(الصفحة 111)
[2681] مسألة 24 : حكم النخيل والزروع في البلاد المتباعدة حكمها في البلد
الواحد، فيضمّ الثمار بعضها إلى بعض وإن تفاوتت في الإدراك، بعد أن كانت
الثمرتان لعام واحد وإن كان بينهما شهر أو شهران أو أكثر، وعلى هذا فإذا بلغ ما
أدرك منها نصاباً اُخذ منه، ثمّ يؤخذ من الباقي قلّ أو كثر، وإن كان الذي أدرك أوّلاً
أقلّ من النصاب ينتظر به(1) حتّى يدرك الآخر ويتعلّق به الوجوب، فيكمل منه
النصاب ويؤخذ من المجموع، وكذا إذا كان نخل يطلع في عام مرّتين يضمّ الثاني إلى
الأوّل; لأنّهما ثمرة سنة واحدة، لكن لايخلو عن إشكال; لاحتمال كونهما في حكم
ثمرة عامين كما قيل.
[2682] مسألة 25 : إذا كان عنده تمر يجب فيه الزكاة، لا يجوز أن يدفع عنه
الرطب على أنّه فرضه، وإن كان بمقدار لو جفّ كان بقدر ما عليه من التمر، وذلك
لعدم كونه من أفراد المأمور به. نعم، يجوز دفعه على وجه القيمة، وكذا إذا كان
عنده زبيب لايجزئ عنه دفع العنب إلاّ على وجه القيمة، وكذا العكس فيهما. نعم،
لو كان عنده رطب يجوز أن يدفع عنه الرطب فريضة، وكذا لو كان عنده عنب
يجوز له دفع العنب فريضة، وهل يجوز أن يدفع مثل ما عليه من التمر أو الزبيب من
تمر آخر أو زبيب آخر فريضة أو لا؟ لايبعد الجواز، لكن الأحوط(2) دفعه من باب
القيمة أيضاً; لأنّ الوجوب تعلّق بما عنده، وكذا الحال في الحنطة والشعير إذا أراد
أن يعطي من حنطة اُخرى أو شعير آخر.
[2683] مسألة 26 : إذا أدّى القيمة من جنس ما عليه بزيادة أو نقيصة لايكون
من الربا، بل هو من باب الوفاء.
- (1) مع احتمال عدم بلوغ المجموع حدّ النصاب، ومع العلم يجوز بل يجب الإخراج ممّا أدرك.
- (2) لا يترك.
(الصفحة 112)
[2684] مسألة 27 : لو مات الزارع مثلا بعد زمان تعلّق الوجوب وجبت
الزكاة مع بلوغ النصاب. أمّا لو مات قبله وانتقل إلى الوارث، فإن بلغ نصيب كلّ
منهم النصاب وجب على كلّ زكاة نصيبه، وإن بلغ نصيب البعض دون
البعض وجب على من بلغ نصيبه، وإن لم يبلغ نصيب واحد منهم لم يجب على واحد
منهم.
[2685] مسألة 28 : لو مات الزارع أو مالك النخل والشجر وكان عليه دين;
فإمّا أن يكون الدين مستغرقاً أو لا، ثمّ إمّا أن يكون الموت بعد تعلّق الوجوب أو
قبله; بعد ظهور الثمر أو قبل ظهور الثمر أيضاً، فإن كان الموت بعد تعلّق الوجوب
وجب إخراجها; سواء كان الدين مستغرقاً أم لا، فلايجب التحاصّ مع الغرماء;
لأنّ الزكاة متعلّقة بالعين. نعم، لو تلفت في حياته بالتفريط وصارت في الذمّة
وجب التحاصّ بين أرباب الزكاة وبين الغرماء كسائر الديون. وإن كان الموت قبل
التعلّق وبعد الظهور، فإن كان الورثة قد أدّوا الدين قبل تعلّق الوجوب من مال
آخر فبعد التعلّق يلاحظ بلوغ حصّتهم النصاب وعدمه، وإن لم يؤدّوا إلى وقت
التعلّق ففي الوجوب وعدمه إشكال(1); والأحوط الإخراج مع الغرامة للديّان أو
استرضائهم، وأمّا إن كان قبل الظهور وجب على من بلغ نصيبه النصاب من
الورثة، بناء(2) على انتقال التركة إلى الوارث وعدم تعلّق الدين بنمائها الحاصل قبل
أدائه وأنّه للوارث من غير تعلّق حقّ الغرماء به.
