(الصفحة 177)
بعد(1) استثناء مؤنة الإخراج والتصفية ونحوهما ، فلايجب إذا كان المخرج أقلّ منه ; وإن كان الأحوط إخراجه إذا بلغ ديناراً ، بل مطلقاً . ولايعتبر في الإخراج أن يكون دفعة ، فلو أخرج دفعات وكان المجموع نصاباً وجب إخراج خمس المجموع ، وإن أخرج أقلّ من النصاب فأعرض ثمّ عاد وبلغ المجموع نصاباً فكذلك على الأحوط ، وإذا اشترك جماعة في الإخراج ولم يبلغ حصّة كلّ واحد منهم النصاب ولكن بلغ المجموع نصاباً فالظاهر(2) وجوب خمسه . وكذا لايعتبر اتّحاد جنس المخرج ، فلو اشتمل المعدن على جنسين أو أزيد وبلغ قيمة المجموع نصاباً وجب إخراجه .
نعم ، لو كان هناك معادن متعدّدة اعتبر في الخارج من كلّ منها بلوغ النصاب دون المجموع ، وإن كان الأحوط(3) كفاية بلوغ المجموع ، خصوصاً مع اتّحاد جنس المخرج منها سيّما مع تقاربها ، بل لايخلو عن قوّة مع الاتّحاد والتقارب(4) . وكذا لايعتبر استمرار التكوّن ودوامه ، فلو كان معدن فيه مقدار ما يبلغ النصاب فأخرجه ثمّ انقطع جرى عليه الحكم بعد صدق كونه معدناً .
[2882] مسألة 6 : لو أخرج خمس تراب المعدن قبل التصفية ، فإن علم بتساوي الأجزاء في الاشتمال على الجوهر أو بالزيادة فيما أخرجه خمساً أجزأ ، وإلاّ فلا(5) ; لاحتمال زيادة الجوهر فيما يبقى عنده .
- (1) والأحوط رعاية النصاب قبل المؤنة، وإن كان ما يجب الخمس فيه ما يبقى بعد استثنائها.
- (2) فيه منع بل الظاهر العدم.
- (3) لا يترك.
- (4) بنحو يعدّ المجموع معدناً واحداً.
- (5) لا يجتمع الحكم بعدم الإجزاء مع جواز الإخراج قبل التصفية، كما هو المفروض.
(الصفحة 178)
[2883] مسألة 7 : إذا وجد مقداراً من المعدن مخرجاً مطروحاً في الصحراء ، فإن علم أنّه خرج من مثل السيل أو الريح أو نحوهما ، أو علم أنّ المخرج له حيوان ، أو إنسان لم يخرج خمسه ، وجب(1) عليه إخراج خمسه على الأحوط إذا بلغ النصاب ، بل الأحوط ذلك وإن شكّ في أنّ الإنسان المخرج له أخرج خمسه أم لا .
[2884] مسألة 8 : لوكان المعدن في أرض مملوكة فهو لمالكها ، وإذا أخرجه غيره(2) لم يملكه ، بل يكون المخرج لصاحب الأرض وعليه الخمس من دون استثناء المؤنة ; لأنّه لم يصرف عليه مؤنة .
[2885] مسألة 9 : إذا كان المعدن في معمور الأرض المفتوحة عنوة ـ التي هي للمسلمين ـ فأخرجه أحد من المسلمين ملكه (3) وعليه الخمس ، وإن أخرجه غير المسلم ففي تملّكه إشكال (4)، وأمّا إذا كان في الأرض الموات حال الفتح فالظاهر أنّ الكافر أيضاً يملكه(5) وعليه الخمس .
[2886] مسألة 10 : يجوز استئجار الغير لإخراج المعدن فيملكه المستأجر ، وإن
- (1) الظاهر أنّ الترديد إنّما هو في الحكم بالوجوب بما أنّه صار مالكاً للمعدن، وعليه فلابدّ من تقييد الموضوع بما إذا لم يعلم كون الإنسان المخرج قاصداً للحيازة والتملّك; لأنّه مع العلم لا يجب الخمس على الواجد بالعنوان المذكور، وكذا لابدّ من تقييد الفرض التالي بما إذا كان منشأ الشك في الإخراج هو الشك في قصد الحيازة والتملّك، وإلاّ فلا يرتبط بالمقام.
