة العقد الراجعة إلى وقوع العقد على المعيّن، وخصمه يدّعي البطلان الراجع إلى وقوعه على غير المعيّن، فالنزاع إنّما هو في الوصف، ومدّعي الصحّة مقدّم.
(الصفحة 739)
واختلفا فيها، فالمشهور على الرجوع إلى التحالف الذي هو مقتضى قاعدة الدعاوي، وذهب جماعة إلى التفصيل بين ما لو كان الزوج رآهنّ جميعاً فالقول قول الأب ، وما لو لم يرهنّ فالنكاح باطل ، ومستندهم صحيحة أبي عبيدة الحذّاء ; وهيوإن كانت صحيحة إلاّ أنّ إعراض(1) المشهور عنها مضافاً إلى مخالفتها للقواعد مع إمكان حملها على بعض المحامل يمنع عن العمل بها ، فقول المشهور لايخلو عن قوّة ، ومع ذلك الأحوط (2) مراعاة الاحتياط، وكيف كان لايتعدّى عن موردها .
[3853] مسأله 20 : لايصحّ نكاح الحمل وإنكاحه، وإن علم ذكوريّته أو اُنوثيّته ، وذلك لانصراف(3) الأدلّة، كما لايصحّ البيع(4) أو الشراء منه ولو بتولّي الولي، وإن قلنا بصحّة الوصيّة له عهديّة بل أو تمليكية أيضاً .
[3854] مسألة 21 : لايشترط في النكاح علم كلّ من الزوج والزوجة بأوصاف الآخر ممّا يختلف به الرغبات وتكون موجبة لزيادة المهر أو قلّته ، فلايضرّ بعد تعيين شخصها الجهل بأوصافها ، فلا تجري قاعدة الغرر هنا .
فصل
في مسائل متفرّقة
[3855] الاُولى : لايجوز في النكاح دواماً أو متعة اشتراط الخيار في نفس العقد ، فلو شرطه بطل ، وفي بطلان العقد به قولان ; المشهور على أنّه باطل ، وعن
- (1) لم يثبت الإعراض.
- (2) لا يترك.
- (3) أو لغير الانصراف من بعض الوجوه.
- (4) إلاّ في بعض الموارد.
(الصفحة 740)
ابن إدريس أنّه لايبطل ببطلان الشرط المذكور ، ولايخلو قوله عن قوّة ; إذ لا فرق(1) بينه وبين سائر الشروط الفاسدة فيه ، مع أنّ المشهور على عدم كونها مفسدة للعقد ، ودعوى كون هذا الشرط منافياً لمقتضى العقد بخلاف سائر الشروط الفاسدة التي لايقولون بكونها مفسدة كما ترى . وأمّا اشتراط الخيار في المهر فلا مانع منه ، ولكن لابدّ من تعيين مدّته، وإذا فسخ قبل انقضاء المدّة يكون كالعقد بلا ذكر المهر ، فيرجع إلى مهر المثل . هذا في العقد الدائم الذي لايلزم فيه ذكر المهر ، وأمّا في المتعة، حيث إنّها لاتصحّ بلا مهر فاشتراط الخيار في المهر فيها مشكل .
[3856] الثانية: إذا ادّعى رجل زوجيّة امرأة فصدّقته ، أو ادّعت امرأة زوجيّة رجل فصدّقها، حكم لهما بذلك في ظاهر الشرع ، ويرتّب جميع آثار الزوجية بينهما ; لأنّ الحقّ لايعدوهما ، ولقاعدة الإقرار ، وإذا مات أحدهما ورثه الآخر ، ولا فرق في ذلك بين كونهما بلديّين معروفين أو غريبين . وأمّا إذا ادّعى أحدهما الزوجيّة وأنكر الآخر فيجري عليهما قواعد الدعوى ، فإن كان للمدّعي بيّنة ، وإلاّ فيحلف المنكر أو يردّ اليمين فيحلف المدّعي ويحكم له بالزوجيّة، وعلى المنكر ترتيب آثاره(2)
- (1) ودعوى أنّ الفرق هو رجوع اشتراط الخيار إلى تحديد الزوجية بما قبل الفسخ لا محالة، وهو ينافي قصد الزواج الدائم أو المؤجّل إلى أجل معلوم، بخلاف سائر الشروط الفاسدة، مدفوعة بمنع رجوع اشتراط الخيار إلى ذلك، فإنّ حقيقة الفسخ تغاير مع الغاية والحدّ، بل هي رفع الأمر الثابت المستمرّ، كيف وإلاّ يلزم بطلان البيع ومثله من سائر العقود إذا اشترط الخيار فيها; لرجوعه إلى التحديد المنافي لحقيقة البيع ونحوه، فإنّ الدوام وإن لم يكن ملحوظاً فيها، إلاّ أنّ التحديد خصوصاً بالأمر المجهول من حيث الوقت ينافيها قطعاً.
- (2) بالمقدار المضطرّ إليه مع العلم ببطلان الدعوى كما هو المفروض، فإنّه لو كان المنكر هي الزوجة فالواجب عليها أوّلاً التخلّص منه بإرضائه بالطلاق، أو ترك الوطء من أيّ طريق أمكن ولو ببذل المال، ومع عدم الإمكان يقتصر على مقدار لا يمكن التخلّص منه. ولو كان المنكر هو الزوج فاللازم عليه أوّلاً الطلاق، ولو بأن يقول: «إن كانت هذه زوجتي فهي طالق»، أو تجديد النكاح لو أمكن.
