(الصفحة 766)
حال الموصي إرادته تمليك المجموع من حيث المجموع لم يصحّ التبعيض(1) .
[3904] مسألة 6 : لايجوز للورثة التصرّف في العين الموصى بها قبل أن يختار الموصى له أحد الأمرين من القبول أو الردّ ، وليس لهم إجباره على اختيار أحدهما معجّلاً إلاّ إذا كان تأخيره(2) موجباً للضرر عليهم ، فيجبره الحاكم حينئذ على اختيار أحدهما .
[3905] مسألة 7 : إذا مات الموصى له قبل القبول أو الردّ فالمشهور قيام وارثه مقامه في ذلك ، فله القبول إذا لم يرجع الموصي عن وصيّته ، من غير فرق بين كون موته في حياة الموصي أو بعد موته ، وبين علم الموصي بموته وعدمه ، وقيل بالبطلان بموته قبل القبول ، وقيل بالتفصيل بين ما إذا علم أنّ غرض الموصي خصوص الموصى له فتبطل، وبين غيره فلورثته، والقول الأوّل(3) وإن كان على خلاف القاعدة مطلقاً ـ بناءً(4) على اعتبار القبول في صحّتها ; لأنّ المفروض أنّ الإيجاب مختصّ بالموصى له ، وكون قبول الوارث بمنزلة قبوله ممنوع ، كما أنّ دعوى انتقال حقّ القبول إلى الوارث أيضاً محلّ منع صغرى وكبرى ; لمنع كونه حقّاً ، ومنع كون كلّ حقّ منتقلاً إلى الوارث ـ حتّى مثل ما نحن فيه ـ من الحقّ الخاصّ به، الذي لايصدق كونه من تركته ، وعلى ما قوّينا من عدم اعتبار القبول فيها، بل كون الردّ مانعاً أيضاً يكون الحكم على خلاف القاعدة في خصوص صورة
- (1) عدم الصحّة غير ظاهر.
- (2) تأخير الاختيار بما هو لا يوجب الضرر بوجه، بل الموجب على فرضه تأخير الردّ فيما إذا اختاره، وحينئذ فلا وجه لإجبار الحاكم.
- (3) خبره محذوف يدلّ عليه الكلام.
- (4) وأمّا بناءً على عدم اعتباره في تحقّق الوصية ـ بل في تحقّق الملكية ـ فليس على خلاف القاعدة; لأنّه قبل القبول يكون للموصى له حقّ ماليّ متعلّق بالموصى به، كحقّ التحجير ويرثه الوارث.
(الصفحة 767)
موته قبل موت الموصى له ; لعدم ملكيّته في حياة الموصي ، لكن الأقوى مع ذلك هو إطلاق الصحّة كما هو المشهور ، وذلك لصحيحة محمد بن قيس الصريحة في ذلك حتّى في صورة موته في حياة الموصي، المؤيّدة بخبر الساباطي وصحيح المثنّى ، ولايعارضها صحيحتا محمد بن مسلم ومنصور بن حازم بعد إعراض المشهور عنهما وإمكان حملهما(1) على محامل منها التقيّة ; لأنّ المعروف بينهم عدم الصحّة .
نعم ، يمكن دعوى انصراف الصحيحة عمّا إذا علم كون غرض الموصي خصوص شخص الموصى له على وجه التقييد ، بل ربما يقال : إنّ محلّ الخلاف غير هذه الصورة ، لكن الانصراف ممنوع(2)، وعلى فرضه يختصّ الإشكال بما إذا كان موته قبل موت الموصي ، وإلاّ فبناء على عدم اعتبار القبول بموت الموصي صار مالكاً بعد فرض عدم ردّه، فينتقل إلى ورثته .
بقي هنا اُمور :
أحدها : هل الحكم يشمل ورثة الوارث ؟ كما إذا مات الموصى له قبل القبول ومات وارثه أيضاً قبل القبول ، فهل الوصيّة لوارث الوارث أو لا ؟ وجوه ; الشمول(3) وعدمه ; لكون الحكم على خلاف القاعدة ، والابتناء على كون مدرك الحكم انتقال حقّ القبول فتشمل ، وكونه الأخبار فلا .
