(الصفحة 81)القول
في أصل الاشتغـال
ويقع ا لكلام في مقامين :
(الصفحة 82)
(الصفحة 83)
المقام الأوّل
في تردّد المكلّف به بين أمرين متباينين أو اُمور متباينة
وقبل الخوض في ذلك لابدّ من تقديم أمرين:
ملاك حكم العقل لجريان قاعدة الاشتغال
الأوّل:
أنّ تمام الملاك لجريان قاعـدة الاشتغال التي يحكم بها العقل هـو أن يكون الشكّ في المكلّف بـه مع العلم بأصل التكليف، وأن يكون الاحتياط ممكناً. وإذا تحقّق هذان الأمران يحكم العقل بالاشتغال ووجوب الاحتياط، بلافرق بين أن يكون التكليف المعلوم الذي شكّ في متعلّقـه تكليفاً وجوبياً أو تحريمياً، وبلا فرق بين أن يكون التكليف المعلوم هو نوع التكليف، كما إذا علم بأنّـه مكلّف بتكليف وجوبي بعد الزوال من يوم الجمعـة وشكّ في أنّ الواجب هل هي الجمعـة أو الظهر، أو جنس التكليف، كما إذا علم أنّـه مكلّف بتكليف إلزامي، ولكنّـه لا يعلم هل هو وجوب هذا أو حرمـة ذاك.
(الصفحة 84)
وبلا فرق أيضاً بين أن يكون الشبهـة موضوعيّـة والشكّ مستنداً إلى الاشتباه في الاُمـور الخارجيـة، أو كانت الشبهـة حكميّـة منشؤها فقدان النصّ أو إجمالـه أو تعارضـه.
إمكان الترخيص في أطراف العلم الإجمالي
الثاني:
أنّ تـردّد المكلّف بـه قـد يكون مـع العلم الجـازم بالتكليف الواقعـي الفعلي بحيث تعلّقت الإرادة الحتميّـة مـن المولى بذلك، ففي مثل ذلك لا فرق بين الشبهـة المحصورة وغيرها في عدم إمكان الترخيص ولو في بعض الأطراف، ضرورة مناقضـة الترخيص ولو كذلك مع الإرادة الجدّيـة الواقعيـة ولا يمكن اجتماعهما، فالمولى إذا أراد حفظ ولـده جـدّاً بحيث لم يرض بقتلـه أصلا كيف يمكـن لـه حينئذ أن يرخّص في قتل فـرد مشتبـه ولـو كانت الشبهـة غير محصورة، فضلا عمّا إذا كانت الشبهـة محصورة، سيّما إذا رخّص في جميع الأطراف.
وبالجملـة: لا ينبغي الارتياب في أنّ مع العلم بالتكليف الفعلي الواقعي الناشئ عن الإرادة الجدّيـة الحتميّـة لا يعقل الترخيص من المولى أصلا، فيحرم مخالفتـه القطعيـة، كما أنّـه يجب موافقتـه القطعيـة، ولا أظنّ بأن يخالف في ذلك أحد، ومخالفـة العلمين المحقّقين الخوانساري والقمي (قدس سرهما) في حرمـة المخالفـة القطعيـة إنّما هو في غير هذه الصورة، إذ وضوح ما ذكرنا بمكان لا يظنّ بأحد من العلماء فضلا مثلهما أن يتوهّم المخالفـة، كما لايخفى وإن وقع الخلاف والاشتباه في بعض الكلمات، هذا.
(الصفحة 85)
وقد يكون تردّد المكلّف بـه مع العلم القطعي لا بالتكليف الفعلي الواقعي، بل بقيام حجّـة معتبرة شرعيّـة عليـه كشمول عموم أو إطلاق أو قيام أمارة كخبر الواحد وشهادة العدلين ونحوهما، فهو على قسمين، فإنّـه قد يعلم بأنّـه مع مصادفـة الحجّـة المعتبرة للواقع يكون الواقع مطلوباً للمولى ومراداً لـه بحيث لم يرفع يده عنـه أصلا، وقد لا يعلم ذلك.
ففـي القسـم الأوّل
لا معنـى للتـرخيـص; لأنّ التـرخيص ولـو فـي بعـض الأطراف لا يجتمع مع إرادة المولى الواقع على تقديـر المطابقـة، وإرادة المولى وإن لم تكن معلومة لعدم العلم بالمطابقـة ضرورةً، إلاّ أنّ احتمال المصادفـة مـع العلم بالترخيص مرجعـه إلى احتمال اجتماع النقيضين وهو ـ كالقطع بـه ـ مستحيل بداهـة.
وأمّا القسم الثاني
الذي مرجعـه إلى العلم بقيام الحجّـة المعتبرة وعدم العلم بكون الواقع مراداً على تقدير المصادفـة، فهو يمكن أن يقع فيـه الترخيص، ولا تلزم المناقضـة أصلا; ضرورة أنّ مع عدم المصادفـة لا يلزم مناقضـة، لعدم ورود الترخيص على مورد الحكم الواقعي، ومع المصادفـة يكون مرجع الترخيص إلى رفع اليد عن الحكم الواقعي لمصلحـة أهمّ من مصلحـة درك الواقع، كما هو الشأن في الشبهات البدويّـة، فإنّ الترخيص في مطلقها مع ثبوت الحكم الواقعي في بعض مواردها إنّما هو لأجل أنّـه رفع اليد عن الحكم الواقعي لمصلحـة أهمّ.
نعم في المقام قبل ورود الترخيص يحكم العقل بلزوم المشي على طبق
|