(الصفحة 194)
يحتاج إليه في المرض وفي موت أولاده أو عياله، إلى غير ذلك ممّا يحتاج إليه في معاشه ، ولو زاد على ما يليق بحاله ممّا يعدّ سفهاً وسرفاً بالنسبة إليه لايحسب منها .
[2938] مسألة 62 : في كون رأس المال للتجارة مع الحاجة إليه من المؤنة إشكال(1) ، فالأحوط كما مرّ إخراج خمسه أوّلاً ، وكذا في الآلات المحتاج إليها في كسبه; مثل آلات النجارة للنجّار ، وآلات النساجة للنسّاج ، وآلات الزراعة للزرّاع وهكذا ، فالأحوط إخراج خمسها أيضاً أوّلاً .
[2939] مسألة 63 : لا فرق في المؤنة بين ما يصرف عينه فتتلف ; مثل المأكول والمشروب ونحوهما ، وبين ما ينتفع به مع بقاء عينه ; مثل الظروف والفروش ونحوها ، فإذا احتاج إليها في سنة الربح يجوز شراؤها من ربحها، وإن بقيت للسنين الآتية أيضاً .
[2940] مسألة 64 : يجوز إخراج المؤنة من الربح وإن كان عنده مال لا خمس فيه ; بأن لم يتعلّق به أو تعلّق وأخرجه ، فلايجب إخراجها من ذلك بتمامها ولا التوزيع، وإن كان الأحوط التوزيع ، وأحوط منه إخراجها بتمامها من المال الذي لا خمس فيه ، ولو كان عنده عبد أو جارية أو دار أو نحو ذلك ممّا لو لم يكن عنده كان من المؤنة لايجوز احتساب قيمتها من المؤنة وأخذ مقدارها ، بل يكون حاله حال من لم يحتج إليها أصلاً .
[2941] مسألة 65 : المناط في المؤنة ما يصرف فعلاً لا مقدارها ، فلو قتّر على نفسه لم يحسب له ، كما أنّه لو تبرّع بها متبرّع لايستثنى له مقدارها على الأحوط ، بل لايخلو عن قوّة .
[2942] مسألة 66 : إذا استقرض من ابتداء سنته لمؤنته ، أو صرف بعض رأس
- (1) مرّ التفصيل فيه، وهكذا حكم الآلات.
(الصفحة 195)
المال فيها قبل حصول الربح يجوز له وضع مقداره من الربح .
[2943] مسألة 67 : لو زاد ما اشتراه(1) وادّخره للمؤنة من مثل الحنطة والشعير والفحم ونحوها ممّا يصرف عينه فيها يجب إخراج خمسه عند تمام الحول ، وأمّا ما كان مبناه على بقاء عينه والانتفاع به مثل الفرش والأواني والألبسة والعبد والفرس والكتب ونحوها ، فالأقوى عدم الخمس فيها . نعم ، لو فرض الاستغناء عنها فالأحوط(2) إخراج الخمس منها ، وكذا في حليّ النسوان إذا جاز وقت لبسهنّ لها .
[2944] مسألة 68 : إذا مات المكتسب في أثناء الحول بعد حصول الربح سقط اعتبار المؤنة في باقيه ، فلايوضع من الربح مقدارها على فرض الحياة .
[2945] مسألة 69 : إذا لم يحصل له ربح في تلك السنة وحصل في السنة اللاحقة لايخرج مؤنتها من ربح السنة اللاحقة .
[2946] مسألة 70 : مصارف الحجّ من مؤنة عام الاستطاعة ، فإذا استطاع في أثناء حول حصول الربح وتمكّن من المسير ـ بأن صادف سير الرفقة في ذلك العام ـ احتسب مخارجه من ربحه ، وأمّا إذا لم يتمكّن حتّى انقضى العام وجب عليه خمس ذلك الربح ، فإن بقيت الاستطاعة إلى السنة الآتية وجب وإلاّ فلا ، ولو تمكّن وعصى حتّى انقضى الحول فكذلك على الأحوط(3) ، ولو حصلت الاستطاعة من أرباح سنين متعدّدة وجب الخمس فيما سبق على عام الاستطاعة ، وأمّا المقدار
- (1) أي بالربح تماماً أو بعضاً.
