(الصفحة 150)
بينهما إذا كانا موجودين ، بل في صورة التلف أيضاً ; لأنّهما مثليّان ، وإذا علم أنّ عليه إمّا زكاة خمس من الإبل ، أو زكاة أربعين شاة يكفيه إخراج شاة ، وإذا علم أنّ عليه إمّا زكاة ثلاثين بقرة أو أربعين شاة وجب الاحتياط إلاّ مع التلف ، فإنّه يكفيه(1) قيمة شاة ، وكذا الكلام في نظائر المذكورات .
[2796] الثامنة : إذا كان عليه الزكاة فمات قبل أدائها ، هل يجوز إعطاؤها من تركته لواجب النفقة عليه حال حياته أم لا ؟ إشكال(2) .
[2797] التاسعة : إذا باع النصاب بعد وجوب الزكاة وشرط على المشتري زكاته لايبعد الجواز(3) ، إلاّ إذا قصد كون الزكاة عليه لا أن يكون نائباً عنه فإنّه مشكل .
[2798] العاشرة : إذا طلب من غيره أن يؤدّي زكاته تبرّعاً من ماله جاز وأجزأ عنه ، ولايجوز للمتبرّع الرجوع عليه ، وأمّا إن طلب ولم يذكر التبرّع فأدّاها عنه من ماله فالظاهر جواز رجوعه عليه بعوضه ; لقاعدة احترام المال ، إلاّ إذا علم(4)كونه متبرّعاً .
[2799] الحادية عشرة : إذا وكّل غيره في أداء زكاته أو في الإيصال إلى الفقير هل تبرأ ذمّته بمجرّد ذلك ، أو يجب العلم بأنّه أدّاها ، أو يكفي إخبار الوكيل بالأداء؟ لايبعد جواز الاكتفاء إذا كان الوكيل عدلاً(5) بمجرّد
- (1) محلّ إشكال، فلا يترك الاحتياط.
- (2) أقربه الجواز.
- (3) بناءً على الإشاعة ـ كما رجّحناها ـ يكون البيع بالإضافة إلى مقدار الزكاة فضولياً يترتّب عليه آثاره، ولا فائدة للاشتراط إلاّ مجرّد إعلام المشتري بذلك الموجب; لعدم ثبوت خيار التبعّض له بعد ردّ الولي البيع بمقدار الزكاة.
- (4) أو كان متبرّعاً واقعاً، فإنّه لا يجوز له الرجوع حينئذ واقعاً، وإن كان اللازم على الآخر الدفع مع ادّعاء عدم التبرّع.
- (5) بل يكفي مجرّد الوثاقة.
(الصفحة 151)
الدفع إليه .
[2800] الثانية عشرة : إذا شكّ في اشتغال ذمّته بالزكاة فأعطى شيئاً للفقير ونوى أنّه إن كان عليه الزكاة كان زكاة ، وإلاّ فإن كان عليه مظالم كان منها ، وإلاّ فإن كان على أبيه زكاة كان زكاة له، وإلاّ فمظالم له ، وإن لم يكن على أبيه شيء فلجدّه إن كان عليه وهكذا ، فالظاهر الصحّة .
[2801] الثالثة عشرة : لايجب الترتيب في أداء الزكاة بتقديم ما وجب عليه أوّلاً فأوّلاً ، فلو كان عليه زكاة السنة السابقة وزكاة الحاضرة جاز تقديم الحاضرة بالنيّة ، ولو أعطى من غير نيّة التعيين فالظاهر التوزيع(1) .
[2802] الرابعة عشرة : في المزارعة الفاسدة الزكاة ـ مع بلوغ النصاب ـ على صاحب البذر ، وفي الصحيحة منها عليهما إذا بلغ نصيب كلّ منهما ، وإن بلغ نصيب أحدهما دون الآخر فعليه فقط ، وإن لم يبلغ نصيب واحد منهما فلايجب على واحد منهما، وإن بلغ المجموع النصاب .
