(الصفحة 86)
قيل: إنّ عروض الجنون آناً ما يقطع الحول، لكنّه مشكل، بل لابدّ من صدق اسم
المجنون وأنّه لم يكن في تمام الحول عاقلاً، والجنون آناً ما بل ساعة وأزيد
لايضرّ(1); لصدق كونه عاقلاً.
الثالث : الحريّة، فلا زكاة على العبد وإن قلنا بملكه; من غير فرق بين القنّ
والمدبّر واُمّ الولد والمكاتب المشروط، والمطلق الذي لم يؤدّ شيئاً من مال الكتابة،
وأمّا المبعّض فيجب عليه إذا بلغ ما يتوزّع على بعضه الحرّ النصاب.
الرابع : أن يكون مالكاً، فلاتجب قبل تحقّق الملكيّة كالموهوب قبل القبض،
والموصى به قبل القبول(2) أو قبل القبض، وكذا في القرض لا تجب إلاّ بعد القبض.
الخامس : تمام التمكّن منالتصرّف، فلا تجب في المال الذي لايتمكّن المالك
من التصرّف فيه; بأن كان غائباً ولم يكن في يده ولا في يد وكيله، ولا في المسروق
والمغصوب والمجحود والمدفون في مكان منسيّ، ولا في المرهون، ولا في الموقوف،
ولا في المنذور التصدّق به، والمدار في التمكّن على العرف، ومع الشكّ(3) يعمل
بالحالة السابقة، ومع عدم العلم بها فالأحوط الإخراج.
السادس : النصاب كما سيأتي تفصيله.
- (1) الظاهر أنّه يضرّ، والمساهلات العرفية غير معتنى بها في مقام التطبيق.
- (2) أي بناءً على اعتباره في حصول الملكية، وسيأتي ما هو الحقّ في كتاب الوصية، وأمّا القبض، فعدم توقّف الملكية عليه في باب الوصية واضح، وكأنّه من سهو القلم أو الناسخ، وتوجيهه بالقبول الفعلي ونحوه لا يخلو من تعسّف.
- (3) الظاهر أنّ المراد هو الشك من جهة الشبهة الموضوعية، بقرينة الرجوع إلى الحالة السابقة، إلاّ أنّه لا يلائمه الاحتياط اللزومي مع عدم العلم بها، فإنّ المرجع حينئذ هو استصحاب العدم أو أصالة البراءة، إلاّ أن يبني على جواز التمسّك بالعام في الشبهة المصداقية للمخصّص، بضميمة كون المقام من هذا القبيل، وكلاهما ممنوعان، مع أنّه على هذا التقدير أيضاً لا وجه للاحتياط، بل ينبغي الحكم باللزوم.
(الصفحة 87)
[2613] مسألة 1 : يستحبّ للوليّ الشرعي إخراج الزكاة في غلاّت(1) غير
البالغـيتيماً كان أو لا، ذكراً كان أو اُنثىـ دون النقدين، وفي استحباب إخراجها
من مواشيه إشكال، والأحوط الترك. نعم، إذا اتّجر الوليّ بماله يستحبّ إخراج
زكاته أيضاً، ولايدخل الحمل في غير البالغ، فلايستحبّ إخراج زكاة غلاّته ومال
تجارته، والمتولّي لإخراج الزكاة هو الوليّ، ومع غيبته يتولاّه الحاكم الشرعي، ولو
تعدّد الوليّ جاز لكلّ منهم ذلك، ومن سبق نفذ عمله، ولو تشاحّوا في الإخراج
وعدمه قدّم من يريد الإخراج، ولو لم يؤدّ الوليّ إلى أن بلغ المولّى عليه فالظاهر
ثبوت الاستحباب بالنسبة إليه.
[2614] مسألة 2 : يستحبّ للوليّ الشرعي إخراج زكاة مال التجارة للمجنون
دون غيره; من النقدين كان أو من غيرهما.
[2615] مسألة 3 : الأظهر وجوب الزكاة على المغمى عليه في أثناء الحول، وكذا
السكران، فالإغماء والسكر لايقطعان الحول فيما يعتبر فيه، ولاينافيان الوجوب
إذا عرضا حال التعلّق في الغلاّت.
[2616] مسألة 4 : كما لا تجب الزكـاة على العبد كذا لا تجب على سيّده فيما ملكه
على المختار من كونه مالكاً. وأمّا على القول بعدم ملكه فيجب عليه مع التمكّن
العرفي من التصرّف فيه.