- (2) بل الأقوى فيما إذا كان الاستغناء في أثناء السنة بنحو لا يحتاج إليه أصلاً، وأمّا مع كونه بعد تمامها أو بنحو يحتاج إليه فيما بعد فالظاهر عدم الوجوب، وكذا في الحليّ.
- (3) بل الأقوى.
(الصفحة 196)
المتمّم لها في تلك السنة فلايجب خمسه إذا تمكّن من المسير(1) ، وإذا لم يتمكّن فكما سبق يجب إخراج خمسه .
[2947] مسألة 71 : أداء(2) الدين من المؤنة إذا كان في عام حصول الربح ، أو كان سابقاً ولكن لم يتمكّن من أدائه إلى عام حصول الربح ، وإذا لم يؤدّ دينه حتّى انقضى العام فالأحوط (3) إخراج الخمس أوّلاً وأداء الدين ممّا بقي ، وكذا الكلام في النذور والكفّارات .
[2948] مسألة 72 : متى حصل الربح وكان زائداً على مؤنة السنة تعلّق به الخمس ، وإن جاز له التأخير في الأداء إلى آخر السنة ، فليس تمام الحول شرطاً في وجوبه، وإنّما هو إرفاق بالمالك ; لاحتمال تجدّد مؤنة اُخرى زائداً على ما ظنّه ، فلو أسرف أو أتلف ماله في أثناء الحول لم يسقط الخمس ، وكذا لو وهبه (4) أو اشترى بغبن حيلة في أثنائه .
- (1) وسار، ومع العصيان يجب الخمس، كما في صورة عدم التمكّن.
- (2) الأظهر أنّ الدين إن كان مقارناً فتارةً يكون لمؤنته في ذلك العام، أو مؤنة أصل الاكتساب، أو حصل بأسباب قهرية. واُخرى لغيرها، كالصرف في اشتراء ضيعة لا يحتاج إليها، ففي الأوّل يكون أداؤه من المؤنة، وفي الثاني أيضاً يكون منها مع تلف ما استدان له كالضيعة في المثال، وأمّا مع بقائه فلا. وإن لم يكن مقارناً بل كان سابقاً، فإن كان لمؤنة عام الربح فالظاهر أنّه كالمقارن، وإلاّ فتارةً لم يتمكّن من أدائه إلى عام حصول الربح، واُخرى تمكّن ولم يؤدّه، ففي الأوّل يكون وفاؤه من المؤنة مع عدم بقاء مقابله إلى عام الاكتساب وحصول الربح، أو احتياجه إليه فيه وإلاّ فلا، وفي الثاني إشكال خصوصاً مع بقاء مقابله وعدم احتياجه إليه فيه.
- (3) بل هو الأقوى فيما إذا لم يكن لمؤنة سنة الربح، ومعه لا يجب الخمس فيما يقابله من الربح.
- (4) هبة لم تكن معدودة من مؤنته.
(الصفحة 197)
[2949] مسألة 73 : لو تلف بعض أمواله ممّا ليس من مال التجارة(1) أو سرق أو نحو ذلك لم يجبر بالربح وإن كان في عامه ; إذ ليس محسوباً من المؤنة .
[2950] مسألة 74 : لو كان له رأس مال وفرّقه في أنواع من التجارة فتلف رأس المال أو بعضه من نوع منها فالأحوط عدم جبره بربح تجارة اُخرى ، بل وكذا الأحوط عدم جبر خسران نوع بربح اُخرى، لكن الجبر لايخلو عن قوّة ، خصوصاً في الخسارة . نعم ، لو كان له تجارة وزراعة مثلا فخسر في تجارته أو تلف رأس ماله فيها فعدم(2) الجبر لايخلو عن قوّة ، خصوصاً في صورة التلف ، وكذا العكس . وأمّا التجارة الواحدة ، فلو تلف بعض رأس المال فيها وربح الباقي فالأقوى الجبر ، وكذا في الخسران والربح في عام واحد في وقتين ، سواء تقدّم الربح أو الخسران ، فإنّه يجبر الخسران بالربح .
