(الصفحة 262)
وأمّا لو قلنا بعدم شمولـه لها، إمّا للإنصراف، وإمّا لعدم تعقّل الزيادة التي يعتبر فيها أن يؤتى بالزائد بعنوان كونـه من المكتوبـة مع العلم والالتفات بعدم كونـه منها، كما لايخفى تصير النسبـة بينهما العموم مطلقاً، لأنّ
«من زاد» يختص بالزيادة السهويّـة، والحديث يشمل النقيصـة السهويّـة أيضاً، ومقتضى القاعدة حينئذ تخصيص
«لاتعاد» بصورة النقيصـة والالتزام بأنّ الزيادة توجب الإعادة.
وكيف كان فبناءً على أحد الوجهين الأوّلين اللذين تكون النسبـة بينهما هو العموم من وجـه فهل اللازم إعمال قواعد التعارض، أو أنّ أحدهما أرجح في شمول مورد التعارض.
فنقول: ذكر الشيخ المحقّق الأنصاري (قدس سره)
: أنّ الظاهر حكومـة قولـه:
«لاتعاد» على أخبار الزيادة، لأنّها كأدلّـة سائر ما يخلّ فعلـه أو تركـه بالصلاة، كالحدث والتكلّم وترك الفاتحـة. وقولـه:
«لاتعاد» يفيد أنّ الإخلال بما دلّ الدليل على عدم جواز الإخلال بـه إذا وقع سهواً لا يوجب الإعادة وإن كان من حقّـه أن يوجبها(1)، انتهى.
وتبعـه علـى ذلك جمـع مـن المحقّقين المتأخّرين عنـه(2)، ولكـن قال شيـخ اُستاذنـا المحقّق المعاصر فـي كتاب صلاتـه: إنّ حكومـة الدليل الـدالّ على نفي الإعادة على الدليل الدالّ على وجوب الإعادة لا يتصوّر لها وجـه. نعم
- 1 ـ فرائد الاُصول 2: 495.
- 2 ـ أوثق الوسائل: 384 / السطر35، نهايـة الدرايـة 4: 374 ـ 375، فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 4: 238 ـ 239، نهايـة الأفكار 3: 442.
(الصفحة 263)
لو كـان الدليل الـدالّ على مبطليّـة الـزيادة دالاّ علـى النهي عنها كالتكلّم مثلا صحّت الحكومـة(1)، انتهى.
وما أفاده في غايـة المتانـة.
وتوضيحـه: أنّ قوام الحكومـة إنّما هو بأن يكون الدليل بلسانـه متعرّضاً لحال الدليل الآخر بحيث تصرّف في الدليل المحكوم بنحو من التصرّف إمّا في موضوعـه، وإمّا في محمولـه، وإمّا في سلسلـة عللـه، وإمّا في معلولاتـه. وأمّا لو كان الدليلان بحيث أثبت أحدهما ما ينفيـه الآخر ووضع أحدهما ما رفعـه الآخر فلا يكون بينهما حكومـة أصلا. وفي المقام يكون الأمر كذلك، فإنّ قولـه: «من زاد» مثبت لوجوب الإعادة، وقولـه:
«لاتعاد» رافع لـه.
نعم النسبـة بين حديث
«لاتعاد» وبين أدلّـة سائر الأجزاء والشرائط هو الحكومـة، لأنّها تدلّ على الجزئيّـة والشرطيّـة اللتين لازمهما وجوب الإعادة مع الإخلال بهما، وحديث
«لاتعاد» يرفع هذا التلازم من دون أن ينفي أصل الجزئيّـة والشرطيـة، فقياس أخبار الزيادة بأدلّـة سائر ما يخلّ فعلـه أو تركـه بالصلاة كما عرفت في كلام الشيخ قياس مع الفارق.
نعم يمكن أن يقال: بأنّ حديث
«لاتعاد» أقوى ظهوراً من قولـه: «من زاد»، إمّا لاشتمالـه على الاستثناء الذي يوجب قوّة الظهور بالنسبـة إلى المستثنى منـه، وإمّا لاشتمالـه على التعليل المذكور في ذيلـه بأنّ
«القراءة سنّـة، والتشهّد سنّـة، ولا تنقض السنّـة الفريضـة» فإنّ التعليل يكون آبياً عن التقيـيد، ويمنع عن تقيـيد الحكم المعلّل بـه، بل يمكن أن يقال: بأنّ قولـه:
«ولا تنقض
- 1 ـ الصلاة، المحقّق الحائري: 320.
(الصفحة 264)
السنّـة الفريضـة» لـه حكومـة على دليل الزيادة من جهـة أنّـه يتصرّف في علّـة وجوب الإعادة ويحكم بعدم انتقاض الفريضـة بسبب السنّـة، ودليل الزيادة متعرّض للحكم وهو وجوب الإعادة.
فانقدح أنّ مقتضى القواعد تقديم حديث
«لاتعاد» في مورد الاجتماع، ولكن يبقى في البين إشكال، وهو: أنّـه يلزم من تقديم حديث
«لاتعاد» اختصاص مورد دليل الزيادة بالزيادة العمديّـة، ومن المعلوم ندرتها بل قد عرفت(1) أنّـه يمكن أن يقال بعدم تعقّلها، وحينئذ فيصير الدليل لغواً، فاللازم إدخال مورد الاجتماع تحتـه والحكم بأنّ الزيادة مطلقاً توجب الإعادة، خصوصاً مع أنّ شمول حديث
«لاتعاد» لصورة الزيادة لا يخلو عن خفاء، ولذا أنكره بعض من المحقّقين(2)، هذا.