[2803] الخامسة عشرة : يجوز للحاكم الشرعي أن يقترض على الزكاة ويصرفه في بعض مصارفها ، كما إذا كان هناك مفسدة لايمكن دفعها إلاّ بصرف مال ولم يكن عنده ما يصرفه فيه ، أو كان فقير مضطرّ لايمكنه إعانته ورفع اضطراره إلاّ بذلك ، أو ابن سبيل كذلك ، أو تعمير قنطرة أو مسجد أو نحو ذلك وكان لايمكن تأخيره ، فحينئذ يستدين على الزكاة ويصرف ، وبعد حصولها يؤدّي الدين منها ، وإذا أعطى فقيراً من هذا الوجه وصار عند حصول الزكاة غنيّاً لايسترجع منه ; إذ المفروض أنّه أعطاه بعنوان الزكاة ، وليس هذا من باب إقراض الفقير والاحتساب عليه بعد ذلك ; إذ في تلك الصورة تشتغل ذمّة الفقير بخلاف المقام ، فإنّ الدين على
- (1) مع عدم الأداء من عين ما تعلّق به أحدهما، وإلاّ فالظاهر الانطباق عليه.
(الصفحة 152)
الزكاة(1) ولايضرّ عدم كون الزكاة ذات ذمّة تشتغل ; لأنّ هذه الاُمور اعتباريّة والعقلاء يصحّحون هذا الاعتبار ، ونظيره استدانة متولّي الوقف لتعميره ثمّ الأداء بعد ذلك من نمائه ، مع أنّه في الحقيقة راجع إلى اشتغال ذمّة أرباب الزكاة ـ من الفقراء والغارمين وأبناء السبيل ـ من حيث هم من مصارفها لا من حيث هم هم ، وذلك مثل ملكيّتهم للزكاة ، فإنّها ملك لنوع المستحقّين ، فالدين أيضاً على نوعهم من حيث إنّهم من مصارفه لا من حيث أنفسهم ، ويجوز(2) أن يستدين على نفسه من حيث ولايته على الزكاة ، وعلى المستحقّين(3) بقصد الأداء من مالهم ، ولكن في الحقيقة هذا أيضاً يرجع إلى الوجه الأوّل ، وهل يجوز لآحاد المالكين إقراض الزكاة قبل أوان وجوبها، أو الاستدانة لها على حذو ما ذكرنا في الحاكم ؟ وجهان(4) ، ويجري جميع ما ذكرنا في الخمس والمظالم ونحوهما .
[2804] السادسة عشرة : لايجوز للفقير(5) ولا للحاكم الشرعي أخذ الزكاة من المالك ثمّ الردّ عليه، المسمّى بالفارسيّة بـ «دست گردان» أو المصالحة معه بشيء يسير ، أو قبول شيء منه بأزيد من قيمته أو نحو ذلك ، فإنّ كلّ هذه حيل في تفويت
- (1) لا معنى لكون الدين على الزكاة، ومجرّد كونه من الاُمور الاعتبارية لا يسوّغ الاعتبار بأيّ نحو يراد، والقياس على العين الموقوفة في غير محلّه; لأنّها تصلح لاعتبار اشتغال الذمّة لها بخلاف الزكاة التي ليست إلاّ ملكاً أو حقّاً للمستحقّين، مع أنّ اللازم على تقدير الصحّة لزوم صرفه فيما يحتاج إليه الزكاة كما في المقيس عليه لا في مصارفها.
- (2) هذا أيضاً محلّ إشكال، لأنّه ليس من مصارف الزكاة. نعم، لا يبعد جواز الاحتساب من سهم الغارمين مع اجتماع شرائطه، لكنّه غير ما في المتن.
- (3) هذا الطريق أيضاً مشكل.
- (4) أقربهما العدم.
- (5) إلاّ إذا كان بعنوان القرض والاقتراض والدفع بعده، فإنّه يجوز حينئذ مع اقتضاء المصلحة له.
(الصفحة 153)
حقّ الفقراء ، وكذا بالنسبة إلى الخمس والمظالم ونحوهما . نعم ، لو كان شخص عليه من الزكاة أو المظالم أو نحوهما مبلغ كثير، وصار فقيراً لايمكنه أداؤها وأراد أن يتوب إلى الله تعالى لابأس(1) بتفريغ ذمّته بأحد الوجوه المذكورة، ومع ذلك إذا كان مرجوّ التمكّن بعد ذلك الأولى أن يشترط عليه أداءها بتمامها عنده .
