(الصفحة 265)
والأقوى ما ذكرنا وفاقاً لسيّد «المدارك» (قدس سره) ، ونسبه إلى ابن إدريس (رحمه الله) أيضاً ، وإن كان الاحتمال الأخير وهو التخيير قويّاً جدّاً .
[3089] مسألة 92 : لو عيّن بلدة غير بلده كما لو قال : استأجروا من النجف ، أو من كربلاء تعيّن .
[3090] مسألة 93 : على المختار من كفاية الميقاتيّة لايلزم أن يكون من الميقات أو الأقرب إليه فالأقرب ، بل يكفي كلّ بلد دون الميقات ، لكن الاُجرة الزائدة على الميقات مع إمكان الاستئجار منه لايخرج من الأصل ، ولا من الثلث إذا لم يوص بالاستئجار من ذلك البلد ، إلاّ إذا أوصى بإخراج الثلث من دون أن يعيّن مصرفه ، ومن دون أن يزاحم واجباً ماليّاً عليه .
[3091] مسألة 94 : إذا لم يمكن الاستئجار من الميقات وأمكن من البلد وجب ، وإن كان عليه دين الناس أو الخمس أو الزكاة فيزاحم الدين إن لم تفِ التركة بهما ، بمعنى أنّها توزّع عليهما بالنسبة .
[3092] مسألة 95 : إذا لم تفِ التركة بالاستئجار من الميقات ، لكن أمكن الاستئجار من الميقات الاضطراريّ، كمكّة أو أدنى الحلّ وجب . نعم ، لو دار الأمر بين الاستئجار من البلد أو الميقات الاضطراري قدّم الاستئجار من البلد، ويخرج من أصل التركة ; لأنّه لا اضطرار للميّت مع سعة ماله .
[3093] مسألة 96 : بناءً على المختار من كفاية الميقاتيّة لا فرق بين الاستئجار عنه وهو حيّ أو ميّت ، فيجوز لمن هو معذور بعذر لايرجى زواله أن يجهّز رجلاً من الميقات كما ذكرنا سابقاً أيضاً ، فلايلزم أن يستأجر من بلده على الأقوى، وإن كان الأحوط ذلك .
[3094] مسألة 97 : الظاهر وجوب المبادرة إلى الاستئجار في سنة الموت ، خصوصاً إذا كان الفوت عن تقصير من الميّت ، وحينئذ فلو لم يمكن إلاّ من البلد
(الصفحة 266)
وجب وخرج من الأصل ، ولايجوز التأخير إلى السنة الاُخرى ولو مع العلم بإمكان الاستئجار من الميقات توفيراً على الورثة ، كما أنّه لو لم يمكن من الميقات إلاّ بأزيد من الاُجرة المتعارفة في سنة الموت وجب ، ولايجوز التأخير إلى السنة الاُخرى توفيراً عليهم .
[3095] مسألة 98 : إذا أهمل الوصيّ أو الوارث الاستئجار فتلفت التركة أو نقصت قيمتها فلم تف بالاستئجار ضمن ، كما أنّه لو كان على الميّت دين وكانت التركة وافية وتلفت بالإهمال ضمن .
[3096] مسألة 99 : على القول بوجوب البلديّة وكون المراد بالبلد الوطن إذا كان له وطنان الظاهر وجوب اختيار الأقرب إلى مكّة ، إلاّ مع رضا الورثة بالاستئجار من الأبعد . نعم ، مع عدم تفاوت الاُجرة الحكم التخيير .
[3097] مسألة 100 : بناءً على البلديّة الظاهر عدم الفرق بين أقسام الحجّ الواجب ، فلا اختصاص بحجّة الإسلام ، فلو كان عليه حجّ نذريّ لم يقيّد بالبلد ولا بالميقات يجب الاستئجار من البلد ، بل وكذا لو أوصى بالحجّ ندباً ، اللازم الاستئجار من البلد إذا خرج من الثلث .