- (2) أي بدون أمره أو إذنه.
- (3) إن كان بإذن وليّ المسلمين على الأحوط.
- (4) والظاهر عدم التملّك لعدم الدليل عليه بعد كون الأرض ملكاً لغيره، فيشبه المسألة السابقة.
- (5) فيه إشكال.
(الصفحة 179)
قصد الأجير تملّكه لم يملكه(1) .
[2887] مسألة 11 : إذا كان المخرج عبداً كان ما أخرجه لمولاه وعليه الخمس .
[2888] مسألة 12 : إذا عمل فيما أخرجه قبل إخراج خمسه عملاً يوجب زيادة قيمته ، كما إذا ضربه دراهم أو دنانير، أو جعله حليّاً، أو كان مثل الياقوت والعقيق فحكّه فصّاً مثلا اعتبر(2) في إخراج خمس مادّته ، فيقوَّم حينئذ سبيكة أو غير محكوك مثلا ويخرج خمسه ، وكذا لو اتّجر به(3) فربح قبل أن يخرج خمسه ناوياً الإخراج من مال آخر ثمّ أدّاه من مال آخر . وأمّا إذا اتّجر به من غير نيّة الإخراج من غيره ، فالظاهر أنّ الربح مشترك بينه وبين أرباب الخمس .
[2889] مسألة 13 : إذا شكّ في بلوغ النصاب وعدمه فالأحوط الاختبار .
الثالث : الكنز ، وهو المال المذخور في الأرض أو الجبل أو الجدار أو الشجر ، والمدار الصدق العرفي ، سواء كان من الذهب أو الفضّة المسكوكين أو غير المسكوكين(4) أو غيرهما من الجواهر ، وسواء كان في بلاد الكفّار الحربيّين أو غيرهم ، أو في بلاد الإسلام في الأرض الموات أو الأرض الخربة التي لم يكن لها مالك ، أو في أرض مملوكة له بالإحياء أو بالابتياع ، مع العلم بعدم كونه ملكاً
- (1) إذا كان أجيراً خاصّاً، بأن كان جميع منافعه أو خصوص تلك المنفعة للمستأجر، وأمّا مع كون الإجارة على ما في الذمّة فالظاهر حصول الملكية له مع قصد التملّك. نعم، لو كانت الأرض للمستأجر أو كان له حقّ اختصاص بها أو كان أجيراً لمالكها لا مجال لملكية هذا الأجير.
- (2) محلّ إشكال، بل الظاهر عدم الاعتبار.
- (3) صحّة الاتّجار من دون إذن الولي أو إجازته محلّ إشكال بل منع، من دون فرق بين نيّة الإخراج من مال آخر وعدمه، والتفكيك بين الصورتين من جهة الاشتراك في الربح وعدمه كذلك أيضاً.
- (4) فيه وفيما بعده إشكال، وإن كان أحوط.
(الصفحة 180)
للبائعين ، وسواء كان عليه أثر الإسلام أم لا ، ففي جميع هذه يكون ملكاً لواجده وعليه الخمس ، ولو كان في أرض مبتاعة مع احتمال كونه لأحد البائعين عرّفه المالك قبله ، فإن لم يعرفه فالمالك قبله وهكذا (1)، فإن لم يعرفوه فهو للواجد وعليه الخمس ، وإن ادّعاه المالك السابق فالسابق أعطاه بلا بيّنة ، وإن تنازع الملاّك فيه يجري(2) عليه حكم التداعي ، ولو ادّعاه المالك السابق إرثاً وكان له شركاء نفوه دفعت إليه حصّته وملك الواجد الباقي وأعطى خمسه .
ويشترط في وجوب الخمس فيه النصاب ; وهو عشرون ديناراً(3) .