الثاني : إذا قبل بعض الورثة وردّ بعضهم فهل تبطل أو تصحّ ويرث الرادّ أيضاً مقدار حصّته ، أو تصحّ بمقدار حصّة القابل فقط ، أو تصحّ وتمامه للقابل ، أو
- (1) بل يمكن الجمع عرفاً بينهما بحسب الدلالة، بحيث لا ينافي الصحّة وقيام الوارث مقام الموصى له بوجه.
- (2) نعم، لو قيّد الوصية بحياة الموصى له بعد موت الموصي أو بما يلازمه فاللازم البطلان في المقام، للرواية وللاعتبار.
- (3) وهو الأقوى على ما ذكرنا.
(الصفحة 768)
التفصيل بين كون موته قبل موت الموصي فتبطل، أو بعده فتصحّ بالنسبة إلى مقدار حصّة القابل ؟ وجوه(1).
الثالث : هل ينتقل الموصى به بقبول الوارث إلى الميّت ثمّ إليه ، أو إليه ابتداءً من الموصي ؟ وجهان ، أوجههما الثاني(2) ، وربما يبنى على كون القبول كاشفاً أو ناقلاً، فعلى الثاني الثاني وعلى الأوّل الأوّل ، وفيه : أنّه على الثاني أيضاً يمكن أن يقال بانتقاله إلى الميّت آناًما ثمّ إلى وارثه ، بل على الأوّل يمكن أن يقال بكشف قبوله عن الانتقال إليه من حين موت الموصي ; لأنّه كأنّه هو القابل ، فيكون منتقلاً إليه من الأوّل .
الرابع : هل المدار على الوارث حين موت الموصى له إذا كان قبل موت الموصي ، أو الوارث حين موت الموصي ، أو البناء على كون القبول من الوارث موجباً للانتقال إلى الميّت ثمّ إليه، أو كونه موجباً للانتقال إليه أوّلاً من الموصي ، فعلى الأوّل الأوّل ، وعلى الثاني الثاني ؟ وجوه(3) .
الخامس : إذا أوصى له بأرض فمات قبل القبول فهل ترث زوجته منها أو لا ؟ وجهان مبنيّان على الوجهين في المسألة المتقدّمة ، فعلى الانتقال إلى الميّت ثمّ إلى الوارث لا ترث ، وعلى الانتقال إليه أوّلاً لا مانع من الانتقال إليها ; لأنّ المفروض أنّها لم تنتقل إليه إرثاً من الزوج ، بل وصيّة(4) من الموصي ، كما أنّه يبنى على
- (1) أقربها الصحّة في خصوص مقدار حصّة القابل.
- (2) لكن لا على النحو الذي يكون الموصى له غير دخيل أصلاً، بل على النحو الذي ذكرنا من انتقال الحقّ المتعلّق بالموصى به منه إليه، وهو الوجه لصحّة قبوله ولكون التقسيم على حسب الإرث.
- (3) أقربها الأوّل لظاهر الخبر.
- (4) بالنحو الذي ذكرنا. ودعوى عدم البُعد في الحرمان على هذا التقدير أيضاً، نظراً إلى ظهور أدلّة الحرمان في الحرمان عن الحقوق التي لا فائدة لها إلاّ ملك الأرض أيضاً، ممنوعة، فإنّ تلك الأدلّة لا تشمل غير الأرض بوجه، وعلى تقدير الشمول لا تبعد دعوى الانصراف عن مثل المقام.
(الصفحة 769)
الوجهين(1) إخراج الديون والوصايا من الموصى به بعد قبول الوارث وعدمه . أمّا إذا كانت بما يكون من الحبوة ففي اختصاص الولد الأكبر به بناءً على الانتقال(2) إلى الميّت أوّلاً فمشكل ; لانصراف الأدلّة عن مثل هذا .