[3098] مسألة 101 : إذا اختلف تقليد الميّت والوارث في اعتبار البلديّة أو الميقاتيّة فالمدار على تقليد الميّت ، وإذا علم أنّ الميّت لم يكن مقلّداً في هذه المسألة فهل المدار على تقليد الوارث، أو الوصيّ، أو العمل على طبق فتوى المجتهد الذي كان يجب عليه تقليده إن كان متعيّناً ، والتخيير مع تعدّد المجتهدين ومساواتهم؟ وجوه . وعلى الأوّل ، فمع اختلاف الورثة في التقليد يعمل كلّ على تقليده ، فمن يعتقد البلديّة يؤخذ من حصتّه بمقدارها بالنسبة فيستأجر مع الوفاء بالبلديّة بالأقرب فالأقرب إلى البلد ، ويحتمل الرجوع إلى الحاكم لرفع النزاع ، فيحكم بمقتضى مذهبه ، نظير ما إذا اختلف الولد الأكبر مع الورثة في الحبوة ، وإذا اختلف تقليد الميّت والوارث في
(الصفحة 267)
أصل وجوب الحجّ عليه وعدمه; بأن يكون الميّت مقلّداً لمن يقول بعدم اشتراط الرجوع إلى كفاية فكان يجب عليه الحجّ ، والوارث مقلّداً لمن يشترط ذلك فلم يكن واجباً عليه ، أو بالعكس، فالمدار على تقليد الميّت .
[3099] مسألة 102 : الأحوط في صورة تعدّد من يمكن استئجاره الاستئجار من أقلّهم اُجرة مع إحراز صحّة عمله مع عدم رضا الورثة أو وجود قاصر فيهم ، سواء قلنا بالبلديّة أو الميقاتيّة ، وإن كان لايبعد جواز استئجار المناسب لحال الميّت من حيث الفضل والأوثقيّة مع عدم قبوله إلاّ بالأزيد وخروجه من الأصل ، كما لايبعد عدم وجوب المبالغة في الفحص عن أقلّهم اُجرة وإن كانت أحوط .
[3100] مسألة 103 : قد عرفت أنّ الأقوى كفاية الميقاتيّة ، لكن الأحوط الاستئجار من البلد بالنسبة إلى الكبار من الورثة ; بمعنى عدم احتساب الزائد عن اُجرة الميقاتيّة على القصّر إن كان فيهم قاصر .
[3101] مسألة 104 : إذا علم أنّه كان مقلّداً ، ولكن لم يعلم فتوى مجتهده في هذه المسألة ، فهل يجب الاحتياط، أو المدار على تقليد الوصيّ أو الوارث؟ وجهان أيضاً .
[3102] مسألة 105 : إذا علم استطاعة الميّت مالاً ولم يعلم تحقّق سائر الشرائط في حقّه فلايجب القضاء عنه ; لعدم العلم بوجوب الحجّ عليه ; لاحتمال فقد بعض الشرائط .
[3103] مسألة 106 : إذا علم استقرار الحجّ عليه ولم يعلم أنّه أتى به أم لا ، فالظاهر وجوب القضاء عنه لأصالة بقائه في ذمّته ، ويحتمل عدم وجوبه عملاً بظاهر حال المسلم وأنّه لايترك ما وجب عليه فوراً ، وكذا الكلام إذا علم أنّه تعلّق به خمس ، أو زكاة، أو قضاء صلوات، أو صيام ولم يعلم أنّه أدّاها أو لا .
[3104] مسألة 107 : لايكفي الاستئجار في براءة ذمّة الميّت والوارث ، بل يتوقّف
(الصفحة 268)
على الأداء ، ولو علم أنّ الأجير لم يؤدّ وجب الاستئجار ثانياً ، ويخرج من الأصل إن لم يمكن استرداد الاُجرة من الأجير .
[3105] مسألة 108 : إذا استأجر الوصيّ أو الوارث من البلد غفلة عن كفاية الميقاتيّة ضمن ما زاد عن اُجرة الميقاتيّة للورثة أو لبقيّتهم .
[3106] مسألة 109 : إذا لم يكن للميّت تركة وكان عليه الحجّ لم يجب على الورثة شيء، وإن كان يستحبّ على وليّه ، بل قد يقال بوجوبه ; للأمر به في بعض الأخبار .