[2951] مسألة 75 : الخمس بجميع أقسامه متعلّق بالعين ، ويتخيّر المالك بين دفع خمس العين أو دفع قيمته من مال آخر نقداً أو جنساً(3) ، ولايجوز له التصرّف في العين قبل أداء الخمس(4) وإن ضمنه في ذمّته ، ولو أتلفه بعد استقراره ضمنه ، ولو اتّجر به قبل إخراج الخمس كانت المعاملة فضوليّة بالنسبة إلى مقدار الخمس ، فإن أمضاه الحاكم الشرعي أخذ العوض، وإلاّ رجع بالعين بمقدار الخمس إن كانت موجودة وبقيمته إن كانت تالفة ، ويتخيّر في أخذ القيمة بين الرجوع على المالك أو على الطرف المقابل الذي أخذها وأتلفها . هذا إذا كانت المعاملة بعين الربح ، وأمّا إذا كانت في الذمّة ودفعها عوضاً فهي صحيحة ولكن لم تبرأ ذمّته بمقدار الخمس ،
- (1) ونحوه ممّا يحتاج إليه في تعيّشه.
- (2) بل الجبر لا يخلو عن قوّة.
- (3) فيه إشكال.
- (4) أي الأداء الواجب، وهو في خصوص الأرباح بعد تمامية الحول كما مرّ.
(الصفحة 198)
ويرجع الحاكم به إن كانت العين موجودة وبقيمته إن كانت تالفة، مخيّراً حينئذ بين الرجوع على المالك أو الآخذ أيضاً .
[2952] مسألة 76 : يجوز(1) له أن يتصرّف في بعض الربح مادام مقدار الخمس منه باقياً في يده مع قصده إخراجه من البقيّة ; إذ شركة أرباب الخمس مع المالك إنّما هي على وجه الكلّي في المعيّن ، كما أنّ الأمر في الزكاة أيضاً كذلك ، وقد مرّ في بابها .
[2953] مسألة 77 : إذا حصل الربح في ابتداء السنة أو في أثنائها فلا مانع من التصرّف فيه بالاتّجار ، وإن حصل منه ربح لايكون ما يقابل خمس الربح الأوّل منه لأرباب الخمس ، بخلاف ما إذا اتّجر به بعد تمام الحول ، فإنّه إن حصل ربح كان ما يقابل الخمس من الربح لأربابه (2) مضافاً إلى أصل الخمس ، فيخرجهما أوّلاً ثمّ يخرج خمس بقيّته إن زادت على مؤنة السنة .
[2954] مسألة 78 : ليس للمالك(3) أن ينقل الخمس إلى ذمّته ثمّ التصرّف فيه كما أشرنا إليه . نعم ، يجوز له ذلك بالمصالحة مع الحاكم ، وحينئذ فيجوز له التصرّف فيه ، ولا حصّة له من الربح إذا اتّجر به ، ولو فرض تجدّد مؤن له في أثناء الحول علىوجه لايقوم بها الربح انكشف فساد الصلح .
[2955] مسألة 79 : يجوز له تعجيل إخراج خمس الربح إذا حصل في أثناء
- (1) فيه منع، وكونه على وجه الكلّي في المعيّن محلّ إشكال، والأوفق بظواهر الأدلّة كونه على نحو الإشاعة.
- (2) على فرض صحّة الاتّجار المتوقّفة على إمضاء وليّ أمر الخمس.
- (3) ظاهر العبارة باعتبار فرض تجدّد مؤن له في الأثناء كون مفروض المسألة قبل تمام الحول، مع أنّه لا يحتاج جواز التصرّف قبله إلى نقل الخمس إلى الذمّة ولا المصالحة مع الحاكم، مضافاً إلى أنّ صحّة المصالحة قبله لا وجه لها، وإن كان المراد هو بعد مضيّ الحول، فعدم جواز النقل وصحّة المصالحة وإن كان ظاهراً إلاّ أنّه لا يلائم فرض تجدّد المؤن في الأثناء.