(الصفحة 260)
ولايجوز له منعها منه ، وكذا في الحجّ الواجب بالنذر ونحوه إذا كان مضيّقاً ، وأمّا في الحجّ المندوب فيشترط إذنه ، وكذا في الواجب الموسّع قبل تضيّقه على الأقوى ، بل في حجّة الإسلام يجوز له منعها من الخروج مع أوّل الرفقة مع وجود الرفقة الاُخرى قبل تضيّق الوقت ، والمطلّقة الرجعيّة كالزوجة في اشتراط إذن الزوج ما دامت في العدّة ، بخلاف البائنة لانقطاع عصمتها منه ، وكذا المعتدّة للوفاة، فيجوز لها الحجّ واجباً كان أو مندوباً ، والظاهر أنّ المنقطعة كالدائمة في اشتراط الإذن ، ولا فرق في اشتراط الإذن بين أن يكون ممنوعاً من الاستمتاع بها لمرض أو سفر أو لا .
[3077] مسألة 80 : لايشترط وجود المحرم في حجّ المرأة إذا كانت مأمونة على نفسها وبضعها ، كما دلّت عليه جملة من الأخبار ، ولا فرق بين كونها ذات بعل أو لا ، ومع عدم أمنها يجب عليها استصحاب المحرم ولو بالاُجرة مع تمكّنها منها ، ومع عدمه لاتكون مستطيعة ، وهل يجب عليها التزويج تحصيلاً للمحرم؟ وجهان . ولو كانت ذات زوج وادّعى عدم الأمن عليها وأنكرت قدّم قولها مع عدم البيّنة أو القرائن الشاهدة ، والظاهر عدم استحقاقه اليمين عليها إلاّ أن ترجع الدعوى إلى ثبوت حقّ الاستمتاع له عليها ، بدعوى أنّ حجّها حينئذ مفوّت لحقّه مع عدم وجوبه عليها ، فحينئذ عليها اليمين على نفي الخوف ، وهل للزوج مع هذه الحالة منعها عن الحجّ باطناً إذا أمكنه ذلك؟ وجهان في صورة عدم تحليفها ، وأمّا معه فالظاهر سقوط حقّه ، ولو حجّت بلا محرم مع عدم الأمن صحّ حجّها إن حصل الأمن قبل الشروع في الإحرام ، وإلاّ ففي الصحّة إشكال، وإن كان الأقوى الصحّة .
[3078] مسألة 81 : إذا استقرّ عليه الحجّ ; بأن استكملت الشرائط وأهمل حتّى زالت أو زال بعضها، صار ديناً عليه ووجب الإتيان به بأيّ وجه تمكّن ، وإن مات فيجب أن يقضى عنه إن كانت له تركة ، ويصحّ التبرّع عنه ، واختلفوا فيما به يتحقّق الاستقرار على أقوال ; فالمشهور مضيّ زمان يمكن فيه الإتيان بجميع أفعاله
(الصفحة 261)
مستجمعاً للشرائط ، وهو إلى اليوم الثاني عشر من ذي الحجّة ، وقيل باعتبار مضيّ زمان يمكن فيه الإتيان بالأركان جامعاً للشرائط ، فيكفي بقاؤها إلى مضيّ جزء من يوم النحر يمكن فيه الطوافان والسعي ، وربما يقال باعتبار بقائها إلى عود الرفقة ، وقد يحتمل كفاية بقائها إلى زمان يمكن فيه الإحرام ودخول الحرم ، وقد يقال بكفاية وجودها حين خروج الرفقة ، فلو أهمل استقرّ عليه وإن فقدت بعد ذلك ; لأنّه كان مأموراً بالخروج معهم ، والأقوى اعتبار بقائها إلى زمان يمكن فيه العود إلى وطنه بالنسبة إلى الاستطاعة الماليّة والبدنيّة والسربيّة .
وأمّا بالنسبة إلى مثل العقل فيكفي بقاؤه إلى آخر الأعمال ، وذلك لأنّ فقد بعض هذه الشرائط يكشف عن عدم الوجوب عليه واقعاً ، وأنّ وجوب الخروج مع الرفقة كان ظاهريّاً ، ولذا لو علم من الأوّل أنّ الشرائط لا تبقى إلى الآخر لم يجب عليه .