[2890] مسألة 14 : لو وجد الكنز في أرض مستأجرة أو مستعارة وجب تعريفهما وتعريف المالك أيضاً(4) ، فإن نفياه كلاهما كان له وعليه الخمس ، وإن ادّعاه أحدهما اُعطي بلا بيّنة ، وإن ادّعاه كلّ منهما ففي تقديم قول المالك وجه ; لقوّة يده ، والأوجه الاختلاف بحسب المقامات في قوّة إحدى اليدين .
[2891] مسألة 15 : لو علم الواجد أنّه لمسلم موجود ـ هو أو وارثه ـ في عصره مجهول ، ففي إجراء حكم الكنز أو حكم مجهول المالك عليه وجهان(5) ، ولو علم أنّه كان ملكاً لمسلم قديم فالظاهر جريان حكم الكنز عليه .
[2892] مسألة 16 : الكنوز المتعدّدة لكلّ واحد حكم نفسه في بلوغ النصاب
- (1) على الأحوط مع العلم بجريان يده عليه وعدم احتمال تأخّر الدفن إلى زمان اللاحق.
- (2) إذا كان الملاّك في مرتبة واحدة، وأمّا مع السبق واللحوق ـ كما لعلّه الظاهر من العبارة ـ كان اللاحق منكراً والسابق مدّعياً.
- (3) الأحوط ملاحظة بلوغ العين أو القيمة إلى أحد النصابين في باب الزكاة، من دون فرق بين الذهب والفضّة وغيرهما.
- (4) أي بالنحو المتقدّم من اللاحق، فالسابق في كليهما من المستأجر أو المستعير والمالك، وعليه فالمراد بالنفي نفي الجميع.
- (5) الأحوط بل الأقوى هو الثاني.
(الصفحة 181)
وعدمه ، فلو لم يكن آحادها بحدّ النصاب وبلغت بالضمّ لم يجب فيها الخمس . نعم ، المال الواحد المدفون في مكان واحد في ظروف متعدّدة يضمّ بعضه إلى بعض ، فإنّه يعدّ كنزاً واحداً وإن تعدّد جنسها .
[2893] مسألة 17 : في الكنز الواحد لايعتبر(1) الإخراج دفعة بمقدار النصاب ، فلو كان مجموع الدفعات بقدر النصاب وجب الخمس ، وإن لم يكن كلّ واحدة منها بقدره .
[2894] مسألة 18 : إذا اشترى دابّة ووجد في جوفها شيئاً فحاله حال الكنز الذي يجده في الأرض المشتراة في تعريف البائع وفي إخراج الخمس(2) إن لم يعرّفه ، ولايعتبر(3) فيه بلوغ النصاب ، وكذا(4) لو وجد في جوف السمكة المشتراة مع احتمال كونه لبائعها ، وكذا الحكم في غير الدابّة والسمكة من سائر الحيوانات .
[2895] مسألة 19 : إنّما يعتبر النصاب في الكنز بعد إخراج(5) مؤنة الإخراج .
[2896] مسألة 20 : إذا اشترك جماعة في كنز فالظاهر كفاية بلوغ المجموع نصاباً ، وإن لم يكن حصّة كلّ واحد بقدره .
الرابع : الغوص ، وهو إخراج الجواهر من البحر ; مثل اللؤلؤ والمرجان وغيرهما ، معدنيّاً كان أو نباتيّاً ، لا مثل السمك ونحوه من الحيوانات ، فيجب فيه الخمس بشرط أن يبلغ قيمته ديناراً فصاعداً ، فلا خمس فيما ينقص من ذلك ،
- (1) بل لا يعتبر الإخراج أصلاً، فإنّ المعتبر هو الوجدان والملكية.
- (2) على الأحوط.
- (3) لعدم كونه من مصاديق الكنز.
- (4) الظاهر عدم وجوب التعريف فيه، بل هو له ويخرج منه الخمس على الأحوط كما مرّ وهكذا الحكم في سائر الحيوانات.
- (5) الحكم فيه ما مرّ في المعدن، وكذا في المسألة اللاّحقة.