(الصفحة 741)
في الظاهر ، لكن يجب على كلّ منهما العمل على الواقع بينه وبين الله ، وإذا حلف المنكر حكم بعدم الزوجيّة بينهما ، لكن المدّعي مأخوذ بإقراره المستفاد من دعواه ، فليس له إن كان هو الرجل تزويج الخامسة، ولا اُمّ المنكرة ولا بنتها مع الدخول بها، ولا بنت أخيها أو اُختها إلاّ برضاها ، ويجب عليه إيصال المهر إليها . نعم ، لايجب عليه نفقتها لنشوزها بالإنكار .
وإن كانت هي المدّعية لايجوز لها التزويج بغيره إلاّ إذا طلّقها، ولو بأن يقول : «هي طالق إن كانت زوجتي». ولايجوز(1) لها السفر من دون إذنه ، وكذا كلّ ما يتوقّف على إذنه ، ولو رجع المنكر إلى الإقرار هل يسمع منه ويحكم بالزوجيّة بينهما ؟ فيه قولان ، والأقوى السماع(2) إذا أظهر عذراً لإنكاره ولم يكن متّهماً، وإن كان ذلك بعد الحلف ، وكذا المدّعي إذا رجع عن دعواه وكذّب نفسه . نعم ، يشكل(3) السماع منه إذا كان ذلك بعد إقامة البيّنة منه على دعواه ، إلاّ إذا كذّبت البيّنة أيضاً نفسها .
[3857] الثالثة : إذا تزوّج امرأة تدّعي خلوّها عن الزوج فادّعى زوجيّتها رجل
- (1) فيه إشكال، وكذا في غير السفر ممّا يتوقّف على إذنه.
- (2) بل ومع عدم الشرطين، خصوصاً إذا كان قبل الحلف، ولا فرق في ذلك بين الحقوق التي ادّعي عليه، وبين الحقوق التي ادّعاها على المدّعي، برجوعه عن الإنكار بعد إقراره على نفسه وعدم تجاوز الحقّ عنهما.
- (3) الظاهر أنّه لا إشكال في هذه الصورة أيضاً.
(الصفحة 742)
آخر لم تسمع دعواه(1) إلاّ بالبيّنة . نعم ، له مع عدمها(2) على كلّ منهما اليمين ، فإن وجّه الدعوى على الامرأة فأنكرت وحلفت سقط دعواه عليها، وإن نكلت أو ردّت اليمين عليه فحلف لايكون حلفه حجّة على الزوج وتبقى على زوجيّة الزوج مع عدمها ، سواء كان عالماً بكذب المدّعي أو لا، وإن أخبر ثقة واحد بصدق المدّعي ، وإن كان الأحوط(3) حينئذ طلاقها، فيبقى النزاع بينه وبين الزوج، فإن حلف سقط(4)دعواه بالنسبة إليه أيضاً ، وإن نكل أو ردّ اليمين عليه فحلف حكم له بالزوجيّة إذا كان ذلك بعد أن حلف في الدعوى على الزوجيّة بعد الردّ عليه ، وإن كان قبل تماميّة الدعوى مع الزوجة فيبقى النزاع بينه وبينها، كما إذا وجّه الدعوى أوّلاً عليه .
والحاصل : أنّ هذه دعوى على كلّ من الزوج والزوجة ، فمع عدم البيّنة إن حلفا سقط دعواه عليهما ، وإن نكلا أو ردّ اليمين عليه فحلف ثبت مدّعاه ، وإن حلف أحدهما دون الآخر فلكلّ حكمه ، فإذا حلف الزوج في الدعوى عليه فسقط بالنسبة إليه ، والزوجة لم تحلف بل ردّت اليمين على المدّعي أو نكلت وردّ الحاكم عليه فحلف، وإن كان لايتسلّط عليها لمكان حقّ الزوج ، إلاّ أنّه لو طلّقها أو مات عنها ردّت إليه ، سواء قلنا: إنّ اليمين المردودة بمنزلة الإقرار أو بمنزلة البيّنة أو قسم ثالث . نعم ، في استحقاقها النفقة والمهر المسمّى على الزوج إشكال ، خصوصاً إن قلنا: إنّه بمنزلة الإقرار أو البيّنة . هذا كلّه إذا كانت منكرة لدعوى المدّعي ، وأمّا إذا
- (1) بحيث كانت موجبة للحكم ببطلان الزوجية الفعلية وعدم صحّتها.
- (2) أي عدم البيّنة.
- (3) الظاهر أنّ منشأ الاحتياط في هذه الصورة وجود رواية دالّة على تصديق الثقة، لكن المفروض فيها ما إذا كان المدّعي ثقة لا ما إذا أخبر ثقة بصدق المدّعي.
- (4) الظاهر أنّ حلف الزوج إنّما هو على عدم العلم لا على نفي الواقع، كما في حلف الزوجة، وإن كان ظاهر النصّ والأكثر على ما قيل عدم ثبوت هذا الحقّ للمدّعي هنا مطلقاً.