[3107] مسألة 110 : من استقرّ عليه الحجّ وتمكّن من أدائه ليس له أن يحجّ عن غيره تبرّعاً أو بإجارة ، وكذا ليس له أن يحجّ تطوّعاً ، ولو خالف فالمشهور البطلان ، بل ادّعى بعضهم عدم الخلاف فيه وبعضهم الإجماع عليه ، ولكن عن سيّد «المدارك» التردّد في البطلان ، ومقتضى القاعدة الصحّة وإن كان عاصياً في ترك ما وجب عليه ، كما في مسألة الصلاة مع فوريّة وجوب إزالة النجاسة عن المسجد ، إذ لا وجه للبطلان إلاّ دعوى أنّ الأمر بالشيء نهي عن ضدّه ، وهي محلّ منع ، وعلى تقديره لايقتضي البطلان ; لأنّه نهي تبعيّ ، ودعوى أنّه يكفي في عدم الصحّة عدم الأمر ، مدفوعة بكفاية المحبوبيّة في حدّ نفسه في الصحّة ، كما في مسألة ترك الأهمّ والإتيان بغير الأهمّ من الواجبين المتزاحمين ، أو دعوى أنّ الزمان مختصّ بحجّته عن نفسه ، فلايقبل لغيره ، وهي أيضاً مدفوعة بالمنع ، إذ مجرّد الفوريّة لايوجب الاختصاص ، فليس المقام من قبيل شهر رمضان ; حيث إنّه غير قابل لصوم آخر .
وربما يتمسّك للبطلان في المقام بخبر سعد بن أبي خلف، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام): عن الرجل الصرورة يحجّ عن الميّت؟ قال (عليه السلام) : «نعم ، إذا لم يجد الصرورة ما يحجّ به عن نفسه ، فإن كان له ما يحجّ به عن نفسه فليس يجزئ عنه
(الصفحة 269)
حتّى يحجّ من ماله ، وهي تجزئ عن الميّت إن كان للصرورة مال ، وإن لم يكن له مال» . وقريب منه صحيح سعيد الأعرج، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، وهما كما ترى بالدلالة على الصحّة أولى ، فإنّ غاية ما يدلاّن عليه أنّه لايجوز له ترك حجّ نفسه وإتيانه عن غيره ، وأمّا عدم الصحّة فلا . نعم ، يستفاد منهما عدم إجزائه عن نفسه ، فتردّد صاحب «المدارك» في محلّه ، بل لايبعد الفتوى بالصحّة ، لكن لايترك الاحتياط .
هذا كلّه لو تمكّن من حجّ نفسه ، وأمّا إذا لم يتمكّن فلا إشكال في الجواز والصحّة عن غيره ، بل لاينبغي الإشكال في الصحّة إذا كان لايعلم بوجوب الحجّ عليه ; لعدم علمه باستطاعته مالاً ، أو لايعلم بفوريّة وجوب الحجّ عن نفسه، فحجّ عن غيره أو تطوّعاً ، ثمّ على فرض صحّة الحجّ عن الغير ـ ولو مع التمكّن والعلم بوجوب الفوريّة ـ لو آجر نفسه لذلك ، فهل الإجارة أيضاً صحيحة، أو باطلة مع كون حجّه صحيحاً عن الغير؟ الظاهر بطلانها ، وذلك لعدم قدرته شرعاً على العمل المستأجر عليه ; لأنّ المفروض وجوبه عن نفسه فوراً ، وكونه صحيحاً على تقدير المخالفة لاينفع في صحّة الإجارة ، خصوصاً على القول بأنّ الأمر بالشيء نهي عن ضدّه ; لأنّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه وإن كانت الحرمة تبعيّة .
فإن قلت : ما الفرق بين المقام وبين المخالفة للشرط في ضمن العقد مع قولكم بالصحّة هناك ؟ كما إذا باعه عبداً وشرط عليه أن يعتقه فباعه ، حيث تقولون بصحّة البيع ويكون للبائع خيار تخلّف الشرط.
قلت : الفرق أنّ في ذلك المقام المعاملة على تقدير صحّتها مفوّتة لوجوب العمل بالشرط ، فلايكون العتق واجباً بعد البيع; لعدم كونه مملوكاً له بخلاف المقام، حيث إنّا لو قلنا بصحّة الإجارة لايسقط وجوب الحجّ عن نفسه فوراً ، فيلزم اجتماع أمرين متنافيين فعلاً ، فلايمكن أن تكون الإجارة صحيحة ، وإن قلنا : إنّ
|