[2617] مسألة 5 : لو شكّ حين البلوغ في مجيء وقت التعلّق من صدق الاسم
وعدمه، أو علم تاريخ البلوغ وشكّ في سبق زمان التعلّق وتأخّره، ففي وجوب
الإخراج إشكال; لأنّ(2) أصالة التأخّر لا تثبت البلوغ حال التعلّق، ولكن
- (1) فيه تأمّل وإشكال، والأحوط الترك.
- (2) الظاهر كونه تعليلاً لخصوص الصورة الثانية، والدليل على عدم الوجوب في الاُولى استصحاب عدم تحقّق الاسم أو أصالة البراءة، لكن لا يلائم ما ذكر من التعليل للاحتياط اللزومي بالإخراج، إذ الظاهر حينئذ عدم الوجوب كما هو الأقوى.
(الصفحة 88)
الأحوط الإخراج. وأمّا إذا شكّ حين التعلّق في البلوغ وعدمه، أو علم زمان
التعلّق وشكّ في سبق البلوغ وتأخّره، أو جهل التاريخين فالأصل عدم الوجوب.
وأمّا مع الشكّ في العقل، فإن كان مسبوقاً بالجنون وكان الشكّ في حدوث العقل
قبل التعلّق أو بعده، فالحال كما ذكرنا في البلوغ من التفصيل. وإن كان مسبوقاً
بالعقل، فمع العلم بزمان التعلّق والشكّ في زمان حدوث الجنون فالظاهر الوجوب،
ومع العلم بزمان حدوث الجنون والشكّ في سبق التعلّق وتأخّره فالأصل عدم
الوجوب، وكذا مع الجهل بالتاريخين، كما أنّ مع الجهل بالحالة السابقة وأنّها
الجنون أو العقل كذلك.
[2618] مسألة 6 : ثبوت الخيار للبائع ونحوه لايمنع(1) من تعلّق الزكاة إذا كان في
تمام الحول، ولايعتبر ابتداء الحول من حين انقضاء زمانه بناءً على المختار من عدم
منع الخيار من التصرّف، فلو اشترى نصاباً من الغنم أو الإبل مثلا وكان للبائع
الخيار جرى في الحول من حين العقد لا من حين انقضائه.
[2619] مسألة 7 : إذا كانت الأعيان الزكويّة مشتركة بين اثنين أو أزيد يعتبر
بلوغ النصاب في حصّة كلّ واحد، فلا تجب في النصاب الواحد إذا كان مشتركاً.
[2620] مسألة 8 : لا فرق في عدم وجوب الزكاة في العين الموقوفة بين أن يكون
الوقف عامّاً أو خاصّاً، ولا تجب(2) في نماء الوقف العامّ، وأمّا في نماء الوقف الخاصّ
فتجب على كلّ من بلغت حصّته حدّ النصاب.
- (1) إلاّ في مثل الخيار المشروط بردّ مثل الثمن ممّا إذا كان المقصود بقاء العين وعدم التصرّف الناقل فيه، بحيث كانت المعاملة مبنيّة عليه ولو ارتكازاً.
- (2) أي قبل القبض، وأمّا بعده فتجب فيه مع اجتماع سائر الشرائط.
(الصفحة 89)
[2621] مسألة 9 : إذا تمكّن من تخليص المغصوب أو المسروق أو المحجور
بالاستعانة بالغير أو البيّنة أو نحو ذلك بسهولة فالأحوط(1) إخراج زكاتها، وكذا
لو مكّنه الغاصب من التصرّف فيه مع بقاء يده عليه أو تمكّن من أخذه سرقة، بل
وكذا لو أمكن تخليصه ببعضه مع فرض انحصار طريق التخليص بذلك أبداً، وكذا
في المرهون إن أمكنه فكّه بسهولة.
[2622] مسألة 10 : إذا أمكنه استيفاء الدين بسهولة ولم يفعل لم يجب عليه إخراج
زكاته، بل وإن أراد المديون الوفاء ولم يستوف اختياراً مسامحة أو فراراً من
الزكاة، والفرق بينه وبين ما ذكر من المغصوب ونحوه أنّ الملكيّة حاصلة(2) في
المغصوب ونحوه، بخلاف الدين فإنّه لايدخل(3) في ملكه إلاّ بعد قبضه.