نعم ، لو فرض تحقّق الموت بعد تمام الأعمال كفى بقاء تلك الشرائط إلى آخر الأعمال ; لعدم الحاجة حينئذ إلى نفقة العود والرجوع إلى كفاية وتخلية السرب ونحوها . ولو علم من الأوّل بأنّه يموت بعد ذلك، فإن كان قبل تمام الأعمال لم يجب عليه المشي ، وإن كان بعده وجب عليه . هذا إذا لم يكن فقد الشرائط مستنداً إلى ترك المشي ، وإلاّ استقرّ عليه ، كما إذا علم أنّه لو مشى إلى الحجّ لم يمت أو لم يقتل أو لم يسرق ماله مثلا ، فإنّه حينئذ يستقرّ عليه الوجوب ; لأنّه بمنزلة تفويت الشرط على نفسه ، وأمّا لو شكّ في أنّ الفقد مستند إلى ترك المشي أولا فالظاهر عدم الاستقرار ; للشكّ في تحقّق الوجوب وعدمه واقعاً . هذا بالنسبة إلى استقرار الحجّ لو تركه ، وأمّا لو كان واجداً للشرائط حين المسير فسار ، ثمّ زال بعض الشرائط في الأثناء فأتمّ الحجّ على ذلك الحال كفى حجّه عن حجّة الإسلام إذا لم يكن المفقود مثل العقل ، بل كان هو الاستطاعة البدنيّة أو الماليّة أو السربيّة ونحوها على
(الصفحة 262)
الأقوى .
[3079] مسألة 82 : إذا استقرّ عليه العمرة فقط أو الحجّ فقط ، كما فيمن وظيفته حجّ الإفراد والقران ، ثمّ زالت استطاعته فكما مرّ يجب عليه أيضاً بأيّ وجه تمكّن ، وإن مات يقضى عنه .
[3080] مسألة 83 : تقضى حجّة الإسلام من أصل التركة إذا لم يوص بها ، سواء كانت حجّ التمتّع أو القران أو الإفراد ، وكذا إذا كان عليه عمرتهما ، وإن أوصى بها من غير تعيين كونها من الأصل أو الثلث فكذلك أيضاً ، وأمّا إن أوصى بإخراجها من الثلث وجب إخراجها منه ، وتقدّم على الوصايا المستحبّة وإن كانت متأخّرة عنها في الذكر ، وإن لم يف الثلث بها اُخذت البقيّة من الأصل ، والأقوى أنّ حجّ النذر أيضاً كذلك ; بمعنى أنّه يخرج من الأصل كما سيأتي الإشارة إليه . ولو كان عليه دين أو خمس أو زكاة وقصرت التركة ، فإن كان المال المتعلّق به الخمس أو الزكاة موجوداً قدّم لتعلّقهما بالعين ، فلايجوز صرفه في غيرهما ، وإن كانا في الذمّة فالأقوى أنّ التركة توزّع على الجميع بالنسبة ، كما في غرماء المفلّس ، وقد يقال بتقدّم الحجّ على غيره وإن كان دين الناس ، لخبر معاوية بن عمّار الدالّ على تقديمه على الزكاة ، ونحوه خبر آخر ، لكنّهما موهونان بإعراض الأصحاب مع أنّهما في خصوص الزكاة ، وربما يحتمل تقديم دين الناس لأهمّيّته ، والأقوى ما ذكر من التخصيص .
وحينئذ فإن وفت حصّة الحجّ به فهو ، وإلاّ فإن لم تف إلاّ ببعض الأفعال كالطواف فقط أو هو مع السعي فالظاهر سقوطه وصرف حصّته في الدين أو الخمس أو الزكاة ، ومع وجود الجميع توزّع عليها ، وإن وفت بالحجّ فقط أو العمرة فقط ففي مثل حجّ القران والإفراد تصرف فيهما مخيّراً بينهما ، والأحوط تقديم الحجّ ، وفي حجّ التمتّع الأقوى السقوط وصرفها في الدين وغيره ، وربما يحتمل فيه
(الصفحة 263)
أيضاً التخيير ، أو ترجيح الحجّ لأهمّيّته أو العمرة لتقدّمها ، لكن لا وجه لها بعد كونهما في التمتّع عملاً واحداً ، وقاعدة الميسور لا جابر لها في المقام .
[3081] مسألة 84 : لايجوز للورثة التصرّف في التركة قبل استئجار الحجّ إذا كان مصرفه مستغرقاً لها ، بل مطلقاً على الأحوط ، إلاّ إذا كانت واسعة جدّاً فلهم التصرّف في بعضها حينئذ مع البناء على إخراج الحجّ من بعضها الآخر كما في الدين ، فحاله حال الدين .
