(الصفحة 139)
[2764] الحادية عشرة : الأقوى جواز النقل إلى البلد الآخر ولو مع وجود
المستحقّ في البلد، وإن كان الأحوط عدمه كما أفتى به جماعة، ولكن الظاهر
الإجزاء لو نقل على هذا القول أيضاً، وظاهر القائلين بعدم الجواز وجوب التقسيم
في بلدها لا في أهلها، فيجوز الدفع في بلدها إلى الغرباء وأبناء السبيل، وعلى
القولين إذا تلفت بالنقل يضمن، كما أنّ مؤنة النقل عليه لا من الزكاة، ولو كان النقل
بإذن الفقيه لم يضمن وإن كان مع وجود المستحقّ في البلد، وكذا ـ بل وأولى منه ـ لو
وكّله في قبضها عنه بالولاية العامّة ثمّ أذن له في نقلها.
[2765] الثانية عشرة : لو كان لهمال فيغير بلد الزكاة، أو نقل مالاً له من بلد
الزكاة إلىبلد آخر جاز احتسابه زكاة عمّا عليه في بلده ولو مع وجود المستحقّ فيه،
وكذا لو كان له دين في ذمّة شخص في بلد آخر جاز احتسابه زكاة، وليس شيء
من هذه من النقل الذي هو محلّ الخلاف في جوازه وعدمه، فلا إشكال في شيء
منها.
[2766] الثالثة عشرة : لو كان المال الذي فيه الزكاة في بلد آخر غير بلده جاز له
نقلها إليه مع الضمان لو تلف، ولكن الأفضل صرفها في بلد المال.
[2767] الرابعة عشرة : إذا قبض الفقيه الزكاة بعنوان الولاية العامّة برئت ذمّة
المالك، وإن تلفت عنده بتفريط أو بدونه أو أعطى لغير المستحقّ اشتباهاً.
[2768] الخامسة عشرة : إذا احتاجت الزكاة إلى كيل أو وزن كانت اُجرة الكيّال
والوزّان على المالك لا من الزكاة.
[2769] السادسة عشرة : إذا تعدّد سبب الاستحقاق في شخص واحد، كأن
يكون فقيراً وعاملاً وغارماً مثلا جاز أن يعطى بكلّ سبب نصيباً.
[2770] السابعة عشرة : المملوك الذي يشترى من الزكاة إذا مات ولا وارث له
ورثه أرباب الزكاة دون الإمام(عليه السلام)، ولكن الأحوط صرفه في الفقراء فقط.
(الصفحة 140)
[2771] الثامنة عشرة : قد عرفت سابقاً(1) أنّه لايجب الاقتصار في دفع الزكاة
علىمؤنة السنة، بل يجوز دفع ما يزيد على غناه إذا اُعطي دفعة، فلا حدّ لأكثر ما
يدفع إليه، وإن كان الأحوط الاقتصار على قدر الكفاف، خصوصاً في المحترف
الذي لاتكفيه حرفته. نعم، لو اُعطي تدريجاً فبلغ مقدار مؤنة السنة حرم عليه
أخذ ما زاد للإنفاق، والأقوى أنّه لا حدّ لها في طرف القلّة أيضاً، من غير فرق بين
زكاة النقدين وغيرهما، ولكن الأحوط عدم النقصان عمّا في النصاب الأوّل من
الفضّة في الفضّة وهو خمسة دراهم، وعمّا في النصاب الأوّل من الذهب في الذهب
وهو نصف دينار، بل الأحوط مراعاة مقدار ذلك في غير النقدين أيضاً، وأحوط
من ذلك مراعاة ما في أوّل النصاب من كلّ جنس، ففي الغنم والإبل لايكون أقلّ
من شاة، وفي البقر لايكون أقلّ من تبيع، وهكذا في الغلاّت يعطى ما يجب في أوّل
حدّ النصاب.
[2772] التاسعة عشرة : يستحبّ للفقيه أوالعامل أو الفقير الذي يأخذ الزكاة
الدعاء للمالك، بل هو الأحوط بالنسبة إلى الفقيه الذي يقبض بالولاية العامّة.
[2773] العشرون : يكره لربّ المال طلب تملّك ما أخرجه في الصدقة الواجبة
والمندوبة. نعم، لو أراد الفقير بيعه بعد تقويمه عند من أراد كان المالك أحقّ به من
غيره ولا كراهة(2)، وكذا لو كان جزءاً من حيوان لايمكن للفقير الانتفاع به
ولايشتريه غير المالك، أو يحصل للمالك ضرر بشراء الغير، فإنّه تزول الكراهة
حينئذ أيضاً، كما أنّه لابأس بإبقائه في ملكه إذا عاد إليه بميراث وشبهه من
المملّكات القهريّة.
- (1) مرّ أنّ الأحوط الاقتصار.
- (2) محلّ إشكال.
(الصفحة 141)
فصل
في وقت وجوب إخراج الزكاة
قد عرفت سابقاً أنّ وقت تعلّق الوجوب فيما يعتبر فيه الحول حولانه بدخول الشهر الثاني عشر ، وأنّه يستقرّ الوجوب بذلك، وإن احتسب الثاني عشر من الحول الأوّل لا الثاني ، وفي الغلاّت التسمية ، وأنّ وقت وجوب الإخراج في الأوّل هو وقت التعلّق ، وفي الثاني هو الخرص(1) والصرم في النخل والكرم ، والتصفية في الحنطة والشعير ، وهل الوجوب بعد تحقّقه فوريّ أو لا ؟ أقوال ، ثالثها : أنّ وجوب الإخراج ولو بالعزل فوريّ ، وأمّا الدفع والتسليم فيجوز فيه التأخير ، والأحوط عدم تأخير الدفع مع وجود المستحقّ وإمكان الإخراج إلاّ لغرض ، كانتظار مستحقّ معيّن أو الأفضل ، فيجوز حينئذ ولو مع عدم العزل الشهرين والثلاثة بل الأزيد، وإن كان الأحوط(2) حينئذ العزل ثمّ الانتظار المذكور ، ولكن لو تلفت بالتأخير مع إمكان الدفع يضمن .