- (1) والظاهر عدم الوجوب مطلقاً مع الاستيعاب للجميع، وفيما قابله إذا كان مستوعباً لبعض الثمر أيضاً.
- (2) لكن هذا المبنى ضعيف مع استيعاب الدين لمجموع التركة والنماءات، فإنّ الظاهر تعلّق حقّ الغرماء بها، ومع استيعاب الدين لخصوص التركة دون الثمرة الظاهرة بعد الموت يصير المجموع مشاعاً، وتجب الزكاة مع بلوغ حصّة الوارث النصاب.
(الصفحة 113)
[2686] مسألة 29 : إذا اشترى نخلاً أو كرماً أو زرعاً مع الأرض أو بدونها قبل
تعلّق الزكاة فالزكاة عليه بعد التعلّق مع اجتماع الشرائط، وكذا إذا انتقل إليه بغير
الشراء، وإذا كان ذلك بعد وقت التعلّق فالزكاة على البائع، فإن علم بأدائه أو شكّ
في ذلك ليس عليه شيء، وإن علم بعدم أدائه فالبيع بالنسبة إلى مقدار الزكاة
فضولي، فإن أجازه الحاكم الشرعي طالبه بالثمن بالنسبة إلى مقدار الزكاة، وإن
دفعه إلى البائع رجع بعد الدفع إلى الحاكم عليه، وإن لم يجز كان له أخذ مقدار الزكاة
من المبيع، ولو أدّى البائع الزكاة بعد البيع ففي استقرار ملك المشتري وعدم الحاجة
إلى الإجازة من الحاكم إشكال(1).
[2687] مسألة 30 : إذا تعدّد أنواع التمر مثلا وكان بعضها جيّداً أو أجود، وبعضها
الآخر رديء أو أردأ فالأحوط(2) الأخذ من كلّ نوع بحصّته، ولكن الأقوى
الاجتزاء بمطلق الجيّد وإن كان مشتملاً على الأجود، ولايجوز دفع الرديء عن
الجيّد والأجود على الأحوط.
[2688] مسألة 31 : الأقوى أنّ الزكاة متعلّقة بالعين، لكن لا على(3) وجه
الإشاعة بل على وجه الكلّي في المعيّن، وحينئذ فلو باع قبل أداء الزكاة بعض
النصاب صحّ إذا كان مقدار الزكاة باقياً عنده، بخلاف ما إذا باع الكلّ، فإنّه بالنسبة
إلى مقدار الزكاة يكون فضوليّاً محتاجاً إلى اجازة الحاكم على ما مرّ، ولايكفي عزمه
- (1) الظاهر أنّه لا حاجة إلى الإجازة.
- (2) لا يترك.
- (3) الظاهر أنّ تشخيص كيفيّة تعلّق الزكاة بالعين ـ بعد وضوح عدم تعلّقها بالذمّة المحضةـ مشكل، وإن كان الأقرب هي الإشاعة كما هو المشهور مع عدم خلوّها عن المناقشة أيضاً; لاستلزامها عدمجواز إعطاء القيمة بدلالعين وعدمكون اختيار التعيين بيد المالك، ولازمالشركة أنّهلو باع بعضالنصاب أيضاً قبل أداء الزكاة يكون فضوليّاً بمقداره.
(الصفحة 114)
على الأداء من غيره في استقرار البيع على الأحوط.