[3082] مسألة 85 : إذا أقرّ بعض الورثة بوجوب الحجّ على المورّث ، وأنكره الآخرون لم يجب عليه إلاّ دفع ما يخصّ حصّته بعد التوزيع ، وإن لم يفِ ذلك بالحجّ لايجب عليه تتميمه من حصّته ، كما إذا أقرّ بدين وأنكره غيره من الورثة ، فإنّه لايجب عليه دفع الأزيد ، فمسألة الإقرار بالحجّ أو الدين مع إنكار الآخرين نظير مسألة الإقرار بالنسب ; حيث إنّه إذا أقرّ أحد الأخوين بأخ آخر وأنكره الآخر لايجب عليه إلاّ دفع الزائد عن حصّته ، فيكفي دفع ثلث ما في يده ، ولاينزل إقراره على الإشاعة على خلاف القاعدة للنصّ .
[3083] مسألة 86 : إذا كان على الميّت الحجّ ولم تكن تركته وافية به ولم يكن دين فالظاهر كونها للورثة ، ولايجب صرفها في وجوه البرّ عن الميّت ، لكن الأحوط التصدّق عنه ; للخبر عن الصادق (عليه السلام) عن رجل مات وأوصى بتركته أن أحجّ بها عنه ، فنظرت في ذلك فلم يكف للحجّ ، فسألت من عندنا من الفقهاء فقالوا : تصدّق بها ، فقال (عليه السلام) : «ما صنعت بها؟» فقال : تصدّقت بها ، فقال (عليه السلام) : «ضمنت إلاّ أن لايكون يبلغ ما يحجّ به من مكّة ، فإن كان لايبلغ ما يحجّ به من مكّة فليس عليك ضمان» . نعم ، لو احتمل كفايتها للحجّ بعد ذلك أو وجود متبرّع بدفع التتمّة لمصرف الحجّ وجب إبقاؤها .
[3084] مسألة 87 : إذا تبرّع متبرّع بالحجّ عن الميّت رجعت اُجرة الاستئجار
(الصفحة 264)
إلى الورثة ، سواء عيّنها الميّت أو لا ، والأحوط صرفها في وجوه البرّ أو التصدّق عنه ، خصوصاً فيما إذا عيّنها الميّت ; للخبر المتقدّم .
[3085] مسألة 88 : هل الواجب الاستئجار عن الميّت من الميقات أو البلد؟ المشهور وجوبه من أقرب المواقيت إلى مكّة إن أمكن ، وإلاّ فمن الأقرب إليه فالأقرب ، وذهب جماعة إلى وجوبه من البلد مع سعة المال ، وإلاّ فمن الأقرب إليه فالأقرب ، وربما يحتمل قول ثالث; وهو الوجوب من البلد مع سعة المال وإلاّ فمن الميقات ، وإن أمكن من الأقرب إلى البلد فالأقرب ، والأقوى هو القول الأوّل، وإن كان الأحوط القول الثاني ، لكن لايحسب الزائد عن اُجرة الميقاتيّة على الصغار من الورثة ، ولو أوصى بالاستئجار من البلد وجب ويحسب الزائد عن اُجرة الميقاتيّة من الثلث، ولو أوصى ولم يعيّن شيئاً كفت الميقاتيّة ، إلاّ إذا كان هناك انصراف إلى البلديّة أو كانت قرينة على إرادتها ، كما إذا عيّن مقداراً يناسب البلديّة .
[3086] مسألة 89 : لو لم يمكن الاستئجار إلاّ من البلد وجب ، وكان جميع المصرف من الأصل .
[3087] مسألة 90 : إذا أوصى بالبلديّة ، أو قلنا بوجوبها مطلقاً ، فخولف واستؤجر من الميقات ، أو تبرّع عنه متبرّع منه ، برئت ذمّته وسقط الوجوب من البلد ، وكذا لو لم يسع المال إلاّ من الميقات .
[3088] مسألة 91 : الظاهر أنّ المراد من البلد هو البلد الذي مات فيه ، كما يشعر به خبر زكريّا بن آدم(رحمهما الله) : سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل مات وأوصى بحجّة ، أيجوز أن يحجّ عنه من غير البلد الذي مات فيه؟ فقال (عليه السلام) : «ما كان دون الميقات فلا بأس» . مع أنّه آخر مكان كان مكلّفاً فيه بالحجّ ، وربما يقال : إنّه بلد الاستيطان ; لأنّه المنساق من النصّ والفتوى ، وهو كما ترى ، وقد يحتمل البلد الذي صار مستطيعاً فيه ، ويحتمل التخيير بين البلدان التي كان فيها بعد الاستطاعة ،
|