[2805] السابعة عشرة : اشتراط التمكّن من التصرّف فيما يعتبر فيه الحول كالأنعام والنقدين معلوم ، وأمّا فيما لايعتبر فيه كالغلاّت ففيه خلاف وإشكال(2) .
[2806] الثامنة عشرة : إذا كان له مال مدفون في مكان ونسي موضعه بحيث لايمكنه العثور عليه لايجب فيه الزكاة إلاّ بعد العثور ومضيّ الحول من حينه ، وأمّا إذا كان في صندوقه مثلا لكنّه غافل عنه بالمرّة فلايتمكّن من التصرّف فيه من جهة غفلته ، وإلاّ فلو التفت إليه أمكنه التصرّف فيه يجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول ، ويجب التكرار إذا حال عليه أحوال ، فليس هذا من عدم التمكّن الذي هو قادح في وجوب الزكاة .
[2807] التاسعة عشرة : إذا نذر أن لايتصرّف في ماله الحاضر شهراً أو شهرين ، أو أكرهه مكره على عدم التصرّف أو كان مشروطاً عليه في ضمن عقد لازم ، ففي منعه من وجوب الزكاة وكونه من عدم التمكّن من التصرّف الذي هو موضوع الحكم إشكال(3) ; لأنّ القدر المتيقّن ما إذا لم يكن المال حاضراً عنده، أو كان حاضراً وكان بحكم الغائب عرفاً .
- (1) إطلاق الحكم بالإضافة إلى الفقير والحاكم ثمّ التعميم لجميع الوجوه الثلاثة محلّ نظر، بل منع، فإنّ الحاكم لا يجوز له شيء منها إلاّ مع اقتضاء المصلحة له، والفقير لا يجوز له الثاني والثالث.
- (2) أقربه الاشتراط عند تعلّق الوجوب.
- (3) في الأوّل، وأمّا في الثاني والثالث فالظاهر المنع.
(الصفحة 154)
[2808] العشرون : يجوز أن يشتري من زكاته من سهم سبيل الله كتاباً أو قرآناً أو دعاء ويوقفه ويجعل التولية بيده أو يد أولاده ، ولو أوقفه على أولاده وغيرهم ممّن يجب نفقته عليه فلا بأس به أيضاً . نعم ، لو اشترى خاناً أو بستاناً ووقفه على من تجب نفقته عليه لصرف نمائه في نفقتهم فيه إشكال(1) .
[2809] الحادية والعشرون : إذا كان ممتنعاً من أداء الزكاة لايجوز للفقير المقاصّة من ماله إلاّ بإذن الحاكم الشرعي في كلّ مورد .
[2810] الثانية والعشرون : لايجوز (2) إعطاء الزكاة للفقير من سهم الفقراء للزيارة أو الحجّ أو نحوهما من القرب ، ويجوز من سهم سبيل الله .
[2811] الثالثة والعشرون : يجوز صرف الزكاة من سهم سبيل الله في كلّ قربة(3)حتّى إعطاؤها للظالم لتخليص المؤمنين من شرّه ; إذا لم يمكن دفع شرّه إلاّ بهذا .
[2812] الرابعة والعشرون : لو نذر أن يكون نصف ثمر نخله أو كرمه أو نصف حبّ زرعه لشخص بعنوان نذر النتيجة(4) وبلغ ذلك النصاب وجبت الزكاة على ذلك الشخص أيضاً ; لأنّه مالك له حين تعلّق الوجوب ، وأمّا لو كان بعنوان نذر الفعل(5) فلاتجب على ذلك الشخص ، وفي وجوبها على المالك بالنسبة إلى المقدار المنذور إشكال .
[2813] الخامسة والعشرون : يجوز للفقير أن يوكّل شخصاً يقبض له الزكاة
- (1) والظاهر عدم الجواز.
- (2) لا يبعد الجواز بعد فرض فقره وجواز إعطائه الزائد عن مؤنة السنة. نعم، بعد أخذه مقدار الكفاية لا يجوز.
- (3) مرّ الكلام في المراد من سبيل الله.
- (4) بناءً على صحّة نذر النتيجة، وهي محلّ تأمّل وإشكال.
- (5) أي نذر التمليك، ولكن لو تحقّق الفعل المنذور قبل تعلّق الوجوب تجب الزكاة على المنذور له حينئذ.