[2689] مسألة 32 : يجوز للساعي من قبل الحاكم الشرعي خرص ثمر النخل
والكرم، بل والزرع(1) على المالك، وفائدته جواز التصرّف للمالك بشرط قبوله
كيف شاء، ووقته بعد بدوّ الصلاح وتعلّق الوجوب، بل الأقوى جوازه من المالك
بنفسه إذا كان من أهل الخبرة أو بغيره من عدل أو عدلين، وإن كان الأحوط(2)
الرجوع إلى الحاكم أو وكيله مع التمكّن، ولايشترط فيه الصيغة فإنّه معاملة خاصّة،
وإن كان لو جيء بصيغة الصلح كان أولى، ثمّ إن زاد ما في يد المالك كان له، وإن
نقص كان عليه، ويجوز لكلّ من المالك والخارص الفسخ مع الغبن الفاحش،ولو
توافق المالك والخارص على القسمة رطباً جاز، ويجوز للحاكم أو وكيله بيع
نصيب الفقراء من المالك أو من غيره.
[2690] مسألة 33 : إذا اتّجر بالمال الذي فيه الزكاة قبل أدائها يكون الربح
للفقراء(3) بالنسبة، وإن خسر يكون خسرانها عليه.
[2691] مسألة 34 : يجوز للمالك عزل الزكاة وإفرازها من العين أو من مال
آخر(4) مع عدم المستحقّ، بل مع وجوده أيضاً على الأقوى، وفائدته صيرورة
المعزول ملكاً للمستحقّين قهراً حتّى لايشاركهم المالك عند التلف ويكون أمانة في
يده، وحينئذ لايضمنه إلاّ مع التفريط أو التأخير مع وجود المستحقّ، وهل يجوز
للمالك إبدالها بعد عزلها؟ إشكال، وإن كان الأظهر عدم الجواز، ثمّ بعد العزل يكون
نماؤها للمستحقّين متّصلاً كان أو منفصلاً.
- (1) محلّ إشكال.
- (2) لا يترك.
- (3) مع إجازة الوليّ من دون فرق بين ما إذا كان الاتّجار لمصلحة الزكاة وما إذا كان لنفسه.
- (4) محلّ إشكال.
(الصفحة 115)
فصل
فيما يستحبّ فيه الزكاة
وهو على ما اُشير إليه سابقاً اُمور:
الأوّل : مال التجارة، وهو المال الذي تملّكه الشخص وأعدّه للتجارة
والاكتساب به; سواء كان الانتقال إليه بعقد المعاوضة أو بمثل الهبة أو الصلح المجّاني
أو الإرث على الأقوى، واعتبر بعضهم كون الانتقال إليه بعنوان المعاوضة، وسواء
كان قصد الاكتساب به من حين الانتقال إليه أو بعده، وإن اعتبر بعضهم الأوّل،
فالأقوى(1) أنّه مطلق المال الذي اُعدّ للتجارة، فمن حين قصد الإعداد يدخل في
هذا العنوان، ولو كان قصده حين التملّك بالمعاوضة أو بغيرها الاقتناء والأخذ
للقنية، ولا فرق فيه بين أن يكون ممّا يتعلّق به الزكاة الماليّة وجوباً أو استحباباً،
وبين غيره كالتجارة بالخضروات مثلا، ولا بين أن يكون من الأعيان أو المنافع كما
لو استأجر داراً بنيّة التجارة.
ويشترط فيه اُمور:
الأوّل: بلوغه حدّ نصاب أحد النقدين، فلا زكاة فيما لايبلغه، والظاهر أنّه
كالنقدين في النصاب الثاني أيضاً.
الثاني: مضيّ الحول عليه من حين(2) قصد التكسّب.
الثالث: بقاء قصد الاكتساب طول الحول، فلو عدل عنه ونوى به القنية
- (1) لا قوّة فيه، بل الظاهر أنّه المال الذي وقع في التجارة واتّجر به، ولا يكفي مجرّد الإعداد لها، لكن أصل استحباب الزكاة في مال التجارة محلّ مناقشة وإشكال.
- (2) بناءً على ما ذكرنا يكون المبدأ حين الوقوع في التجارة والاتّجار به.