[2774] مسألة 1 : الظاهر أنّ المناط في الضمان مع وجود المستحقّ هو التأخير عن الفور العرفيّ ، فلو أخّر ساعة أو ساعتين بل أزيد فتلفت من غير تفريط فلا ضمان، وإن أمكنه الإيصال إلى المستحقّ من حينه مع عدم كونه حاضراً عنده ، وأمّا مع حضوره فمشكل ، خصوصاً إذا كان مطالباً .
[2775] مسألة 2 : يشترط في الضمان مع التأخير العلم بوجود المستحقّ ، فلو كان
- (1) قد مرّ أنّ وقته إنّما هو عند صيرورة الرطب تمراً والعنب زبيباً فيما لو تعلّق غرض المالك بذلك.
- (2) لا يترك.
(الصفحة 142)
موجوداً لكن المالك لم يعلم به فلا ضمان ; لأنّه معذور(1) حينئذ في التأخير .
[2776] مسألة 3 : لو أتلف الزكاة المعزولة أو جميع النصاب متلف ، فإن كان مع عدم التأخير الموجب للضمان يكون الضمان على المتلف فقط ، وإن كان مع التأخير المزبور من المالك فكلّ من المالك والأجنبيّ ضامن ، وللفقيه أو العامل الرجوع على أيّهما شاء ، وإن رجع على المالك رجع هو على المتلف ، ويجوز له الدفع من ماله ثمّ الرجوع على المتلف .
[2777] مسألة4: لايجوز تقديم الزكاة قبل وقت الوجوب على الأصحّ، فلوقدّمها كان المال باقياً على ملكه مع بقاء عينه ، ويضمن تلفه القابض إن علم بالحال ، وللمالك احتسابه جديداً مع بقائه ، أو احتساب عوضه مع ضمانه وبقاء فقر القابض ، وله العدول عنه إلى غيره .
[2778] مسألة 5 : إذا أراد أن يعطي فقيراً شيئاً ولم يجيء وقت وجوب الزكاة عليه يجوز أن يعطيه قرضاً ، فإذا جاء وقت الوجوب حسبه عليه زكاة بشرط بقائه على صفة الاستحقاق، وبقاء الدافع والمال على صفة الوجوب ، ولايجب عليه ذلك ، بل يجوز مع بقائه على الاستحقاق الأخذ منه والدفع إلى غيره ، وإن كان الأحوط الاحتساب عليه وعدم الأخذ منه .
[2779] مسألة 6 : لو أعطاه قرضاً فزاد عنده زيادة متّصلة أو منفصلة فالزيادة له لا للمالك ، كما أنّه لو نقص كان النقص عليه، فإن خرج عن الاستحقاق أو أراد المالك الدفع إلى غيره يستردّ عوضه لا عينه ، كما هو مقتضى حكم القرض ، بل مع عدم الزيادة أيضاً ليس عليه إلاّ ردّ المثل أو القيمة .
- (1) أو لدلالة النصّ عليه ، ولكن مع ذلك لا يترك الاحتياط بالضمان مع احتمال وجود المستحقّ وإمكان الفحص عنه.
(الصفحة 143)
[2780] مسألة 7 : لو كان ما أقرض الفقير في أثناء الحول بقصد الاحتساب عليه بعد حلوله بعضاً من النصاب وخرج الباقي عن حدّه سقط الوجوب على الأصحّ ; لعدم بقائه في ملكه طول الحول ، سواء كانت العين باقية عند الفقير أو تالفة ، فلا محلّ للاحتساب . نعم ، لو أعطاه بعض النصاب أمانة بالقصد المذكور لم يسقط الوجوب مع بقاء(1) عينه عند الفقير ، فله الاحتساب حينئذ بعد حلول الحول إذا بقي على الاستحقاق .
[2781] مسألة 8 : لو استغنى الفقير الذي أقرضه بالقصد المذكور بعين هذا المال، ثمّ حال الحول يجوز الاحتساب عليه ; لبقائه على صفة الفقر بسبب هذا الدين ، ويجوز الاحتساب من سهم الغارمين أيضاً ، وأمّا لو استغنى بنماء هذا المال، أو بارتفاع قيمته إذا كان قيميّاً، وقلنا : إنّ المدار قيمته يوم القرض لايوم الأداء لم يجز الاحتساب عليه .
فصل
[في اعتبار نيّة القربة والتعيين في الزكاة]
الزكاة من العبادات، فيعتبر فيها نيّة القربة والتعيين مع تعدّد(2) ما عليه ; بأن يكون عليه خمس وزكاة وهو هاشمي فأعطى هاشمياً ، فإنّه يجب عليه أن يعيّن أنّه من أيّهما ، وكذا لو كان عليه زكاة وكفّارة ، فإنّه يجب التعيين ، بل وكذا إذا كان عليه زكاة المال والفطرة ، فإنّه يجب التعيين على الأحوط(3) ، بخلاف ما إذا اتّحد الحقّ
- (1) وإمكان الاسترداد منه.
- (2) بل مطلقاً كما مرّ وجهه مراراً.
- (3) بل على الأقوى.