ويمكن أن يقال باختصاص دليل الزيادة بزيادة الركعـة بالتقريب الذي أفاده المحقّق المعاصر وقد مرّ سابقاً(3). وحينئذ فلا معارضـة بينـه وبين الحديث، كما هو واضح، هذا.
ويمكن أيضاً منع ندرة الزيادة العمديّـة كما نراه بالوجدان من المتشرّعين الغير المبالين بالأحكام الشرعيّـة المتسامحين بالنسبـة إليها.
هذا كلّـه فيما يتعلّق بملاحظـة الحديث مع روايـة أبيبصير.
- 1 ـ تقدّم في الصفحـة 260.
- 2 ـ درر الفوائد، المحقّق الحائري: 495.
- 3 ـ تقدّم في الصفحـة 254.
(الصفحة 265)النسبة بين «لاتعاد» وقوله (عليه السلام): «إذا استيقن...»
وأمّا النسبـة بينـه وبين قول أبيجعفر (عليه السلام):
«إذا استيقن أنّـه زاد في صلاتـه المكتوبـة...»(1) إلى آخره.
فاعلم أوّلا: أنّ هذه الروايـة رواها في الكافي في موضعين: أحدهما باب السهو في الركوع، وقد أنهى فيـه السند إلى زرارة فقط، ويكون المتن مشتملا على كلمـة «ركعـة»(2)، والآخر باب من سهى في الأربع والخمس ولم يدر زاد أو نقص أو استيقن أنّـه زاد، مع انتهاء السند فيـه إلى زرارة وبكير ابني أعين مع حذف كلمـة «ركعـة»(3).
وكيف كان: فالروايتان ظاهرتان في كونهما روايـة واحدة، وحينئذ فلا يعلم بأنّ الصادر من الإمام (عليه السلام) هل هو المشتمل على كلمـة الركعـة أو الخالي عنها، فلا يجوز الاستناد إليها بالنسبـة إلى زيادة غير الركعـة، خصوصاً مع ترجيح احتمال النقيصـة على احتمال الزيادة لو دار الأمر بينهما.
وكيف كان: فلو كانت الروايـة مشتملـة على كلمة «الركعـة» فلا معارضـة بينها وبين عقد المستثنى منـه في حديث
«لاتعاد»(4)، وأمّا لو فرض خلوّها عنها
- 1 ـ وسائل الشيعـة 8: 231، كتاب الصلاة، أبواب الخلل الواقع في الصلاة، الباب19، الحديث1.
- 2 ـ الكافي 3: 348 / 3.
- 3 ـ الكافي 3: 354 / 2.
- 4 ـ تهذيب الأحكام 2: 152 / 597، وسائل الشيعـة 7: 234، كتاب الصلاة، أبواب قواطع الصلاة، الباب1، الحديث4.
(الصفحة 266)
فالنسبـة بينها وبينـه نسبـة العموم من وجـه، ومورد الاجتماع هو زيادة غير الأركان سهواً، فالروايـة تدلّ على عدم الاعتداد بتلك الصلاة التي وقعت فيها هـذه الزيـادة، والحـديث يدلّ على عـدم الإعادة بسببها، ومـورد الافتراق مـن جانب الروايـة هو زيادة الأركان سهواً، لأنّها لا تشمل صـورة العمد باعتبار قولـه: «إذا استيقن» الظاهـر في أنّ الزيـادة وقعت لعذر، ومـن جانب الحديث هـو النقيصـة السهويّـة، ولابدّ من تقديم الحديث في مورد الاجتماع والحكم بعدم وجوب الإعادة فيـه، لأنّـه لو قدّمت الروايـة وحكم في مورد الاجتماع بوجـوب الإعـادة لكان الـلازم بملاحظـة الإجمـاع على أنّ زيادة الشيء إذا كانت موجبـة للإعادة فنقيصتها أيضاً كـذلك، الحكم بوجوب الإعـادة في النقيصـة أيضاً.
وحينئذ يبقى الحديث بلا مورد، وهذا بخلاف ما لو قدّم الحديث في مورد الاجتماع وحكم بعدم وجوب الإعادة فيـه، فإنّـه يبقى زيادة الركن سهواً تحت الروايـة ولا تصير بلا مورد، كما هو واضح.
تنبيه : في تحقّق معنى الزيادة
لا يخفى أنّ المحقّق النائيني (قدس سره)
أفاد في مقام بيان النسبـة بين حديث
«لاتعاد» وبين قولـه (عليه السلام):
«إذا استيقن» كلاماً فساده بيّن لكلّ من لاحظـه، فراجع. وأعجب منـه ما قرّره الفاضل المقرّر في ذيل التكملـة.
ومحصّل ما أفاده فيـه: أنّـه لا إشكال في عدم تحقّق معنى الزيادة بفعل ما لا يكون من سنخ أجزاء المركّب قولا وفعلا كحركـة اليد في الصلاة إذا لم يؤت بها