[2623] مسألة 11 : زكاة القرض على المقترض بعد قبضه لا المقرض، فلو
اقترض نصاباً من أحد الأعيان الزكويّة وبقي عنده سنة وجب عليه الزكاة. نعم،
يصحّ أن يؤدّي المقرض عنه تبرّعاً، بل يصحّ تبرّع الأجنبي أيضاً، والأحوط
الاستئذان من المقترض في التبرّع عنه، وإن كان الأقوى عدم اعتباره. ولو شرط
في عقد القرض أن يكون زكاته على المقرض، فإن قصد أن يكون خطاب الزكاة
متوجّهاً إليه لم يصحّ، وإن كان المقصود أن يؤدّي عنه صحّ(4).
- (1) الظاهر عدم الوجوب في جميع الفروض، خصوصاً في الفرضين الأخيرين. نعم، لو كان تمكين الغاصب بحيث تعدّ يده عليه كيد وكيله، وإبقاؤه فيها مستنداً إلى المالك لا يخلو الوجوب عن قوّة، وكذا مع التمكّن من السرقة إذا لم تكن موجبة للمشقّة والمهانة.
- (2) لكن الإشكال في وجوب الإخراج لم يكن لأجل ذلك، بل لفقدان شرط آخر وهو تمام التمكّن من التصرّف.
- (3) أي بعد التعيّن، وإلاّ فكون الدين ملكاً قبل القبض واضح.
- (4) أي صحّ الشرط، ولكنّه لا يبرأ المقترض إلاّ بأداء المقرض لا بنفس الشرط.
(الصفحة 90)
[2624] مسألة 12 : إذا نذر التصدّق بالعين الزكويّة، فإن كان مطلقاً غير موقّت
ولا معلّقاً على شرط لم تجب الزكاة فيها، وإن لم تخرج عن ملكه بذلك; لعدم التمكّن
من التصرّف فيها; سواء تعلّق بتمام النصاب أو بعضه. نعم، لو كان النذر بعد تعلّق
الزكاة وجب(1) إخراجها أوّلاً ثمّ الوفاء بالنذر، وإن كان موقّتاً بما قبل الحول ووفى
بالنذر فكذلك لاتجب الزكاة إذا لم يبق بعد ذلك مقدار النصاب، وكذا إذا لم يفِ به
وقلنا بوجوب القضاء، بل مطلقاً; لانقطاع الحول بالعصيان(2). نعم،إذا مضى عليه
الحول من حين العصيان وجبت على القول بعدم وجوب القضاء، وكذا إن كان
موقّتاً بما بعد الحول، فإنّ تعلّق النذر به مانع عن التصرّف فيه. وأمّا إن كان معلّقاً
على شرط، فإن حصل المعلّق عليه قبل تمام الحول لم تجب، وإن حصل بعده
وجبت(3)، وإن حصل مقارناً لتمام الحول ففيه إشكال ووجوه(4); ثالثها التخيير بين
تقديم أيّهما شاء، ورابعها القرعة.
[2625] مسألة 13 : لو استطاع الحجّ بالنصاب، فان تمّ الحول قبل سير القافلة
والتمكّن من الذهاب وجبت الزكاة أوّلاً، فإن بقيت الاستطاعة بعد إخراجها وجب
وإلاّ فلا، وإن كان مضيّ الحول متأخّراً عن سير القافلة وجب الحجّ وسقط(5)
وجوب الزكاة. نعم، لو عصى ولم يحجّ وجبت بعد تمام الحول، ولو تقارن خروج
القافلة مع تمام الحول وجبت الزكاة أوّلاً لتعلّقها بالعين بخلاف الحجّ.
- (1) مع تعلّق النذر بغير مقدار الزكاة منها، وإلاّ فالواجب مع القدرة على إخراج الزكاة بالقيمة هو الوفاء بالنذر والإخراج بها، ومع عدمه الوفاء به فيما عدا الزكاة منها.
- (2) بل بنفس النذر الذي سلب تمام التمكّن من التصرّف.
- (3) محلّ إشكال.
- (4) والأوجه هو الوفاء بالنذر، وعدم وجوب الزكاة مع عدم بقاء النصاب وارتفاعه.
- (5) مع صرف العين كلاًّ أو بعضاً، وإلاّ فمع بقائها تجب الزكاة أيضاً.