السادس : إذا كان الموصى به ممّن ينعتق على الموصى له ، فإن قلنا بالانتقال إليه أوّلاً بعد قبول الوارث، فإن قلنا به كشفاً وكان موته بعد موت الموصي انعتق عليه وشارك الوارث ممّن في طبقته ، ويقدّم عليهم (3) مع تقدّم طبقته ، فالوارث يقوم مقامه في القبول، ثمّ يسقط عن الوارثيّة لوجود من هو مقدّم عليه ، وإن كان موته قبل موت الموصي ، أو قلنا بالنقل وأنّه حين قبول الوارث ينتقل إليه آناً ما فينعتق ، لكن لايرث إلاّ إذا كان انعتاقه قبل قسمة الورثة ، وذلك لأنّه على هذا التقدير انعتق بعد سبق سائر الورثة بالإرث . نعم ، لو انعتق قبل القسمة في صورة تعدّد الورثة شاركهم(4) ، وإن قلنا بالانتقال إلى الوارث من الموصي لا من الموصى له فلاينعتق عليه ; لعدم ملكه ، بل يكون للورثة ، إلاّ إذا كان ممّن ينعتق عليهم أو على بعضهم ، فحينئذ ينعتق ولكن لايرث إلاّ إذا كان ذلك مع تعدّد الورثة وقبل قسمتهم .
- (1) الظاهر تعيّن الإخراج على كلا الوجهين، وكون المتولّي للقبول بالنسبة إلى السهمين هو وليّ أمر الميّت من الحاكم أو الوصي لو كان في البين، والأحوط ضمّ قبول الوارث، وأحوط منه إمضاؤهم بعد قبولهم، خصوصاً على الوجه الثاني من الوجهين.
- (2) وبناءً على صدق الحبوة بمجرّد ذلك.
- (3) من دون فرق بين الكشف الحقيقي والحكمي.
- (4) إذا كان في طبقتهم وإلاّ تفرّد.
(الصفحة 770)
السابع : لا فرق في قيام الوارث مقام الموصى له بين التمليكيّة والعهديّة .
[3906] مسألة 8 : اشتراط القبول على القول به مختصّ بالتمليكيّة كما عرفت ، فلايعتبر(1) في العهديّة ، ويختصّ بما إذا كان لشخص معيّن أو أشخاص معيّنين ، وأمّا إذا كان للنوع أو للجهات كالوصيّة للفقراء والعلماء أو للمساجد فلايعتبر قبولهم أو قبول الحاكم فيما للجهات، وإن احتمل ذلك أو قيل . ودعوى أنّ الوصيّة لها ليست من التمليكيّة بل هي عهديّة، وإلاّ فلايصحّ تمليك النوع أو الجهات كما ترى(2) ، وقد عرفت سابقاً قوّة عدم اعتبار القبول مطلقاً ، وإنّما يكون الردّ مانعاً وهو أيضاً لايجري في مثل المذكورات، فلا تبطل بردّ بعض الفقراء مثلا ، بل إذا انحصر النوع في ذلك الوقت في شخص فردّ لا تبطل .
[3907] مسألة 9 : الأقوى في تحقّق الوصيّة كفاية كلّ ما دلّ عليها من الألفاظ ، ولايعتبر فيه لفظ خاصّ ، بل يكفي كلّ فعل دالّ عليها حتّى الإشارة والكتابة ولو في حال الاختيار إذا كانت صريحة في الدلالة بل أو ظاهرة ، فإنّ ظاهر الأفعال معتبر كظاهر الأقوال ، فما يظهر من جماعة اختصاص كفاية الإشارة والكتابة بحال الضرورة لا وجه له ، بل يكفي وجود مكتوب منه بخطّه ومهره إذا علم كونه إنّما كتبه بعنوان الوصيّة ، ويمكن أن يستدلّ عليه بقوله (عليه السلام) :
«ما ينبغي لامرئ مسلم أن يبيت ليلة إلاّ ووصيّته تحت رأسه». بل يدلّ عليه ما رواه الصدوق عن إبراهيم بن محمّد الهمداني قال: كتبت إليه : رجل كتب كتاباً بخطّه ولم يقل لورثته : هذه وصيّتي،
- (1) أي قبول الموصى إليه. وأمّا قبول الموصى له في الوصية العهدية; كما إذا أوصى بأن يعطى زيد مالاً فلا إشكال في اعتباره في تملّكه، وإن كان أصل الوصية عهدياً لا يعتبر فيه قبول الموصى إليه.
- (2) كما أنّ دعوى كونها قسماً ثالثاً مسمّى بالوصية التخصيصيّة; لامتناع تمليك النوع والجهة، وعدم كونها عهديّة أيضاً كذلك.